اضطرابات النوم و تأثيرها السلبيّ على الصحة النفسية
لطالما ردّدت جدّاتنا “نام بكير وفيق بكير وشوف الصحّة كيف بتصير”؛ وهذا يعني أنّ نومًا منتظمًا و جيّدًا سيمنحكَ حياةً صحيّة، فما مدى صحّة هذا المثل؟ و من أين أتى؟
يشير مُصطلح اضطرابات النوم إلى الظروف التي تؤثّر على جودة النوم أو انتظامه أو مدّته، كما تشمل أيضًا قدرة الشخص على العمل بشكلٍ طبيعي و سليم أثناء استيقاظه، ويمكن أن تساهم هذه الاضطرابات في حدوث مشاكل طبيةٍ أخرى، كما أنّ بعضها قد يكون من أعراض مشاكل الصحة النفسية أو العقلية.
يعاني معظم الناس من حينٍ إلى آخر من مشاكل في النوم؛ بسبب الإجهاد والجداول الزمنية المكتظّة وغيرها من التأثيرات الخارجية. ومع ذلك، عندما تبدأ هذه المشكلات في الحدوث بشكلٍ منتظمٍ و تؤثّر على الحياة اليومية، فقد تشير إلى وجود أحد اضطرابات النوم، و حينها من المهم أن يتلقى الفرد تشخيصًا وعلاجًا سريعًا، فعندما تُترك دون علاج من الممكن أن تؤدي آثارها السلبية إلى مزيدٍ من العواقب الصحية و النفسيّة.
ما هي اضطرابات النوم الأكثر شيوعًا؟
- الأرق Insomnia
يشير الأرق إلى عدم القدرة على الإغفاء أو الاستمرار بالنوم، ويمكن أن يكون ناتجًا عن اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أو الإجهاد، أو القلق ،أو الهرمونات، أو حتّى مشاكل في الجهاز الهضمي، كما أنّه قد يكون أحد أعراض المشاكل النفسية الأُخرى.
و يعد الأرق من اضطرابات النوم الأكثر انتشارًا بين كبار السن و النساء.
يصنف الأرق عادةً كواحدٍ من ثلاثة أنواع:
- الأرق المزمن: عندما يحدث الأرق بشكلٍ منتظمٍ لمدة شهرٍ واحدٍ على الأقل.
- الأرق المتقطّع: عندما يحدث الأرق بشكلٍ دوريّ لكن متقطّع.
- الأرق العابر: عندما يستمر الأرق بضع ليالٍ فقط في كلّ مرة.
- اضطراب توقف التنفس أثناء النوم Sleep apnea
هو حالةٌ طبيةٌ خطيرةٌ تجعل الجسم يأخذ كميةً أقل من الأكسجين مما يحتاجه، و يمكن أن تتسبب أيضًا في استيقاظ المصاب أثناء الليل نتيجة صعوباتٍ في التنفّس.
وهو نوعان:
- انقطاع النفس الانسدادي النومي: حيث يتوقف تدفق الهواء بسبب انسداد مجرى التنفس أو ضيقه الشديد.
- انقطاع النفس النومي المركزي: حيث توجد مشكلةٌ في الاتصال بين الدماغ و العضلات التي تتحكم في أنفاسك.
- باراسومنياس Parasomnias
هي فئةٌ من اضطرابات النوم التي تسبب حركاتٍ و سلوكياتٍ غير طبيعيةٍ أثناء النوم و تشمل كلًّا من:
- المشي أثناء النوم.
- التحدّث أثناء النوم.
- الأنين خلال النوم.
- الكوابيس المتكرّرة.
- التبوّل اللاإرادي.
- طحن الأسنان أو صرير الفك.
- متلازمة تململ الساق RLS
هي حاجةٌ ماسّةٌ و مُلحّةٌ لتحريك الساقين، يصاحب هذا الإلحاح أحيانًا إحساسٌ بالوخز في الساقين، بينما يمكن أن تحدث هذه الأعراض أثناء النهار، إلا أنها تكون أكثر انتشارًا في الليل.
غالبًا ما يرتبط اضطراب RLS بحالاتٍ صحيّةٍ معيّنةٍ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) و مرض باركنسون، و لكن السبب الدقيق غير معروفٍ دائمًا.
- حالة الخدار Narcolepsy
يتميز الخدار “بنوبات النوم” اللاإراديّة التي تحدث أثناء الاستيقاظ، هذا يعني أنك ستشعر فجأة بالتعب الشديد و ستنام دون سابق إنذار.
يمكن أن يتسبّب هذا الاضطراب أيضًا في ما يطلق عليه “شلل النوم”، مما قد يجعلك تصاب بحالةٍ من عدم القدرة الجسدية على الحركة، وذلك مباشرةً بعد الاستيقاظ.
على الرغم من أنه أحد اضطرابات النوم التي من الممكن أن تحدث من تلقاء نفسها، إلا أنه يرتبط أيضًا ببعض الاضطرابات العصبية، مثل التصلب المتعدد.
تأثير اضطرابات النوم السلبي على الصحة النفسية
بالإضافة إلى احتمال أن تكون اضطرابات النوم عرَضًا لاضطرابٍ نفسيّ ما، فإنّ مجرّد وجودها يمكن أن يؤثّر على حياة الفرد و صحّته العامّة و حالته النفسيّة، فعلى سبيل المثال تشمل التأثيرات السلبيّة المُحتملة لأكثر اضطرابات النوم شيوعًا على حياة الفرد العامّة ما يلي:
- كآبة.
- صعوباتٌ في التركيز وتنفيذ المهام.
- تهيجٌ أو قلقٌ.
- عدم القدرة على السيطرة على أوقات النوم و الاستيقاظ.
- زيادة الوزن.
- ضعف الأداء في العمل أو المدرسة.
- مشاكل في الذاكرة.
- التعب أثناء النهار.
قد لا تكون اضطرابات النوم حالاتٍ مميتة، لكنها تؤثر على نوعية حياتك كثيرًا وبشدة لدرجة أنها يمكن أن تعطل تفكيرك وتؤثر على وزنك وأدائك في المدرسة أو العمل، وصحتك النفسية و العقلية و البدنية العامة، لذا إذا كنت تعاني من صعوباتٍ في النوم، أو تشكّ بامتلاك بعض أعراض اضطرابات النوم فلا تتردد في استشارة الاختصاصي و تلقّي المساعدة.
تعتمد صحتك، وبالتالي نوعية حياتك، على النوم الجيد، فمارس عادات النوم الجيدة و اتبع تعليمات مقدم الرعاية الصحية الخاص بك، و احصل على حياةٍ أفضل.