القهم العصبي.. أسبابه وعلاجه
يعرف القهم العصبي anorexia nervosa أيضًا باسم «فقد الشهية للطعام»، وهو اضطراب من اضطرابات تناول الطعام، يجعل المريض مهووسًا بوزنه ونوعية طعامه، وقد يعتقد أيضًا أن مظهر جسمه ليس جميلًا أو جذابًا، أو يشعر بأنه سمين على الرغم من أن وزنه طبيعي أو أقل من الطبيعي حتى، ما يدفع المريض لاتباع عادات أكل غريبة أو الالتزام بحمية غذائية قاسية.
أسباب القهم العصبي
لم يحدد العلماء حتى الآن أسبابًا دقيقة للقهم العصبي، فهو يبدأ غالبًا على شكل حمية غذائية عادية، وبمرور الوقت يمكن أن يتحول لفقدان وزن شديد وغير صحي، وقد تساهم الحمية الغذائية الصارمة بحدِّ ذاتها قهمًا عصبيًا وخوفًا نفسيًا من السمنة.
تشير الأبحاث إلى أن مزيجًا من الصفات الشخصية والعواطف وأنماط التفكير، بالإضافة للعوامل البيولوجية والبيئية قد تكون مسؤولة عن حدوث القهم العصبي، ويستخدم المصاب تناول أو عدم تناول الطعام للحصول على شعور السيطرة، خصوصًا عندما يكون مرهقًا نتيجة ضغوط الحياة ويشعر بالخذلان. تساهم مشاعر عدم الكفاية وتدني احترام الذات والقلق والغضب والوحدة في تطور اضطراب القهم العصبي، وقد يعاني مرضى القهم العصبي من مشاكل عاطفية وعلاقات مضطربة أو يكون لديهم مواقف سابقة من التعرض للتنمر والمضايقات بسبب حجم وشكل أجسامهم من أقرانهم أو من المجتمع الذي يفضل النحافة والمظهر المتناسق الجميل، ما يؤثر على تطور حالة القهم العصبي لديهم.
للقهم العصبي نمطان:
- نمط المقيد: يحسب المصاب بهذا النمط كمية الطعام التي يتناولها بطريقة دقيقة جدًا ومبالغ فيها، خصوصًا الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والدهون.
- النمط البوليمي: يتناول المصاب كمية كبيرة جدًا من الطعام، ثم يُجبر نفسه على التقيؤ. ويأخذ كمية كبيرة من ملينات الأمعاء أو غيرها من المسهلات.
العوامل المؤهبة للقهم العصبي
قد يكون لدى المصاب بالقهم العصبي قصة عائلية لهذا الاضطراب النفسي أو اضطرابات أخرى مشابهة، ومن العوامل التي تلعب دورًا في حدوث القهم العصبي:
- المواقف الاجتماعية.
- تأثير العائلة.
- الوراثة.
- اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ.
- مشاكل في النمو.
ومن العوامل المؤهبة أيضًا ممارسة أنواع معينة من الرياضات والأنشطة التي تركز على شكل ووزن الجسم، مثل:
- رقص الباليه.
- كمال الأجسام.
- التزلج على الجليد.
- الجمباز.
- ركوب الخيل.
- عرض الأزياء.
- المصارعة.
من يصاب بالقهم العصبي؟
يمكن أن يحدث القهم العصبي عند أي شخص من أي عمر أو جنس أو عرق أو وضع اقتصادي واجتماعي، ومن جميع الأوزان والأشكال والأحجام. يحدث هذا الاضطراب بشكلٍ أشيع عند النساء مقارنة بالرجال، ويبدأ عادة بعمر المراهقة على الرغم من أنه يحدث عند الذكور وعند كبار السن.
أظهرت الإحصائيات ازدياد عدد الفتيات الشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 – 19 سنة ويعانين من القهم العصبي في السنوات الأخيرة.
أعراض القهم العصبي
يسبب القهم العصبي مجموعة متنوعة من الأعراض التي تتعلق بالطعام أو الوزن، وقد تكون هذه الأعراض جسدية أو عاطفية.
تشمل الأعراض المتعلقة بالوزن:
- تغير مظهر الجسم، ونقص الوزن.
- خوف شديد من السمنة.
- نشاط فيزيائي مفرط.
- إنكار الشعور بالجوع، وهوس حساب كمية الطعام.
- عادات أكل غريبة.
تشمل الأعراض الجسدية:
- سوء الحالة التغذوية، وفقدان الوزن بشكلٍ كبير خلال عدة أسابيع أو أشهر.
- تغير غير مُفسر في معدل النمو أو مؤشر كتلة الجسم (عند الأطفال والمراهقين الذين ما يزالون في طور النمو).
- تجفاف ونحول الجسم وتغير شكله وضعف العضلات وفقدان الكتلة العضلية.
- آلام أو انتفاخ في المعدة، وإمساك.
- اضطرابات في النوم وخمول أو إرهاق، وشعور بالبرد طوال الوقت.
- ضعف تركيز ونقص ذاكرة، وشعور بالدوار والإغماء.
- عدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء.
- ألم في الصدر وخفقان في القلب وانخفاض ضغط الدم وضيق التنفس، وتورم (وذمات).
- تسوس الأسنان وتآكل ميناء الأسنان.
- إقياء دموي وحرقة في المعدة.
- جفاف الجلد وتكسر الأظافر وتساقط الشعر ونمو الشعر الناعم (الزغب) وبطء التئام الجروح.
تشمل الأعراض العاطفية:
- فقدان الرغبة الجنسية.
- حدة الطبع وتغيرات في المزاج.
- اكتئاب وقلق.
- هوس في الغذاء وحساب السعرات الحرارية والدهون واتباع الحميات وخوف شديد من زيادة الوزن.
- تغير مفاجئ في سلوكيات الأكل (نباتي – حيواني).
- عدم القدرة على تقييم الوزن بشكل واقعي.
- وسواس قهري وأعراض سلوكية قهرية.
- تعمد عدم تناول الأنسولين (عند مرضى السكري) لإنقاص الوزن.
- ارتداء ملابس فضفاضة لإخفاء فقدان الوزن.
- ممارسة التمارين العنيفة والتدريب البدني القاسي.
تشخيص القهم العصبي
يحاول مرضى القهم العصبي إخفاء مشاكلهم عن الآخرين، ولكن مع مرور الوقت يلاحظ أفراد الأسرة والمدرسون والمدربون والأصدقاء بالقلق بشأن وزن المريض وسلوكياته. يمكن أن يساعد العلاج المبكر في تجنب المشاكل الصحية الخطيرة.
لتشخيص القهم العصبي يسألك طبيبك عن تاريخك الطبي، ويقوم بإجراء فحص سريري شامل، ولتأكيد التشخيص يحدد الطبيب إن كنت تستوفي المعايير الثلاثة التالية:
- هل وزنك أقل من الحد الأدنى الذي يعتبر طبيعيًا بالنسبة لعمرك وجنسك ومرحلة نموك وصحتك البدنية؟
- هل لديك خوف شديد من زيادة الوزن أو البدانة، على الرغم من أن وزنك طبيعي أو منخفض؟
- هل وزن جسمك أو شكلك لهما تأثير قوي على صورتك الذاتية، وهل تجد صعوبة بالاعتراف بتأثير وزنك المنخفض؟
العلاج
يختلف علاج القهم العصبي بحسب عمرك وصحتك العامة وتاريخك الطبي وأعراضك وعوامل أخرى متنوعة. قد تكون هناك حاجة إلى رعاية طبية عاجلة للمشاكل الجسدية. يمكن أن تساعدك استشارات التغذية على تعلم كيفية اتخاذ خيارات غذائية صحية، ويمكن لذلك أن يساعد في استعادة وزنك الصحي.
يمكن أن يساعدك العلاج في تعلم كيفية التعامل مع الأمور العاطفية والنفسية التي يسببها القهم، وعلى تحسين مهارات التكيف واتباع عادات صحية أيضًا. يمكن أن يتم العلاج بشكل فردي أو مع عائلتك أو مع مجموعة علاج. يمكن أن تساعد بعض الأدوية أيضًا في علاج مشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق.
الوقاية من القهم العصبي
لا توجد حتى الآن طرق مثبتة للوقاية من القهم العصبي، ولكن قد يكون من المفيد التزام أفراد الأسرة بسلوكيات ونشاطات صحية فيما يتعلق بالوزن الصحي والطعام والتمارين ومظهر الجسم. يمكن للبالغين مساعدة الأطفال والمراهقين على حب واحترام الذات بطرق مختلفة، مثل الأنشطة الأكاديمية والهوايات والعمل التطوعي والرياضات الجماعية، والتركيز على الأنشطة التي لا تتعلق بالمظهر.
التعايش مع القهم العصبي
إذا كنت تعاني من القهم العصبي، تحدث مع طبيبك أو مقدم الرعاية الصحية والذي سوف ينصحك باتباع خطة علاج كاملة. لن تحتاج إلى قياس وزنك بشكل متكرر أثناء فترة التعافي، ومن المهم أيضًا عدم قضاء الكثير من الوقت بمفردك، وأن تتعلم وتتجنب الأشياء التي تعزز سلوكيات القهم العصبي لديك. ستساعدك المكملات الغذائية على التأكد من حصولك على ما يكفي من الغذاء. قد تساعد طرق الاسترخاء مثل اليوغا على تخفيف الأعراض.
متى يجب عليك طلب المساعدة؟
إذا أدى القهم العصبي إلى مرض جسدي خطير (مثل نقص الوزن الشديد)، يجب عليك طلب الرعاية الطبية فورًا. لا يؤثر القهم العصبي على وزن الجسم أحيانًا، فإن كنت تشك في أنك أو أي شخص تعرفه يعاني من القهم العصبي، فاطلب المساعدة على الفور حتى لو كان ونك طبيعيًا. يمكن أن تصبح اضطرابات الأكل خطيرة بشكل متزايد كلما طالت مدة البقاء دون علاج. في حالات الشديدة، يمكن أن تكون اضطرابات الأكل مميتة!