ما هو السلوك التوكيدي.. وكيف يؤثر على صحتك النفسية؟
هل شعرت يومًا بالرغبة في رفض طلب ولكن لم تستطيع حياء أو خوفًا من غضب الآخرين؟ هل سبق وكلفت بأعمال في عملك خارج مسؤولياتك ولكن شعرت بعدم القدرة على رفض تلك المهمة مع أنك في داخلك لا ترغب بعملها؟ هل سبق وتعرضت لتعليقات سلبية ولم تكن تملك القدرة على الرد؟ كل ما سبق يعتبر من أشكال ضعف السلوك التوكيدي.
← حمل الآن: مؤشر لبيه للصحه النفسية
يعتبر السلوك التوكيدي من المهارات المرتبطة بالصحة النفسية. يتضمن السلوك التوكيدي القدرة على التعبير عن المشاعر والآراء والرغبات والحقوق بشكل ملائم. والدفاع عن النفس بشكل فعّال مع الحفاظ على احترام الآخرين. يشمل السلوك التوكيدي سلوكيات مثل الطلب من الآخرين، رفض الطلبات غير المرغوب فيها والتعبير عن الحقوق الشخصية، والتعبير عن المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية والأفكار.
كيف يؤثر السلوك التوكيدي على صحتك النفسية؟
غياب السلوك التوكيدي من الممكن أن يؤدي إلى وجود مشاعر سلبية قد تسهم بالتأثير على صحتك النفسية بشكل سلبي مثل انخفاض تقدير الذات والاكتئاب والقلق والغضب ومشكلات في العلاقات الشخصية. على سبيل المثال الأشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم أ وحتى قول لا للأشخاص من حولهم عندما يريدون ذلك غالبًا ما يميلون إلى لوم أنفسهم لاحقًا. لماذا لم أرد؟ لماذا لم أدافع؟ وبالتالي يشعرون بالضعف وكل هذا ينعكس على مفهومهم لذواتهم بشكل سلبي مثل انخفاض تقدير الذات. أيضًا يرتبط ضعف السلوك التوكيدي بالقلق حيث يميل الأشخاص القلقين إلى توقع أحداث سلبية مبالغ فيها كرد فعل للتعبير عن مشاعهم وأدائهم ورغباتهم فهم يقلقون بشكل مبالغ فيه من ردود أفعال الاخرين تجاههم في حال الرفض. أيضًا يرتبط ضعف السلوك التوكيدي بالاكتئاب؛ لأنه يشعر الشخص بالعجز وعدم القدرة على السيطرة على الأمور.
أيضًا من الممكن ان يؤدي ضعف السلوكي التوكيدي إلى حدوث نوبات الغضب فعدم التعبير عن المشاعر والرغبات قد يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية والتي قد تظهر في نوبات غضب. كما يرتبط ضعف السلوك التوكيدي بوجود مشكلات في العلاقات الشخصية فعندما لا يستطيع الشخص إخبار الطرف الآخر بما يريده ويحتاجه أو كيف يشعر في وجود بعض التصرفات كل هذا من الممكن ان يؤدي إلى تأثر العلاقات واضعاف التواصل الفعال مثل العلاقات الزوجية مما يؤدي الى مشكلات في هذه العلاقات. أيضًا يؤدي ضعف السلوك التوكيدي بزيادة الضغوط والاجهار؛ فالموظف مثلًا الذي يتحمل أعمال إضافية لأنه لا يستطيع قول لا قد يؤدي به إلى زيادة الضغوط والاحتراق النفسي. وعلى النقيض السلوك التوكيدي يعزز من احترام الفرد لنفسه وكسب احترام الاخرين كما يساعد بشكل خاص على تقليل التوتر و الضغوط.
لماذا يحدث نقص السلوك التوكيدي؟
غالبًا ما يظهر ضعف السلوك التوكيدي كنتيجة للخبرات التي نتعرض لها في مراحل نمونا المختلفة، الطفولة والمراهقة والرشد. أساليب التنشئة الاجتماعية التي ترسخ أهمية إرضاء الآخرين ووضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاتنا وأساليب التنشئة التي لا تتيح حرية التعبير عن المشاعر والأفكار. أيضًا من خلال خبرات في العلاقات الاجتماعية السلبية على سبيل التعرض لخبرات التنمر أو كثرة الانتقاد من المحيطين تجعل الأشخاص يشعرون بأنهم اشخاص لديهم عيوب أو نقص في المهارات الأمر الذي يجعلهم ينظرون لأنفسهم بشكل سلبي وبالتالي يظهرون الشعور بالعجز في المواقف الاجتماعية في جانب رفض ما لا يرغبون فيه أو التعبير عن احتياجاتهم وآرائهم بشكل واضح وصريح، ما يسهم في ضعف السلوك التوكيدي.
← اقرأ ايضاً: كيف أؤكد ذاتي؟
أثبتت الدراسات أن السلوك التوكيدي مهارة يمكن تعلمها وتطويرها، لكن تذكر أن تعلم السلوك التوكيدي قد يستغرق وقتًا خصوصًا إذا كنت قد أمضيت سنوات في إسكات نفسك. لذا كبداية يجب عليك أن تعرف أن مهارة السلوك التوكيدي مهارة تقوى وتتطور بالممارسة. في البداية قد تشعر في البداية بالقلق و الخوف من ردود أفعال الاخرين أو عدم الراحة وهو طبيعي، لكن مع مرور الوقت ستشعر بالراحة أكثر في حال استمرارك في توكيد ذاتك. هنا بعض الخطوات التي قد تساعد في لتنمية السلوك التوكيدي لديك.
أولا: تعلم أولًا كيف تقول لا للطلبات غير المرغوبة أو المعقولة
يعتبر التدريب على التعبير على قول لا عندما ترغب بذلك من أهم المهارات في السلوك التوكيدي. كثير من الناس يجدون صعوبة في قول “لا” ولكن أحيانًا عن طريق تجنب قول “لا” يمكن أن تكون مواقف لا تريد أن تكون فيها. قد تشعر بالخوف في البداية من قول لا عندما ترغب بسبب وجود مخاوف لديك بشأن كيفية رؤية الآخرين لك أورد فعلهم تجاهك لكن تذكر أنك لست مسؤولًا عن ردود أفعال الاخرين ولكنك مسؤول عن أفعالك.
وتذكر أيضًا أن قول لا أحيانًا لا يعني أن تكون فظاً بإمكانك قولها مع الحفاظ على احترام الاخرين، على سبيل المثال، لا أستطيع القيام بهذا العمل وذلك لانشغالي. وهنا ليس بالضرورة أن تشعر بأن عليك قول “آسف” أو تعطي أسباب مفصلة لقول “لا”. أحيانًا لا ترغب حقًا بالموافقة على طلب من الآخرين ولكنك تريد مساعدة الشخص الاخر، على سبيل المثال، من الممكن أن تقول لا استطيع القيام بهذا العمل اليوم؛ لإنشغالي لكن من الممكن أن أخصص ساعه غدًا لمساعدتك أو مثلًا بإمكاني المكوث معك ومساعدتك لمدة ساعتين فقط. تحديد وقت قد يجعل الأمور أكثر مرونة في حال رغبتك مساعدة الأخرين.
استخدام لغة حديث مباشرة
تعلم أن تكون مباشرًا وواضحًا فيما تريده. واحدة من أكثر المشاكل شيوعًا في التواصل في العلاقات أو العمل ناتجة عن الاعتقاد بأن الاخرين قد يفهمون رغباتك واحتياجاتك بدون تصريح من قبلك. إذا كنت تريد أن يستجيب الآخرون لأفكارك واحتياجاتك يجب أن تكون قادرًا على قول ما تريد وتحتاج بوضوح وبطريقة مباشرة تجعل الآخرين يرغبون في الرد. على سبيل المثال، أنا لست قادرًا على عمل ذلك في الوقت الحالي بدلًا من عبارة لست متأكدًا من أن لدي وقت مثلًا. استخدم عبارة “أنا لا أرغب بعمل في الوقت الحالي” أو “أنا شعرت بالانزعاج وبالضيق”؛ أي حاول أن تكون واضح ومباشرًا وصادقًا.
احرص على استخدم لغة جسد مناسبة
لغة الجسد هي وسيلة قوية للتواصل مع الناس والتعبير عن المشاعر والآراء و الأفكار. في بعض الأحيان لا ندرك لغة جسدنا وتأثيرها على الآخرين. عندما تحاول أن تؤكد ذاتك تأكد أيضًا أن تستخدم لغة جسد مناسبة تظهر للأخرين أنك تحترمهم وتحترم نفسك أيضًا، على سبيل المثال، واجه الشخص واقفًا أو جالسًا. استمع جيدًا بإنصات لما يقال، وتذكر أن كونك تؤكد ذاتك لا يعني أنك لا تهتم لوجهة نظر الآخرين أو لا تحترمهم. اظهر اهتمامك بكلام الاخرين وآرائهم عن طريق الإيماء والتواصل البصري الجيد. وحافظ على نبرة صوت هادئة عند حديثك أو تعبيرك عن رغباتك أو مشاعرك أو رفضك للأمور.
اختر التوقيت المناسب لممارسة السلوك التوكيدي
السلوك التوكيدي قد يفقد الغاية والمعنى منه إذا تمت ممارسته في الوقت الخاطئ أو على سبيل المثال، قد لا يستجيب لك رئيسك في العمل عند المطالبة بأحد حقوقك في العمل الشخصية في وسط اجتماع يضم أفراد أخرين يناقشون أمور أخرى أو حين تعبر عن مشاعرك الإيجابية أو السلبية لشخص في وقت غير مناسب.
اطلب المساعدة من المختص النفسي عند الحاجة
إذا كنت لا تحرز تقدمًا في ممارسة السلوك التوكيدي على الرغم من بذل قصارى جهدك؛ ففكر في التدريب على ذلك بمساعدة مختص. أيضًا في حال وجود مشكلات أخرى مصاحبة لضعف السلوك التوكيدي مثل الغضب والتوتر أو القلق أو الخوف؛ ففكر في زيارة المختص النفسي للتدريب على التعبير عن مشاعرك الحقيقية واحتياجاتك بسهولة أكبر وعندها ستجد أنك تحصل على المزيد مما تريده نتيجة لذلك.
المراجع
- Alberti, R.E. and Emmons, M.L. (2017). Your Perfect Right: Assertiveness and Equality in Your Life and Relationships(10th ed.). Oakland, CA: Impact Publishers/New Harbinger Publications.
- Gay, M. L., Hollandsworth, J. G., & Galassi, J. P. (1975). An assertiveness inventory for adults. Journal of Counseling Psychology, 22(4), 340-344.
- Pipas, M. D., & Jaradat, M. (2010). Assertive communication skills. Annales Universitatis Apulensis: Series Oeconomica, 12(2), 649. Pfafman, T. (2020). Assertiveness. In Encyclopedia of personality and individual differences (pp. 263-269). Cham: Springer International Publishing.
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: لهذه الأسباب توقف عن محاولة إرضاء الآخرين
← اقرأ ايضاً: ما هو مفهوم اليقظة الذهنية، وأهميتها لتحسين الصحة النفسية؟
← اقرأ ايضاً: كيف تتعامل مع المشتتات في حياتك
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: د. حاتم ال زاحم