تأثير المراجعات وردود الفعل السلبية في بيئة العمل
يقع على عاتق القادة والمدراء في جميع الوظائف مهمة تقديم المراجعات والآراء الإيجابية والسلبية للموظفين في العمل. من الطبيعي أن يرتكب الموظفون الأخطاء خلال عملهم، ومن المهم جدًا الإشارة إلى هذه الأخطاء وتوضيحها من قبل المدير والرئيس في العمل، حتى يتم تحقيق النجاح، والنمو، والتطور.
تعد المراجعات وردود الأفعال التي يقدمها المدير لموظفيه أكثر الأدوات التي يمتلكها المدير أهمية في توجيه الموظفين إلى أهداف الشركة أو المؤسسة. تشير المراجعات الإيجابية إلى الأفعال والأشياء الصحيحة والمُنتجة التي قام بها الموظف، وتطلب منه تعزيزها وتطويرها. بينما تشير المراجعات السلبية إلى الأخطاء والنكسات التي وقع بها الموظف، وتحمل للموظف، عند تقديمها بالأسلوب المناسب له، فرصة كبيرة للتحسن والتعويض. نستعرض في هذا المقال تأثير المراجعات وردود الفعل السلبية في بيئة العمل، وكيفية تقديمها بأسلوب يحقق النمو للعمل من جهة وللموظف من جهة أخرى.
تأثير المراجعات السلبية في بيئة العمل
تتنوع أساليب المدراء والرؤساء في العمل في توجيه ردود الأفعال السلبية والمراجعات للموظفين على عملهم الذي أنجزوه، ورغم أن الهدف النهائي من هذه المراجعات هو التحسين والتطوير، يبقى لهذه المراجعات تأثير على الحالة النفسية، والروح المعنوية للموظف العامل من جهة، وللمدير نفسه من جهة أخرى. تدخل الكثير من العوامل في بناء المراجعات السلبية والنقد الموجه للموظف، وتحديد درجة استجابة الموظف لها نحو الأفضل، ودرجة فعالية القائد أو المدير في عمله واستجابة الموظفين لآرائه.
أشارت دراسة حديثة إلى أن درجة التعاطف Empathy التي يمتلكها المدير في أثناء تقديم المراجعات السلبية مؤثرة جدًا في تحديد درجة استجابة الموظف للنقد، ودرجة فعالية القائد في عمله، ونظرته لنفسه. يعرّف التعاطف بأنه ميل الشخص نحو الاهتمام بالآخرين والتفكير بأوضاعهم، وتخيل نفسه مكانهم وبالمشاعر التي يعيشونها، ورغبته في الرفع من معنوياتهم وإزالة المشاعر السلبية عنهم. وتقول الدراسة بأن المدراء الذين كانوا شديدي التعاطف في أثناء تقديم النقد للموظفين امتلكتهم مشاعر من الكرب والتوتر بعد تقديم النقد، وكانت نظرتهم لذاتهم منخفضة ومحبطة، وبأنهم مدراء غير أكفاء، وانخفضت إنتاجيتهم في العمل، بينما لم يؤثر تقديم المراجعات السلبية والنقد للموظفين في الحالة النفسية للمدراء منخفضي درجة التعاطف، ولم تتأثر إنتاجيتهم، أو نظرتهم لذاتهم نحو الأسوأ.
مع هذا لا تقول الدراسة بأن القسوة وقلة التعاطف هي أفضل الأساليب في تقديم المراجعات السلبية والنقد، إنما تؤكد على أهمية اتباع بعض الآليات وتطبيق مجموعة من السلوكيات، التي تشمل كلا من المدير والموظف، في بيئة العمل، التي تتضمن توجيها فاعلًا للنقد، واستجابة بنّاءة للموظف، وشعورًا مستقرًا إيجابيًا للمدير.
نصائح في تقديم النقد والمراجعات السلبية
القيام بأكثر من محادثة بين المدير والموظف:
تنصح الدراسة السابقة بعدم الاكتفاء بمحادثة واحدة يتم فيها توجيه جميع نقاط النقد للموظف، بل تنصح بالقيام بأكثر من محادثة ولقاء بين المدير والموظف، يوجه فيها المدير كل من المراجعات الإيجابية والسلبية على عمل الموظف، ويتناقشان سوية حول الحلول التي يمكن وضعها بهدف تصحيح النقاط السلبية في عمل الموظف. يساعد تعدد المناقشات بين المدير والموظف في تحسين درجة استجابة الموظف للنقد الموجه له، وتخفيف عبء المشاعر السلبية على المدير المتعاطف.
تحديد الوقت المناسب لتوجيه النقد والنصائح:
تنصح الدراسة المدراء بإمكانية تأجيل توجيه المراجعات السلبية والنقد للموظفين حتى نهاية يوم العمل. تساعد هذه الاستراتيجية في تخفيف درجة التأثير السلبي نتيجة على الموظفين، وتسمح للموظف باستغلال فترة ما بعد انتهاء وقت العمل، في التفكير بالأخطاء التي ارتكبها، والبحث عن الحلول المناسبة لمناقشتها في اليوم التالي مع المدير.
تحديد الهدف النهائي للنقد قبل توجيهه:
يساعد تحديد الهدف النهائي من توجيه المراجعات السلبية والنقد للموظف قبل تقديمه له في تجنب انحراف المحادثة بين المدير والموظف بعيدًا عن الهدف الأساسي للنقد، وفي مساعدة الموظف على فهم ماهية النجاح المطلوب منه تحقيقه بالنسبة لدوره، ولفريق عمله، وللشركة أو المؤسسة ككل. إذ يجب على كل موظف عندما يعود لعمله بعد تقديم المراجعات له أن يعلم بصورة واضحة على ماذا يجب أن يعمل، وما هي النتيجة المطلوبة منه تحقيقها.
توجيه النقد في بيئة آمنة ومناسبة:
في حين أن تقديم المديح والثناء للموظف أمام جميع أعضاء الفريق أمر محبذ وجيد، لا ينطبق الأمر ذاته على المراجعات السلبية والنقد، بل يدفع الموظف للدخول في وضعية الدفاع، والانفصال عن جوهر النقد الموجه له، ويقلل من ثقة وارتياح العاملين تجاه مديرهم. يجب على المدير تقديم النقد والمراجعات السلبية في بيئة تحمل الخصوصية والراحة للموظف، وتضعه في حالة تقبل للنقد وفهم جوهره.
البقاء هادئًا في أثناء تقديم النقد:
لا يستحب الصراخ والتصغير أبدًا في أثناء توجيه النقد للموظف، ولا يفيد أبدًا في زيادة اهتمام الموظف بعمله، أو احترامه لمديره. بل يؤدي إلى شعور الموظف بالحقد، والضغينة تجاه مديره، ويرفع من درجة القلق التي يشعر بها تجاه عمله في المستقبل، ويخفض من إنتاجيته.
اتبع أسلوبًا مهنيًا في توجيه النقد:
لا تخلو عملية توجيه المراجعات السلبية والنقد للموظف من التوتر، وفي كثير من الأحيان تُشحن عاطفة الطرفين، ويصبح الجو أكثر صعوبة وتوترًا. من المهم جدًا في مثل هذه الأوضاع، عدم تعبير المدير عن آرائه الخاصة بشخصية الموظف، وعدم نعته بصفات معينة، بل يجب التركيز المستمر على هدف النقد، وتوضيح النقاط التي أخطأ بها الموظف، وحصر عملية النقد في العمل وأهدافه، وعدم إسقاطه على الحياة الخاصة والشخصية للموظف.
إعطاء فرصة للموظف لشرح موقفه:
ينغلق بعض الموظفين على أنفسهم، ويدخلون في وضعية الدفاع عند تلقيهم لبعض النقد من رؤسائهم في العمل. يساعد إعطاء الموظف بعض المساحة ليشرح موقفه تجاه الأخطاء التي ارتكبها في عمله، وسؤاله عن سبب اتباعه هذه الطريقة في إنجاز العمل قبل توجيه النقد إليه، في تجنب دخوله في وضعية الدفاع والانسحاب، وفي إعلام المدير بالظروف التي يعيشها الموظف، والمساعدة على تحديد نقاط الخطأ في العمل بصورة دقيقة، والتشاور نحو الحلول.
يتحدد أسلوب تعامل المدراء مع ارتكاب الموظفين للأخطاء وتوجيه النقد لهم حسب الكثير من العوامل أهمها شخصية المدير والموظف. مع هذا، يساعد تقديم النقد بصورة جيدة في تحقيق الهدف النهائي منه بالتحسن والتطور في العمل، ويمكن بتطبيق بعض من النصائح السابقة تحقيق الهدف المراد من المراجعات السلبية على عمل الموظفين، ودفعهم بصورة أفضل نحو التحسن، مع الحفاظ على رضا المدراء تجاه أنفسهم وعملهم.