كيف تعرف أنك في علاقة صحية؟
تتنوع العلاقات الاجتماعية وتختلف في طبيعتها وأهدافها والغاية منها، نظرًا لاختلاف احتياجات الأفراد في كل علاقة، فقد تتغير احتياجاتك بما يتعلق بالتواصل أو القيم المشتركة أو المساحة الشخصية التي ترغب بها، ويمكن القول إن العلاقة الصحية مصطلح واسع يعتمد على تحقيق الاحتياجات الأساسية التي يطلبها كل شخص لضمان الحفاظ على استمرارية العلاقة وديمومتها.
ما هي العلاقات الصحية، وما أهميتها؟
إن ما يجعل علاقة معينة إيجابية وصحية هو إدراك الطرفين أن بناء العلاقات الصحية يتطلب عملًا مشتركًا، ويجب على كل طرف في هذه العلاقة أن يسعى جاهداً للحفاظ على استمراريتها.
العلاقات الصحية جزء مهم من الحياة الاجتماعية والعائلية لكل إنسان، إذ أظهرت دراسة (Umberson.2010) تأثير العلاقات المتوازنة على الصحة النفسية والبدنية، ودورها في تقليل مخاطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية، وأكدت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين تربطهم علاقات صحية يتمتعون بنتائج صحية أفضل سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي، وهم أكثر عرضة للانخراط في السلوكيات الصحية، ولديهم قابلية أقل للوقاية من الأمراض المختلفة.
كيف تعرف أنك في علاقة صحية؟
على الرغم من اختلاف أنماط العلاقات وطبيعتها، إلا أن هناك بعض الخصائص الأساسية التي تساعدك على التمييز بين العلاقة الصحية والعلاقة السامة، ومن أبرز هذه الفروق:
1- الثقة:
الثقة في الشريك هي عنصر أساسي في أي علاقة صحية، إذ يتطلب بناء الثقة الإفصاح المتبادل ومشاركة الأشياء عن نفسك، كما يمكن بناء الثقة وتطويرها من خلال كيفية تعامل الشركاء مع بعضهم البعض وبمرور الوقت قد تظهر فرص لاختبار وتقييم هذه الثقة.
شملت إحدى الدراسات (Mccarthy.1999) مجموعة من النساء (40 امرأة) يعانين من عدم استقرار العلاقة ومعرضات لخطر مواجهة المشاكل مع الشركاء، وأظهرت أن النساء اللواتي يتمتعن بمستوى عالٍ من الثقة بالشريك لديهن مشاعر إيجابية أكثر تجاه علاقاتهن، ومع نمو هذه المشاعر الإيجابية، تصبح العلاقة مصدرًا كبيرًا للراحة والأمان، كما أشارت النتائج أيضًا إلى أن النساء الأخريات اللواتي يعانين من انعدام الثقة بالشريك، لديهن صعوبات أكثر في بناء علاقات مستقرة ووثيقة مع الشركاء.
2- الاحترام المتبادل:
في العلاقات الصحية، يكون لدى الشركاء احترام متبادل لبعضهم البعض، فهم لا يقللون من شأن بعضهم بل يقدمون الدعم والمساعدة في جميع الحالات. يوجد عدد من الطرق المختلفة التي يمكن للشركاء من خلالها إظهار الاحترام لبعضهم البعض، ومنها ما يلي:
- الاستماع الجيد للشريك.
- عدم المماطلة عندما يطلب الشريك القيام بشيء ما.
- التفاهم والتسامح عند ارتكاب خطأ ما.
- الاهتمام بالأشياء التي يفضلها الشريك.
- احترام مساحة الشريك الخاصة.
- دعم وتشجيع مساعي الشريك وشغفه.
3- التواصل الفعال:
تتميز العلاقات الصحية، سواء كانت صداقات أو علاقات عاطفية، بالقدرة على التواصل بشكل جيد وخصوصًا خلال الخلافات، إذ أن معرفة كيفية مناقشة وحل الخلافات بشكل فعال هو أكثر أهمية من مجرد تجنب مواجهة الأمر من أجل الحفاظ على السلام.
هدفت إحدى الدراسات (Lavner.2011) إلى تحديد عوامل الخطر التي تؤدي إلى الطلاق، وشملت الدراسة 136 زوجًا تمت متابعتهم لمدة 10 سنوات، وأشارت النتائج إلى أن أسلوب تواصل الزوجين أثناء الخلافات والنزعات له دور كبير في الحفاظ على استمرار العلاقة، وقد أظهرت أن التواصل السلبي والتوتر وفقدان السيطرة خلال النزاعات من أبرز عوامل الخطر المؤدية للانفصال، حتى ولو أبلغ الأزواج عن الرضا في بداية العلاقة.
4- الاحتواء والعطف:
تتميز العلاقات الصحية أيضًا بالود والحنان، فلا شك أن الشغف الذي يظهر في بداية العلاقات يميل إلى التراجع بمرور الوقت، ولكن هذا لا يعني أن المودة والعطف بين الشركاء يقل، بل يزيد مع التقدم بالعمر، وهذا ما بينته دراسة أشارت إلى تأثير المودة والحب طويل المدى على الارتباطات العصبية، وذلك باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، وشملت الدراسة 10 نساء و7 رجال بمعدل 21 سنة زواج، إذ أن البعض تربطهم علاقة طويلة الأمد بالشريك والبعض الآخر لا.
خضع هؤلاء للرنين المغناطيسي أثناء مشاهدة صور الوجه لشركائهم، وقد أشارت النتائج إلى العثور على تأثيرات خاصة في مناطق معينة بالدماغ أدت إلى تحفيز إنتاج هرمون الدوبامين (وهو الهرمون المسؤول عن السعادة والشعور بالرضا)، وذلك عند عرض صورة الشريك، وبالتالي أكدت الدراسة إلى أن الأزواج الذين تربطهم علاقات صحية طويلة الأمد قادرون على الحفاظ على علاقة أكثر تماسكًا، تتميز بمشاعر المودة والثقة والألفة والالتزام.
5- احترام الحدود الشخصية:
لا يعني وضع الحدود في العلاقات إبعاد الآخرين، بل يتعلق الأمر بتوفير بيئة متوازنة، إذ يتيح وضع الحدود للشريك توضيح ما لا يمكن تجاوزه، واحترام المساحة الشخصية وخصوصية الفرد وحريته بوقته.
تتميز العلاقات الصحية بالصدق والثقة والاحترام والتواصل المفتوح بين الشركاء واتخاذ الجهد الكافي لحل الخلافات ووضع الحلول، فلا شك أن العلاقات البشرية المتوازنة تحتاج إلى أن تكون قائمة على العطاء المتبادل والعمل لبناء شراكة أكثر استقرارًا.
المصادر:
Umberson D, Montez JK. Social relationships and health: a flashpoint for health policy. J Health Soc Behav. 2010;51 Suppl(Suppl):S54–S66. doi:10.1177/0022146510383501
Mccarthy G. Attachment style and adult love relationships and friendships: a study of a group of women at risk of experiencing relationship difficulties. Br J Med Psychol. 1999;72 ( Pt 3):305-21. doi:10.1348/000711299160022
Lavner JA, Bradbury TN. Why do even satisfied newlyweds eventually go on to divorce?. J Fam Psychol. 2012;26(1):1-10. doi:10.1037/a0025966
Acevedo BP, Aron A, Fisher HE, Brown LL. Neural correlates of long-term intense romantic love. Soc Cogn Affect Neurosci. 2012;7(2):145-59. doi:10.1093/scan/nsq092