ضغوطات العمل وأثرها على عافية الموظف
نشعر جميعًا بين الحين والآخر بالإرهاق والإجهاد أثناء العمل، حتى لو كنا نحب ما نفعله، لأن كل وظيفة أو مهنة تشمل جوانب مرهقة ومتعبة، كالضغوط التي نتعرض لها لإنجاز المهام خلال الموعد المحدد أو الوفاء بالتزامات صعبة، ولكن المشكلة الفعلية تكمن عندما تستمر ضغوط العمل لفترات طويلة، ما يؤثر سلبًا وبشكل ملحوظ على صحتنا الجسدية والنفسية والعاطفية.
ما هي علاقة ضغوط العمل بالتوتر والاضطرابات الصحية الأخرى؟
أشارت نتائج استطلاع عام للرأي إلى أن غالبية البالغين (64%) ينظرون إلى العمل كمصدر هام للضغوط الشخصية، وقد تم جمع البيانات من أكثر من 3000 شخص، وربط المال والعمل كمصادر للتوتر يتم ذكرها بشكل متكرر (بنسبة 65٪ لكل منهما)، وتبيّن أن أهم مصادر التوتر والضغط النفسي عند البالغين هي العمل والحالة المادية والمخاوف الصحية، وكانت أهميتها تختلف بحسب الفئة العمرية للأشخاص.
تساهم بعض العوامل في تفاقم التوتر المرتبط بضغوط العمل، ومن أهم الضغوط الشائعة في مكان العمل:
- انخفاض الرواتب وزيادة أعباء العمل.
- ضعف فرص النمو أوالتقدم بالوظيفة.
- نقص الدعم الاجتماعي أو عدم وجود سيطرة كافية على القرارات المتعلقة بالعمل.
- وجود مطالب متضاربة أو توقعات غير واضحة للأداء.
يشير علماء النفس إلى اعتبار العمل والوظيفة مصادر رئيسية للتوتر، ويمكن ربطها بارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية وغيرها من الاضطرابات الصحية، ويبدو أن العامل الأهم هو البيئة الشخصية للفرد وليس طبيعة العمل، ويمكن اعتبار التوتر ظاهرة شخصية تختلف بشكل كبير حتى في المواقف المتشابهة لأسباب مختلفة.
وقد أظهر أحد استطلاعات الرأي أن العمل المكتبي كان أكثر إرهاقًا للعديد من ضباط الشرطة من المخاطر المرتبطة بملاحقة المجرمين، حيث تعتمد شدة التوتر على حجم الواجبات المطلوبة وشعور الفرد بالسيطرة أو حرية اتخاذ القرار التي يتمتع بها خلال العمل، وتؤكد الدراسات العلمية المستندة إلى هذا النموذج أن الموظفين الذين يدركون أنهم يتعرضون لمطالب عالية ولكن لديهم القليل من السيطرة في عملهم، أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ما هو أثر طبيعة العمل على رضا الموظف عن حياته وعمله؟
يختلف مصطلح ضغوط العمل من شخص لآخر، وترتفع مستويات عدم الرضا والتوتر عند الموظفين بحالات مثل: العمل في وظيفة أو منصب لا يتفق مع شخصية الموظف أو لا يستمتع به، وحدوث مشاكل مع الإدارة (مثل: التعامل مع مدير سيئ، أو عدم الشعور بالاحترام والتقدير، أو وجود مبادئ أو قيم تتعارض مع أهداف الشركة)، أو الاعتقاد بعدم وجود مقابل مادي كاف، والقيام بعمل لا يلبي الاحتياجات مثل: الشخصية أو المشاعر أو الاهتمامات.
يمكن اعتبار الوظيفة مناسبة تمامًا للفرد، إذا كانت تقدم ما يتطابق مع احتياجات الموظف، وبالتالي لن يزدهر الشخص الذي يقدّر العمل الجماعي ويكافح في العمل بشكل مستقل بوضع يعمل فيه بمفرده من المنزل بدوام كامل.
كما تشير الدراسات إلى أن العديد من الموظفين يتركون وظائفهم بناءً على جودة تواصلهم مع زملائهم في العمل، فمن الطبيعي أن تزداد شدة التوتر واضطرابات المزاج إذا لم يستمتع الموظف بالعمل أو الأشخاص الذين يعملون معه، حتى لو حصل الموظف على راتب جيد لقاء عمله.
أثر ضغوط العمل على الحياة الشخصية للموظف
تؤثر ضغوط العمل عادة على العلاقات الشخصية للموظف، لأنها غالبًا ما تحرم الأفراد من قدرتهم على التعامل مع الأشخاص الذين يحبونهم والتواجد معهم.
يبين علماء النفس أن ضغوط العمل تؤثر بشكل كبير على العلاقات الزوجية لدرجة أنها قد تؤدي للطلاق. يمكن أن يؤدي التحمل المستمر لمشاعر التوتر إلى جعل الشخص أقل صبرًا، وأكثر انفعالًا، وأكثر عرضة لأن يكون سريع الغضب أو الانتقاد لأحبائه، ما يؤدي إلى حدوث خلافات ومشاكل في العلاقات نتيجة لذلك، كما تؤدي لخلق حواجز بين الزوجين، إذا عانى أحدهم من ضغوط العمل، وتجنب إيصال احتياجاته ومشاعره إلى الشريك.
بالإضافة إلى سوء العلاقات الشخصية والزوجية، يعاني الموظفون أيضًا من آثار سلبية أخرى في حياتهم تنتج عن ضغوط العمل، مثل:
- إظهار سلوك قلق، بما في ذلك الخوف من الطرد من الوظيفة، وقضاء الكثير من الوقت في الحديث عن المخاوف المالية.
- الحديث عن عدم الالتزام بالعمل، أو الرغبة في أخذ إجازة طويلة، أو القيام بالحد الأدنى من العمل للحصول على إجازة.
- التعبير عن عدم تحقيق الرغبات أو شعور الموظف بأنه عالق، أو عاجز عن تجربة شيء جديد، أو التفكير بالتقاعد المبكر.
- قلة التعامل مع زملاء العمل أو عدم الثقة بهم، والإحساس بعدم السيطرة أو التحكم بالعمل، أو التعبير عن التجاهل في اتخاذ قرارات الشركة.
- كما تتهم ضغوط العمل بإحداث أعراض جسدية مثل: الصداع أو ارتفاع ضغط الدم أو زيادة أو فقدان الوزن أو مواجهة صعوبة في النوم.
بيّنت العديد من الدراسات الآثار السلبية لضغوط العمل على صحة الموظف، مع التركيز على أمراض القلب والأوعية الدموية بشكل خاص، حيث أظهرت دراسة صينية (Li, 2016)، أن ضغط العمل يزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية عند الموظفين الأصحاء، ويؤثر على عودة الموظفين المصابين بأمراض قلبية لعملهم، لأنهم يعانون من ضغوط أعلى بعد العودة إلى العمل، كما تساهم بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بنوبات قلبية لدى الموظفين ذوي السوابق القلبية الوعائية.
هل تساعد الاستشارات النفسية عبر الإنترنت في التعامل مع ضغوط العمل؟
تعتبر الاستشارات النفسية من أهم الطرق الفعالة للتعامل مع ضغوط العمل التي قد تواجهها وتدبيرها، حيث يساعد تلقي العلاج المناسب على التعامل بشكل أفضل مع الاضطرابات الصحية النفسية التي قد يعاني منها الموظف، والتخلص من التوتر الذي قد يؤثر على جميع جوانب الحياة اليومية.
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي، من أهم طرق العلاج النفسي الحديثة لتدبير التوتر، كما يقوم المعالج بدعم وتطوير أساليب التأقلم مع التوتر والاستجابة بشكل أفضل لضغوط العمل عند ظهورها، ومن المميزات الأخرى للاستشارات النفسية عبر الإنترنت أنها أقل تكلفة، وأسهل في حجز المواعيد وحضور الجلسات، ويعد الحل الأمثل بحال وجود حالات خاصة مثل: رهاب الأماكن المغلقة، أو عدم القدرة على مغادرة المنزل لأي سبب.
من الأمور المهمة التي يمكن القيام بها للتعامل مع ضغوط العمل، وتجنب تأثيراتها السلبية:
- أداء نشاطات مريحة قبل بدء العمل، وممارسة بعض الرياضة خلال الاستراحة.
- كن واضحًا بشأن توقعاتك لكل يوم وأنشئ خطط مسبقة للحفاظ على تنظيم حياتك.
- تجنب الخلافات مع الزملاء لخلق بيئة عمل مريحة.
- ابذل قصارى جهدك وكافئ نفسك باستمرار.
يساعد قبول المساعدة من العائلة والأصدقاء في تحسين قدرة الموظف على التعامل مع ضغوط العمل، وقد يستطيع صاحب العمل تقديم الدعم من خلال برنامج مساعدة الموظفين، بما في ذلك المعلومات عبر الإنترنت والاستشارات المتاحة والإحالة إلى المتخصصين في الصحة النفسية إذا لزم الأمر.
إذا استمر الشعور بالإرهاق من ضغوط العمل لفترات طويلة، ينصح بالتحدث إلى طبيب أو معالج نفسي، لمساعدتك في التحكم بالتوتر بشكل أفضل وتغيير السلوك غير الصحي.
يقدم لبيه خدمات متخصصة للشركات لمساعدة الموظفين على الوصول السهل والسريع للمساعدة مع التعامل مع الضغوطات، بالإضافة إلى مجموعة متكاملة من الحلول لرفع مستوى الراحة والرفاهية في المنظمة. تواصل معنا لتعرف أكثر عن الحلول المناسبة لمنظمتك.
المصادر:
https://www.verywellmind.com/how-to-deal-with-stress-at-work-3145273#citation-2
Li, J., Loerbroks, A., Bosma, H. and Angerer, P. (2016), Work stress and cardiovascular disease: a life course perspective. Journal of Occupational Health, 58: 216-219.