للتسوق فوائد صحية مهمة، لأنه يساعد على التغلب على مشاعر الحزن والاكتئاب، وقد يكون متنفسًا لتخفيف التأثيرات الناتجة عن ضغوط الحياة اليومية، ولكن ماذا عن الجمعة البيضاء، وهل يملك التسوق في هذا اليوم تأثيرات نفسية معينة؟ 

في هذا اليوم من كل عام يتهافت عدد كبير من الأشخاص إلى مختلف المتاجر في المملكة العربية السعودية للاستفادة من الخصومات الكبيرة، فما هي سلبيات وإيجابيات هذه الظاهرة؟ وما هي تأثيراتها النفسية؟

ما هو يوم الجمعة البيضاء؟

ظهرت فكرة الجمعة البيضاء ليكون أكبر يوم للتسوق والمبيعات خلال السنة، ويشكل البداية غير الرسمية لموسم التسوق في العطلات، وقد تصل الخصومات في هذا اليوم إلى نسبة تصل حتى 90%، وبالتالي يعد هذا اليوم فرصة لشراء أفضل الأشياء بسعر زهيد.

 يوافق يوم الجمعة البيضاء 25 نوفمبر من كل عام، وقد شهدت السنوات السابقة إقبالًا كثيفًا في المملكة العربية السعودية على التسوق والشراء في هذا اليوم.

ما هي التأثيرات النفسية ليوم الجمعة البيضاء؟

مع اقتراب موعد الجمعة البيضاء تقوم الكثير من المتاجر في المملكة العربية السعودية بتخفيض أسعار خدماتها ومنتجاتها بشكل ملحوظ، ما يدفع آلاف الأشخاص للذهاب إلى هذه المتاجر للشراء والتسوق.

 بالنسبة للبعض يكون هذا اليوم فرصة للتسوق بأرخص الأسعار، وقد يكون بالنسبة للآخرين يومًا مليئًا بالتوتر والتعب نتيجة الازدحام الكبير والانتظار في طوابير لساعات طويلة الأمر الذي يؤدي إلى الإجهاد والقلق والتوتر، بالإضافة لذلك تقوم المتاجر بزيادة ساعات العمل، وبالتالي يملك يوم الجمعة البيضاء تأثيرًا سلبيًا ليس على المتسوقين فقط، بل على موظفي المتاجر أيضًا.

يمكن تحديد التأثيرات السلبية في نقطتين هامتين:

• بالنسبة للمتسوقين يكون الأمر مرهقًا للغاية، خاصةً لأولئك الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية كالرهاب الاجتماعي والقلق المزمن، إذ يمكن أن تؤدي الحشود الكبيرة والطوابير الطويلة إلى زيادة العنف والغضب غير المبرر، ويؤدي ذلك إلى تدني احترام الذات، وذلك يسبب تفاقم اضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب.
• ليس هذا فحسب بل إذا كان المتسوق يعاني أيضًا من حالة صحية نفسية كالوسواس القهري أو الهوس فقد يواجه قرارات مالية متهورة، ما يؤدي إلى الإفراط في الإنفاق، ولن يشعر بنتائج هذه الممارسات إلا بعد انتهاء يوم الجمعة البيضاء.

من ناحيةٍ أخرى، المتسوقون ليسوا وحدهم من يتأثروا بالجمعة البيضاء، بل أيضًا عمال المتاجر، إذ يبذل عمال المتاجر جهودًا إضافية خلال فترة العمل، ويُلزمون بالعمل لساعات طويلة من الصباح الباكر مع فترات راحة قصيرة جدًا، وذلك من أجل تلبية احتياجات المتسوقين، والمساعدة في السيطرة على الحشود الكبيرة، ومساعدة العملاء في عمليات الشراء. 

تُسبب تلك الممارسات الإرهاق الشديد للعمال، ويمكن أن يسبب ذلك انخفاضًا كبيرًا في الطاقة وانخفاض الحافز للعمل.

هل هناك تأثيرات نفسية سلبية للجمعة البيضاء؟

يترتب على التسوق العشوائي وسط الحشود الكبيرة ومحاولة الحصول على صفقة رابحة في هذا اليوم إفراز دفعة هائلة ولكن لفترة مؤقتة من الدوبامين، ويعتبر الدوبامين من النواقل العصبية التي تمنح شعورًا بالسعادة الشديدة عندما يكون الفرد على وشك شراء شيء يحبه، ولكن يُعتبر هذا الشعور مؤقتًا ولا يستمر لفترات طويلة، وعندها يكون الشخص معرضًا للانتقال من حالة السعادة الشديدة إلى حالة الفتور وفقدان الشغف، ما ينعكس سلبًا على استقرار الحالة النفسية لديه.

كيف يمكن تخفيف التأثيرات السلبية ليوم الجمعة البيضاء؟

يمكن أن يكون التسوق في يوم الجمعة البيضاء أقل إرهاقًا إذا خُطط له جيدًا، ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع الخطوات التالية:

1 – التخطيط الجيد

يمكن أن يكون التسوق في هذا اليوم أقل تعبًا سواء على المستوى الجسدي والنفسي إذا خطط له مسبقًا. على سبيل المثال: قبل زيارة متاجر التجزئة يمكن للمتسوقين إعداد قائمة بالمنتجات والخدمات التي قد يرغبون في شرائها، ثم معرفة المتاجر التي تبيعها.

 يساعدك التخطيط المسبق على تسريع عملية التسوق، كما أن معرفة ما تريد شراءه بالضبط يمكن أن يقلل من الوقت الذي تقضيه في التجول في المتجر، ومقدار التوتر الذي تواجهه نتيجة الانتظار الطويل وغير المرغوب فيه.

2 – لا تذهب للتسوق وحيدًا

اصطحب صديقك أو أحد أفراد أسرتك للتسوق، إذ يمكن أن يساعدك هذا الشخص في تحديد الأشياء التي ترغب بشرائها وتقليل فرصة تعاملك مع الإجهاد والتوتر جراء البحث عما تريد، وقد يقدم لك المشورة لاختيار ما تريده.

3 – حدِّد الميزانية قبل الذهاب للتسوق

قد يقع البعض ضحيةً للمبيعات المبهرجة والإعلانات غير الدقيقة. نتيجةً لذلك، قد يواجهون ضغوطًا مالية في الأسابيع والأشهر التالية ليوم الجمعة البيضاء، ما يزيد من معدلات التوتر والاكتئاب لديهم، ولذلك يمكن أن يساعد تحديد الميزانية بتجنب القرارات المالية غير العقلانية أو عمليات الشراء العشوائية، لأن الالتزام بالميزانية من أكثر الطرق فاعلية لتجنب الإنفاق بما يتجاوز الإمكانية، وبالتالي تجنب الشعور بالندم وتأنيب الذات الناتج عن عمليات الشراء العشوائية.

في الختام، من المعروف أن يوم الجمعة البيضاء يحظى بشعبية كبيرة نتيجة التخفيضات الهائلة على جميع السلع الموجودة في المتاجر والأسواق، لكن يمكن أن تكون هذه التجربة محفوفة بالمخاطر وخصوصًا على الصعيد النفسي، فهي تجربة قد تزيد من نسبة الإصابة باضطرابات نفسية مختلفة، من جهة أخرى تعتبر الجمعة البيضاء فرصة للخروج من جو الضغط والتوتر الذي يرافق الروتين اليومي، وكل ما عليك فعله هو التخطيط الجيد وتحديد الميزانية بدقة.