كيف يمكن تمييز الاكتئاب عن الحزن؟ وما علامات وأعراض كل منهما؟
تعد مشاعر الحزن جزءًا من الاكتئاب إلا أنهما لا يتشابهان، إذ يختلف الحزن عن الاكتئاب بأنه مؤقت ويتلاشى مع الوقت، فهو شعور يختبره الإنسان في أوقات معينة في حياته يُسبب الإحباط والألم، وله درجات مختلفة، أما الاكتئاب فهو اضطراب نفسي يبقى لمدة أطول ويؤثر على جوانب مختلفة في العمل والدراسة والعلاقات، وقد يصاب به المرء دون وجود سبب رئيسي لحدوثه، ولذلك يكون عليه طلب استشارة طبيب مختص في حال استمرار الاكتئاب لفترة طويلة وإلا ستسوء حالته في حال تُرك دون علاج.
الفرق بين أعراض الحزن والاكتئاب
يعد الاختلاف بين الحزن والاكتئاب بسيطًا لكنه جوهري، فالحزن يُشعر الإنسان بالإحباط الدائم، لكن في نفس الوقت هناك أوقات يستطيع أن يضحك فيها ويكون مرتاحًا، لأنه شعور يأتي نتيجة عامل مسبب مثل طلاق أو خسارة عمل أو مشكلة مادية أو فشل دراسي جميعها تؤثر سلبًا على مشاعر الإنسان، إذًا فالحزن يرتبط بأسباب محددة، أما ما يختبره أثناء الاكتئاب فقد يحدث دون وجود سبب حقيقي، ويؤثر على جميع جوانب حياته، وقد يكون من الصعب أو المستحيل التمتع بأي شيء بما في ذلك الأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها سابقًا، فالاكتئاب اضطراب نفسي وليس شعورًا، أظهرت دراسة أجريت في عام في عام 2015 أن 6.7% من جميع البالغين يعانون من الاكتئاب، وبخلاف الحزن قد تترك الكآبة الشخص يكافح ليقضي يومه، ويمارس حياته بشكل طبيعي، ومن أهم الأعراض التي تميز الاكتئاب:
- شعور مستمر بالحزن.
- تهيج وحدّة الطبع.
- تعب، وتَغير في نمط النوم أو الأكل.
- صعوبات في التركيز.
- فقد الاهتمام والحماس.
- شعور غير مبرر بالذنب وعدم القيمة.
- تفكير مستمر بالموت أو الانتحار.
بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل الصداع وآلام في الجسم من دون وجود مصدر للألم، ونقص أو زيادة في الوزن، ويعتبر الطبيب الشخص الذي يعاني خمسة من هذه الأعراض لمدة تزيد عن أسبوعين لديه مشكلة طبية بدلًا من كونها مجرد تجربة حزن مطولة، كما أن الأفكار الانتحارية تعد مؤشرًا واضحًا للاكتئاب، ويستند الخبراء إلى الأعراض السابقة التي جُمعت في الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية دليل معايير DSM-5 للتفريق بين الحزن والاكتئاب تبعًا لحدة الأعراض.
متى عليك زيارة الطبيب؟
عندما تشكل مشاعرك عائقًا يمنعك من التمتع والاستمرار بحياتك بشكل طبيعي، أو عندما تستمر مشاعر الحزن لأكثر من أسبوعين، مع التأكيد على ضرورة استشارتك لأخصائي في حال راودتك أي أفكار عن الانتحار، وهناك عدة طرق تشخيصية تساعد الطبيب على التفريق بين الحزن والاكتئاب، فقد يسألك عما تختبره من أعراض وكيفية تأثيرها على حياتك اليومية، وقد يجري لك عددًا من الفحوصات الجسدية لينفي وجود أي حالة صحية تسبب لك الأعراض السابقة مثل فحوصات دموية تساعد في كشف قصور الغدة الدرقية.
العوامل المؤهبة للإصابة بالاكتئاب
يصيب الاكتئاب الرجال والنساء من كل الأعمار دون فرق بين العرق أو المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وهناك العديد من عوامل الخطورة للإصابة بالاكتئاب، لكن امتلاك واحدة منها أو أكثر لا يعني إصابتك بالاكتئاب، ومنها:
- التعرض لصدمة في عمر الطفولة أو المراهقة.
- عدم القدرة على تجاوز حدث صادم في حياتك سبب لك ألمًا شديدًا أو ذكرى سيئة.
- قلة احترام الذات.
- قصة عائلية للإصابة باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب.
- العزلة الاجتماعية.
- مشكلة في التأقلم مع حالة مرضية مثل السرطان أو سكتة دماغية أو مرض قلبي.
- إصابات سابقة باضطرابات صحية نفسية مثل القهم أو الشره المرضي أو اضطراب ما بعد الصدمة أو القلق.
- قلة الدعم الاجتماعي من العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل.
وقد يكون الاكتئاب أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية مثل حاصرات بيتا والستيروئيدات القشرية (الكورتيزون) والمعالجة الهرمونية والستاتينات (أدوية تستعمل لعلاج مستويات الكوليسترول المرتفعة).
علاج اضطراب الاكتئاب
إن بعض العادات الإيجابية البسيطة قد يساعدك على تجاوز حزنك، ومنها:
- انضم لنادي رياضي أو مجموعات اجتماعية لزيادة تواصلك مع الآخرين.
- خصص وقتًا يوميًا لممارسة نشاطٍ تستمتع به.
- مارس الأنشطة البدنية أو الرياضية بانتظام.
- تناوَل الطعام الصحي واحصل على قسط كافٍ من الراحة.
- وفي حال وجود صعوبة في النوم مارس التأمل وخذ حمامًا دافئًا قبل الخلود إلى النوم.
قد تساعدك تلك التغييرات البسيطة في نمط حياتك على علاج الاكتئاب لكنها قد تكون غير كافية أحيانًا، فقد يصف لك الطبيب بعض الأدوية مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتك والتاريخ الصحي العائلي والسوابق التحسسية ونمط حياتك، وقد تحتاج لتجربة عدة أنواع من الأدوية قبل الوصول للعلاج المناسب لك، وذلك لأن بعضها قد يعزز الأفكار الانتحارية لديك، لذا في حال وجدت أي تأثير سلبي لتلك الأدوية عليك مراجعة طبيبك فورًا، ولتكون خطة العلاج ناجحة عليك أن تساعد نفسك أيضًا، فإذا شعرت أنك لا تستطيع الاستمرار اطلب المساعدة من شخص موثوق كصديق أو فرد من عائلتك، وبغض النظر عما تشعر به الآن يمكنك النجاح لأنك تستحق حياة أفضل.
وأخيرًا، يتطلب الشفاء من الحزن والاكتئاب مجهودًا شخصيًّا منك أيضًا، لذا حاول الالتزام بمواعيد ذهابك إلى الطبيب، واحرص على أن تخبره بكل ما تشعر به، وهذه بعض النصائح الإضافية لمساعدتك على تجاوز هذه المرحلة: استيقظ في وقت محدد يوميًّا، واعتمد روتينًا يوميًا لتعتني بنفسك ما يحسن من نفسيتك وصحتك، لا تعزل نفسك، واقضِ بعض الوقت مع شخص تستمتع بصحبته، شارك ببعض الأنشطة التي كنت تستمتع بها سابقًا أو حاول المشاركة بأنشطة جديدة، فقد يساعد القيام بشيء تستمتع به على تحسين حالتك المزاجية.