التعافي من اضطراب ما بعد صدمة الاغتصاب
يترك الاعتداء الجنسي أثرًا عميقًا جدًا في النفس والجسم، لأنه تجربة قاهرة وسيئة جدًا يتعرض لها للأسف بعض الأشخاص، وتُلقي في داخلهم شعورًا عميقًا وحالةً شديدةً من الخوف والغضب والحزن والتوتر والذنب. تجتمع هذه الأعراض تحت مسمى اضطراب ما بعد الصدمة النفسية، الذي يعد الاعتداء الجنسي والاغتصاب أحد مسبباته الرئيسية، لكنه ليس حالةً ينبغي التعايش معها مدى الحياة، بل يستطيع الشخص أن يتعافى وتلتئم جراحه وينمو من خلال ما عاناه. نتحدث في هذا المقال عن اضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن الاعتداء الجنسي، وأعراضه وطرق الشفاء منه.
← انضم الي مجموعه دعم: التعافي من الصدمات
اقرأ ايضاً: اضطراب ما بعد الصدمة
ينشأ اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، مثلما يشير اسمه، نتيجة تعرض الشخص لصدمة نفسية شديدة مثل الاعتداء الجنسي، أو الحوادث العنيفة، أو التهديد بالموت، أو فقدان شخص مقرب جدًا.
يعد الاعتداء الجنسي سببًا شائعًا لاضطراب ما بعد الصدمة، إذ يختبر تقريبًا نحو 70% من الناجين من حالة اعتداء جنسي أعراضًا نفسية قوية، ويتطور عند نحو 45% منهم اضطراب ما بعد الصدمة بأعراضه الكاملة.
يشتمل مصطلح الاعتداء الجنسي على مجموعة متنوعة من التصرفات والسلوكيات الجنسية الجسدية مثل حصول التواصل الجنسي الإكراهي والقهري وغير المرغوب، والاغتصاب، والتعرض لمحاولة الاغتصاب، والتحرش الجسدي. لا يمكن حصر اضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن الاعتداء الجنسي بعمر معين أو جنس واحد، إذ يمكن أن يتطور الاضطراب عند أي شخص يتعرض لاعتداء جنسي سواء أكان طفلًا أم بالغًا، ذكرًا أم أنثى.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
تترك صدمة الاعتداء الجنسي أثرًا عميقًا وقويًا عند الفرد، وتجتمع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في خمس مجموعات رئيسية:
- أعراض التجنب: يميل الفرد المصاب باضطراب ما بعد الصدمة إلى تجنب الأفكار والمشاعر المتعلقة بحادثة الاعتداء، ومحاولة البقاء بعيدًا عن جميع الظروف، والأشخاص، والأماكن، والأشياء التي تذكره بالحادثة، ويتجنب بصورة قطعية الحديث والتفكير فيما حصل. بالإضافة إلى أن الوصم المرتبط بالاعتداء الجنسي يفاقم من حالة المصاب، ويدفعه إلى كبت ذكرى الحادثة، وإخفائها نهائيًا عن الجميع ممن يحيطون به.
- أعراض قهرية: يبذل المصاب جهدًا بالغًا في تجنب وكبت ذكرى حادثة الاعتداء، مع هذا تصعد الذكريات والأفكار المتعلقة بالحادثة إلى الوعي بصورة متكررة ورغمًا عن رغبة الشخص، لتحمل صفة قهرية، كما أنها تتجلى أثناء النوم بأحلام مخيفة ومرعبة يستيقظ بسببها الشخص من النوم، وقد تظهر أيضًا ضمن اليوم على هيئة ذكريات حية من الماضي Flashbacks.
- ازدياد حالة التوتر: تسيطر على الشخص حالة من الخوف والقلق والتوتر طوال الوقت، فيجد صعوبة في الخلود إلى النوم أو الاستمرار فيه، ويجفل بسرعة ويرتعش من اقتراب الأشخاص منه، أو يصبح متوترًا وحذرًا من المحيطين به وقلقًا على سلامته وأمانه، وقد يعاني صعوباتٍ في التركيز على المهام الحياتية.
- تغيرات في التفكير والمشاعر: يشوه الاعتداء الجنسي صورة الشخص لذاته، ويترك في داخله خليطًا قبيحًا من مشاعر الخوف، والرعب، والعار، والخجل، واليأس. يفقد الشخص المتعة في نشاطات كان يهتم بها سابقًا، وقد يعاني صعوباتٍ في الحفاظ على علاقات جيدة وإيجابية مع الأشخاص المقربين منه أو بناء علاقات جديدة، أو اختبار مشاعر إيجابية وسعيدة من جديد.
- أعراض جسدية: تتجاوز صدمة الاعتداء الجنسي الحالة النفسية للشخص، وتترك آثارها في جسده، إذ قد يصاب بالصداع، والأرق، والرعاش، وتضطرب حياته الجنسية، ويفقد المتعة بجسده، ويزداد لديه خطر الإصابة بالاضطرابات الجسدية والنفسية الأخرى المتنوعة.
الشفاء من اضطراب ما بعد الصدمة
إن الشفاء من اضطراب ما بعد الصدمة أمر ممكن. يعتمد علاج اضطراب ما بعد الصدمة على مجموعة من العلاجات النفسية عند الطبيب النفسي الأخصائي، والمشاركة في مجموعات الدعم، والقيام ببعض النشاطات الذاتية المساعدة:
العلاج النفسي:
يمتلك العلاج النفسي باعًا طويلًا في علاج الاضطرابات النفسية، وخاصةً اضطراب ما بعد الصدمة التالي لاعتداءٍ جنسي. يتضمن العلاج النفسي كلًا من العلاج المعرفي السلوكي CBT، والعلاج بالتعرض طويل الأمد، وإعادة المعالجة وإزالة الحساسية بمساعدة حركات العينين EMDR. يحدث العلاج النفسي بمختلف أنواعه في عيادة الطبيب، ويهدف إلى مساعدتك على مواجهة الأفكار والذكريات المتعلقة بحادثة الاعتداء، ومعالجتها، وتجاوز آثارها السلبية، بالإضافة إلى تصحيح وإزالة أي اعتقادات سلبية وخاطئة كنت قد اكتسبها إثر حادثة الاعتداء. أيضًا يعمل الطبيب على تصحيح وتقويم السلوكيات التي تؤثر على حياتك بصورة سلبية مثل التجنب والهلع والخوف، ذلك عبر مساعدتك على مواجهة مختلف الأشياء والأماكن التي تحرض لديك حالة الخوف المرتبطة بالصدمة.
مجموعات الدعم الاجتماعي:
تقدم مجموعات الدعم الفرصة لمقابلة أشخاصٍ آخرين يشاركونك التجربة والمشاعر ذاتها. سوف تساعدك مجموعات الدعم على التصالح مع ما تعانيه، والتعبير عنه بصوتٍ واضح، وأخذ النصائح من أشخاص يماثلونك في الموقف. يعد الطبيب النفسي المعالج من أفضل الأشخاص للسؤال عند البحث عن مجموعات الدعم المناسبة لك.
المساعدة الذاتية:
إن مجموعات الدعم وتطبيق السلوكيات المتعلمة في العلاج النفسي تملك أثرًا معالجًا قويًا، لكنها لا تغني عن بذل الجهد الشخصي والحقيقي للشفاء. اقضِ بعض الوقت مع الأشخاص المقربين منك، الذين يحبونك ويهتمون بك، ومارس سلوكيات الاسترخاء والهدوء الخاصة بك، وعبّر عن أفكارك الخاصة في كراس مثل دفتر يوميات شخصي.
إن الشفاء من تجربة الاعتداء الجنسي واضطراب ما بعد الصدمة سويةً ليس بالأمر الهيّن على الإطلاق. تذكر دائمًا أن ما حصل ليس خطأك، ولا يوجد أمر معيب أو مشين بك، وأنك لم ترد هذا أبدًا، والأهم فوق كل ما سبق لا تحاول الشفاء لوحدك. استعن بمساعدة الأطباء المختصين، واطلب المساعدة من المقربين منك ومجموعات الدعم. إن الشفاء أمر ممكن حقًا، وللحصول على كل ذلك يمكنك الحصول على مساعدة فريق من المختصين عبر موقع وتطبيق لبيه.
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: أشيع الاضطرابات النفسية التي يعاني منها طلاب الجامعات: إحصاءات وأرقام هامة
← اقرأ ايضاً: كيف تستطيع مساعدة أحد أحبائك إذا كان مصابًا باضطراب ما بعد الصدمة؟
← اقرأ ايضاً: الفرق بين الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: د. محمد آل ذياب