تساهم العلاقات الزوجية المثالية في زيادة مستويات السعادة والرضا عن الحياة، وتساعد في الوقاية من اضطرابات الصحة النفسية ومشاكلها، وتحسِّن أيضًا من الصحة الجسدية، ولكن حماية هذه العلاقة ورعايتها وتنميتها يتطلب جهدًا كبيرًا وعملًا مستمرًا نظرًا للصعوبات والالتزامات المختلفة التي يتعرض لها الزوجان كالالتزام المهني، وتربية الأطفال، مما يساهم في خلق ضغوط ومشاكل قد تكون سببًا للطلاق. 

في الواقع يمكنك فعل الكثير إذا كنت تريد إنقاذ حياتك الزوجية وحماية علاقتك مع شريكك، فهناك حلول دائمًا.

لماذا يعتبر الطلاق من التجارب غير المرغوبة؟

قد يكون من الصعب على أغلب الأشخاص التعامل مع تبعات الطلاق لأنه يعتبر من التغيرات الكبيرة في أحداث الحياة إذ يجعلك تشعر وكأنك قد فشلت في قراراتك واختياراتك، وتحاول جاهدًا معالجة المشاعر المختلفة، فعند مواجهة الطلاق، هناك تداعيات عاطفية ومالية واجتماعية لهذا القرار، وهو الأمر الذي يولد حالة من التوتر.

يعتبر الطلاق من الأحداث التي تترك تأثيرات كبيرة ليس فقط على الزوجين، وإنما على الأطفال وأفراد العائلة أيضًا، إذ بينت دراسة (Wauterickx.2008) شملت 4727 رجل وامرأة كيف يمكن أن يكون لتجربة طلاق الوالدين في مرحلة الطفولة تأثير سلبي كبير على الأطفال، لأن هذا الأمر يحفز فرصة إصابتهم بالاكتئاب لاحقًا في مرحلة البلوغ.

كيف يمكنك أن تمنع الطلاق؟

يمكنك القيام بالعديد من الخطوات الاستباقية لحماية زواجك وتشجيع الشريك على مساعدتك في الحفاظ على أمن واستقرار العلاقة، إذ أن الهدف الحقيقي في النهاية لا يكمن فقط بتجنب الطلاق وإنما تحسين نوعية العلاقة، وفيما يلي أبرز النصائح والخطوات التي يمكنك أخذها بعين الاعتبار:

الالتزام بالعلاقة بشكل وثيق

عليك أن تُقرر مسبقًا أن الطلاق ليس خيارًا متاحًا ولو بالوقت الراهن؛ إذ يساعدك القيام بهذا الالتزام على التركيز بشكل أقوى على جعل شراكتك أكثر متانة، ويجب عليك أن تحاول إيجاد طرق وحلول بعيدة عن فكرة الانفصال، وأن تسعى جاهدًا مع شريكك للحفاظ على الالتزام بالعلاقة الزوجية مهما طرأ من أحداث أو اختلافات بينكما.

بينت دراسة (Whitton.2013) شملت 1931 من الأشخاص المتزوجين من مختلف الدول قسموا لمجموعتين:

1. الأشخاص الذين لهم تجربة زواج واحدة.
2. الأشخاص الذين لهم تجربتي زواج.

هدفت الدراسة إلى استكشاف العامل الرئيسي المسبب للانفصال بين الأزواج، وأشارت النتائج أن الالتزام الضعيف بالعلاقة والميل السريع إلى خيار الطلاق يساهم كثيرًا في عدم استقرار الزواج، كما أشارت الدراسة إلى أن معدلات الطلاق كانت مرتفعة ضمن المجموعة الثانية مقارنة بالمجموعة الأولى؛ نظرًا لاختلاف المواقف تجاه الطلاق والالتزام الزوجي، فهم عرضة بنسبة أكبر لاتخاذ خطوات سريعة نحو الطلاق عند مواجهتهم لأي ضائقة أو عقبة مع الشريك.

احترام الشريك

من الطبيعي أن يتغير الأشخاص بمرور الوقت، وإن فهم هذه التغييرات وتقديرها والتكيف معها أمر بالغ الأهمية لأي علاقة، لذا ابدأ بوضع قائمة بأفضل صفات شريكك لتذكير نفسك بالشخص المفضل والمحبب لديك، والذي اخترته ليكون شريكًا لك في الحياة، يساعد هذا السلوك على تذكر سبب وقوعك في حبه في المقام الأول، كما أنه يساعد في التعبير عن مدى تقديرك لشريكك واحترامك له وأنك تقدر كل ما يفعله.

بينت دراسة (Bloch.2013) أن تنظيم المشاعر والإفصاح عنها، هو عنصر حاسم في العلاقات الزوجية الناجحة، وقد استخدمت الدراسة بيانات من دراسة سابقة مدتها 13 عامًا لأزواج في منتصف العمر (40-50 عامًا) وأزواج آخرين بمتوسط عمر (60-70 عامًا)، وأشارت النتائج أن التعبير عن المشاعر له دور بارز في زيادة الرضا بين الأزواج وزيادة التواصل البناء القائم على المشاعر الإيجابية أثناء التعرض لأحداث سلبية.

التواصل الفعال بين الزوجين

في عصر الهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، وأنماط الحياة السريعة، من السهل أن تغفل عن إجراء محادثة حقيقية بينك وبين الشريك، وقد تقضي أيامًا دون إجراء تواصل فعال مع شريكك.

لا شك أن التحدث بشفافية عن حياتك واهتماماتك وأحلامك ومشاعرك هو طريقة مهمة لتوثيق العلاقة الزوجية وحمايتها، وفي المقابل من المهم أيضًا أن تستمع إلى شريكك وهو يعبر لك عن أفكاره ومشاعره، لذا يُنصح بتخصيص 30 دقيقة كل يوم بحيث يمكنك التحدث بوضوح مع الشريك.

حل المشاكل والخلافات المالية

تدور أغلب الخلافات في العلاقات الزوجية حول الأمور المالية، والتي تكون نتيجة توقعات غير واقعية حول الالتزامات المالية لكل شخص، إذ يجد الشريك صعوبة في فهم الوضع المالي من منظور الشخص الآخر.

في دراسة (Williamson.2013) شملت 414 من الأزواج حديثي الزواج، هدفت إلى فهم أسباب اختلاف الزوجين والذي قد يكون نتيجة أحد العوامل التالية:

• تجارب الطفولة القاسية.
• الضغوط المالية.
• أحداث الحياة المجهدة.
• أعراض الاكتئاب.
• الرضا عن العلاقة.

وكانت النتائج أن العامل المتمثل في الضغوط المالية وأحداث الحياة المجهدة هو أحد أقوى العوامل التي تساهم في خلق بيئة سلبية قد تؤدي إلى الطلاق بين الأزواج، لذلك فإن التوصل إلى اتفاق حول كيفية التعامل مع المشاكل المالية عنصر حاسم لتحقيق زواج ناجح، ويمكن ذلك من خلال اتفاق الشريكين على ميزانية محددة، ومنهج منظم للادخار والاستثمار، ووضع خطة للعيش ضمن الإمكانيات.

احترام مساحة الشريك الشخصية

في العلاقات الزوجية السليمة يتمتع كلا الشريكين بالاحترام المتبادل لبعضهما البعض، ومن أبرز الأسباب التي تؤدي للطلاق هي محاولات سيطرة أحد الشريكين على الآخر، وذلك من خلال المراقبة أو التحكم في سلوكيات الآخر؛ لذا يُنصح بتعلم كيفية التعاون في اتخاذ القرارات الكبيرة (مثل إنفاق الأموال وتربية الأطفال)، ومحاولة توفير مساحة خاصة للشريك كقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء، إذ أن المفتاح الأساسي هو أن يبذل كلاكما جهدًا متضافرًا لقضاء وقت ممتع معًا، مع إتاحة مساحة خاصة لبعضكما البعض دون فرض قيود وأحكام.

قد تكون تجربة الطلاق أو التفكير فيه أمرًا مؤلمًا، فقد تساهم بعض التصرفات الخاطئة في خلق مشاكل بينك وبين الشريك، ولا شك أن الحفاظ على علاقة زوجية سليمة وحمايتها من الطلاق، تحتاج إلى الالتزام ببعض القواعد وبذل الوقت والجهد معًا للحفاظ على ثبات هذه العلاقة.

الدراسات

Naomi Wauterickx, Parental Divorce and Depression, Long-Term Effects on Adult Children, doi.org/10.1300/J087v45n03_03, Published online: 22 Sep 2008

Sarah W. Whitton, Scott M. Stanley,* Howard J. Markman,* and Christine A. Johnson**, Attitudes Toward Divorce, Commitment, and Divorce Proneness in First Marriages and Remarriages, doi: 10.1111/jomf.12008, Published online 2013 Mar 14 

Lian Bloch, Claudia Haase, Robert Levenson, Emotion regulation predicts marital satisfaction: more than a wives’ tale, doi:10.1037/a0034272, November 2013

Williamson, H. C., Karney, B. R., & Bradbury, T. N. (2013). Financial strain and stressful events predict newlyweds’ negative communication independent of relationship satisfaction. Journal of Family Psychology, 27(1), 65–75. doi.org/10.1037/a0031104,