قد نواجه في حياتنا علاقة سامة أو أشخاص تبدو علاقتنا بهم غير مستقرة أو آمنة، ومع ذلك نجد أنفسنا مقيدين لا يمكننا الخروج أو النجاة مما نمر به من إساءات وإزعاجات، فالرحيل في هذه الحالات قد يكون شبه مستحيل بالنسبة لنا، لكن ما الذي يجعل إنهاء هذا النوع من العلاقات صعبًا إلى هذه الدرجة؟

 في هذا المقال سنتعرف على الأسباب التي تجعلك تقبل بالعلاقة السامة وستجد فيه بعض النصائح التي تساعدك على اتخاذ قرار الرحيل.

ماذا يعني أن تكون في علاقة سامة؟

أن تكون في علاقة سامة أو مؤذية يعني أنك في علاقة يسيطر فيها أحد الطرفين على الآخر بطريقة تسيء له، وقد تكون هذه الإساءة جسدية أو عاطفية أو مادية أو لفظية أو غيرها من التصرفات التي تجعل أحدكما تحت سيطرة الأخر. 

بالرغم من التشابه الكبير بين العلاقات المؤذية إلا أن كل شخص ينظر إليها بطريقته الخاصة، بمعنى آخر قد يكون من الصعب على الأشخاص الذين يتعرضون للإساءة ملاحظة سوء ما يتعرضون إليه والاعتراف به، إذ إن إحدى الجوانب المشتركة في هذا النوع من العلاقات أن الطرف الذي يتعرض للإساءة يصر على أن ما يمر به طبيعي وما من خطأ في معاملة الطرف الآخر له.

بالرغم من ذلك إلا أن العلاقة السامة تؤثر سلبًا على حياتك بأكملها وتزيد حالتك النفسية سوءًا فتخسر مع الوقت ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك وتبدأ بتشكيك تصرفاتك وأحلامك وكل فكرة تخطر على بالك، وقد يقودك هذا النواع من العلاقات إلى الإصابة بالقلق واضطراب التوتر والإجهاد، الذي بدوره قد يزيد خطر الإصابة بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية.

لماذا يصعب عليك ترك علاقة سامة؟

غالبًا ما يتعلق الناس بأنواع العلاقات التي يصعب الخروج منها، فيشعر البعض أنهم محاصرون ماليًا أو قلقون على أطفالهم وغيرها من الأسباب التي تجعل الناس يجدون صعوبة في الخروج من علاقة سامة ومنها:

• الخوف من الوحدة هو أحد أعمق الدوافع التي تبقيك في علاقة سامة، وقد يدفعك تدني احترامك لذاتك وخوفك من الوحدة إلى التغاضي عن العديد من الصفات السلبية في شريكك. بالإضافة إلى خوفك من المجتمع ورأي الآخرين بك الذي يجبرك على الحفاظ على علاقة مثالية من الخارج مهما كان ما يحدث في الخفاء.
• خوف البدء من جديد، فإنك استثمرت الكثير من الوقت والجهد والمال لإنجاح هذه العلاقة لتجد نفسك تماطل وتؤجل في اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهائها، إذ يصعب عليك التغاضي عن الماضي والبدء من جديد لأنك ستشعر أنك تخسر جزء كبير من حياتك لا تستطيع تخيل نفسك خارجه.
• محاولات الشريك للسيطرة عليك، فبالرغم من المحاولات التي تقوم بها لإنهاء العلاقة لكنك تجد نفسك عاجزًا عن ذلك، ويعود ذلك لفرض شريكك شخصيته ورأيه عليك. تشير a study (Stets,1995) نشرت في دورية العائلة والزواج إلى أن سبب السيطرة التي يفرضها أحد الطرفين هو عملية تعويضية عن عدم قدرته على فرض سيطرته في مجتمعه وبيئته، أو بسبب قلة ثقته بالطرف الآخر، أو بسبب الخلافات الكثيرة التي تحدث في العلاقة.
• يولد التعنيف من قبل الشريك الخوف والتردد لإنهاء العلاقة بينكما، إذ تؤكد a study (Patra,2018) نشرت في دورية (Indian Journal of Psychiatry) أن ملايين الأشخاص حول العالم يتعرضون للتعنيف الجسدي أو النفسي من قبل الشريك، بهدف السيطرة عليه واستغلال عدم قدرته على الدفاع عن نفسه، وما ينتج عن ذلك من أضرار نفسية وجسدية خطيرة من مجرد كسور ورضوض إلى أذى شديد يصل إلى الإعاقة كخسارة السمع أو البصر.
• سوء المعاملة العاطفية تؤثر سلبًا على نفسيتك، فقد لا تنتبه إليه جيدًا لأنه يختلف عن الإساءة الجسدية فهو سوء معاملة غير ملموس قد تعتقد أنه ليس بسوء التعنيف الجسدي.
  بحسب إحدى الدراسات (Moglia,2015) يستخدم الشريك هذا النوع من الإساءة للسيطرة على الطرف الآخر وفرض سلطته عليه، فقد أوضحت الدراسة أنه يعرض شريكه للترهيب والعزلة مما يشعره بالقلق والخوف ولوم الذات وقلة القيمة، ويصبح لديهم قناعة أن لا أحد يهتم لأمرهم ولا يوجد مكان آخر يذهبون إليه فيجبرون على البقاء بالرغم مما يحدث لهم. 

كيف تخرج من علاقة سامة في حياتك؟

قد يكون إنهاء علاقة سيئة أمرًا معقدًا أحيانًا، لكن كلما أسرعت في إنهائها كان ذلك أفضل بالنسبة لك، لذا إليك بعض النصائح التي تساعدك على تخطي هذه المرحلة والتحلي بالقوة لاتخاذ قرار الانفصال:

1- ضع خطة لما ستفعله بعد هذه المرحلة وفكر بكل التغيرات التي ستطرأ على حياتك لتكون مستعدًا لما هو قادم؛ فعليك التفكير أين ستسكن والأشياء التي تحتاج إلى شرائها وغيرها من القرارات التي عليك اتخاذها بحكمة وتأني لتبدأ الحياة التي تستحقها بشكل صحيح.

2- جد عملًا لتعيل نفسك في الفترة القادمة إذا لم يكن لديك وظيفة أو طريقة تصرف بها على نفسك، فيمكنك الالتحاق بالجامعة أو التدريب على مهنة معينة أو البدء في عمل بدوام جزئي حتى تجد الوظيفة المناسبة لك.

3- أطلع أحد الأشخاص المقربين لك من العائلة أو الأصدقاء بما تنوي فعله ليقدم لك الدعم الذي تحتاجه، فمن الضروري في هذه المرحلة أن تجد من يقف بجانبك ويساندك ويشعرك أنك اتخذت القرار الصحيح خاصةً إذا كنت تشعر بالتردد والخوف من هذه الخطوة.

4- توقف عن التحدث مع شريكك؛ فهذا النوع من الأشخاص يتمتعون بالمكر ويستخدمون الابتزاز العاطفي ليعيدوك إليهم، لذا عند اتخاذك قرار الرحيل وإنهاء العلاقة اقطع كل التواصل بينكما، وفي حال وجود أطفال يقتصر تواصلكم على ما يخصهم فقط.

5- أعطِ نفسك الوقت الكافي للتعافي من العلاقة، فالذي مررت به كان صعبًا وقاسيًا عليك وستستغرق وقتًا لتستطيع الدخول في علاقة عاطفية من جديد؛ لذا لا تستعجل الأحداث وأعط نفسك الوقت الذي تحتاجه للإقلاع من جديد، ويمكنك ممارسة هوايتك أو البدء بإنشاء عمل صغير كنت تحلم به أو الذهاب في رحلة إلى مكان لطالما تمنيت الذهاب إليه.

مهما كان ما مررت به صعبًا وقاسيًا إلا أنك تستطيع تخطي كل الصعوبات بالإرادة والتصميم، ويمكنك الاستعانة بطبيبك على موقع لبيه لمساندتك في هذه المرحلة وتقديم الدعم اللازم لك، فالتعافي من العلاقة السامة يحتاج الكثير من الجهد والوقت ولا بد من وجود مختص يساعدك على تخطي هذه المرحلة بالطريقة الصحيحة.

المراجع

1- Stets J.E. Modelling control in relationships. Journal of Marriage and Family, 1995; 57(2): 489-501. https://doi.org/10.2307/353701

2- Patra P. et al. Intimate partner violence: Wounds are deeper. India J. Psychiatry. 2018; 60(4): 494-498. doi: 10.4103/psychiatry.IndianJPsychiatry_74_17

3- Moglia, P. Psychology and behavioral health (4th ed.). Salem Press at Greyhouse Publishing, 2015; 647-650.