الوقاية خير من العلاج.. طرق لتقوية وبناء نفس متينة تتحمل التغييرات
في عالم مليء بالتحديات، يصبح تحصين النفس ضرورة لا غنى عنها لمواجهة التحديات النفسية، لذا تهدف هذه المقالة إلى استكشاف مجموعة من الاستراتيجيات والوسائل التي تمكّنك من بناء نفس متينة وقوية، وسنبين لك كيف يمكن للمرء أن ينمي صلابته العاطفية ويعزز قدرته على التكيف، مواجهًا الضغوط والصعوبات بثقة واستقرار.
ما أهمية تحصين النفس لبناء صحة نفسية سليمة؟
يعد تحصين النفس أساساً لبناء صحة نفسية سليمة، فهو لا يعزز فقط قدرتك على التعامل مع الضغوط اليومية والتحديات الكبيرة في الحياة، بل يساهم أيضًا في بناء علاقات صحية ومستقرة مع الآخرين، وبالتالي تحقيق صحة نفسية جيدة تسمح لك بالوصول لأهدافك على جميع الأصعدة، وتعزز الإبداع والابتكار.
وبالتالي فإن الصحة السليمة تشكل الأساس الذي ستبني عليه مستقبلك، حيث تمكنك من تطوير مهارات التفكير النقدي واتخاذ قرارات مدروسة والحفاظ على التوازن العاطفي. من دون صحة نفسية جيدة، يصبح من الصعب التكيف مع المتغيرات المستمرة في الحياة وتحقيق السعادة والرضا الذاتي.
وقد أكدت دراسة أن الصحة النفسية ليست فقط غياب الأمراض النفسية، بل هي حالة من الرفاهية الشاملة تشمل الراحة النفسية والقدرة على التعامل مع تحديات الحياة، وقد أكدت الدراسة كيف أن تحسين الصحة النفسية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة الجسدية والاجتماعية.
كيف يمكن تحصين النفس؟
بحسب منظمة الصحة العالمية بينت أن الصحة النفسية هي أكثر من مجرد غياب الاضطرابات أو الأمراض النفسية، بل تتعلق أيضًا بالعافية والسعادة المستمرة، وتؤكد أن الحفاظ على الصحة النفسية أمر بالغ الأهمية على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع المحلي.
وبالتالي لا بد من اتباع بعض الاستراتيجيات لتحصين النفس وحمايتها للحفاظ على صحة نفسية سليمة، ومنها ما يلي:
1- تطوير الوعي الذاتي
يعتبر تطوير الوعي الذاتي حجر الزاوية في بناء صحة نفسية سليمة وتحصين النفس، هذه العملية تبدأ بفهم الذات والتعرف على الأفكار والمشاعر والدوافع الشخصية، فعندما يكون للشخص وعي بمشاعره وكيف تؤثر على سلوكه، يصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات النفسية بطريقة صحية.
مثلاً: يمكن أن يزيد الوعي بالأنماط السلبية القدرة على مواجهتها وتغييرها وتبني نظرة أكثر إيجابية تجاه الحياة، كما يساهم الفهم العميق للعواطف في تعزيز التواصل الفعّال مع الآخرين وتحسين العلاقات الشخصية.
يمكن تطوير الوعي الذاتي من خلال عدة ممارسات مثل: كتابة اليوميات، والتأمل، وممارسة اليقظة الذهنية، فقد كشفت الأبحاث التجريبية التي شملتها دراسة أن التغييرات الإيجابية في المواقف تجاه الذات والآخرين نتيجة ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في الحد من تطور مشاكل الصحة النفسية والجسدية، مما يعطي الشخص الأدوات اللازمة لمواجهة الضغوط.
2- ممارسة النشاط البدني المنتظم
يتعرض معظم الأشخاص إلى بعض المواقف القاسية التي يتولد عنها مشاعر سلبية وتتسبب في تطور العديد من الاضطرابات النفسية، وغالبًا ما تقتصر خيارات العلاج على الأدوية أو العلاج المعرفي السلوكي، ولكن يمكن أيضًا للنشاط البدني المنتظم أن يكون وسيلة وقائية فعالة لتحصين النفس، إذ يساعد النشاط البدني في زيادة إنتاج النواقل العصبية في الدماغ، كالإندورفين والذي يكمن دوره في خلال تقليل إشارات الألم المرسلة إلى الجهاز العصبي المركزي، مما يجعلك تشعر بالاستقرار والرضا.
كما يمكن لأي نشاط بدني منتظم كالجري أو المشي أن يساعد في تحفيز إفراز هرمون الدوبامين وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة، إذ أشارت دراسة أن التمارين الرياضية تزيد من احترام الذات والشعور بالرضا عن النفس، وأن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم معدلات خمول أقل مقارنةً بالأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة، وذلك من خلال زيادة إفراز مادة الدوبامين؛ مما ينعكس مباشرة على المزاج العام والرضا عن الذات.
3- ممارسة الامتنان
ممارسة الامتنان تعتبر وسيلة فعّالة لتحصين النفس، إذ تقوم هذه الفكرة على التركيز على الأشياء الإيجابية في حياتك وتقديرها، بدلاً من التركيز على السلبيات. ومن خلال التعبير عن الشكر والتقدير لما هو موجود، يمكن أن تخلق حالة من الإيجابية والتفاؤل، وهذا بدوره يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية.
أشارت نتائج دراسة شملت 124 مشارك أن ممارسة الامتنان بشكل منتظم أدى إلى زيادة درجات الرضا عن الحياة، والسعادة الذاتية والتفاؤل، والذي بدوره يساهم في تحسين الحالة المزاجية والصحة النفسية على المدى البعيد.
4- بناء تواصل اجتماعي سليم
إن التواصل الاجتماعي الصحيح والمتوازن له تأثير إيجابي على الصحة النفسية، إذ يمكن من خلال التواصل الاجتماعي مع الآخرين بناء علاقات صحية ومثمرة تساهم في تحقيق الرفاه النفسي، وتخفيف ضغوط الحياة المختلفة، حيث بينت دراسة أجريت على 40659 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 20 و89 عامًا على مدى سبع سنوات، وتوصلت النتائج إلى أن هناك ارتباطاً بين ضعف التواصل الاجتماعي والاكتئاب، وأن الأفراد الذين يحظون بدعم اجتماعي أقل يعانون من مستويات أعلى من الاكتئاب.
5- اتباع نظام غذائي صحي
يلعب النظام الغذائي الصحي دورًا مهمًا في صحتنا الجسدية، إلا أنه في الآونة الأخيرة تبين أهمية النظام الغذائي للصحة النفسية أيضًا، ويرجع هذا الارتباط إلى العلاقة الوثيقة بين آلية عمل الجهاز الهضمي وبنية الدماغ، وبالتالي ارتبطت الصحة السليمة البدنية بالصحة النفسية المتوازنة.
لا شك أن حالة صحتك النفسية لها تأثير كبير على جميع مجالات حياتك، لذا لا بد من الاهتمام بها، وتذكر دائمًا أن تكون لطيفًا ومرنًا مع نفسك، وإذا كنت تجد صعوبة في اتباع استراتيجيات معينة لتحصين النفس، فلا تتردد في طلب المساعدة من خلال تحميل تطبيق تطبيق لبيه والتواصل مع المختص لمساعدتك على تحقيق الرعاية المثالية لصحتك النفسية وبأفضل الطرق الممكنة.