الرهاب الاجتماعي: أعراضه، تشخيصه، علاجه
هل تخشى من أحكام الآخرين ورأيهم بك؟ هل تصاب بالخجل المتكرر في المواقف الاجتماعية اليومية؟ هل تتجنب إقامة علاقات جديدة بسبب الخوف أو القلق من ردة فعل المحيطين بك؟ إذا كنت تعاني من ذلك لمدة طويلة من الزمن، وتعيقك هذه المعاناة من القيام بالمهام اليومية، فقد يكون لديك اضطراب الرهاب الاجتماعي، ولكن لا تقلق، ستتعرف في هذا المقال على معلومات هامة عن ماهية هذا الاضطراب وسبل تخطيه.
ما هو اضطراب الرهاب الاجتماعي؟
يُعرف الرهاب الاجتماعي أيضًا باسم اضطراب القلق الاجتماعي، وفي الحقيقة فإن اضطراب الرهاب الاجتماعي أكثر من مجرد خجل، هو اضطرابات يعاني الأشخاص فيه من القلق الشديد والمستمر المرتبط بالمواقف الاجتماعية أو المتعلقة بالأداء، وقد يكون لديهم مخاوف مستمرة من أن يتم الحكم عليهم أو انتقادهم أو السخرية منهم. نعم، يشعر معظم الناس بالخجل أو التوتر في مواقف اجتماعية معينة، كالتحدث أمام الجمهور أو دخول غرفة مليئة بالغرباء، أو إجراء مقابلة عمل أو الإجابة عن سؤال أمام الملأ، وغير ذلك، وعند البعض، قد يؤدي القيام بالأشياء اليومية كتناول الطعام والشراب أمام الآخرين أو استخدام مرحاض عام أو ارتياد النوادي الرياضية العامة أيضًا إلى مشاعر القلق أو الخوف هذه، ومع ذلك، فإن هذا النوع من التخوف الشائع لا يشير بالضرورة إلى رهاب اجتماعي، أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي فإن المواقف الاجتماعية تثير لديهم مشاعر تتجاوز حدود القلق أو العصبية.
تختلف السلوكيات المتأثرة بالاضطراب ما بين الأشخاص المصابين، ففي حين لا يشعر البعض بأي إحراج أو قلق من التفاعلات الاجتماعية اليومية، تراهم يتعرضون لذلك في المواقف الاجتماعية الرسمية العامة مثل إلقاء خطاب أو المنافسة في لعبة رياضية أو العزف على آلة موسيقية على خشبة المسرح.
الأسباب والعوامل المؤهبة
يبدأ اضطراب الرهاب الاجتماعي عادةً في أثناء الطفولة المتأخرة، بشكل عام في سن 11 إلى 15 عامًا، وقد يشبه الخجل الشديد. يحدث بشكل متكرر عند الإناث أكثر من الذكور، وهذا الاختلاف بين الجنسين يكون أكثر وضوحًا عند المراهقين والشباب.
تشير التقديرات أن حوالي 13% من السكان يصابون بالرهاب الاجتماعي خلال حياتهم، ولا يوجد سبب واحد لاضطراب القلق الاجتماعي، ولكن يلاحظ بشكل عام ما يلي:
- ينتشر خطر الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي في بعض العائلات، ولا يوجد سبب واضح على وجه التحديد يفسر سبب إصابة بعض أفراد الأسرة به بينما لا يعاني الآخرون من نفس الأسرة من أي اضطراب.
- وجد الباحثون أن العديد من أجزاء الدماغ (كاللوزة المخية) مسؤولة عن أحداث الخوف والقلق وقد تؤثر الجينات على كيفية عمل هذه المناطق.
- ثبت وجود دور هام للإجهاد النفسي والفيزيائي والعوامل البيئية المحيطة بالشخص المصاب.
ما هي علامات وأعراض اضطراب القلق الاجتماعي؟
يمكن أن يعاني الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي من أعراض داخلية وخارجية:
تشمل الأعراض الداخلية (العاطفية) ما يلي:
- الخوف من أن يتم الحكم عليهم أو إحراجهم أو رفضهم.
- الشعور بأن الجميع يراقبهم.
- الاعتقاد بأن القلق علامة ضعف.
- الاعتقاد بأنهم أغبياء، وأن الآخرين أذكى منهم وأكثر ثقة منهم.
تشمل الأعراض الخارجية (الجسدية) ما يلي:
- الانسحاب.
- احمرار الوجه.
- التعرق.
- الغثيان أو الإقياء.
- الارتجاف والارتعاش.
- صعوبات التحدث والاتصال بالعين.
- زيادة معدل ضربات القلب.
غالبًا ما يدرك الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي أن مخاوفهم ليست عقلانية أو مبررة. ومع ذلك، قد تستمر مخاوفهم تجاه المواقف الاجتماعية، حتى أنهم قد يبذلوا قصارى جهدهم لتجنب الأحداث، وإذا ذهبوا إلى حدث ما فعادةً ما يشعرون بالتوتر قبل الحدث وعدم الارتياح أثناءه، وقد تستمر الأعراض والمشاعر غير السارة بعد الحدث لأنهم قلقون بشأن ما يعتقده الناس عنهم.
كيف يتم تشخيص اضطراب الرهاب الاجتماعي؟
نقول إن الشخص يعاني من الرهاب الاجتماعي عندما:
- يعاني من خوف دائم من واحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية أو المتعلقة بالأداء.
- يدرك أن القلق الاجتماعي لديه مفرط وغير معقول، ولكنه يشعر بأنه غير قادر على تغيير أو التحكم بنفسه.
- تتدخل مشاعر القلق بشكل كبير في حياته اليومية بما في ذلك العمل والتعليم والأسرة والحياة الاجتماعية.
- لا يرجع الخوف أو التجنب إلى حالة طبية عامة أو جانبية لدواء ما.
بالإضافة لذلك، يمكن أن يمتد الرهاب الاجتماعي إلى ما بعد الحدث الاجتماعي حيث يمكن لأي شخص يعاني من الرهاب الاجتماعي أن يشعر بالقلق أثناء توقع حدث اجتماعي قادم. وبعد الحدث، يقوم المصاب بإعادة تشغيل المحادثات التي أجراها وتقييم أدائه مما يجعله يشعر بسوء أكثر، ويعزز الرغبة في تجنب المواقف الاجتماعية في المستقبل.
ما هي وسائل علاج اضطراب الرهاب الاجتماعي؟
يعالج اضطراب القلق الاجتماعي عمومًا بالعلاج النفسي السلوكي أو بالأدوية أو بكليهما.
الأدوية:
بالنسبة للبعض، يمكن أن يكون تناول الأدوية الموصوفة علاجًا سهلًا وفعالًا لاضطراب القلق الاجتماعي. تعمل الأدوية عن طريق تقليل الأعراض المزعجة والمحرجة في كثير من الأحيان. ولكن لا توجد أي وسيلة للتنبؤ بما إذا كان الدواء سيساعد أم لا. ميزة الأدوية بشكل عام أنها يمكن أن تكون فعالة للغاية، ويتم تناولها مرة واحدة فقط في اليوم، ولكن هناك بعض الجوانب السلبية:
الدواء يعالج الأعراض فقط، فإذا توقفت عن تناوله، يمكن أن تعود الأعراض. يعاني بعض الأشخاص من آثار جانبية من أدوية القلق، قد تشمل الصداع وآلام المعدة والغثيان وصعوبات النوم. بعض الأدوية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء لعلاج اضطراب القلق الاجتماعي، مثل جميع الأدوية التي تستخدم أيضًا لعلاج الاكتئاب، تحمل تحذيرًا من إدارة الغذاء والدواء أنها قد تسبب أو تزيد من سوء الأفكار أو السلوكيات الانتحارية لدى الشباب تحت سن 24، لذلك، يجب مراقبة المراهقين الذين يتناولون هذه الأدوية عن كثب لمعرفة التغييرات في الأفكار حول الانتحار.
إذا كنت تتناول دواءً لاضطراب القلق الاجتماعي، فاتصل بطبيبك على الفور إذا ظهرت عليك أي آثار جانبية، بما في ذلك الشعور بالإحباط والاكتئاب. ولا تتوقف أبدًا عن تناول أي دواء للقلق دون التحدث إلى طبيبك أولًا. قد يتسبب التوقف عن تناول دواء للقلق فجأة في حدوث آثار جانبية خطير.
العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
يهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى مساعدة الناس على تغيير طريقة تفكيرهم وشعورهم وتصرفهم في المواقف الاجتماعية، حيث قد تساعدهم أساليب هذا العلاج في مواجهة مخاوفهم، وبالتالي ممارسة بعض السيطرة والاختيار على أفكارهم ومشاعرهم.
غالبًا ما يستخدم نوع من العلاج السلوكي يسمى علاج التعرض لاضطراب القلق الاجتماعي. يعمل علاج التعرض من خلال تعريض المصاب تدريجيًا للمواقف الاجتماعية غير المريحة والتي تنتظر حتى يشعر بالراحة. خلال هذه العملية، يتعلم العقل أن الموقف الاجتماعي الذي كان يخشاه ليس سيئًا للغاية في الواقع.
ميزة هذا العلاج هي أنه يعالج المشكلة الأساسية وليس فقط أعراض اضطراب القلق الاجتماعي، ولذلك إذا توقف المصاب عن العلاج السلوكي فإن فرصة عودة الأعراض لديه تبقى أقل احتمالًا.
وختامًا: هل يمكن التعايش مع الرهاب الاجتماعي؟
يمكن أن يؤدي الرهاب الاجتماعي إلى صعوبة الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو المشاركة في الأنشطة اليومية، كما يمكن أن يؤثر على قدرتك على تكوين صداقات والاحتفاظ بها. لا يجب عليك التعامل مع هذا الاضطراب بمفردك، تحدث إلى أحبائك وطبيبك لبدء العلاج.
من الخطأ الهرب باستخدام الكحول أو المخدرات غير المشروعة، بالمقابل فإن النظام الغذائي والتمارين الرياضية مهمة جدًا في إدارة أعراض القلق الاجتماعي.