كيف تؤثر آفة السمنة على نفسيتنا؟
يعاني ثلث سكان العالم على الأقل من السمنة أو زيادة الوزن، التي يمكن أن تؤثر بشكل خطير على صحتك العامة، وتساهم في حدوث الكثير من المشاكل التي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، والعديد من الاضطرابات الأخرى. لكن بالإضافة لهذه المشاكل الجسدية، غالبًا ما يعاني هؤلاء الأشخاص من الاكتئاب والكثير من الاضطرابات النفسية الأخرى.
كيف تؤثر السمنة على صحتك النفسية؟
أثبتت العديد من الدراسات الحديثة ارتباط زيادة وزن الجسم باضطرابات المزاج والقلق، وبالتالي إذا كنت تعاني من السمنة، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة بحالات نفسية مثل: الاكتئاب أو التوتر أو القلق.
تختلف العلاقة بين الوزن والصحة النفسية من شخص لآخر، حيث يؤدي الاضطراب العاطفي إلى أنماط أكل غير صحيّة، فمن الممكن أن يلجأ جسم الإنسان إلى الراحة الناجمة عن تناول الطعام للتعامل مع التوتر، هذا يعني أن تواجد الشخص ضمن جو من التوتر والضغط النفسي لفترة طويلة يساهم في زيادة الوزن، وهو أمر شائع لدى الأشخاص الذين لديهم أجسام أكبر حجمًا.
كيف تؤثر السمنة على صحتك العاطفية؟
يمكن أن تفاقم النظرة السلبية للمجتمع تجاه الأجسام ذات الوزن الأكبر، في مشاكل الصحة النفسية، فغالبًا ما يواجه هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد الكثير من التعليقات المسيئة أو الاستهزاء من أشخاص آخرين، حيث ينظر الكثير من الناس إلى الشخص البدين على أنه كسول ومهمل لذاته وغير مرغوب فيه بالمجتمع، بالإضافة إلى أنه مسؤول عن ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.
ليس من المستغرب أن تؤدي هذه النظرة حول الأشخاص الذين يعانون من السمنة، إلى مشاعر سلبية تجاه الذات، حيث يمكن أن يضعف التعرض لهذه المواقف من احترام الذات، ويساهم أيضًا في تفاقم الأعراض النفسية الأخرى.
يعاني الأشخاص البدينون أيضًا من أشكال أخرى من التنمر على شكل الجسم، الذي يزيد من خطر الإصابة باضطرابات نفسية عديدة، حيث يمكن أن تكون رواتبهم أقل من الذين لديهم جسم أنحف. كما يكون أولئك الأشخاص الذين يعانون من السمنة أقل عرضة للترقية أو التوظيف، ويعتبر عدم الشعور بالاستقرار المادي مؤشرًا قويًا على الإصابة بالمشاكل الصحية النفسية.
بالإضافة لذلك قد يتعذر على الشخص البدين ممارسة أنشطة معينة بسبب كبر حجم جسمه، مما يصعّب من إمكانية التعامل مع المشاعر السلبية التي تنتج عن ذلك، حيث تم تصميم مقاعد الركوب في مدينة الملاهي بحجم صغير، لا يتناسب مع مجموعة واسعة من الزوار، أو يواجه الركاب البدينون صعوبة في تأمين مقعد مناسب في شركة الطيران، ويواجهون خطر حرمانهم من الرحلات الجوية بسبب حجم الجسم.
ما هي الحالات النفسية التي ترتبط بالسمنة؟
ترتبط السمنة بزيادة خطر الإصابة ببعض اضطرابات الصحة النفسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب واضطرابات الأكل، وغالبًا ما تكون هذه العلاقة بسبب الآثار السلبية للتمييز بناءً على الوزن.
1- القلق
يعتبر الأشخاص المصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق، لكن السبب الأساسي لتعرض الأشخاص الذين لديهم جسم أكبر للقلق ما يزال مجهولًا، ومع ذلك فإن التفسير الأرجح، هو أن قلقهم ينشأ من تمييز الآخرين لهم بسبب وزنهم.
2- الاكتئاب
إن الاكتئاب الشديد هو اضطراب مزاجي يشمل الحزن، وفقدان الاهتمام بالأنشطة أو الهوايات المفضلة، وشدة المشاعر السلبية تجاه الذات، كما تعد زيادة الشهية والوزن من الأعراض الشائعة للاكتئاب.
وجدت الدراسات التي أجريت على العلاقة بين الاكتئاب والوزن، أنه في بعض الحالات قد تؤدي الإصابة بالاكتئاب إلى زيادة الوزن، بالإضافة إلى ذلك تساهم العديد من الأدوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب في زيادة الوزن أو عدم حساسية الأنسولين التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بحالات صحية مثل داء السكري، ومن المحتمل أن تفاقم البرامج الغذائية ذات السعرات الحرارية القليلة جدًا، التي تستخدم في الحميات الشديدة من سلوك الأكل بنهم وأعراض الاكتئاب الأخرى.
3- اضطراب ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب هو نوع آخر من اضطرابات المزاج التي تتألف من نوبات من الهوس والاكتئاب. ما تزال الأسباب المحددة للعلاقة بين الاضطراب ثنائي القطب والسمنة غير معروفة، ولكن قد يلجأ الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب إلى الطعام كوسيلة للتعامل مع الضيق الذي يشعرون به، بشكل مشابه للحالات النفسية الأخرى. كما من المحتمل أن تسبب الأدوية المستخدمة لعلاج الاضطراب ثنائي القطب، بما في ذلك بعض محسنات المزاج، آثارًا جانبية مثل: فرط الشهية وزيادة الوزن.
4- اضطرابات الأكل
يساهم التركيز الزائد على فقدان الوزن والخوف من السمنة والأنظمة الغذائية قليلة السعرات، في زيادة خطر الإصابة باضطرابات الأكل، ويعتقد بعض الباحثين أن اتباع نظام غذائي قاسِ لفقدان الوزن، قد يحمل عددًا أكبر من المخاطر مقابل الفوائد.
تشير دراسة (Da Luz, 2018)، التي أجريت على أكثر من 550 شخص يعاني من اضطرابات الأكل، إلى أن ما يقارب 52٪ من الأشخاص المصنفين على أنهم يعانون من السمنة المفرطة في برامج إنقاص الوزن، يعانون من اضطراب الأكل بنهم، بينما لا يتم غالبًا تشخيص البدينين الذين يعانون من فقدان الشهية غير النموذجي بشكل صحيح. تملك هذه الحالة الكثير من المخاطر التي تصل لخطر الوفاة.
كيف يمكنك تحسين صحتك الجسدية والنفسية؟
بغض النظر عن وزنك، هناك العديد من الخطوات التي يمكنك القيام بها لحماية صحتك النفسية، حيث تستطيع من خلال إجراء بعض التعديلات في نمط حياتك، تعزيز صحتك النفسية والجسدية لذا عليك القيام بما يلي:
1- اتباع نظام غذائي صحي
يمكن أن يؤثر تناول غذاء صحي غني بالفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الأخرى، بشكل إيجابي على صحتك النفسية، حيث ينظم السيروتونين (وهو ناقل عصبي موجود في الجسم) المزاج والنوم والشهية، ويتم إنتاج النسبة الأكبر من الهرمون في الجهاز الهضمي، وبالتالي تؤثر صحة المعدة والأمعاء والأطعمة التي تتناولها على تركيب السيروتونين بالجسم وبالتالي حالة مزاجك.
2- تعرّف على عادات النوم الصحية
قد يؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم بشكل سلبي على صحتك الجسدية والعاطفية، حيث تؤدي قلة النوم إلى اضطراب العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الاستقلاب وتنظيم إفراز الهرمونات. يميل هؤلاء الأشخاص أيضًا إلى تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن. للحفاظ على صحتك، يجب الحصول على ما لا يقل عن 7 إلى 9 ساعات من النوم كل ليلة.
3- مارس الرياضة بانتظام
يعتبر التمرين نشاطًا مهمًا لصحتك الجسدية والنفسية، حيث يمكن أن تقلل التمارين الرياضية المنتظمة من خطر حدوث:
- ارتفاع ضغط الدم.
- الجلطات القلبية والدماغية.
- داء السكري من النمط الثاني.
ينصحك خبراء الصحة بأن تمارس ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين الرياضية المعتدلة كل أسبوع، والتي يمكن توزيعها على عدة أيام، على سبيل المثال، يمكنك ممارسة 50 دقيقة من التمرين لمدة 3 أيام في الأسبوع أو 30 دقيقة من التمرين لمدة 5 أيام في الأسبوع.
4- تخلّص من التوتر
يرتبط التوتر بالعديد من المشاكل الصحية الأخرى إلى جانب الاضطرابات النفسية. كما قد يكون تناول الطعام وسيلة للتعامل مع التوتر بالنسبة لبعض الناس؛ لذا ننصحك باستشارة طبيب أو معالج نفسي مختص لإيجاد طرق صحية لتخفيف التوتر لديك.
5- مارس تمارين اليقظة الذهنية
أظهرت الدراسات التي أجريت على التأمل، أنه فعال في تخفيف القلق والاكتئاب وشراهة الأكل. كما يمكن أن تساعد ممارسة التأمل بانتظام أيضًا في تقليل الأكل العاطفي، من خلال جعلك أكثر وعيًا بسبب وكيفية الأكل.
يؤثر وزن الجسم على نفسية الشخص، حيث يساهم في حدوث اضطرابات نفسية معينة، كما تعتبر النظرة السلبية للمجتمع حول زيادة الوزن والمحاولات القاسية للتنحيف، عوامل خطر هامة للإصابة بالمشاكل النفسية أيضًا.
لحسن الحظ، هناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحسين صحتك الجسدية والنفسية. يمكنك التعرّف على هذه الخطوات من خلال تحميل تطبيق لبيه مجانًا، وحجز موعد استشارة نفسية عبر الإنترنت أو الانضمام لمجموعات الدعم للتخلص من القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات الأخرى، والاستفادة من أفضل خدمات الرعاية الصحية، بأقل سعر ممكن.
المراجع
1- Does Being Labeled as Obese or Overweight Affect Your Mental Health?, www.goodrx.com, retrieved on 21/7/2023.
2- Obesity: Health consequences of being overweight, www.who.int, retrieved on 21/7/2023.
3- da Luz, Felipe Q et al. “Obesity with Comorbid Eating Disorders: Associated Health Risks and Treatment Approaches.” Nutrients vol. 10,7 829. 27 Jun. 2018, doi:10.3390/nu10070829.