4 طرق لتجاوز الأحداث الصادمة والذكريات السيئة
جميعنا نملك ذكريات خاصة بنا، فالذكريات هي طريقة لتذكر أحداث الحياة منذ ولادتنا وحتى الوقت الحاضر، وبالطبع ليست جميع الذكريات سعيدة، فالذكريات السيئة هي حصاد مجموعة من الحوادث الصادمة والسلبية خلال حياتنا، وفي كلتا الحالتين نحن نعلم أن الذكريات العاطفية تترك بصمة كبيرة على أدمغتنا وشخصيتنا، ربما لا يمكنك تذكر تفاصيل طفولتك أو ما قيل في اجتماع للموظفين قبل عامين لكنك ستتذكر الأوقات التي حصلت فيها على جائزة ما أو التي تم فيها رفضك أو شعورك بالرعب أو الإحراج الشديد.
حتى عندما لا تصل الذكريات السيئة والأحداث الصادمة إلى مستوى من الانزعاج المرتبط باضطراب الكرب التالي للصدمة، فإنها لا تزال مدمرة، فالذكريات التي لم يتم تجاوزها يمكن أن تزيد من شدة الالتهابات وتضعف جهاز المناعة لديك كما تجهد القلب والأوعية الدموية، وما عليك أن تعرفه أنه لا أحد مضطر للعيش مع ذكريات سيئة ومؤلمة من الماضي، فجميع الذكريات يمكن أن تلتئم الآن وإلى الأبد.
طرق هامة لتجاوز الأحداث الصادمة والذكريات السيئة؟
يمكن للذكريات السيئة والأحداث الصادمة أن تكون مزعجة للغاية وتترك أثرًا عميقًا في حياة الفرد، وفي بعض الأحيان كلما حاولنا تناسي هذه الذكريات والتخلص منها، تعود لتطاردنا، وبالتالي ستؤثر سلبيًا على صحتنا النفسية ولكن لحسن الحظ هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها للتعامل مع الذكريات السيئة التي تستمر بالعودة إليك، فقد وجد علماء النفس وغيرهم من الباحثين أنه يوجد عدد من الإجراءات التي يمكن أن تساعد على التعامل مع آثار الذكريات السيئة والأحداث الصادمة وتجاوزها، ومن أهم هذه الطرق:
1. التعرف على المحرضات التي تثير ذكرياتك السيئة
هل لاحظت السبب الذي يثير ذكرياتك السيئة؟ في كثير من الأحيان، تثير بعض الأصوات أو الروائح أو التجارب أدمغتنا للتفكير في أشياء معينة، على سبيل المثال إذا تعرضت للمضايقات والتنمر في الكافتيريا عندما كنت طفلًا -وكنت تتناول برتقالة- فقد تؤدي رائحة البرتقال إلى إثارة ذكرياتك السيئة، أو إذا كنت في منطقة حرب، فقد تؤدي الانفجارات الصاخبة (مثل الألعاب النارية) إلى تحريض ذكريات سلبية لديك.
عندما تتعرف على المحرضات الخاصة بك، يمكنك أن تقرر كيفية الاستجابة لها، قد تقرر أنه من الممكن تجنب الأشياء التي تثير ذكرياتك السيئة، أو قد تتعلم أنه من السهل الاستجابة لتلك الذكريات عند التعرف على سبب ظهورها في دماغك، معرفة أن هذه الذكريات ليست عشوائية كما قد تعتقد، قد يساعدك على الشعور بمزيد من السيطرة وإخبار نفسك “أنا أتذكر ذلك الآن لأنني أرى شيئًا يذكرني به”، ويمكن لذلك أن يساعدك على الشعور بالتحسن أيضًا. قد تتمكن أيضًا من البدء في ربط هذه الأشياء بذكريات ممتعة، فعلى سبيل المثال الذي طرحناه سابقًا، إذا كانت رائحة البرتقال تنشط ذكرياتك السيئة، يمكنك أن تبدأ بتناول البرتقال عندما تقوم بأنشطة ممتعة، سيساعدك هذا على البدء بربط روائح الحمضيات بالمشاعر الإيجابية والسعيدة.
2. افسح مجالًا لنفسك للتفكير حتى تكون قادرًا على إيجاد حلول فعالة
يحتاج عقلك إلى فرصة لمعالجة الأشياء التي تحدث في حياتك اليومية، خصص 20 دقيقة كل يوم للتفكير أو القلق، ضع “وقت التفكير” في جدولك الزمني اليومي، عندما تلاحظ أنك تتذكر حدثًا مؤسفًا أو حزينًا من الماضي أو تشعر بالقلق أو تفكر بشيء ما خارج هذا الوقت المحدد، ذكر نفسك “سأفكر في ذلك لاحقًا”، معرفة أنه سيكون لديك فرصة للتفكير في موضوع مؤلم في وقت لاحق يمكن أن يساعدك على تأجيله، سيساعدك الالتزام بالحد الزمني الخاص بك على التفكير في ذكرياتك السيئة بطريقة أكثر فعالية، كما أنه يمنعك أيضًا من معاقبة نفسك عن طريق إعادة صياغة ذكرياتك المؤلمة مرارًا وتكرارًا.
ولكن التفكير في مشاكلك وذكرياتك ليس مفيدًا – إلا إذا كنت تبحث بشكل جدي عن حل، اسأل نفسك عما إذا كان هناك أي شيء يمكنك القيام به حيال الموقف، تعلم من أخطائك وقم بحل مشاكلك حتى تتمكن من المضي قدمًا وتجاوز هذه الذكريات السيئة.
3. تدوين حقائق عن ذكرياتك
قد تجد أنه كلما حاولت قمع ذكرياتك السيئة، كلما فكرت بها وتذكرتها أكثر، وهذا هو السبب الذي قد يجعل العلاج بالتعرض قادرًا على مساعدتك. في حالات اضطراب الكرب التالي للصدمة PTSD عندما يعاني شخص ما من تجربة صادمة ومؤلمة جدًا تسبب له الكوابيس والذكريات السيئة وغيرها من الأعراض التي قد تتداخل مع الحياة اليومية، غالبًا ما يستخدم المعالجون العلاج بالتعرض لمساعدتهم على التعافي والتحسن والتخلص من أعراضهم. قد يتضمن ذلك التحدث عن التجربة أو الحادثة المؤلمة حتى لا تشعر بالخوف بعد الآن. بغض النظر عما إذا كنت مصاب باضطراب ما بعد الصدمة أو كنت تعاني من ذكريات غير سارة أو تجارب مؤلمة، فقد يساعدك العلاج بالتعرض على حل الأمور.
وأحد أشكال العلاج بالتعرض هو تدوين ذكرياتك أو الأحداث المسببة لتلك الذكريات، فقد تجد أن الكتابة عن تجربتك في دفتر خاص بك تساعدك على التكيف والتأقلم معها، ولكن قد ترغب في التمسك بحقائق الأحداث بدلًا من الغوص بالكتابة عن مشاعرك وقتها أو مدى فظاعة شعورك، صف الحقائق بموضوعية قدر الإمكان. قد يساعد هذا في إعادة تنظيم كيفية تفسير عقلك لهذه الذاكرة وقد يخفف من شعورك بالانزعاج عند تذكر تلك الذكريات في أوقات أخرى.
4. اعتمد على أحبائك ومحيطك واطلب مساعدتهم
الأصدقاء المقربون والإخوة وأفراد العائلة هم أفضل مصادر الدعم والتشجيع عند مواجهة التحديات والصعوبات في الحياة، يمكنك التعرف على الأصدقاء أو أفراد العائلة الذين يمكن الحصول على الدعم منهم ويمكنهم تفهم حالتك، إذا كنت تشعر أنك مستعد للتكلم عن الحدث المؤلم الذي سبب لك ذكرياتك السيئة، فيمكنك التحدث معهم عن تجربتك ومشاعرك، كما يمكنك أيضًا أن تطلب منهم مساعدتك في المهام المنزلية أو الالتزامات الأخرى لتخفيف بعض التوتر اليومي.
إن إخبار نفسك بعدم التفكير في شيء ما يمكن أن يأتي بنتائج عكسية ويجعلك تفكر فيه أكثر، من الطبيعي أن ترغب في تجنب التفكير في حدث صادم أو ذكريات مؤلمة، وعلى الرغم من أن التجنب أمر طبيعي، إلا أن الإكثار منه يمكن أن يطيل من التوتر والقلق ويمنعك من ممارسة واجباتك اليومية بشكل صحيح، حاول تدريجيًا أن تُعيد نفسك مرة أخرى إلى روتينك الطبيعي والصحي، يمكن للطرق السابقة أن تساعدك على تجاوز تلك الذكريات السيئة والأحداث الصادمة والعودة إلى حياتك اليومية بعيدًا عن الإجهاد النفسي والتفكير المفرط بها، كما أن الدعم المقدم من أحبائك أو أخصائي الصحة النفسية مفيد كثيرًا أثناء عملية تكيفك وتعافيك، إذا كنت تعاني من صعوبات في تجاوز الذكريات السيئة والأحداث الصادمة، تواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه، وسيساعدك على تجاوزها والتعافي منها بإذن الله.