يعد استخدام الواقع الافتراضي والألعاب في العلاج النفسي مجالًا متناميًا يحظى باهتمام متزايد بين الممارسين والباحثين، ويوفر الواقع الافتراضي تجربة غامرة وتفاعلية يمكن استخدامها في العلاج النفسي لعلاج مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية مثل: الرهاب واضطرابات القلق والصدمات.

ما هو العلاج من خلال الواقع الافتراضي وهل هو فعال؟

يطبق العلاج بالواقع الافتراضي استراتيجيات العلاج النفسي الحالية ذاتها، لكن في نسخة أكثر تكنولوجية وراحة للمريض. إذ يعد العمل مع كل من الخيال والحياة الواقعية أمرًا مهمًا جدًا في العلاج النفسي.

على سبيل المثال: في الماضي كان علماء النفس يطلبون من مرضاهم تخيل موقف معين أو زيارة الأماكن التي واجهوا فيها مشكلات، لكن الآن أصبح من الممكن أن يكون المريض في المكان المناسب دون مغادرة العيادة، وأصبح من الممكن محاكاة البيئة المطلوبة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي.

يعد العلاج بالواقع الافتراضي تقنية فعالة لأن الأشخاص يستجيبون تلقائيًا لإشارات الإنذار حتى لو كانوا يفهمون جيدًا أنهم في بيئة افتراضية غير حقيقية، ويحدث ذلك لأن المركز المسؤول عن العواطف في الجسم يتفاعل مع الضغوط خلال أجزاء من الثانية فقط، وهذا أسرع بكثير من قدرة المنطق على التدخل.

فوائد استخدام الواقع الافتراضي والألعاب في العلاج النفسي 

1- يوفر الواقع الافتراضي والألعاب تجربة علاجية أكثر واقعية وجاذبية للمرضى، إذ تُصمَم بيئات الواقع الافتراضي لتجسيد مواقف العالم الحقيقي، مثل: المواقف الاجتماعية أو البيئات الخطيرة ما يسمح للمرضى بمواجهة مخاوفهم بطريقة أكثر تحكمًا وأقل إثارة للقلق.

2- يمكن للواقع الافتراضي والألعاب توفير تجربة علاجية أكثر تخصيصًا، عن طريق تصميم بيئة محددة من بيئات الواقع الافتراضي لتلبي الاحتياجات الفردية لكل مريض لوحده، ما يسمح بتجربة علاج أكثر فردية وخصوصية وفعالية.

3- يمكن استخدام ألعاب الواقع الافتراضي لتوفير تجربة علاجية أكثر ملاءمة، يستطيع المرضى من خلالها الوصول إلى مجموعات الواقع الافتراضي في أي وقت، ما يسهل الوصول للعلاج ويجعله أكثر تناسبًا مع الحالة.

طرق يمكن من خلالها استخدام الواقع الافتراضي في العلاج النفسي

يمكن للواقع الافتراضي أن يُحدث ثورة في العلاج النفسي من خلال توفير طرق مبتكرة وفعالة لعلاج مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية والأمراض الفزيولوجية، ومع ذلك لا يجب أن تفكر في استخدام هذه التقنية كبديل عن زيارة الطبيب، إنما هي مجرد أداة تساعد الأطباء في عملهم، ويُترك القرار للطبيب في حال كان هذا العلاج كاف لوحده، وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الواقع الافتراضي في العلاج النفسي:

1- تشتيت الانتباه عن الأحاسيس المؤلمة

يمكن للمعالجين استخدام الواقع الافتراضي والألعاب أثناء جلسات العلاج داخل المستشفى لإلهاء المرضى عن الألم وزيادة قدرتهم على تحمل العلاج، ويمكن أن يكون هذا النهج مفيدًا بشكل خاص للأشخاص الذين يخضعون لإجراءات مؤلمة أو يتعافون من الإصابات، وقد أكدت مراجعة شاملة (2023 .Viderman et al) التطبيق الناجح للواقع الافتراضي في السيطرة على الألم، بما في ذلك الألم المزمن والألم الناتج بعد الجراحة والإجراءات الأخرى، ما يعني إمكانية استخدامه كعلاج بديل لإدارة الألم والتحكم به عند الأطفال والبالغين.

2- الحد من التوتر والقلق

يمكن للمعالجين إنشاء بيئات افتراضية هادئة ومريحة والتوصية بها للمرضى للتأمل وتقليل التوتر والقلق؛ عندما أجريت بعض التجارب (2021 .Kim et al) لاحظ الأشخاص الذين يعانون مظاهر القلق الشديد أن استخدام بيئة الواقع الافتراضي تسمح لهم بتخفيف التوتر وتقليل القلق.

3- تنمية المهارات الاجتماعية للمصابين بالتوحد

يمكن تجسيد مجموعة متنوعة من المواقف الاجتماعية باستخدام الواقع الافتراضي، ويسمح هذا التجسيد للأفراد المصابين بالتوحد تطوير مهاراتهم الاجتماعية تدريجيًا في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة، على سبيل المثال: يمكنهم ممارسة مهارات الاتصال وتعلم الأنشطة التعاونية والتعرف على المشاعر عن طريق ألعاب في الواقع الافتراضي.

4- العلاج بالتعرض للواقع الافتراضي للتغلب على الرهاب

باستخدام الواقع الافتراضي، يمكن للمختصين اختراع مواقف تسبب الخوف أو القلق لدى الأشخاص وتسمح لهم بمواجهتها والتغلب عليها تدريجيًا في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة، يتفاعل بعض المرضى القلقين الذين يعانون من الرهاب مع المواقف الآمنة بطريقة غير مناسبة ويعتبرونها شنيعة، أما عندما يتعرف هؤلاء المرضى على مشاعرهم وأفكارهم، يمكنهم ترويضها بشكل متكرر على هذه المواقف المروعة إلى أن يتبدد الخوف والقلق تدريجيًا.

5- علاج إدمان الأدوية أو الكحول

يمكن للمدمنين اللجوء إلى الواقع الافتراضي لتجسيد المواقف التي تثير لديهم الرغبة الشديدة في تعاطي الأدوية أو الكحول عندما يريدون تطوير طرق فعالة لمقاومة هذه الرغبة الشديدة والمحفزات.

بالإضافة إلى استخدام الواقع الافتراضي في العلاج النفسي، يمكن استخدامه أيضًا في إعادة تأهيل المرضى بعد حدوث السكتة الدماغية؛ إذ يمكن أن يساعد العلاج بالواقع الافتراضي مرضى السكتة الدماغية على استعادة وظائفهم الحركية وقدراتهم المعرفية، ويتم تحقيق التأثير باستخدام التطبيقات المصممة لتجسيد الأشياء والأحداث الواقعية، ويتمتع الواقع الافتراضي والألعاب التفاعلية بمزايا مقارنة بطرق العلاج الطبيعي التقليدية، فهي تسمح للأشخاص بممارسة الأنشطة اليومية، وهو أمر يكاد يكون من المستحيل تحقيقه للمرضى القاطنين في المشفى.

هل الواقع الافتراضي علاج مناسب لكل الحالات؟

العلاج بالواقع الافتراضي خيار جيد للأشخاص الذين يحبون الألعاب وينجذبون إلى المغامرات، وهو في كلتا الحالتين يستحق المحاولة.

ضع في اعتبارك أنك إذا كنت من الأشخاص الذين يعانون مع الصداع أو دوار الحركة أو لديك سوابق مع نوبات الصرع فقد لا يكون هذا العلاج هو الأفضل لك، فهو غير مناسب للأشخاص الذين يمكن أن يصابوا بالدوار بسبب أي نوع من أنواع الحركة (لأن الواقع الافتراضي قد يثير الحركة).

هناك أيضًا أوقات لا يمكن أن يكون فيها العلاج بالواقع الافتراضي والألعاب هو الشكل الوحيد للعلاج؛ لأن بعض  حالات الصحة النفسية تحتاج إلى علاج إضافي باستخدام الأدوية الموصوفة (مثل: الاكتئاب الشديد والاضطراب ثنائي القطب)، فإذا كنت تعاني حالة صحية نفسية (أو تعتقد أنك تعاني منه، أنت أو أحد الذين تعرفهم) فمن المهم أن تطلب المساعدة من أحد مقدمي رعاية الصحة النفسية لتحديد أفضل شكل من أشكال العلاج.

صحيح أن العلاج بالواقع الافتراضي قد لا يلبي جميع الاحتياجات، لكنه خيار جيد للعديد من الحالات سواء علاج بعض حالات الصحة النفسية أو تعزيز الصحة النفسية وزيادة الرفاهية. إذا كنت مهتمًا بالعلاج بالواقع الافتراضي، فإن خطوتك التالية هي إجراء استشارة مع فريق لبيه عن طريق حجز موعد باستخدام برنامج لبيه المريح عبر الإنترنت.

المراجع: 1,2,3,4