يعد اتخاذ قرار بشأن ترك العمل لحظة هامة في حياتك المهنية، على الرغم من أن تحديات العمل لا يمكن تجنبها في بعض الأحيان، إلا أن  معرفة الوقت المناسب لاستكشاف الخيارات المهنية الأخرى أمر مهم للحفاظ على صحتك النفسية والجسدية، كما أنه يمكن أن يساعدك على اتخاذ القرار المناسب لحياتك المهنية.

في هذه المقال، نستكشف بعض العلامات التي توضح لك أن الوقت قد حان لترك العمل ومناقشة بعض الاعتبارات الأخرى.

هل يعتبر قرار ترك العمل شائعًا؟

قرار ترك العمل هو أمر شائع ويحدث في حياة الكثير من الأشخاص، ومع قضاء معظم الوقت في العمل فإن هذا النوع من عدم الرضا يمكن أن يكون له تأثير مضاعف على جميع جوانب الحياة.

 بينت نتائج دراسة (Rey L et al., 2020) ارتباط عدم الرضا الوظيفي المزمن بضعف جهاز المناعة، وانخفاض احترام الذات، وارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق، وزيادة التوتر في الحياة والعلاقات الشخصية للموظفين.

وكما ذُكر في تقرير لشركة غالوب سابقًا وهي شركة تحليلات واستشارات عالمية تساعد القادة والمنظمات على حل مشكلاتهم في العمل، إلى أن ما يقارب نصف الموظفين في جميع أنحاء العالم يشعرون بالتوتر في العمل، بينما يشعر 40% بالقلق، و23% يشعرون بالغضب تجاه العمل، وهذا يدل على أن الكثير من الأشخاص، ليسوا سعداء بوظائفهم، وأنهم غير راضين تمامًا عن المكان الذي يعملون فيه.

كم من الوقت يجب أن أبقى في العمل؟

قد يكون من المنطقي الاستمرار في العمل حتى تتمكن من الكشف عن خططك للمستقبل، إذ يتيح لك البقاء في الوظيفة الاستمرار في كسب المال وتجنب وجود فجوة في سيرتك الذاتية، وبدلاً من وضع حد زمني للوظيفة نفسها، ضع خطة للحصول على وظيفة أفضل، وقم بتقدير المدة التي سيستغرقها ذلك، واستخدم ذلك كجدول زمني لك.

فإذا كنت ترغب في العثور على وظيفة مماثلة، فالتزم بجدول زمني ثابت للبحث عن وظيفة لمحاولة الحصول على شيء أفضل في أقرب وقت ممكن، أما إذا كنت تفكر في تغيير مهنتك على سبيل المثال، فقد تحتاج إلى أشهر أو أكثر من التعليم أو التدريب.

لذا فإن قرار ترك العمل يعتمد على مدى رضاك عن العمل وبعض العوامل الأخرى، فإذا كنت تشعر بعدم الأمان أو أن البقاء سيضر بصحتك الجسدية أو النفسية، فمن المحتمل أن يكون قرار ترك العمل هو القرار الصحيح.

متى يمكنك اتخاذ قرار ترك العمل؟

يمكن اتخاذ قرار ترك العمل في مجموعة متنوعة من الأوقات والمواقف، ويعتمد ذلك على الظروف الشخصية والمهنية لكل شخص، ولكن يوجد مجموعة من العلامات الحمراء التي تشير إلى ضرورة التفكير باتخاذ قرار ترك العمل، ومنها ما يلي:

عند عدم استغلال مهاراتك بالشكل الكافي

في بعض الأحيان، قد تكون بيئة العمل مريحة، إلا أنه يمكنك التفكير في ترك العمل عندما تشعر أنك استنفذت استغلال مهاراتك ومواهبك في المنصب ذاته، وعندها يمكن أن يكون هو الوقت المناسب للمضي قدمًا.

عادةً، البقاء في هذه البيئة يمكن أن يحد من تطورك، ويؤدي إلى عدم الرضا عن النفس، وخاصةً إذا كانت لديك مجموعة واسعة من المهارات، لكن ليس لديك الفرصة لتطبيقها في وظيفتك الحالية، وبالتالي فإن قرار ترك العمل والحصول على وظيفة جديدة حيث يمكنك تطوير مهاراتك والاستمتاع بالتطوير المهني هو قرار صائب.

عندما لا تتوافق الوظيفة مع شغفك

إذا كنت تفتقر إلى الشغف بعملك سيصبح العمل عندها مرهقًا ورتيبًا، فنادرًا ما تشعر بالإثارة أو الشغف تجاه العمل، عندها يمكنك التفكير في البحث عن عمل جديد، لأنه من المهم أن تكون شغوفًا بعملك لتشعر بالرضا في حياتك المهنية، والذي بدوره يمكن أن يساهم في تطوير الالتزام وتحسين الإنتاجية.

عند الشعور بالاحتراق الوظيفي

 الاحتراق الوظيفي هو رد فعل على ضغوط العمل الطويلة أو المزمنة، وهي حالة يشعر فيها الأشخاص بالإرهاق الشديد والإحباط وانطفاء الحافز، ويؤثر سلبًا على أداء الموظفين وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض، وقد أكدّت دراسة (Leiter,2016) بأن الاحتراق الوظيفي يعتبر خطرًا مهنيًا شائعًا في العديد من المهن، وخاصة المهن المتعلقة بالخدمات الإنسانية والتعليم والرعاية الصحية، ويؤدي إلى حالة من الإنهاك والإحباط الشديدين وذلك يؤثر على الموظف ويمكن أن يدفعه لترك العمل.

عند عدم توفر المرونة في بيئة العمل

تشير المرونة في مكان العمل إلى القدرة على التغيير بسهولة، والتكيف بسرعة لمواجهة الظروف غير المتوقعة والقدرة على التعامل مع المواقف التي لا تسير كما هو مخطط لها، كما تشير إلى الاعتراف ودعم احتياجات الموظفين الفردية، كالتحرر من طرق العمل التقليدية التي تركز على التواجد في مكان محدد وضمن ساعات محددة، فإذا كانت هذه الخصائص غير متوفرة يمكنك عندها اتخاذ قرار ترك العمل.

 يعزز هذا النهج تحسين الأداء الشخصي، مما يؤدي بدوره إلى زيادة التفاني والالتزام تجاه العمل، إذ يشعر الموظفون بالرضا والارتباط بمسؤولياتهم وزيادة مساهمتهم في نجاح الشركة، مما ينتج عنه زيادة في مستوى الإنتاجية، وقد وجدت دراسة (Ying et al., 2015) أجرتها جامعة ستانفورد أن العمل بمرونة من المنزل أدى إلى زيادة في الأداء بنسبة 13%، كما أفاد الموظفون عن تحسن الرضا عن العمل، وانخفض معدل ترك العمل بنسبة 50%.

عندما تكون بيئة العمل غير صحية

تشير بيئة العمل غير الصحية إلى بيئة عمل سلبية للموظفين كممارسات الإدارة الرقابية والعقابية، والمضايقات، والتشهير العلني بالموظفين، وعدم الأمانة وانعدام الثقة بين المديرين وكبار القادة وبين الموظفين، فقد يكون لهذه البيئة آثار سلبية على سعادتك الشخصية والمهنية؛ لذا إذا كنت في مثل هذه البيئة، فكر في ترك العمل، وابحث عن بيئات عمل تحترم صحتك النفسية والجسدية للحفاظ على توازن أفضل بين العمل والحياة.

من المهم أيضًا، أن تأخذ في الاعتبار العديد من العوامل الفردية وتقييم موقفك الشخصي بعناية قبل اتخاذ قرار ترك العمل؛ لأن ذلك سيساعدك في تحسين الأداء الشخصي، ويعزز استقرار الصحة النفسية لديك، وإذا كنت تجد صعوبة في اتخاذ القرار فلا تتردد في طلب المساعدة من خلال تحميل تطبيق تطبيق لبيه والتواصل مع المختص لمساعدتك على الوصول إلى القرار الصائب الذي يدعم صحتك النفسية.

المراجع

1- Extremera N, et al. On the association between job dissatisfaction and employee’s mental health problems: Does emotional regulation ability buffer the link? Personality and Individual Differences. 2020;155:109710. Doi:10.1016/j.paid.2019.109710. 

2- Christina Maslach, et al. Understanding the burnout experience: recent research and its implications for psychiatry, 05 June 2016, doi.org/10.1002/wps.20311.

3- Nicholas Bloom, et al. Does Working from Home Work? Evidence from a Chinese Experiment, The Quarterly Journal of Economics, Volume 130, Issue 1, February 2015, Pages 165–218, https://doi.org/10.1093/qje/qju032.