إن الزواج هو إحدى الخطوات الكبيرة التي يقوم بها الإنسان في سبيل إكمال حياته وتحسينها، وهو أحد القرارات التي تتطلب تفكيرًا عميقًا وإرادة حقيقية لتقديم العديد من التنازلات في سبيل إنجاح هذه العلاقة. 

في المقال التالي سنتعرف على أهم أسباب التوتر في العلاقة الزوجية، وكيف يمكن أن تتأقلمي مع الحياة الزوجية وتحظي بالسعادة والهناء مع زوجك.  

ما أهمية الزواج وكيف يؤثر على الحالة النفسية للزوجين؟

إن الزواج أكثر من مجرد احتفال وخواتم ووعود، بل هو خطوة تتطلب جهدًا كبيرًا من الطرفين لإنجاحها، فهذا الرباط المقدس لا يعطيك شريك حياةٍ فحسب، بل يمنحك الأمان والانتماء، وفردًا جديدًا في عائلتكِ يمكنكِ الوثوق به والاعتماد عليه ويقدم لكِ الدعم في جميع قراراتك، كما تحصلين على صديقٍ مقرب تخبرينه كل ما تريدين دون توترٍ أو قلق حيال انتقاده لكِ أو حكمه عليكِ، بالإضافة إلى أنكِ تجدين شخصًا إلى جانبكِ دائمًا ولن تشعري بالوحدة أبدًا، لأن هناك من يساندكِ في وقت ضعفك. 

إن الزواج بداية جديدة للعديد من التجارب مثل: تأسيس عائلة وإنجاب أطفال ومتابعة حياتكِ مع شريك يهتم لأمرك.

ما أهم أسباب التوتر في العلاقة الزوجية؟

بالرغم من أن الزواج يبدو تجربة جميلة ومليئة بالأحداث والتحديات، لكن لا يوجد حياة كاملة خالية من المشاكل والعقبات، التي بدورها تختبر قوة العلاقة بين الطرفين، ومن المشاكل التي قد تواجه الشريكين:

• التقلبات المادية التي تصبح بسهولة مصدرًا للضغوط والتوتر في العلاقة الزوجية، فعند المرور بضائقة تصبح الناحية المادية عبئًا كبيرًا على الطرفين، من ناحية العمل وتسديد الفواتير والتأمين الصحي ومستلزمات الأطفال والمنزل، وهذه الضغوط الكبيرة تؤثر عليكِ وعلى شريككِ وتؤدي إلى توتر العلاقة بينكما، إذ أكدت a study (Dew.2016) أن الإدارة المالية السليمة ترتبط إيجابيًّا بجودة الزواج واستقراره، كما أن الجدالات المادية المتكررة تضر العلاقة بين الطرفين أكثر من غيرها من الخلافات، لذا من الضروري أن تُناقشا هذه الأمور بطريقة واعية وإدارية، وتدعما بعضكما لتصلا إلى حل مرضٍ للطرفين.
• بالرغم من أن إنجاب الأطفال أجمل ما قد يحدث في حياتك لكنه في نفس الوقت تحدٍ كبير لكِ ولشريكك، فالأبوة والأمومة مسؤولية كبيرة لكما، وبالرغم من جمالية هذا الشعور إلا أنه يشمل أيضًا قلة النوم ليلًا والقلق على راحة الأطفال وإطعامهم وتربيتهم، هذا كله يعد بمثابة صدمة لأي زوجين، لذا لا بد من أن تناقشا موضوع الإنجاب وتتفقا عليه وتدعما بعضكما في حال وجود أية مشاكل أو عقبات.
• سواء كان عملكِ بدوام كامل أو جزئي فهو يأخذ من وقتكِ الذي تفضلين قضاءه مع شريككِ وأطفالك، وتؤثر ضغوط العمل على نفسيتكِ ما يشعركِ بأنكِ في حالة توتر دائم في المنزل، كما قد يتطلب عملكِ السفر أحيانًا والابتعاد عن عائلتكِ ما يشعر الطرف الآخر بالوحدة والفراغ، لكن مع ذلك يمكنكما البقاء على تواصل عبر الهاتف أو الإنترنت والاستفادة من التطبيقات التي تسهل التواصل بين الأشخاص مما يخفف شعور الوحدة لديكما.
• من الطبيعي أن تمري أنت وشريكك بفترة صعبة في حياتكما بسبب ضغوط العمل أو الحياة أو صدمة معينة تعرض لها أحدكما، ما يؤدي إلى صعوبة في الانسجام والتوافق، كما أنها قد تقود أحد الطرفين إلى الاكتئاب والعدوانية وصعوبة التعامل والانخراط بعادات سيئة مثل: التدخين وغيره، وهو الأمر الذي يؤثر سلبًا على حياتكما، لهذا من الضروري أن تتناقشا بالتصرفات التي تزعجكما وتحاولا حلها من خلال إجراء تغيير يقود علاقتكما إلى منحى أفضل.
• تطرأ الكثير من التغيرات على صفاتكِ وطباعكِ مع الزمن، فأنتِ تختلفين عما كنتِ عليه في السابق، ومع التقدم بالعمر والخوض في تجارب الحياة تتغير رؤيتكِ للأمور وتحليلها، وهذا ينطبق على شريككِ أيضًا، لذا لا تتوقعي منه أن يبقى نفس الشخص الذي كان في بداية علاقتكما، لكن عليكِ تقبُّل هذه التغييرات لأن معظمها يصب في مصلحتكما ويزيد من خبرتكِ وحكمتكِ ويحسن العلاقة بينكما.

نصائح للتأقلم مع العلاقة الزوجية

إن التأقلم في العلاقة الزوجية من التحديات الجدية التي يمر بها أي زوجين، ومع ذلك يجب عليكما السعي لتحسين العلاقة بينكما والاستفادة من الوقت الذي تقضونه معًا لحل الخلافات وتسوية الأمور وبناء أساس قوي لعلاقتكما، وإليك بعض النصائح التي تساعدك في تحسين العلاقة:

• اقضِ وقتًا أطول مع شريكك: فهذه الأوقات ثمينة جدًا، وهي تذكركما بالأيام الأولى لعلاقتكما وتقضيان خلالها ساعات طويلة تتحدثان وتقومان بنشاطات تستمتعان بها معًا، وبالرغم من انشغالكما الدائم بمتطلبات الحياة والواجبات والعمل وقلة الأوقات التي تقضيانها معًا، عليكما إيجاد وقت مهما كان قليلًا للحديث، فاللقاء وجهًا لوجه هو أفضل طريقة للتعبير عما تشعران به. مهما كنتما مشغولين حددا وقتًا معينًا لتكونا معًا دون إنترنت أو هواتف.
• أخبري شريكك ما تريدين ولا تنتظري منه أن يخمن ذلك، ومهما كان صعبًا عليكِ هذا الحديث، أو شعرتي بالارتباك والإحراج، ستحصلين على الراحة والطمأنينة عندما تجدين مَن يساندكِ ويتفهم ما تمرين به.
• كوني مستمعة جيدة لما يخبرك به، ومن الضروري تعلم كيفية الإصغاء الجيد، فهو يُشعر الطرف الآخر بقيمة حديثه وأهميته، وهذا ما يزيد قوة العلاقة وعمقها، وذلك لا يعني أن عليك الاتفاق معه في كل ما يقوله أو تغيير رأيه حيال موضوعٍ معين، بل فقط مساعدته في إيجاد حلول مناسبة لمشكلاته.
• اسعي نحو تسوية الخلافات بطريقة عقلانية، فكليكما بحاجة إلى أن يشعر بأن الطرف الآخر يستمع له ويفهم ما يقول. وجدت الأبحاث (Cramer.2006) أن الطريقة التي يتعامل بها الشركاء مع الخلافات والمشاكل لها دور مهم في الشعور بالرضا، كما بينت الدراسة أن دعم الزوجين لبعضهما له دور أكبر في تحسين العلاقة وحل الخلافات نفسها بطريقة بناءة، بالإضافة إلى أن عليكِ احترام آراء شريكك وعدم افتعال خلافات حول أمور لا يمكن تغييرها، ولا تركزي كثيرًا على الخلافات القديمة فبدلًا من النظر إلى الماضي، فكري بما يمكنك فعله الآن ولاحقا لتحسين المستقبل.
• كوني مستعدة لجميع العقبات التي تواجهكما، فعليكِ أن تعرفي أن جميع العلاقات تمر بفترات عصيبة ومشاكل مثل: فقدان شخص عزيز أو خسارة وظيفة أو مشاكل صحية خطيرة، لذا من الضروري أن تتعاملي مع هذه المواقف بحكمة وهدوء، وعدم إفراغ غضبك وحزنك على شريكك، وبالرغم من أن ذلك يبدو مريحًا لك، إلا أنه يزعزع العلاقة بينكما شيئًا فشيئًا، لذا عليك إيجاد طرق أخرى لتخفيف الغضب والتوتر والتعبير عما في داخلك.

اطلبي مساعدة طبيب مختص أو معالج نفسي عند الحاجة، إذ تصبح المشاكل أحيانًا معقدة وتشكل عبئًا ثقيلًا عليكما، لذا لا مانع من اللجوء إلى طرف ثالث يساعدكما في حل خلافاتكما. 

أكدت a study (Schofield.2012) على الدور الفعال الذي يلعبه المستشار في تحسين العلاقة بين الطرفين، وخاصة مع تزايد نسبة الإصابة بالاكتئاب عند الأزواج نتيجة الخلافات التي تحدث بينهما.

 لا تترددي في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تطوير التقنيات والاستراتيجيات اللازمة للتأقلم مع العلاقة الزوجية وتطويرها بشكل مثالي.

الدراسات

·        Dew J.P. Revisiting financial issues an1d marriage. ResearchGate.2016:281-290

·        Cramer D. How a supportive partner may increase relationship satisfaction. ResearchGate.2006;34(1):117-131

·        Schofield M.J, Mumford N, etc. Short and long term effectiveness of couple counselling: a study protocol. BMC Public Health.2012;12:735