أسباب التوتر المفاجئ وطرق التعامل معه
إن الشعور بالتوتر أمر طبيعي خصوصًا عند حدوث موقف مفاجئ يصعب التكيف والتأقلم معه، فمثلًا عند مواجهة تهديد أو موقف خطير يفرز الجسم مجموعة من الهرمونات والمواد الكيميائية للاستجابة للموقف، ولكن على المدى الطويل يمكن للتوتر أن يسبب ضررًا على الصحة النفسية و الجسدية. إن التوتر هو استجابتنا الجسدية والنفسية تجاه تحدي كبير أو خطر محتمل، ولكن في بعض الحالات وعند المرور بظروف شديدة مثل الحوادث والصدمات العاطفية الشديدة، قد يتطور ما يدعى بالتوتر الحاد أو التوتر المفاجئ بعد عدة أسابيع من الحادثة.
ما هو التوتر الحاد أو المفاجئ؟
هو التوتر الذي يتطور بشكل تالٍ لحدث مهدد للحياة أو صدمة عاطفية شديدة أو تحدٍ كبير، وتشير كلمة حاد إلى ظهور أعراض التوتر بشكل سريع لكنها لا تدوم لفترة طويلة، يعد التوتر المفاجئ أكثر شيوعًا لدى النساء، ولا يسبب التوتر الحاد نفس أضرار التوتر المزمن، لأنه يسبب أعراضًا قصيرة الأمد تختفي مع زوال التوتر كالصداع والانزعاج البطني أو صعوبة التركيز بالإضافة إلى تذكر لمحات للحدث المسبب للتوتر، كما قد يسبب التوتر الحاد أعراضًا جسدية مثل تسرع النبض والغثيان وصعوبة التنفس.
تكون الحوادث المسببة للتوتر شديدة في معظم الأحيان مثل حادث سير خطير أو الفقدان المفاجئ لشخص مقرب أو حدث حياتي صادم، كما قد ينجم التوتر المفاجئ عن الاعتداءات الجسدية أو العنف أو التعرض لكارثة طبيعية وغيرها من المواقف والحوادث المختلفة.
أعراض وعلامات التوتر الحاد
كما ذكرنا فإن التوتر المفاجئ يسبب أعراضًا قصيرة الأمد تظهر بعد المرور بحدث صادم بمدة تتراوح بين 3 أيام إلى شهر. يعاني المصابون بالتوتر الحاد من مشاعر شديدة من الخوف والعجز وقد يتطور لديهم في بعض الحالات أعراض نفسية وجسدية، تنجم الأعراض الجسدية عن هرمونات الشدة مثل الأدرينالين وفرط نشاط الجهاز العصبي، وتتضمن:
- خفقان القلب.
- صعوبة التنفس.
- ألم صدري أو بطني.
- صداع.
- غثيان.
- تعرق.
تتطور الأعراض خلال دقائق أو ساعات وتختفي خلال عدة ساعات أو أيام، وتشمل الأعراض النفسية ما يلي:
- هياج وعدم القدرة على التركيز واضطراب النوم والمزاج.
- تجنب الذكريات والناس والمشاعر والأماكن المرتبطة بمسبب التوتر.
- فقدان الاتصال بالنفس مثل رؤية الذات من خارج الجسم والشعور بالذهول واضطراب الإدراك بالوقت.
- ارتجاع ذكريات الحادث بشكل متكرر وغير إرادي.
- مزاج سلبي ومتدني وصعوبة التعبير عن المشاعر الإيجابية.
ما هي أسباب التوتر المفاجئ؟
يمكن أن يتطور التوتر المفاجئ بعد مرور الفرد من أي فئة عمرية بتجارب أو مشاهدة حادث صادم أو مزعج بشكل شديد وغالبًا ما يكون مهددًا للحياة، إذ يسبب الحادث خوفًا شديدًا أو ذعرًا أو عجزًا، تتضمن الأمثلة:
- الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الحرائق أو الزلازل.
- الحوادث المرورية الخطيرة.
- الاعتداءات الجسدية بالإضافة للعنف المنزلي.
- الحروب والهجمات الإرهابية.
- الموت المفاجئ لشخص مقرب.
- الإصابة بمرض خطير ومهدد للحياة.
- مواجهة تحدي شبه مستحيل مثل تحديات متعلقة بالعمل.
- الانفصال عن الشريك.
كما يزداد خطر الإصابة بالتوتر المفاجئ في حالات أخرى مثل: وجود تاريخ لإصابة سابقة بالتوتر الحاد، وجود تاريخ للإصابة بأنواع معينة من الأمراض النفسية، أو وجود تاريخ ظهور أعراض انفصالية خلال الحوادث الصادمة.
تشخيص التوتر الحاد
للحصول على تشخيص دقيق للتوتر المفاجئ من المهم التأكد من أن الأعراض تدوم بين 3 أيام و4 أسابيع ويجب أن تظهر الأعراض خلال أربع أسابيع من التعرض للحادث، سيتوجب على الطبيب استبعاد أسباب محتملة للأعراض مثل:
- المشاكل والاضطرابات الصحية.
- آثار جانبية لدواء ما.
- الاضطرابات النفسية أخرى.
تعد أعراض الانفصال أو الافتراق علامة مهمة وأساسية لتشخيص التوتر الحاد، يصفها الفرد على أن عقله منفصل عن جسده، كما قد يتم وصفها عبر رؤية العالم على أنه غير واقعي أو كأن الفرد يعيش في حلم، فقدان الذاكرة التفارقي وهو فقدان الذكريات المتعلقة بالحوادث الصادمة هو أحد علامات التوتر الحاد.
الفرق بين التوتر الحاد واضطراب التوتر التالي للصدمة
في الحقيقة يمكن أن نلاحظ التشابه بين أعراض التوتر الحاد واضطراب التوتر التالي للصدمة ولكن الاختلاف الحقيقي بين الحالتين هو الوقت، في حال استمرار اضطراب السلوك وأعراض التوتر الحاد لمدة أطول من شهر وإذا سببت الأعراض انزعاجًا شديدًا جدًا وعدم القدرة على القيام بالواجبات اليومية عندها قد يكون التشخيص هو اضطراب التوتر التالي للصدمة.
اقرأ ايضاً: كيف يمكن التعامل مع التوتر المفاجئ وعلاجه؟
لا يحتاج التوتر المفاجئ غالبًا إلى أي علاج وتميل الأعراض للاختفاء بشكل تدريجي بعد التعامل مع الموقف أو الحادث المسبب للتوتر. قد يجد الفرد أن كل ما يحتاجه هو فقط فهم أعراضه بشكل صحيح والتغلب عليها عبر فهم سببها والتكلم عنها مع شخص مقرب، ولكن في حال كنت تعاني حاليًا من التوتر المفاجئ ولا تلاحظ أي تحسن، توجد عدة أساليب لمساعدتك ودعمك، قد تشعر أنك ضائع وبعيد عن الآخرين حتى عن الذين قد عانوا من أمر مماثل، من الصحيح أن كل فرد يتعامل مع الحوادث بشكل مختلف عن الآخر ولذلك يعد من المهم الحصول على مساعدة بأسرع وقت ممكن.
إن أحد العناصر الأساسية لعلاج التوتر الحاد هو استعادة الإحساس بالقوة والثقة بالنفس، كما يجب عليك إنشاء علاقة تشعرك بالأمان والأمل والدعم مع معالجك النفسي أو الأخصائي، حيث سيساعدك على:
- تحديد أهداف العلاج والوصول إليها.
- تقسيم مشاكلك إلى أجزاء يمكن التعامل معها.
- مساعدتك على التطوير والاستفادة من مهارات التكيف والتأقلم.
- تعليمك تقنيات للتقليل من فرط اليقظة واستعادة التركيز.
- التعامل مع مشاعرك وأفكارك.
- الالتزام بروتين صحي للنوم.
قد يحتاج بعض المرضى في حالات خاصة إلى تناول أدوية معينة للتعامل مع أعراض التوتر الحاد، فقد يصف لك الطبيب:
- حاصرات بيتا: يمكن أن تخفف الأعراض الناجمة عن هرمونات الشدة، لا تسبب هذه الأدوية نعاسًا كما أنها لا تعمل بنفس طريقة المهدئات، لذلك يمكن ممارسة واجباتك اليومية بدون أي قلق.
- ديازيبام: هو مهدئ من فئة البنزوديازيبينات لا يستخدم عادة لعلاج التوتر المفاجئ لأنه آثاره تدوم فقط لعدة أيام كما أنه يعد من الأدوية المسببة للإدمان والاعتماد.
بالإضافة للاستشارات النفسية والأدوية، توجد أساليب علاجية أخرى ونصائح تهدف إلى التخلص من التوتر، ومن أجل التخلص من التوتر يجب عليك معرفة سببه من أجل إيجاد أسلوب صحي للتعامل معه، مع الوقت سيساعدك ذلك على تقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتوتر، كما سيساعدك على الشعور بتحسن بشكل يومي، ومن أهم هذه النصائح:
- المحافظة على نظام غذائي صحي.
- النوم لمدة 8-7 ساعات كل ليلة.
- ممارسة التمارين الرياضية بشكل متكرر.
- تقليل استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- الحفاظ على علاقاتك الاجتماعية.
- الحصول على وقت للراحة والاسترخاء والاعتناء بالنفس.
- تعلم بعض تقنيات التأمل والاسترخاء مثل التنفس العميق.
في النهاية وعلى الرغم من أن التوتر جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية إلا أن الشعور بالتوتر بشكل زائد قد يكون مؤذيًا لصحتك الجسدية والنفسية، لحسن الحظ توجد العديد من الطرائق للتعامل مع التوتر، كما توجد علاجات فعالة لكل من القلق والاكتئاب المترافقين مع التوتر الحاد.
المقالات المقترحه:
اقرأ ايضاً: تأثير التوتر والضغوط النفسية على التحصيل الدراسي
اقرأ ايضاً: نصائح وتوصيات لتخفيف التوتر والإجهاد المرافق لضغوطات الحياة اليومية
اقرأ ايضاً: التوتر في العمل وأعراضه
أشهر المختصين:
احجز جلستك الآن: منيرة الهذلول
احجز جلستك الآن: عبدالوهاب العيسى