كيف تتعامل مع كبار السن؟
يحتاج المسنون لرعاية خاصة واهتمام مستمر من قبل عائلاتهم والأشخاص المحيطين بهم، ويشكل التعامل مع كبار السن تحديًا كبيرًا لما لهذه الفئة العمرية من خصوصية، فما هي الطريقة المثالية لرعاية المسنين والتعامل معهم، وكيف يمكن دعمهم وتعزيز صحتهم الجسدية والنفسية بشكل يضمن لهم حياة كريمة وجيدة.
← اقرأ ايضاً: قواعد وتوصيات أساسية للتعامل مع المسنين
يحمل التقدم بالعمر الكثير من الصعاب والتغيرات الفيزيولوجية والنفسية على المسنين، مثل الألم الناتج عن الأمراض المزمنة، وخسارة الأصدقاء والأشخاص المقربين، ومشاكل الذاكرة والتركيز، والتدهور المستمر في الصحة بسبب الشيخوخة، بالإضافة إلى العديد من الأشياء المحرجة التي قد يختبرها المسن ويحتاج إلى المساعدة فيها، ولذلك قد تشكل رعاية المسنين والاهتمام بهم تحديًا حقيقيًا لدى البعض، ومن التوصيات والطرق التي تساعدك على التعامل مع كبار السن وتقديم أفضل رعاية ممكنة لهم:
1 – تشجيع المسن على الحركة والنشاط
للحركة والنشاط تأثيرات إيجابية على الإنسان في أي عمر كان، بما في ذلك المسنون، وقد أكدت دراسة واسعة النطاق (Taylor,2014) أن للتمارين الرياضية والحركة والنشاط فوائد كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية للمسنين، وتشير الدراسة المذكورة إلى أن النشاط الجسدي المنخفض عند الأشخاص الأكبر من 65 عامًا، يرتبط بقوة مع زيادة خطر الإصابة بالأمراض الجسدية والنفسية وخطر الوفاة المبكرة، وتؤكد الدراسة على أهمية ممارسة النشاطات اليومية، مثل: أعمال المنزل الاعتيادية والمشي وممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة نصف ساعة يوميًا، وتظهر الفوائد الكبيرة لهذه النشاطات على صحة المسن.
2 – مساعدته على ممارسة الهوايات التي يحبها
من الطبيعي أن يزيد التقاعد عن العمل، وعدم وجود مسؤوليات وواجبات ومهام، وازدياد وقت الفراغ، من شعور الملل والوحدة لدى المسنين، ولتجاوز ذلك يمكن ملء وقت الفراغ ببعض الهوايات المفيدة والمحببة للمسنين، والتي لا تتطلب الكثير من الجهد مثل: الزراعة والاعتناء بحديقة صغيرة أو القيام ببعض المهام البسيطة.
أكدت دراسة أجرتها مدرسة علم النفس في جامعة كوينزلاند في أستراليا (2015,SCOTT) على وجود فوائد حقيقية للمسنين يحصلون عليها من الزراعة والاهتمام بالنباتات، فبالإضافة إلى المنظر الجمالي والطبيعي تعطيهم الزراعة شعورًا بالإنجاز والمتعة، وإحساسًا بالرضى عن الذات، وارتباطًا عاطفيًا بالنباتات، ومكانًا للنشاط والحركة، ما ينعكس بشكل إيجابي على صحتهم النفسية والجسدية.
3 – معاملة المسن باحترام وعطف
قد يكون من الصعب علينا أحيانًا فهم ما يختبره المسن من مشاعر الضعف والعجز الذي ينتج عن التقدم بالعمر، ولذلك علينا معاملة المسن بكامل الاحترام والتواضع والعطف الذي نستطيع تقديمه، والحذر من إحساسه بقلة الأهمية أو عدم الفائدة، لأن ذلك يؤثر بشكل كبير على صحته النفسية وحالته المزاجية.
أجريت دراسة منهجية تحت إشراف مركز BioMed حول تأثير المعاملة الودية والمحترمة إلى جانب المشاركة في النشاطات الاجتماعية على صحة المسنين النفسية والجسدية (Ronzi,2018)، وأكدت نتائج الدراسة على أن النشاطات الاجتماعية التي يتخللها الاحترام والتواضع والحب، مثل: الغناء والاستماع للموسيقى ضمن المجموعة، واللعب مع الأطفال وقراءة القصص، وممارسة النشاطات الفنية والثقافية تترك آثارًا مفيدة بشدة على الصحة النفسية والجسدية للمسنين، وتخفض خطر الاكتئاب والشعور بالوحدة، وتحسن مستوى الحياة والرضا عن الذات.
4 – تعزيز التواصل الاجتماعي للمسنين
تؤثر العلاقات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي بشكل كبير على حياة الإنسان وتصرفاته وسلوكه، لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه لا يمكنه العيش في عزلة ووحدة بعيدًا عن المجتمع.
يعيق العجز والضعف الجسدي والنفسي الذي يترافق مع التقدم في العمر المسن عن التواصل مع الآخرين من حوله، وقد يزيد ذلك من شعوره بالوحدة ويؤثر على حالته النفسية. إذ أشارت دراسة نشرت في مجلة Aging and Health Research إلى التأثير المدمر والضار للعزلة والوحدة على الصحة الجسدية والنفسية عند المسنين، فهو يزيد من خطر الأمراض والوفاة المبكرة، وأشارت أيضا إلى أهمية التواصل الاجتماعي في تحسين مستوى الحياة والرضا عن الذات والشعور بالسعادة.
في المقابل، تنصح الدراسة باتباع أكثر من وسيلة لتعزيز التواصل الاجتماعي مع المسن، بداية عبر الإكثار من لقاءات الأطفال والشباب معه، حيث يشارك المسن خبراته وتجاربه، ويشارك الجيل الشاب مهاراته ومعلوماته الجديدة، وثانيًا من خلال إشراك المسن في مجتمعات تهتم بفئته العمرية، بحيث يكون على تواصل مع مسنين آخرين يشاركونه في تجربته ويمارس معهم نشاطاته المختلفة، وأخيرًا عبر تعزيز دور التكنولوجيا وتقنيات التواصل الحديثة عند ضيق الوقت وبعد المسافات من أجل التواصل المستمر معهم.
لكن لا تنسَ الاهتمام بنفسك
يتحمل الكثير من الأشخاص مسؤولية الاعتناء بشخص مسن إلى جانب مهامهم الوظيفية، وهمومهم الشخصية، والعقبات الاقتصادية التي يجب تحملها، وقد أجريت دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية (Roth,2009) تحت إشراف كل من المعهد الوطني للأمراض العصبية، والمعهد الوطني للصحة، بهدف تقييم أثر التوتر والإرهاق على صحة الأشخاص الذين يتحملون مسؤولية الاعتناء بشخص مسن.
توصلت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الإرهاق والتوتر الذي يرافق الاعتناء بالمسن، يترك آثارًا سلبية على صحتهم النفسية، ويقلل من مستوى التواصل الاجتماعي عندهم، ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب و القلق، بالإضافة إلى الآثار الضارة العديدة للتوتر والإرهاق المستمر على الصحة الجسدية.
في المقابل، تشير الدراسة إلى أن مستوى الحياة والصحة النفسية والجسدية كان أفضل عند الأشخاص الذين لا يعانون من الإرهاق والتوتر عند الاعتناء بالشخص المسن، نتيجة المساعدة التي يتلقونها من المحيط، وتقاسم المسؤوليات، والاستفادة من الخدمات الاجتماعية المتوفرة في المجتمع، والاستعانة بالطبيب النفسي عند الحاجة للاستشارة والنصح، والاعتناء بصحتهم الجسدية، وأخذ قسط وافر من الراحة والاسترخاء.
لذا من المهم جدًا الاعتناء بنفسك، وتجنب تحمل ضغط كبير وتوتر شديد حتى تتمكن من الاعتناء بالأشخاص المسنين الذين تهتم لهم بأفضل شكل ممكن، من دون أن تهمل نفسك أو تهملهم.
إن الاهتمام بالمسنين ليس بالأمر الهيِّن على الإطلاق، خصوصًا في ظل هموم وضغوط الحياة اليومية، وإذا كنت تعاني من صعوبات في العناية بالمسنين أو واجهت مشاكل خلال القيام بذلك فلا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه، لمساعدتك في التغلب على هذه الصعوبات التي تواجهك، واكتشاف أفضل الطرق وأكثرها فعالية للعناية بالمسنين، بما يساهم في تعزيز صحتهم الجسدية والنفسية مع التأكيد على حمايتك من التوتر والقلق و الضغوط التي قد تنتج عنها.
المصادر:
1. Taylor, D., Physical activity is medicine for older adults, Postgraduate Medical Journal, 2014;90:26–32.
2. SCOTT, T., MASSER, B., & PACHANA, N. (2015), Exploring the health and wellbeing benefits of gardening for older adults. Ageing and Society, 35(10), 2176-2200.
3. Ronzi, S., Orton, L., Pope, D. et al. What is the impact on health and wellbeing of interventions that foster respect and social inclusion in community-residing older adults? A systematic review of quantitative and qualitative studies. Syst Rev 7, 26 (2018).
4. Usar Suragarn, Debra Hain, Glenn Pfaff, Approaches to enhance social connection in older adults: an integrative review of literature, Aging and Health Research, Volume 1, Issue 3, 2021, 100029, ISSN 2667-0321.
5. Roth, D.L., Perkins, M., Wadley, V.G. et al. Family caregiving and emotional strain: associations with quality of life in a large national sample of middle-aged and older adults. Qual Life Res 18, 679–688 (2009).
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: أنشطة مفيدة للصحة النفسية لكبار السن
← اقرأ ايضاً: خاص: اعراض الاكتئاب النفسي عند الأطفال والرجال والنساء وكبار السن
← اقرأ ايضاً: كيف أدعم الصحة النفسية لوالدي؟
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: د. عبدالمجيد الصبي