كيف أصل لحالة السلام الداخلي؟
تمرّ في الحياة بالكثير من الصعوبات و الضغوط التي تؤثر على نفسيتك وتعيقك عن الاستمرار والوصول إلى ما تريد، ومنها ما يؤثر على سلامك الداخلي ويزعزعه، من الضروري أن تسعى جاهدًا لتحافظ عليه وتحميه، فهو سبب رئيسي لنجاحك وتقدمك الدائم. في هذا المقال سنتعرف على مفهوم السلام الداخلي وكيفية الوصول إليه والحفاظ عليه.
← ابدأ الآن: مقياس تقدير الذات
ما هو السلام الداخلي؟
يمكن تعريف السلام الداخلي بأنه حالة من الهدوء النفسي والجسدي وراحة البال لتحقيق السعادة والرضا على الرغم من الضغوط التي تمرّ بها، والصعوبات التي تعاني منها، ولكنه مثل أي شيء آخر في هذه الحياة يحتاج لبعض الاهتمام والعمل لتحقيقه، وبالرغم من أننا جميعا نمتلك سلامًا داخليًا بدرجة ما، لكننا غالبًا ما نفقده ونترك العواطف المدمرة تسيطر علينا.
وصفت دراسة (Mattew.2021) السلام الداخلي على أنه يشبه الهدوء والسكينة بجانب بحيرة صافية، وإن كان هذا الهدوء لا ينفي وجود مشاكل وهموم في حياتك، لكنه يغير طريقة نظرتك للأمور لتأخذها بروية وهدوء وتنظر لها بشفافية مهما كانت الفوضى المحيطة بك.
قد يتزعزع سلامك الداخلي نتيجة معاناتك من مشاكل و مخاوف حول خسارة ما تملك، لكن يمكنك السيطرة عليه والتحكم به وإعادة استقراره من جديد.
تنبع أهمية السلام الداخلي في أن راحة البال والهدوء تساهم في تقليل المخاوف والقلق والضغوط، وتساعدك على التعامل بشكل أفضل مع مشاكلك اليومية، وزيادة طاقتك وقدرتك على التحكم بمشاعرك، وتقلل مخاوفك وقلقك، وتحسن معاملتك للآخرين، كما تساعدك على عدم التأثر بسهولة بالتعليقات السيئة وتزيد قدرتك على التعامل مع المشاعر السلبية والمواقف الصعبة.
لماذا نفقد سلامنا الداخلي؟
نحتاج جميعًا للوصول إلى السلام الداخلي، لأنه شعور رائع يخلصك من الضغوط و القلق، لكنه مثل أي شيء آخر في حياتنا يتأثر بأسباب وظروف معينة، ومن أهم هذه الأسباب:
- قد يكون لسعيك الدائم للوصول إلى مستوى واقعي من الكمال دور في ذلك، عليك أن تسمح لنفسك بارتكاب الأخطاء والتعلم منها والمضي قدمًا، فأدمغتنا مصممة للتعلم عن طريق التجربة والخطأ.
- السماح للخوف بالدخول إلى حياتك يؤثر على سلامك الداخلي، كما أنه يؤثر على صحتك أيضًا، إذ يضعف جهازك المناعي ويؤذي الجهاز القلبي الوعائي وغيرها من التأثيرات الأخرى، لذا عليك التغلب على مخاوفك أو قبولها كما هي كي تستطيع المحافظة على التوازن بداخلك.
- تضر المشاعر السلبية القوية -مثل: الغضب والاستياء- صحتك ونفسيتك وتؤثر على قراراتك، وقد وجدت دراسة (Subra.2021) أن للعواطف تأثيرات كبيرة على الأحكام الاجتماعية، إذ أن الغضب يزيد الرغبة في تكوين استنتاجات معادية، ويؤثر على طريقة تفسيرك لتصرفات من حولك وكلامهم، لذلك يجب أن تتعلم كيف تعبر عنها بطريقة لبقة وغير مزعجة للآخرين، ويمكنك طلب استشارة مختص في حال شعرت أنها بدأت تزعجك.
- يؤدي التوتر الشديد إلى خسارة سلامك الداخلي، لكن العمل والانشغال أمر لا مفر منه وضروري لإنجاز أشياء نحبها ونؤمن بها، ولا يصبح مشكلة إلا إذا تجاوز الحدود الطبيعية، لذلك عليك الموازنة بين أوقات العمل والاستراحة، كي لا تصل إلى مرحلة تفقد بها الشغف نحو ما تقوم به.
- إن الضغوط التي تتعرض لها في حياتك ناتجة عن مقاومتك للواقع الذي تعيش فيه، لكن مجرد مواجهتك لواقعك يساعدك على المضي قدمًا في حياتك، فإذا كنت تستطيع مواجهة السيناريو الأسوأ، لن تقلق بعد الآن بشأنه.
كيف أصل لحالة السلام الداخلي؟
لا توجد طريقة واحدة لتحقيق السلام الداخلي، وأهم شيء يجب تذكره أن تعثر على طريقة تناسب حالتك، وهنا بعض الطرق التي يمكنك تطبيقها لتصل إلى مرحلة من السلام والطمأنينة:
- اقضِ المزيد من الوقت في الطبيعة، فذلك يساعدك على تجاوز ضغوط الحياة اليومية، كما أن المشي لمسافات قصيرة يساعد عقلك على التخلص من التوتر وإيجاد السعادة والاسترخاء والابتعاد لفترة عن الواقع المزعج لترتب أفكارك وتستعيد طاقتك من جديد.
- جرب ممارسة اليوغا، وتمارين الاسترخاء أو قراءة كتاب، أو التأمل لمدة 40-45 دقيقة يوميًّا، فالتأمل بحسب دراسة (Bihan.2020) من الطرق الفعالة والمفيدة لتخطي الأوقات الصعبة، والتخلص من القلق والاكتئاب، فقد وجدت تغيرات إيجابية في دماغ من خضعوا لبرنامج مستمر من التأمل والاسترخاء، فهو يقلل التوتر ويمنع حدوث الاكتئاب، وكل ذلك يساعدك في الوصول إلى السلام والسعادة.
- اعتنِ بنفسك جيدًا، فذلك مهم لإيجاد السعادة والسلام بداخلك، فمحبة نفسك تعني الاهتمام بصحتك النفسية والعاطفية والجسدية، وذلك عبر تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية والنوم لفترات كافية، وعندما تعتني بنفسك وتشعر بالرضا عنها سينعكس ذلك على علاقاتك مع الآخرين وستشعر بالسعادة والهدوء والراحة.
- سيطر جيدًا على حياتك عبر تنظيم بيتك ومهامك وأفكارك، وذلك لا يشمل فقط تنظيف بيتك وترتيبه بل يجب تنظيم حياتك أيضًا، إذ يساعدك التنظيم في الحصول على صفاء الذهن والهدوء، فلماذا تعرّض نفسك لمواقف تسبب لك التوتر في الوقت الذي يمكنك تجنبها.
- ابتعد عن هاتفك كل فترة لتحافظ على سلامك، حيث تعد وسائل التواصل الاجتماعي أحد الأسباب لزعزعة السلام داخلك، فهي قد تسبب شعورًا بالخوف من عدم عيش الحياة التي تستحقها عندما تقارنها مع حياة أصدقائك والمشاهير، ويؤدي التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي لوقت طويل إلى تغيرات فيزيولوجية في الدماغ، وتقليل معدل التركيز لديك، وقد يسبب لك الإدمان عبر إفراز مادة الدوبامين التي تشعرك بالسعادة عند تلقي إشعارًا من أحد التطبيقات.
- حاول أن تجد أمورًا تُبهجك وتريحك عندما تمر بأوقات عصيبة، لا يمكنك تحقيق السلام الداخلي إذا كنت تأخذ الأمور بجدية كبيرة، فعلى الرغم من الضغوط والمشاكل التي قد تحدث لك يجب أن تحافظ على السعادة والفرح في حياتك، فالضحك دواء لكل شيء فهو يحسن المناعة، ويقلل إفراز هرمونات التوتر، ويخفف الألم، ويقلل فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية، ويضيف المرح والحماس لحياتك ويحسن علاقتك مع الآخرين.
- ركز على الحاضر جيدًا، فالعديد من الناس يعيشون في الماضي ويحيطون أنفسهم بأحداثه أو يعيشون خائفين من المستقبل، بالإضافة إلى أن الأسف والحزن على أحداث الماضي التي لا يمكن تغييرها يمنعنا من التمتع بالحاضر والتفكير بالمستقبل.
حياتنا اليومية لا يجب أن تكون معقدة، فعندما تشعر أن الأمور حولك أصبحت متعبة بشكل مفرط، فلتر أفكارك وانسَ كل ما يتعلق بالماضي ومشاكله.
بالإضافة لكل ما سبق لا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي لمساعدتك على التخلص من القلق والتوتر المزمن في حياتك والوصب لحالة من الهدوء والاستقرار والسلام الداخلي.
الدراسات:
· Xi J, Lee T.M. Inner peace as a contribution to human flourishing: a New scale developed from ancient wisdom. Oxford Academic. 2021:435-C15.P183
· Subra B. The affect of anger intentionality bias. Wiley Online Library.2021:464-471
· Bihan C. The benefits of meditation and mindfulness practices during times of crisis such as COVID-19. Irish Journal of Psychological Medicine. 2020
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: الرياضة.. شريكك إلى التنمية الذاتية المستدامة والسلام الداخلي
← اقرأ ايضاً: تسعة أشياء تمنعك من السلام الداخلي
← اقرأ ايضاً: القضاء على الخوف الداخلي والتخلص من الوساوس ونصائح للعلاج