إذا كنت تعلم أن شيئًا ما يضر بصحتك، لمَ لا يمكنك أحيانًا الابتعاد عنه؟ يقول أغلب الذين يفعلون شيئًا مؤذيًا لأنفسهم أنهم يرغبون بتركه بشكل نهائي، فالكثير منا على سبيل المثال: لديه وزن زائد غير صحي يمكن التخلص منه إذا أكلنا بشكل صحيح وبذلنا بعض الجهد فقط. فلمَ لا نفعل ذلك؟

تابع معنا أحد أبرز العلاجات السلوكية التي تساعد في التخلص من العادات السيئة، والذي يسمى العلاج بالتبغيض.

ما هو العلاج بالتبغيض؟

المعالجة بالتبغيض هي نوع من أنواع العلاج السلوكي الذي يتضمن مشاركة السلوك غير المرغوب به مع حالة من عدم الراحة، مثل: تعرض الشخص الذي يتلقى علاجًا بالتبغيض للإقلاع عن التدخين لمنبه ألمي في كل مرة يشاهد فيها صورة علبة سجائر. الهدف من هذه العملية، جعل الفرد يربط العادة السيئة بأحاسيس غير سارة أو غير مريحة.

قد يُطلب من العميل أثناء المعالجة، التفكير في السلوك الذي يستمتع به أو الاندماج به بينما يتعرض في نفس الوقت لمنبه غير سار مثل: الطعم السيئ أو الرائحة الكريهة، وبمجرد أن ترتبط المشاعر غير السارة بالسلوك، فإن ذلك سيولد رد فعل عكسي يجعل الفرد يبتعد تدريجيًا عن الأفعال أو السلوكيات التي يرغب بالتخلص منها.

كيف تعمل المعالجة بالتبغيض؟

تعتمد طريقة العلاج على النظرية السلوكية، وهي تعني تشكل سلوك تلقائي عند الفرد في اللاوعي، بسبب تعرضه لمنبهات معينة، أي إن رد الفعل تجاه سلوك معين يعتمد على التفاعلات المتكررة معه، وبالتالي تركز المعالجة بالتبغيض على خلق استجابة سلبية لسلوك غير مرغوب به.

يتم اختيار الطريقة الدقيقة التي يتم بها إجراء المعالجة بالتبغيض، على السلوك أو العادة التي نحاول علاجها، ويعتبر التبغيض الكيميائي من أشيع العلاجات المستخدمة للابتعاد عن تناول المواد الضارة، تشمل الطرق الأخرى التي تستخدم في المعالجة بالتبغيض ما يلي:

• صدمات كهربائية.
• صدمات جسدية أخرى، مثل شد شريطة مطاطية.
• رائحة أو طعم كريه.
• الصور السلبية (بالتأثير على المخيلة).
• الشعور بالإحراج.

متى نستخدم المعالجة بالتبغيض؟

يمكن استخدام المعالجة بالتبغيض لعلاج عدد من السلوكيات الضارّة بما في ذلك ما يلي:

• العادات الصحية السيئة.
• التعود والإدمان.
• التدخين.
• المشاعر السلبية والعدوانية.

غالبًا ما تستخدم المعالجة بالتبغيض، كاستراتيجية للمساعدة في التخلص من مشاكل السلوك البسيطة.

ما مدى فعالية المعالجة بالتبغيض؟

أظهرت بعض الأبحاث فعالية المعالجة بالتبغيض في علاج اضطرابات التعود والإدمان، وقد وجدت دراسة حديثة (Elkins, 2017)، ركزت على فعالية العلاج بالتبغيض، أن المشاركين الذين دخلوا في الدراسة، بدأوا بتجنب السلوك الضار بعد 30-90 يومًا من بدء العلاج، واستمر أثر المعالجة عند 69% منهم بعد 12 شهر من بداية الجلسات العلاجية.

لكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث، حيث أظهرت العديد من الدراسات نتائج واعدة على المدى القصير، لكن فعاليتها طويلة الأمد ماتزال قيد الدراسة، ويُعتقد أن السبب في انخفاض فعالية العلاج مع مرور الوقت هو أن معظم جلسات العلاج بالتبغيض تجرى في العيادة، لذا يصعب أحيانًا الحفاظ على النفور من السلوك بعيدًا عن الطبيب. 

أجريت أيضًا دراسات على العلاج بالتبغيض لعلاج البدانة، ولكن كان من الصعب تطبيق المعالجة على جميع الأطعمة، والحفاظ على النتائج.

تعتمد فعالية العلاج بالتبغيض بشكل عام على عدد من العوامل بما في ذلك:

• طريقة العلاج والسلوك المراد التخلص منه.
• استمرار العميل بوقاية نفسه بعد الانتهاء من العلاج أم لا.
• عودة العميل في بعض الحالات إلى أنماط السلوك السابقة بمجرد خروجه من العلاج، وتجاهل المنبهات السابقة.
• تميل المعالجة إلى أن تكون ناجحة بشكل عام عندما تكون تحت إشراف الاختصاصي، لكن معدلات النكس مرتفعة.

ما هي سلبيات العلاج بالتبغيض؟

أحد الانتقادات الأساسية للعلاج بالتبغيض، أنه يفتقر إلى أدلة علمية واضحة تثبت فعاليته، كما تعتبر فكرة استخدام العقوبات في العلاج قضية أخلاقية هامة، وقد وجد الأطباء في بعض الحالات، زيادة درجة القلق عند الفرد أثناء الجلسات، والذي يؤثر بشكل سلبي على نتائج العلاج، وقد شعر بعض العملاء في حالات أخرى بالغضب والعدوانية أثناء الجلسات.

ما هي الخيارات العلاجية الأخرى؟

قد يكون العلاج بالتبغيض مفيدًا في التخلص من أنواع معينة من السلوكيات والعادات غير المرغوب بها. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أنه يجب مشاركة أكثر من طريقة علاجية واحدة للحصول على أفضل النتائج. يعتبر العلاج بالتعرض أحد الحلول الجيدة، حيث تكون فكرة المعالجة بتعريض الشخص لشيء يخشاه ضمن شروط معينة. يمكن في بعض الأحيان دمج هذين النوعين من العلاجات للحصول على نتيجة أفضل.

يوصي الأطباء النفسيون أيضًا بأنواع أخرى من العلاج السلوكي، بالإضافة إلى برامج إعادة التأهيل داخل أو خارج العيادات (عبر الإنترنت)، حيث تفيد مجموعات الدعم الكثير من الأشخاص في بقائهم على المسار الصحيح في رحلة التعافي. يمكن أن تكون بعض الأدوية النفسية مفيدة في عدد من الحالات، بما في ذلك الإقلاع عن التدخين، واضطرابات الصحة النفسية، والبدانة.

تهدف المعالجة بالتبغيض إلى مساعدة الناس على وقف السلوكيات أو العادات غير المرغوب بها. هناك عدد من الأبحاث حول استخداماته، وقد لا يوصي به العديد من الأطباء بسبب النقد والجدل حوله. 

يمكنك مناقشة خطة العلاج المناسبة لك مع طبيبك أو معالجك، سواء كان يشمل العلاج بالتبغيض أم لا. في كثير من الأحيان، قد تكون عدة علاجات أخرى مفيدة لعلاج الحالة، بما في ذلك العلاج السلوكي والأدوية النفسية.

Elkins RL, Richards TL, Nielsen R, Repass R, Stahlbrandt H and Hoffman HG (2017) The Neurobiological Mechanism of Chemical Aversion (Emetic) Therapy for Alcohol Use Disorder: An fMRI Study. Front. Behav. Neurosci. 11:182