القلق من الانفصال هو عندما يعاني الشخص من قلق شديد لانفصاله عن رمز ارتباط خاص به أو حتى يتوقع الانفصال عنه، ويمكن أن يكون هذا الرمز شخصًا أو مكانًا أو حيوانًا، ويمكن أن يصاب كل من البالغين والأطفال بقلق الانفصال كأن تخاف الأم من الانفصال عن طفلها، وخوف الطفل من الانفصال عن والديه، وخوف الشريك من الانفصال عن شريكه، أو خوف الشخص من تغيير منزله والانفصال عنه، وقد يترافق هذا الاضطراب مع أعراض جسدية (مثل الغثيان والدوار). 

 نشرت المجلة الأمريكية للطب النفسي نتائج دراسة (2015 .Silove et al) من منظمة الصحة العالمية (WHO)، تظهر أن متوسط انتشار اضطراب قلق الانفصال مدى الحياة عبر البلدان بلغ 4.8%، وأن 43.1% من هذه الحالات ظهرت عند البالغين، وهنا نقول عن الشيء المتعلَّق به (سواء كان هذا الشيء شخص أو جماد) بأنه رمز التعلق.

ما الذي يسبب قلق الانفصال لدى البالغين؟

يمكن أن ينبع قلق الانفصال عند الشخص البالغ من التعرض إلى العديد من أحداث الحياة مثل: الانفصال عن رمز التعلق حتى لو لفترة زمنية قصيرة نسبيًا (انفصال لفترة مؤقتة).

قد يكون القلق مرتبطًا أيضًا بحالة صحية نفسية أساسية أخرى؛ على سبيل المثال: يشيع حدوث حالات القلق عند المصابين بالتوحد. أظهرت دراسة (2021 .Guedes et al) أن إفراط بعض الأمهات في السيطرة وحماية أطفالهن كانت طريقة للبالغين للتعبير عن مخاوفهم فيما يتعلق بالانفصال، وبالتالي فهي أحد أعراض اضطراب قلق الانفصال. 

ما هي أعراض اضطراب قلق الانفصال؟

بحسب الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن الأعراض الثمانية لاضطراب قلق الانفصال (309.21 (F93.0) هي نفسها لكل من الأطفال والبالغين ومنها:

• تكرار الشعور بالضيق الشديد عند حدوث الانفصال عن رموز التعلق الأساسية أو تخيل حدوث هذا الانفصال.
• القلق المستمر والمفرط بشأن فقدان رموز التعلق الرئيسية، أو الخوف من أن يصيبهم مكروه، مثل: المرض أو الإصابة أو الكوارث أو الموت.
• القلق المستمر والمفرط بشأن التعرض لحدث غير مرغوب فيه -على سبيل المثال: الضياع أو الاختطاف أو التعرض لحادث أو المرض- الذي يسبب الانفصال عن الشخصية المتعلَّق بها (رمز التعلق).
• استمرار رفض الخروج من المنزل إلى المدرسة أو العمل أو إلى أي مكان آخر بسبب الخوف من الانفصال.
• الخوف المستمر والمفرط أو الامتناع عن بقاء الشخص بمفرده أو من دون رمز التعلق في المنزل أو في أماكن أخرى.
• التردد المستمر أو رفض النوم بعيدًا عن المنزل أو النوم بعيدًا عن الشخص المتعلَّق به.
• كوابيس متكررة تنطوي على موضوع الانفصال.
• الشكاوى المتكررة من الأعراض الجسدية -مثل: الصداع وآلام المعدة والغثيان والإقياء- عندما يحدث الانفصال عن رموز التعلق الأساسية أو توقعه.

يجب أن يعاني الشخص البالغ من ثلاثة أعراض على الأقل من الأعراض المذكورة لمدة ستة أشهر تقريبًا لنقول أنه مصاب باضطراب قلق الانفصال، أما عند الأطفال فيكفي أن تستمر هذه الأعراض لمدة شهر واحد فقط ليشخَّص باضطراب قلق الانفصال.

هناك علامات أخرى للقلق من الانفصال تميل إلى الظهور عند البالغين، وهي تشمل ما يلي:

• الاتصال المتكرر بأحد أفراد الأسرة أو إرسال رسائل نصية إليهم عند البقاء بعيدًا عنهم.
• الإفراط في الصرامة والتطفل أو الإفراط في حماية الأطفال (بالنسبة للوالدين).
• صعوبة التركيز بعيدًا عن رمز التعلق.
• قلق الوالدين من أن  أطفالهم لن يحتاجوا إليهم بعد الآن لأنهم تعلموا الاستقلال (يُسمى أحيانًا قلق الانفصال العكسي).
• الخوف المستمر من أن يترك الشريك العلاقة.
• البقاء في علاقة غير صحية بعد انتهاء صلاحيتها.
• اعتماد غير لائق على الوالدين، أو الإفراط في المشاركة في حياتهم.
• الإفراط في فرض الطلبات على أفراد الأسرة.
• مشكلة في النوم عندما يكون الأحباء (رموز التعلق) بعيدين.
• التحقق بقلق شديد من الموقع الإلكتروني الخاص برمز التعلق.
• صعوبة التعامل مع تغيرات الحياة مثل: تغيير المنزل.
• عدم وجود أصدقاء.
• قلق واضح عند توقف التفاعلات على مواقع التواصل الإجتماعي (أي فقدان الهاتف الخلوي).
• الشعور الدائم بالوهن والضعف.
• غيرة مفرطة لدرجة المرض.
• الاستماتة لإبقاء رمز التعلق قريب، حتى لو أثر ذلك سلبًا عليه.
• رفض السفر أو العمل خارج المنزل.

هناك تداخل كبير بين اضطراب قلق الانفصال وحالات الصحة النفسية الأخرى مثل: اضطراب القلق المعمم واضطرابات المزاج واضطراب الهلع ورهاب الخلاء، وتظهر الأبحاث (2016 .Tasdemir et al) أن 54% من المرضى المصابين باضطراب ثنائي القطب لديهم قلق انفصال متزامن معه، لذلك قد يكون من الصعب التمييز بين أعراض قلق الانفصال وأعراض الاضطرابات النفسية الأخرى، لكن في قلق الانفصال، يشعر الشخص بالخوف والضيق مع ارتباط دائم برمز التعلّق. 

التشخيص

لتشخيص هذه الحالة، سيجري الطبيب فحصًا شاملًا باستخدام المعايير الموضحة في الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، وإحدى العلامات الأولى هي الخوف المفرط أو القلق بشأن الانفصال عن الأشخاص المقربين منك، ويجب أن يكون القلق والخوف غير مناسبين مع الحياة اليومية، بالإضافة إلى ذلك:

• يجب أن تكون الأعراض عند البالغين موجودة لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
• الأعراض شديدة لدرجة أنها تؤثر على الأداء الاجتماعي والمسؤوليات.
• لا يمكن تفسير الأعراض بشكل أفضل باضطراب مختلف.

سيطرح عليك مقدم الخدمة الطبية الخاص بك العديد من الأسئلة لتحديد ما إذا كنت تتناسب مع معايير هذا التشخيص، وقد تحتاج إلى عدة جلسات مع معالج قبل تلقي التشخيص.

خيارات المعالجة والتحكم بالحالة:

قد يوصي الأطباء بعلاج قلق الانفصال من خلال العلاج النفسي أو برامج الأدوية أو مزيج من كليهما.

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT): غالبًا ما يكون العلاج السلوكي المعرفي هو الخط العلاجي الأول لقلق الانفصال، ويهدف هذا العلاج إلى مساعدة الأشخاص على تحديد أفكارهم وسلوكياتهم التي تجعل قلق الانفصال لديهم أسوأ، وقد يتعلم الآباء تقنيات إضافية لتقليل القلق.
• استخدام مضادات القلق: قد يصف الأطباء أيضًا مؤقتًا أدوية مضادة للقلق لمساعدة الشخص لتخفيف حدة أعراض اضطراب قلق الانفصال، وعادةً  ما تكون هذه الأدوية مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).

ومع ذلك، فإن هذه الأدوية ليست دائمًا حلولًا طويلة المدى لهذا الاضطراب، وعادةً ما يوصي الأطباء بتقليل الجرعة منها تدريجيًا بعد 6 أشهر من استخدامها.

نستنتج أن قلق الانفصال يمكن أن يصيب الأطفال والبالغين وقد يكون القلق شديدًا لدرجة أنه يصعب على الشخص ممارسة حياته اليومية بسبب الخوف من الانفصال عن شخص آخر.

سارع إلى تحميل تطبيق لبيه واستشارة المختصين للتأكد ما إذا كان قلقك مرتبط بالانفصال وإيجاد الحلول المناسبة لتخفيف هذا القلق.

المراجع

1- Derrick Silove Jordi Alonso et al, “Pediatric-Onset and Adult-Onset Separation Anxiety Disorder Across Countries in the World Mental Health Survey”. Am J Psychiatry. 2015 Jul;172(7):647-56. doi: 10.1176/appi.ajp.2015.14091185. Epub 2015 Jun 5.

2- Ali Tasdemir Lut Tamam et al, “Assessment of co-morbidity of adult separation anxiety in patients with bipolar disorder”. Nord J Psychiatry. 2016;70(2):93-102. doi:10.3109/08039488.2015.1053098. Epub 2015 Jun 24.

3- Maryse Guedes Lígia Monteiro et al, “Examining the Factorial Structure of the Maternal Separation Anxiety Scale in a Portuguese Sample”. Front Psychol. 2021 Jan 13;11:571734. doi: 10.3389/fpsyg.2020.571734. eCollection 2020.

4- Separation anxiety in adults: Dealing with unhealthy attachment issues, www.thriveworks.com, retrieved 13/ 8/ 2023.

5- What is separation anxiety disorder in adults?, www.medicalnewstoday.com , retrieved 13/ 8/ 2023.