تتعدد الأسباب والظروف التي تؤثر على تفكيرنا وتشتت انتباهنا وتحد من قدرتنا على اتخاذ القرارات المناسبة، ورغم تعدد هذه الأسباب وتنوعها لكن التعامل معها والحد من تأثيراتها ممكن من خلال مجموعة من الوسائل والخطوات التي سنتعرف عليها في المقال التالي.

أهمية التركيز ودوره في الحياة اليومية

التركيز هو قدرة الشخص على توجيه انتباهه وفق إرادته والسيطرة عليه، والقدرة على حصر التفكير بموضوع أو شيء أو فكرة محددة واستبعاد كل الأفكار والمشاعر والأحاسيس غير المتعلقة بالموضوع، لكن المشكلة أن العوامل والأسباب التي قد تؤثر على التركيز وتشتته كثيرة ومتنوعة. 

 أصبحت هواتفنا المحمولة وتطبيقاتها المتنوعة تسيطر على حياتنا، وهي تشكل إلهاءات متكررة يمكن أن تؤثر على التركيز بشكل كبير، ما ينعكس سلبيًا على مختلف جوانب الحياة ويؤثر على الإنتاجية ويضعف الأداء في العمل والدراسة، وقد يؤثر ذلك أيضًا على العلاقات الأسرية والاجتماعية. أظهرت دراسة أجريت في عام 2018 وقارنت بين مجموعتين من طلاب الجامعة أن الهواتف المحمولة أثرت بشكل سلبي على التركيز والتحصيل الأكاديمي وشكلت وسيلة إلهاء وتشتيت أفار. 

ما هي أهم العوامل التي تؤثر على التركيز؟

يمكن أن يتشتت الانتباه والتركيز لعدة أسباب منها مثلًا العمر، إذ ينسى معظم الناس الأشياء بسهولة أكبر مع تقدمهم في العمر، كما يمكن أن تؤثر إصابات الرأس مثل الارتجاج أو بعض الأمراض على التركيز، وفيما يلي مجموعة من أهم الأشياء التي تؤثر على التركيز:

• مصادر الإلهاء: يوجد العديد من مصادر الإلهاء في عالمنا اليوم، وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لذلك يمكن أن يكون الأشخاص المحيطون بك من أهم وسائل الإلهاء وتشتيت الانتباه والتركيز.
• النوم غير الكافي: يمكن أن يؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم إلى انخفاض القدرة على التركيز والانتباه، ويبطئ عملية التفكير ويؤثر على الذاكرة والتوازن العام للجسم، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة الجسدية.
• قلة النشاط البدني: إن نمط الحياة الرتيب دون ممارسة نشاط بدني منتظم يمكن أن يؤثر على حيويتك وعضلاتك، ويزيد توترك وتشعر بالضيق، ما ينعكس سلبيًا على مستوى تركيزك، ونشاطك الذهني بشكل عام.
• النظام الغذائي وعادات الأكل: للطعام الذي نأكله تأثير كبير على مشاعرنا وتركيزنا على مدار اليوم، فنحن نحتاج إلى عناصر غذائية أساسية، وعندما تقل هذه العناصر سنبدأ بملاحظة عدة أعراض منها قلة التركيز وتشتت الانتباه والتعب.
• عوامل البيئة: للعوامل البيئية تأثير هام على تركيزنا، فمثلًا يعد الضجيج العالي مشكلة شائعة تؤثر على التركيز والانتباه، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي الضوء الساطع جدًا أو الخافت جدًا أو درجة الحرارة المرتفعة أو المنخفضة جدًا إلى تأثيرات كبيرة على تركيزك، وتجعلك تشعر بعدم الراحة.

خمس طرق تساعد على تعزيز التركيز

إن القدرة على التركيز على شيء محدد حولك وتوجيه تفكيرك وحصره به ضروري لتحقيق الأهداف وإنجاز المهام اليومية المطلوبة منك، يمكن تحسين تركيزك باستخدام طرق ووسائل متنوعة، لكن هذا لا يحدث دائمًا بسرعة وسهولة، سيتطلب ذلك جهدًا وستضطر إلى القيام ببعض التغييرات في حياتك وروتينك اليومي، فيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على تحسين انتباهك وتعزيز تركيزك:

1 – تخلص من وسائل الإلهاء والتشتيت

لا يدرك كثيرون وجود العديد من مصادر الإلهاء التي تمنعهم من التركيز على ما يريدون فعله، فيمكن لزميل عمل أن يشتت انتباهك وتركيزك في العمل، وإن تقليل مصادر هذه الإلهاءات ليس سهلًا دائمًا كما يبدو، فربما يمكنك بسهولة إغلاق التلفاز أو الراديو، ولكن من الصعب أن تتجاهل زميل عمل أو شريك أو طفل.

 خصص وقتًا ومكانًا محددَا لتنفيذ المهام والأهداف المطلوبة، واجلس في مكان هادئ تستطيع فيه العمل دون إزعاج كالمكتبة أو غرفتك الخاصة في المنزل أو مقهى هادئ تفضله.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه ليست كل الإلهاءات مصدرها خارجي، فبعضها داخلية المصدر كالتعب والإرهاق والقلق، لذلك يجب التأكد من راحتك قبل البدء بالعمل الذي يحتاج إلى التركيز، كما قد يساعدك التفكير بأشياء إيجابية على التخلص من القلق والتشتت الداخلي.

2 – حدد مهامك وأولوياتك

لا يستطيع أغلب الناس القيام بعدة مهام في آنٍ واحد، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تقليل الإنتاجية والتركيز، لذلك يجب إعطاء كامل تركيزك وانتباهك إلى موضوع محدد، ثم الانتقال إلى موضوع آخر بعد الانتهاء من الأول.

3 – درب عقلك ونشط تفكيرك

يمكن أن تساعدك ممارسة ألعاب معينة على تعزيز تركيزك، مثل السودوكو والكلمات المتقاطعة والشطرنج وحلّ الألغاز وألعاب الذاكرة، لأن هذه النشاطات تطور ذاكرتك ومهارات حل المشاكل لديك.

4 – احرص على تحسين نوعية ومدة النوم

يمكن لقلة النوم وما ينتج عنها من تعب شديد أن تضعف قدرتك على التركيز والانتباه وتعكر مزاجك، ما يؤدي إلى تراجع أدائك في العمل. يوصي العديد من الخبراء بالنوم لمدة 7-8 ساعات كل ليلة، ومن النصائح التي يمكن أن تحسّن نوعية نومك:

• إغلاق التلفاز قبل النوم بساعة.
• الاسترخاء قبل النوم مع سماع موسيقى هادئة أو قراءة كتاب أو القيام بحمام دافئ.
• تنظيم موعد محدد للنوم تذهب فيه إلى الفراش وتستيقظ في نفس الوقت تقريبًا كل يوم حتى في أيام العطل.
• ممارسة الرياضة بانتظام لكن تجنّب التمارين الشاقة قبل النوم مباشرة.

5 – اقضِ بعض الوقت في الطبيعة

حاول الخروج كل يوم وقضاء بعض الوقت في الطبيعة أو حديقة ما، لأن قضاء الوقت في الطبيعة له تأثير إيجابي على صحتك الجسدية والنفسية، كما يمكن أن تضع نباتات في مكتبك أو منزلك فهذا أيضًا يمكن أن يعزز تركيزك ويزيد إنتاجيتك.

إن الحفاظ على صحتك النفسية من خلال الطرق والوسائل السابقة يمكن أن يكون أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لتحسين تركيزك وذاكرتك، والتخلص من كل ما يؤثر على انتباهك وقدرتك على أداء مهامك اليومية. بإمكانك الحصول على المزيد من المعلومات حول تحسين وتعزيز التركيز، والاطلاع على نصائح لتعزيز صحتك النفسية عبر تطبيق لبيه، ويمكنك التواصل مع معالجك النفسي من خلال التطبيق.