تعتبر الرياضة واللياقة البدنية جزءًا لا يتجزأ من نمط حياة صحي، ولكن هل فكرت يومًا كيف يمكن أن تؤثر هذه الأنشطة البدنية على صحتك النفسية؟ إن العلاقة بين التمارين الرياضية والصحة النفسية تمثل مجالًا هامًا يستحق النظر، حيث يظهر تأثير إيجابي للنشاط البدني على العقل والعواطف.

فمن المعروف أن التمارين الرياضية مهمة لصحتنا الجسدية، لكن هل تعلم أنها يمكن أن تساعد أيضًا في تعزيز مجموعة واسعة من جوانب صحتنا النفسية؟

في هذه المقالة، نوضح الفوائد التي تتمتع بها التمارين على صحتنا النفسية ونقدم بعض الاقتراحات للأنشطة والتمارين التي يمكنك تجربتها وكيفية استخدام التمارين الرياضية لعلاج بعض حالات الصحة النفسية والوقاية منها.

تأثير التمارين الرياضية على الصحة النفسية

1- الحصول على نوم أفضل من حيث جودة النوم ومدته

 أحد العوامل التي يتم تجاهلها عادة في الحفاظ على الصحة النفسية هو مدى جودة نومك في الليل، ومع أنه توجد العديد من العوامل التي تؤثر على جودة نومك، إلا أن مستوى نشاطك البدني يؤثر بشكل خاص، وقد خلصت مراجعة (2017 .Dolezal et al) لـ 34 دراسة إلى أن التمرين (بغض النظر عن نوعه) يمكن أن يحسن كفاءة النوم ومدته، بالإضافة إلى تأكيد دراسة أخرى (2016 .Heijnen et al) أن التمارين الرياضية تؤدي إلى تحسين وقت بدء النوم أو الوقت الذي تستغرقه للنوم، لذلك إذا واجهت صعوبة في الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد، فإن ممارسة بعض التمارين المنتظمة (بغض النظر عن النوع) قد يوفر فوائد كبيرة.

2- تحسين الثقة بالنفس

 من أهم مزايا الصحة النفسية الأخرى التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتمارين الرياضية هو تحسين الصورة الشخصية الإيجابية والثقة بالنفس، وقد وجدت العديد من الدراسات (2017 .Bassett-Gunter  et al) أن التمارين المنتظمة يمكن أن تساهم في تحسين صورة الجسد وتحسين التعاطف مع الذات، لذلك يمكن أن يكون النشاط البدني طريقة رائعة لتعزيز الصحة النفسية واحترام الذات والشعور بالرضا عن جسدك.

3- يمكن أن تخفف التوتر

 قد لا يكون مفاجئًا بالنسبة لك أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام توصف بأنها مخفف قوي للتوتر، وربما تكون قد اختبرت هذا بشكل مباشر، على سبيل المثال: ربما تكون قد عدت إلى المنزل من يوم مرهق للغاية في العمل وقررت الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، وبعد قيامك بالتمارين شعرت ببعض الراحة.

يُعتقد أن التمارين الرياضية تقلل التوتر عن طريق تقليل مستويات الهرمونات المرتبطة بالتوتر -الكورتيزول والأدرينالين- بالإضافة إلى أنها تساعد على مقاومة مختلف الضغوط.

بعبارة أخرى، لا تساعدك التمارين الرياضية على التعامل مع التوتر فحسب، بل قد تساعد في منع التوتر في المقام الأول.

وجدت دراسة (2015 .Zschucke et al) أجريت على عينة من الشباب المدربين تدريباً عالياً وآخرين لم يتدربوا أن أولئك الذين أكملوا 30 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة كانوا أكثر مرونة في مواجهة الضغوط الشديدة من أولئك الذين لم يمارسوا الرياضة، لذلك قد يتمكن أولئك الذين يمارسون الرياضة من التعامل على نحو أفضل مع الضغوط الشائعة، وهذا يحسن نوعية حياتهم بشكل عام.

4- تحسن التمارين الرياضية المزاج

 هناك فائدة أخرى إيجابية للتمارين الرياضية على الصحة النفسية تتمثل في تأثيرها على مزاجك العام، وتشير العديد من الدراسات (2017 .Basso et al) إلى أن ممارسة النشاط البدني المنتظم يرتبط بمزاج أكثر إيجابية وانخفاض في الأفكار السلبية، لذلك إذا شعرت بالإحباط فقد تكون على بعد تمرين واحد من الحصول على نظرة أكثر إيجابية والتغلب على المشاعر الخفيفة للاكتئاب.

5- تقليل الاكتئاب والقلق

 يمكن أن يكون النشاط البدني علاجًا بديلاً للاكتئاب، وقد يُستخدم كعلاج لوحده أو بالمشاركة مع الأدوية أو العلاج النفسي أو كلاهما معًا، فالتمرين له آثار جانبية قليلة وهو سهل الوصول مقارنة بالعلاج النفسي وأدوية الاكتئاب التي قد يراها بعض الناس أنها وصمة عار.

يمكن أن تقلل ممارسة التمارين الرياضية من مستويات القلق لدى الأشخاص الذين يعانون أعراض قلق أو اكتئاب خفيفة، وهو متاح للجميع وتكلفته قليلة، وهو نهج تمكيني يمكن أن يدعم الإدارة الذاتية ويساعد في زيادة الرفاهية في الحياة والوقاية من مشكلات الصحة النفسية أو التحكم بها.

6- تحسين الخرف والتدهور المعرفي لدى كبار السن

 أدت التحسينات في الرعاية الصحية إلى زيادة متوسط العمر المتوقع وتزايد عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، لكن إلى جانب هذه الزيادة في متوسط العمر المتوقع، ازداد عدد الأشخاص المصابين بالخرف والأشخاص الذين يعانون من التدهور المعرفي. 

يُعرف الخرف بأنه مرض تدريجي يؤدي إلى زيادة ضعف الأشخاص بمرور الوقت، والعارض الرئيسي له هو فقدان الذاكرة، أما التدهور المعرفي فهو تدهور في الوظائف المعرفية مثل الانتباه والتركيز عند كبار السن أيضًا (بما في ذلك أولئك الذين لا يصابون بالخرف)، وقد وجدت الدراسات (2011 .Ahlskog et al) -التي فحصت عوامل الخطر للخرف- أن النشاط البدني هو عامل وقائي، أما بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بالمرض بالفعل، فإن ممارسة التمارين يساهم في تأخير حدوث المزيد من التدهور في الأداء.

7- زيادة تقديرنا لذاتنا

 التمرين ليس له تأثير إيجابي على صحتنا الجسدية فحسب، بل يمكن أن يزيد أيضًا من تقديرنا لذاتنا، فاحترام الذات هو ما نشعر به تجاه أنفسنا وكيف ندرك قيمتنا الذاتية وهو مؤشر رئيسي على صحتنا النفسية وقدرتنا على التعامل مع ضغوط الحياة، لقد ثبت (2004 .E Ekeland et al) أن النشاط البدني يؤثر بشكل إيجابي على تقدير الذات سواء عند الأطفال أو المراهقين أو الشباب أو البالغين أو كبار السن من الذكور والإناث.

8- زيادة التركيز

 يمكن للهرمونات التي ينتجها الجسم أثناء التمرين أيضًا تحسين قدرتك على التركيز، إذ تؤدي ممارسة الرياضة إلى إطلاق الدوبامين، وهو ناقل عصبي يعمل كرسول بين دماغك وبقية أجزاء جسمك، بالإضافة إلى هرمونات أخرى ستزيد قدرتك على التركيز زيادة ملحوظة.

ما مقدار التمارين الرياضية والنشاط البدني اللازم لتحسين صحتي النفسية؟

لا توجد إجابة محددة حقًا عندما يتعلق الأمر بعدد المرات والمدة التي يجب أن تمارس فيها التمارين الرياضية، لكن مجرد نزولك  عن الأريكة والوقوف على قدميك هو الخطوة الأكثر أهمية لتحسين صحتك النفسية، وفي النهاية، القيام بشيء ما أفضل من عدم القيام بأي تمارين، حتى لو كان ذلك النشاط هو التنزه لمدة 10 دقائق على مهل، وخاصة إذا تنزهت في الخارج واستنشقت الهواء النقي.

أفضل وقت للحصول على فوائد التمارين الرياضية في تحسين الحالة المزاجية والنفسية هو أن تحاول ممارسة 30 دقيقة من التمارين الرياضية ثلاث مرات على الأقل (ثلاث إلى خمس مرات) في الأسبوع لمدة 10 إلى 12 أسبوعًا أو جعل التمارين الرياضية أسلوب حياة وممارستها بشكل دائم.

تقدم لك منصة لبيه مجموعة واسعة من خدمات الصحة النفسية، وتضعها بين يديك من خلال تحميل تطبيق لبيه على هاتفك الذكي مجانًا. سارع إلى تسجيل الاشتراك والاستفادة من الحسومات الكبيرة على مختلف الخدمات الصحية، أو حجز موعد استشارتك النفسية عبر الإنترنت من أجل صحة نفسية أفضل، أو الانضمام للبرامج العلاجية ومجموعات الدعم النفسي المختلفة، والمزيد من الخدمات الأخرى بأفضل جودة وأقل الأسعار.