تقدم التمارين الرياضية المنتظمة العديد من الفوائد والإيجابيات لجسمك، ويمكن أن تساهم أيضًا في تعزيز صحتك النفسية وتخفيف أعراض بعض الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب والقلق المزمن، وبالتالي يمكن أن تكون التمارين الرياضية وسيلة فعالة لتحسين المزاج وزيادة قدرة الأشخاص على التعامل مع مختلف الضغوط النفسية التي يواجهونها.

هل يمكن حقًا أن تُستخدم الرياضة في تخفيف الضغوط النفسية؟

عمليًا، يمكن لأي شكل من أشكال التمارين الرياضية أن يعمل كأداة لتخفيف الضغوط النفسية، إذ أثبتت العديد من الدراسات أن التمارين الرياضية تقلل بشكل كبير من حدة بعض الاضطرابات كالاكتئاب، ويمكن أن تكون التمارين الرياضية فعالة أكثر من العلاجات الأخرى. 

أجريت دراسة (Forsell,2016) هدفت إلى توضيح آثار التمارين الرياضية على مستويات الاكتئاب، وشملت الدراسة مشاركين تتراوح أعمارهم بين 18-67 عامًا شُخصوا بالاكتئاب الخفيف إلى المتوسط، استمرت مراقبة هؤلاء الأشخاص لمدة 12 أسبوعًا. أشارت النتائج أن التمارين الرياضية، سواء كانت بكثافة خفيفة أو معتدلة أو شديدة، يمكن أن تكون بنفس الفعالية في علاج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط مقارنة بالعلاج المعتاد بالطرق الأخرى، كما أن ممارسة التمارين لها نتائج سريرية إيجابية على هؤلاء الأشخاص.

ما هي أنواع التمارين التي تساعدك على تخفيف الضغوط النفسية؟

لست بحاجة إلى أن تكون رياضيًا محترفًا أو أن تتمتع بلياقة بدنية عالية، حتى تبدأ بممارسة الرياضة فلا يزال بإمكانك القيام ببعض التمارين الرياضية، والتي يمكنها أن تقطع شوطًا طويلًا نحو إدارة الضغوط النفسية، إذ يمكن أن يكون أي نوع من التمارين الرياضية مفيدًا، على سبيل المثال: يمكنك تجربة التمارين الهوائية مثل:

• ركوب الدراجات.
• المشي السريع أو الركض.
• السباحة.
• التنس أو كرة المضرب.
• الرقص.
• التجديف.

أو يمكنك ممارسة رياضة رفع الأثقال أو الرياضات الجماعية، وبالتالي يمكن لأي نوع من التمارين أن يزيد من لياقتك ويقلل من حدة الضغوط النفسية.

كيف تساعدك الرياضة على تخفيف الضغوط النفسية؟

يتعرض معظم الأشخاص لبعض المواقف القاسية التي يتولد عنها مشاعر سلبية، وتتسبب في تطور العديد من الاضطرابات النفسية، وغالبًا ما تقتصر خيارات العلاج على الأدوية أو العلاج المعرفي السلوكي، ولكن يمكن أيضًا للرياضة أن تخفف من الأعراض المرافقة لهذه الاضطرابات، وذلك من خلال ما يلي:

تحفز نشاط الخلايا العصبية

تزيد التمارين الرياضية من صحتك العامة وإحساسك بالسعادة بشكل عام، لكن ممارسة الرياضة لها أيضًا بعض الفوائد الأخرى، إذ تساعد في تعزيز نشاط الخلايا العصبية في مناطق رئيسية من الدماغ، وتشير بعض الأبحاث إلى أن زيادة نشاط الخلايا العصبية يلعب دورًا في تخفيف ردات الفعل أثناء أوقات التوتر.

تساعد على إنتاج الاندورفين والدوبامين

يساعد النشاط البدني في زيادة إنتاج النواقل العصبية في الدماغ، كالإندورفين والذي يكمن دوره في خلال تقليل إشارات الألم المرسلة إلى الجهاز العصبي المركزي، مما يجعلك تشعر بالاستقرار والرضا، كما يمكن لأي نشاط بدني كالجري أو المشي أن يساعد في تحفيز إفراز هرمون الدوبامين وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة.

 أشارت دراسة  (Shivakumar,2013) أن التمارين الرياضية تزيد من احترام الذات والشعور بالرضا عن النفس، وأن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام  لديهم معدلات خمول أقل مقارنةً بالأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة، وذلك من خلال زيادة إفراز مادة الدوبامين، ما ينعكس مباشرة على المزاج العام والرضا عن الذات.

تقلل من التوتر والقلق

يعتبر القلق والتوتر من الاضطرابات النفسية الشائعة الناتجة عن ضغوط الحياة وقد تقتصر خيارات العلاج على الأدوية أو العلاج المعرفي السلوكي، فعندما تنخرط في تمرين عالِ الكثافة، ينتج جسمك هرمونات وناقلات عصبية لها تأثير إيجابي على مزاجك وذاكرتك ومستويات الطاقة لديك، كما يؤدي إلى تعب عضلي مؤقت، فتشعر بمزيد من الاسترخاء، فيقلل بدوره من مشاعر التوتر والقلق. 

في دراسة (Bower,2018)  التي هدفت إلى تقييم فوائد استخدام التمارين الرياضية في علاج القلق، وشملت الدراسة خطة دقيقة لممارسة تمارين هوائية لمدة أسبوعين على الأقل بمشاركة 675 شخص يعاني من القلق، أشارت النتائج أن التمارين الهوائية هي خيار علاجي فعال وقابل للتطبيق لعلاج القلق والتوتر، وأن أنظمة التمرين عالية الكثافة هي أكثر فعالية من أنظمة التمرين منخفض الشدة في علاج وتخفيف حدة القلق.

تزيد مستويات الطاقة

تساهم ممارسة التمارين الرياضية في توصيل الأكسجين والعناصر الغذائية إلى أنسجة وخلايا الجسم وتساعد نظام القلب والأوعية الدموية على العمل بكفاءة أكبر، وعندما تتحسن صحة القلب والرئتين، سيكون لديك المزيد من الطاقة للتعامل مع الأنشطة اليومية الأخرى، الأمر الذي يحد من تقلبات المزاج المفرطة، والتي تنعكس على استقرار الحالة النفسية لديك.

تخفف من حدة الاكتئاب

لا جدال في الآثار الإيجابية للنشاط البدني المنتظم على الصحة الجسدية، ولكن ثبت أن التمارين الخفيفة والمتوسطة وعالية الشدة تقلل بشكل ملحوظ من حدة الاكتئاب، إذ أشارت دراسة (Heisz,2018) شملت 61 مشاركًا من الطلاب الجامعيين، والذين قُسموا إلى مجموعتين:

1. المجموعة الأولى: لم تمارس التمارين الرياضية.
2. المجموعة الثانية: مارست التمارين الرياضية لمدة 6 أسابيع.

أشارت النتائج أن نسبة الاكتئاب زادت عند المجموعة الأولى، في حين أشارت التحليلات لمشاركي المجموعة الثانية أن التمارين معتدلة الكثافة هي وسيلة مثالية لتعزيز الصحة النفسية ولها تأثير إيجابي على الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.

يمكن أن تكون التمارين الرياضية وسيلة استباقية للتخلص من الضغوط النفسية المختلفة وضبط قدرة الشخص على التحكم بمواقفه ومشاعره تجاه ذاته وتجاه من حوله، لذا ينصح دائمًا بالالتزام بممارسة أي نوع من التمارين الرياضية ما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا، بهدف تخفيف شدة الضغوط النفسية، وبالتالي الحفاظ على نوعية حياة جيدة.

الدراسات

Helgadóttir B, Hallgren M, Ekblom Ö, Forsell Y. Training fast or slow? Exercise for depression: A randomized controlled trial. Prev Med. 2016;91:123-131. doi:10.1016/j.ypmed.2016.08.011

Anderson E, Shivakumar G. Effects of exercise and physical activity on anxiety. Front Psychiatry. 2013;4:27. doi:10.3389/fpsyt.2013.00027

Aylett E, Small N, Bower P. Exercise in the treatment of clinical anxiety in general practice – a systematic review and meta-analysis. BMC Health Serv Res. 2018;18(1):559. doi:10.1186/s12913-018-3313-5Paolucci EM, Loukov K, Bowdish DME, Heisz JJ. Exercise reduces depression and inflammation but intensity matters. Biol Psychol. 2018;133:79-84. doi:10.1016/j.biopsycho.2018.01.015