خمسة أشياء لتجنب الإرهاق في بيئة العمل
نتعرض في حياتنا للكثير من الظروف التي تجعلنا نشعر بالإرهاق وفقدان الطاقة، هذه الظروف كثيرة ومتنوعة ومن أهمها العلاقات الأسرية والضغوط الدراسية والامتحانات، بالإضافة إلى الإرهاق في بيئة العمل.
يمثل إرهاق بيئة العمل مشكلة مهمة تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للموظفين، كما تنعكس سلبًا على الشركات وتؤدي إلى زيادة استهلاك الموارد وقلة الإنتاجية، سنتعرف معًا في هذا المقال على مفهوم إرهاق بيئة العمل وأهم الأعراض والعلامات المرافقة له، بالإضافة إلى أهم الأشياء التي ينبغي علينا فعلها لتجنب الإرهاق في بيئة العمل.
متى يحدث الإرهاق في بيئة العمل؟
يعرف إرهاق بيئة العمل بأنه حالة من الاستجابة السلبية من قبل الموظفين نتيجة للتعرض المستمر للضغوط العاطفية والجسدية والشخصية ضمن بيئة العمل، فمع تراكم التوتر والمسؤوليات وفترات العمل الطويلة يشعر الموظفون بالإرهاق النفسي والجسدي، ويفقدون الشغف بعملهم والقدرة على المتابعة، ما يؤدي إلى مستويات عالية من اللامبالاة وضعف الكفاءة وتأثيرات سلبية كبيرة على الإنتاجية.
يحدث الإرهاق عادةً بشكل أكبر عند الموظفين في المراكز المهمة، فالعمل الطويل لا يسمح لهم بالحصول على فترات الراحة الضرورية التي تسمح لهم بتعزيز المهارات الشخصية والحفاظ على العلاقات الاجتماعية مع العائلة والأصدقاء، وهنالك عدة مستويات للإرهاق ضمن بيئة العمل، فبعض الحالات تكون خفيفة وفيها يستمر الشخص في القيام بعمله مع مستويات قليلة من التوتر، أما في الحالات الشديدة لا يستطيع الموظف السيطرة على التوتر، ويصبح شديد الانفعال وتكثر الخلافات مع زملاء العمل وهو الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض مشاركته الفعالة وتراجع الأداء والإنتاجية.
يكون إرهاق بيئة العمل شائعًا أكثر في بعض المهن، وخاصة تلك التي تتطلب العمل لفترات طويلة أو التي يتحمل فيها الموظف مسؤوليات كبيرة، فقد أظهرت دراسة (Rössler.2012) وجود مستويات كبيرة من الإرهاق لدى العاملين الصحيين وخاصة العاملين ضمن مجال الصحة النفسية، كما أكدت دراسة (Agyapong.2022) أن معظم المدرسين يعانون من التوتر والإرهاق وهذا ما يؤثر على قدراتهم على التدريس والتعامل مع الطلاب.
ما هي مصادر وأسباب الإرهاق في بيئة العمل؟
قد يأتي الإرهاق في بيئة العمل من عدة مصادر، ولعل من أهمها:
- الأعباء الزائدة: فعندما يقوم مديرك بإعطائك كمية كبيرة من المهام ولا يتبقى لديك وقت للراحة ستبدأ بالشعور بالقلق والتوتر.
- المسؤولية: يشعر الموظفون الذين يشغلون بعض المراكز الحساسة بمسؤولية كبيرة وخوف من ارتكاب الأخطاء، وهذا ما يزيد القلق والإرهاق لديهم.
- غياب التقدير: يحدث ذلك لدى الموظفين الذين يتلقون ردود فعل سلبية من الإدارة على الرغم من قيامهم بمهامهم على أكمل وجه.
- الخلافات مع الزملاء: تساعد الخلافات مع الزملاء على زيادة التوتر في بيئة العمل، حيث تتحول بيئة العمل من مكان مناسب لإقامة الصداقات إلى ساحة حرب نفسية بين الموظفين تزيد من مستويات الإرهاق لديهم.
- الضغوط الخارجية: الموظفون هم بشر لديهم عائلات ومسؤوليات خارج إطار العمل وقد تزيد الضغوط في هذه المجالات من الإرهاق في بيئة العمل (كرعاية شخص مسن أو المتطلبات المادية المتزايدة للأبناء).
ما هي العلامات التي تشير إلى أنك تعاني من إرهاق العمل؟
في بيئات العمل المزدحمة والمليئة بالضغوط والصعوبات، يتحول الموظفون إلى أداة لامتصاص الصدمات ويتحملون ضغوطًا تنظيمية ومهمات أكثر صعوبة ويعملون لساعات أطول، وهذا بالتأكيد ينتج عنه إرهاق شديد للموظفين وينعكس سلبًا على رفاهيتهم وصحتهم النفسية والجسدية، كما يجعلهم غير راضين عن بيئة العمل التي يتواجدون فيها، وحتى قد يدفعهم لترك العمل أو يدفع مديريهم للتخلص منهم.
قد يتحمل الشخص الإرهاق المرافق للعمل وذلك بسبب الخوف من ترك عمله وعدم إيجاد عمل بديل مناسب وما يتلو ذلك من صعوبات اجتماعية واقتصادية، وقد لا يشعر الموظف بأنه يعاني من الإرهاق حقًا، وتتضمن أهم العلامات التي تشير إلى أنك تعاني من إرهاق بيئة العمل:
- ارتفاع ضغط الدم.
- الصداع المتكرر.
- اضطرابات النوم.
- اضطرابات المزاج.
- عدم القدرة على التركيز.
- الشعور بانعدام القيمة.
- فقدان الشغف بالعمل أو الإنجاز.
- التفكير في ترك العمل.
- التعب المستمر.
ماذا يجب عليّ أن أفعل لتجنب الإرهاق في بيئة العمل؟
هناك خمس نصائح ذهبية تساعدك على تجنب الإرهاق في بيئة العمل وهي:
1- التخطيط لأخذ استراحات منتظمة
يساعدك أخذ استراحة لفترات قصيرة كل يوم على منحك مساحة لالتقاط أنفاسك، ويساعدك على أن تكون نشيطًا وجاهزًا لإنجاز المهام الموكلة إليك، يمكن أن تمضي فترات الاستراحة في الهواء الطلق وذلك يمنحك القدرة على الاسترخاء والتأمل، كما يمكنك التواصل مع أحد أصدقائك المقربين أو أفراد عائلتك أو قراءة كتاب أو حتى الاستماع إلى الموسيقى.
2- المواظبة على ممارسة النشاط البدني
إن إدخال قدر بسيط من النشاط البدني إلى روتينك اليومي يساعد على تقليل مستويات التوتر وتعزيز صحتك النفسية والجسدية، وأفادت تقارير الجمعية الأمريكية لمكافحة القلق والاكتئاب أن النشاط البدني فعال في الحد من التعب، وتحسين اليقظة والتركيز، وتعزيز الوظيفة الإدراكية بشكل عام، وهذا ما يساعد الموظفين الذين يعانون من الإرهاق في بيئة العمل.
لا يعني النشاط البدني ضرورة إجراء ماراثون كل يوم، يمكنك ببساطة أن تمشي لبضع دقائق كل يوم من وإلى العمل أو أن تجري وأنت ذاهب إلى التسوق.
3- تعلم ثقافة التفويض
يرغب بعض الموظفين في القيام بكل المهام بأنفسهم، وذلك خوفًا من أن الآخرين قد لا يقومون بها بشكل صحيح أو أنهم قد يرتكبون الكثير من الأخطاء، وهذا ما يؤثر على جودة العمل، ولكن عندما تتراكم الأشياء على هؤلاء الموظفين يشعرون بالإرهاق والتعب والضغط، وهنا لا يستطيعون القيام بمهامهم على أكمل وجه، فما الحل إذا؟
الحل هو أن تعتمد على تفويض المهام إلى زملائك الآخرين ومنحهم قدرًا أكبر من الثقة، وهذا ما يساعد على توفير الوقت وتخفيف بعض الأعباء عن كاهلك.
4- تنظيم نومك
يساعدك النوم 7-9 ساعات يوميًا على استعادة القدرات البدنية والذهنية، ويعتبر تنظيم النوم أمرًا بالغ الأهمية لتخفيف مستويات الإرهاق والتوتر، فمن دون النوم لفترات كافية لن تمنح جسدك الفرصة للاستعداد لليوم القادم مما يؤدي لمزيد من الإرهاق؛ حيث إن قلة النوم تزيد من التشويش وضعف التركيز والقلق والاكتئاب، كما أنها تزيد من احتمالية وقوع حوادث السير أثناء ذهابك للعمل أو عودتك منه، وتطور الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم.
5- تعلم أن تقول لا عند الضرورة
يوافق بعض الموظفين على كل المهام الموكلة إليهم بسبب خوفهم من أن الرفض قد يؤثر على نظرة الإدارة لهم أو قد يدفعهم للاستغناء عنهم، وهذا ما يعرضهم لمستويات متزايدة من التوتر والإرهاق، من الضروري أن تتعلم ثقافة الرفض، وأن تختار المهام التي تناسبك وتركز عليها وترفض المهام التي ليست من اختصاصك ولن تكون قادرًا على القيام بها بأكمل وجه.
الإرهاق المستمر هو حالة ضارة تسبب العديد من الصعوبات في العمل، وتؤثر على مختلف جوانب الحياة بما في ذلك العلاقات الشخصية، تأكد دومًا أن بيئة العمل التي تنتمي لها مناسبة لك، واحرص على الالتزام بالنصائح السابقة لتخفيف الإرهاق الذي تتعرض له.
يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه للحصول على معلومات أكثر عن الإرهاق في بيئة العمل ونصائح عن كيفية تجنبه.
الدراسات
1. Wulf Rössler, Stress, burnout, and job dissatisfaction in mental health workers, Department of General and Social Psychiatry, Psychiatric University Hospital, University of Zurich, Militärstrasse 8, 8004 Zurich, Switzerland, 2012 Nov.
2. Belinda Agyapong, Gloria Obuobi-Donkor, Lisa Burback, Yifeng Wei, Stress, Burnout, Anxiety and Depression among Teachers: A Scoping Review, Department of Psychiatry, University of Alberta, Edmonton, AB T6G 2B7, Canada, 2022 Aug.