يعتبر اضطراب الوسواس القهري أحد أنواع اضطرابات القلق، تبدأ أعراضه بالتطور عادةً في نهاية مرحلة الطفولة وبداية مرحلة المراهقة، يعاني المصابون بالوسواس القهري من أفكار أو تخيلات أو دوافع مستمرة ومتكررة غير مرغوب بها، كما يمارس المصابون به أفعالًا قسرية متكررة بشدة، تضيع وقت المريض وتسبب له الانزعاج، يكون المرضى واعين لطبيعة وساوسهم وسلوكهم القسري غير المنطقي، ولكنهم غير قادرين على السيطرة على هذه الوساوس أو مقاومة السلوك القسري، ما جعل معظم المرضى يتجه نحو إخفاء أعراضهم ضمن محيطهم لتجنب الانتقادات والإحراج.

ما هي أسباب الوسواس القهري والعوامل المؤهبة للإصابة به؟

ما تزال أسباب الإصابة بالاضطراب الوسواس القهري غير معروفة بدقة، ولكن توجد عدة نظريات حول الأسباب المحتملة وعوامل الخطر التي تسبب الإصابة باضطراب الوسواس القهري، وتتضمن:

• السلوك القسري سلوك مُتعلم، ويصبح متكررًا واعتياديًا عند ارتباطه بالراحة من التوتر والقلق.
• يعود سبب الإصابة بالوسواس القهري إلى عوامل وأسباب وراثية وجينية.
• اضطرابات كيميائية وبنيوية ووظيفية في الدماغ.
• اعتقادات محرّفة ومشوهة تعزز وتحافظ على الأعراض المرتبطة باضطراب الوسواس القهري.
• تعرض المريض لصدمة عاطفية أو حادث مؤلم أو فقدان لشخص مقرب خلال حياته.

من الممكن أن تتشارك عدة عوامل مع بعضها البعض لتحريض الإصابة بالوسواس القهري، قد تكون الأسباب الرئيسية متأثرة بالمواقف الحياتية الصعبة، والتغيرات الهرمونية أو شخصية المصاب بالاضطراب.

ما هي أعراض اضطراب الوسواس القهري؟

تستمر الأفكار الوسواسية والسلوك القهري المرتبطان باضطراب الوسواس القهري أكثر من ساعة بشكل يومي وتؤثر على الحياة اليومية.

• الوساوس: وهي أفكار مزعجة أو دوافع تحدث بشكل متكرر، المصاب بالمرض يحاول تجاهل أو قمع هذه الوساوس ولكنه يشعر بالخوف من أن هذه الأفكار ربما تكون حقيقية. يمكن أن يتضخم القلق والتوتر المرافقين لقمع الأفكار والوساوس فوق طاقة المريض، ما يجعله ينخرط في أفعال قهرية للتقليل من قلقه.
• السلوك القهري (قسري): هي أفعال متكررة تريح المريض من التوتر والقلق الناجمين عن الوساوس، غالبًا ما يعتقد الناس الذين يقومون بسلوك قهري أن ممارسة هذا السلوك أو الطقس يمنع حدوث أمور سيئة.

كيف يتم تشخيص الوسواس القهري؟

يتم تشخيص اضطراب الوسواس القهري من قبل أخصائي طب نفسي بعد إجراء عدة جلسات، ومن أكثر الأدوات استخدامًا في هذا المجال هو مقياس (يال براون) للوسواس القهري، والذي يقيم مجموعة متنوعة من أشيع الوساوس والأفعال القهرية بالإضافة إلى تحديد مدى تأثير الأعراض على المصاب وعلى حياته الشخصية والعملية.

لماذا يحاول أغلب المصابين بالوسواس القهري إخفاء أعراضهم؟

تختلف شدة الوسواس القهري بشكل ملحوظ من شخص لآخر، قد يتمكن بعض الأفراد من إخفاء الوسواس القهري عن أسرهم، ومع ذلك قد يكون لهذا الاضطراب تأثير سلبي كبير على العلاقات الاجتماعية والأسرية مما يؤدي إلى حدوث خلافات أو عدم رضا أو انفصال، قد تستهلك الأفعال القهرية والوساوس ساعات طويلة من يوم الشخص، وبالتالي يمكن أن تتداخل مع الأنشطة اليومية ومع قدرة الشخص على الدراسة أو العمل، ما يؤدي إلى انخفاض التحصيل العلمي والمهني والبطالة.

قد تكون الحالة صعبة على بعض العائلات خاصةً عندما يكون لدى الفرد المصاب بالوسواس القهري رؤية ضعيفة للاضطراب، في هذه الحالات يواجه المريض صعوبة في إدراك أن مخاوفه مفرطة، أو أنه قد يكون مصابًا بالوسواس القهري، أو أنه قد يحتاج إلى مساعدة.

يمكن أن يؤثر الوسواس القهري على الناس بطرق مختلفة، قد يقضي بعض الأشخاص معظم يومهم في ممارسة الأفعال القسرية المختلفة ولا يستطيعون الخروج من المنزل أو إدارة الأنشطة العادية، قد يبدو أن بعضهم الآخر يتعامل مع مواقف الحياة اليومية رغم أنه يعاني من قدر كبير من الضيق من الأفكار الوسواسية. قد يقوم بعض المصابين بالوسواس القهري بطقوسهم بشكل سري أو يختلقون الأعذار لتجنب التفاعل الاجتماعي حتى يتمكنوا من ممارسة الأفعال القسرية.

غالبًا ما يشعر الأشخاص المصابون بالوسواس القهري بالحرج الشديد والخجل والوحدة بسبب أعراضهم وهذا ما يجعلهم يبذلون جهدًا كبيرًا لإخفائها، قد ترغب في إخفاء هذا الجزء منك عن محيطك الاجتماعي وعن أصدقائك لتجنب الانتقادات أو السخرية، وتجد صعوبة في التواجد بين الناس أو الخروج من المنزل، ويمكن لذلك أن يجعلك تشعر بالعزلة والوحدة، فقد يتجنب الشخص أي شيء قد يثير وسواسه، ويمكن أن يزيد الوسواس القهري من صعوبة أداء الأنشطة اليومية مثل الأكل أو الشرب أو التسوق أو القراءة، قد يصبح بعض المرضى مقيدين في المنزل، وهذا في النهاية يفاقم الوسواس القهري بسبب الاكتئاب واضطرابات القلق الأخرى، بما في ذلك القلق الاجتماعي واضطراب الهلع وقلق الانفصال.

فقد يحمل اضطراب الوسواس القهري أثرًا عميقًا على حياة العديد من الأفراد، ومع ازدياد شدة الوسواس القهري، قد يصبح تجنب وتجاهل الأعراض مشكلة متزايدة.

علاج اضطراب الوسواس القهري

تتضمن خطة العلاج النموذجية للوسواس القهري كلًا من العلاج النفسي والأدوية، فالجمع بين كلا العلاجين عادةً ما يكون أكثر فعالية عند معظم المرضى:

• الأدوية: توصف مضادات الاكتئاب للمساعدة على تقليل أعراض الوسواس القهري، توصف مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRI، وهي نوع من مضادات الاكتئاب التي تستخدم للحد من السلوكيات القهرية والأفكار والتخيلات الوسواسية.
• العلاج النفسي: يمكن أن يساعدك العلاج النفسي عبر التحدث مع أخصائي الصحة النفسية، من خلال تزويدك بالأدوات التي تسمح لك بإجراء تغييرات في أنماط تفكيرك وسلوكك. العلاج السلوكي المعرفي CBT وعلاج التعرض والاستجابة هما نوعان من العلاج النفسي أثبتا فعاليتهما لدى العديد من المرضى. يهدف علاج منع التعرض والاستجابة إلى السماح للشخص المصاب بالوسواس القهري بالتعامل مع القلق المرتبط بالأفكار الوسواسية بطرق أخرى بدلًا من الانخراط في السلوك القهري.

نصائح إضافية للمصابين باضطراب الوسواس القهري

هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدة نفسك بالإضافة إلى البحث عن العلاج، ومن أهم هذه النصائح:

• أعد تركيز انتباهك (مثل القيام ببعض التمارين أو لعب لعبة كمبيوتر)، فالقدرة على تأخير الرغبة في أداء سلوك قهري هي خطوة إيجابية.
• اكتب الأفكار أو المخاوف الوسواسية، يمكن أن يساعدك ذلك على تحديد مدى تكرار وسواسك.
• توقع الأفكار الوسواسية قبل ظهورها للمساعدة في تخفيفها، على سبيل المثال، إذا تحققت بشكل قسري من أن الأبواب مقفلة، فحاول قفل الباب باهتمام إضافي في المرة الأولى، عندما تنشأ الرغبة في التحقق لاحقًا، سيكون من السهل إعادة تسمية هذه الرغبة بأنها “مجرد فكرة وسواسية”.
• خصص وقتًا يوميًا تسمح فيه لنفسك بالشعور بالقلق، بدلًا من محاولة قمع الوسواس والسلوك القهري، وعندما تظهر الأفكار أو الدوافع لممارسة فعل قهري في رأسك خلال اليوم، قم بتدوينها وتأجيلها إلى فترة القلق الخاصة بك، احفظها لوقت لاحق واستمر في يومك.
• اعتن بنفسك، على الرغم من أن الإجهاد لا يسبب الوسواس القهري، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى ظهور سلوك الوسواس القهري أو يجعله أسوأ، حاول ممارسة تقنيات الاسترخاء (مثل التأمل الذهني أو التنفس العميق) لمدة 30 دقيقة على الأقل في اليوم.

قد يكون من الصعب التحدث عن اضطراب الوسواس القهري مع الأشخاص الموجودين في حياتك، ولا يجب عليك مشاركة حالتك مع من حولك حتى تشعر أن مستعد للقيام بذلك، ومع ذكر ما سبق، فإن عزل نفسك عادةً ما يزيد الأمور سوءًا.يمكن أن يسهل تواصلك مع عائلتك وأصدقائك الحصول على الدعم العاطفي، بالإضافة إلى أي نوع آخر من الدعم الذي تحتاجه، كما أن الحصول على مساعدة من معالج لديه خبرة في علاج الوسواس القهري يمكن أن يساعدك بشكل كبير على تخفيف مشاعر التوتر وتحسين نوعية حياتك بشكل عام، ويمكنك أيضًا الاطلاع على المزيد من المعلومات والعلاجات المختلفة الخاصة باضطراب الوسواس القهري عبر موقع وتطبيق لبيه.