يعتبر الحزن والشعور بالإحباط وفقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة اليومية من المشاعر المألوفة بالنسبة لجميع الأشخاص، ولكن إذا استمرت هذه المشاعر وأثرت على حياة الفرد بشكل ملحوظ، فهذا يعني أنه قد يكون مصابًا بالاكتئاب.

الاكتئاب هو أحد اضطرابات المزاج التي تترافق بأعراض عديدة تختلف من شخص لآخر كالشعور بالحزن والقلق المستمر، واليأس وعدم تقدير الذات، كما يمكن أن يتسبب بصعوبة في التفكير والأكل والنوم. يُشخص الاكتئاب عندما تستمر الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل، ويمكن أن يستمر الاكتئاب لعدة أسابيع أو شهور وفي بعض الحالات يمكن أن يزداد الاكتئاب سوءًا ويستمر لفترة أطول مما قد يؤدي إلى إيذاء النفس أو الموت.

هل يعتبر الاكتئاب شائعًا؟

يعتبر الاكتئاب شائعًا في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يصيب الأشخاص من مختلف الفئات العمرية، يمكن أن يؤثر الاكتئاب على أي شخص، بغض النظر عن عمره أو جنسه أو ظروفه. فمثلًا يعاني حوالي 16 مليون أمريكي من الاكتئاب كل عام، كما قد تعاني النساء من الاكتئاب أكثر من الرجال، ويمكن أن تزيد العوامل الوراثية أو الظروف الصحية الأخرى من احتمالية الإصابة بنوبة اكتئاب واحدة على الأقل في حياة الفرد.

ما الذي يسبب الاكتئاب؟

هناك عوامل مختلفة يمكن أن تسبب الاكتئاب أو تؤهب له، ومنها:

• الجينات: إذا كان لدى الفرد قريب مصاب بالاكتئاب، فقد يكون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
• أحداث الحياة الصادمة: كالإجهاد وموت أحد الأحباء والأحداث المزعجة (الصدمة) والعزلة ونقص الدعم يمكن أن يسبب الاكتئاب.
• الأمراض والحالات الطبية: يمكن أن يسبب الألم الجسدي المستمر والإصابة بالأمراض الاكتئاب. غالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون بداء السكري أو السرطان من الاكتئاب.
• الأدوية: بعض الأدوية لها أعراض جانبية ومنها الاكتئاب، ويمكن أيضًا أن تسبب بعض الأدوية تفاقم الاكتئاب.
• عوامل شخصية: قد يكون الأشخاص الذين يعانون من الإرهاق أو صعوبة التأقلم مع الوسط المحيط عرضةً للإصابة بالاكتئاب.

كيف يُعالج الاكتئاب؟

يمكن أن يكون الاكتئاب خطيرًا، ولكنه قابل للعلاج أيضًا، وهناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لعلاج الاكتئاب وتخفيف حدته، ومنها:

• المساعدة الذاتية: حيث تلعب الرياضة المنتظمة، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وقضاء الوقت مع الأشخاص الذين تهتم بهم إلى تحسين أعراض الاكتئاب.
• الأدوية: يمكن أن تساعد الأدوية الموصوفة والتي تُسمى بمضادات الاكتئاب في العلاج، ولكن قد تستغرق بضعة أسابيع حتى يظهر مفعولها.
• العلاج النفسي: غالبًا ما يكون العلاج النفسي هو الشكل الأول من العلاج الموصى به للاكتئاب. وتتضمن هذه الطريقة من العلاج مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج.

أثناء العلاج النفسي، يتحدث الشخص المصاب بالاكتئاب إلى طبيب نفسي مُرخص ومُدرَّب يساعده على تحديد العوامل التي أدت إلى الإصابة بالاكتئاب والعمل على حلها، حيث أن الاهتمام بالجوانب النفسية للاكتئاب لا يقل أهمية عن علاج أسبابه الطبية. لذا سنقدم بعض المعلومات الإضافية حول العلاج النفسي للاكتئاب كونه يعتبر الأفضل مقارنةً بالإجراءات الأخرى.

كيف يساعد العلاج النفسي في علاج الاكتئاب؟

يساعد العلاج النفسي الأشخاص المصابين بالاكتئاب على:

• فهم السلوكيات والعواطف والأفكار التي تساهم في حالة الاكتئاب لدى الفرد.
• فهم وتحديد مشاكل أو أحداث الحياة، مثل الإصابة بمرض خطير أو وفاة أحد الأشخاص في الأسرة أو فقدان وظيفة أو طلاق، والتي ساهمت في اكتئاب الشخص.
• استعادة الشعور بالسيطرة والمتعة في الحياة.
• تعلم تقنيات التأقلم ومهارات حل المشكلات.

ما هي أنواع العلاج النفسي؟

يمكن تقديم العلاج بأشكال متنوعة، بما في ذلك:

• العلاج بشكل فردي: ويشمل هذا العلاج المريض والمعالج فقط دون مشاركة أطراف أخرى.
• العلاج الجماعي: قد يشارك مريضان أو أكثر في العلاج في نفس الوقت، حيث يمكن للمرضى تبادل الخبرات والتجارب، وتعلّم أن الآخرين يشعرون بنفس الطريقة ولديهم نفس التجارب.
• العلاج بالمشاركة: يساعد هذا النوع من العلاج الأزواج أو الشركاء على فهم سبب إصابة أحبائهم بالاكتئاب، وما هي التغييرات في التواصل والسلوكيات التي يمكن أن تساعدهم لتخطي هذه المرحلة، وما الذي يمكنهم فعله للتأقلم.
• العلاج بمساعدة العائلة: نظرًا لأن الأسرة جزء أساسي من الفريق الذي يساعد الأشخاص المصابين بالاكتئاب على التحسن، فمن المفيد أحيانًا لأفراد الأسرة فهم ما يمر به أحبائهم، وكيف يمكنهم أن يتأقلموا مع الحالة، وما الذي يمكنهم القيام به تجاه الشخص المصاب بالاكتئاب. فهذا سينعكس بشكل ملحوظ على النتائج.
• مناهج العلاج النفسي للاكتئاب: على الرغم من أن العلاج يمكن أن يتم بأشكال مختلفة كما ذكرنا سابقًا إلا أن هناك أيضًا العديد من الأساليب المختلفة التي يمكن للطبيب النفسي اتباعها لتقديم العلاج. بعد التحدث مع المريض عن اكتئابه، سيقرر المعالج الطريقة التي يجب استخدامها بناءً على العوامل الأساسية المشتبه بها التي تساهم في الاكتئاب ومنها:
• العلاج النفسي الديناميكي: يعتمد العلاج النفسي الديناميكي على افتراض أن الشخص مصاب بالاكتئاب بسبب صراعات لم يتم حلها، وغالبًا ما تنبع من الطفولة. الهدف من هذا النوع من العلاج هو أن يفهم المريض هذه المشاعر ويتعامل معها بشكل أفضل من خلال التحدث عن التجارب. يتم إجراء العلاج النفسي الديناميكي على مدى ثلاثة إلى أربعة أشهر، على الرغم من أنه يمكن أن يستمر لفترات أطول.
• العلاج الشخصي: يركز العلاج الشخصي على سلوكيات وتفاعلات مريض الاكتئاب مع العائلة والأصدقاء. الهدف الأساسي من هذا العلاج هو تحسين مهارات الاتصال وزيادة احترام الذات خلال فترة زمنية قصيرة. عادةً ما يستمر العلاج من ثلاثة إلى أربعة أشهر، ويمكن اتباع هذا المنهج في العلاج عند الإصابة بالاكتئاب الناجم عن موت أحد الأفراد أو صراعات العلاقات، أو أحداث الحياة الكبرى، أو العزلة الاجتماعية.
• العلاج السلوكي المعرفي: يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص المصابين بالاكتئاب على تحديد وتغيير التصورات غير الدقيقة التي قد تكون لديهم عن أنفسهم وعن العالم من حولهم. يساعد المعالج المرضى على إنشاء طرق جديدة للتفكير من خلال توجيه الانتباه إلى الافتراضات “الخاطئة” و “الصحيحة” التي يتخذونها عن أنفسهم وعن الآخرين. يوصى بالعلاج السلوكي المعرفي للمريض الذي يفكر ويتصرف بطرق تؤدي إلى الاكتئاب، والذي يرفض أو لا يستطيع تناول الأدوية المضادة للاكتئاب.

كيف يمكنك البدء بالعلاج النفسي

• تحديد مصادر التوتر: حاول الاحتفاظ بمذكرة وتدوين الأحداث المجهدة ذات الطابع السلبي وأيضًا تدوين الأحداث الإيجابية.
• إعادة هيكلة الأولويات.
• تخصيص وقتٍ للأنشطة الترفيهية والممتعة.
• تواصل مع شخص تثق به، وحاول التركيز على النتائج الإيجابية وابحث عن طرق لتقليل التوتر من حولك.

نصائح علاجية

يعمل العلاج النفسي بشكل أفضل عندما يحضر المريض جميع المواعيد المجدولة، حيث تعتمد فعالية العلاج على مشاركته النشطة والتي تتطلب الوقت والجهد والانتظام. عندما يبدأ الفرد بالعلاج، يجب تحديد بعض الأهداف مع المعالج، ثم قضاء بعض الوقت في مراجعة التقدم بشكل دوري مع المعالج. إذا كان المريض لا يحب أسلوب المعالج أو يعتقد أن المعالج لا يساعده بشكل فعّال، فيجب التحدث مع المعالج مباشرة، ويُنصح دائمًا بعدم إيقاف العلاج فجأة.

تذكر أن العلاج النفسي للاكتئاب يشمل تقييم أفكار وسلوكيات الفرد، وتحديد الضغوط التي تساهم في الاكتئاب، والعمل على تعديل كل منهما، فالعلاج النفسي هو علاج يتعامل مع أسباب محددة للاكتئاب، وقد يستغرق بدء مفعول العلاج وقتًا أطول من مضادات الاكتئاب، ولكن أشارت العديد من الدراسات أن نتائج العلاج النفسي تستمر لفترات أطول، ولكن في حالات الاكتئاب الشديد قد تكون هناك حاجة إلى مضادات الاكتئاب إلى جانب العلاج النفسي وعندها يكون الجمع بين العلاج والأدوية فعالًا للغاية.

يمكن أيضًا الحصول على استشارات نفسية وبرامج علاجية فعالة من خلال موقع وتطبيق لبيه للمساعدة في علاج الاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية.