تساعد بيئة العمل المريحة والإيجابية العاملين على الإنتاج والعطاء، وبذل كل ما يملكون من قدرات، بل وتجعلهم يفرحون بنجاح المكان الذي يعملون فيه كما لو أنه نجاحهم الخاص، من أجل ذلك يسعى دائمًا أرباب العمل لتأمين وسط مريح للعاملين يساعدهم على الإبداع وتقديم أفضل ما لديهم.

ما إيجابيات وفوائد العمل في بيئة مريحة؟

يعتبر السعي وراء السعادة عنصرًا أساسيًّا في بيئة العمل، ويأخذ العاملون اليوم هذا المبدأ بجدية أكبر، ويشعرون بضرورة العثور على السعادة في العمل والمنزل لدرجة تغيير وظائفهم إذا كان ذلك يجلب لهم الراحة والشعور الإيجابي.

 بحسب دراسة (Kun,2022) فإن الصحة النفسية والرفاهية في العمل هي من العوامل الحاسمة في أداء الشركات ونجاحها، وسعادة الموظف مرتبطة بمستويات الإجهاد والتوتر في العمل والرضا الوظيفي، ومن الضروري اعتبار العوامل التي تساهم في سعادة الموظف من المكونات المهمة لتحقيق أفضل إنتاجية في بيئة العمل، وهنا بعض الأسباب الرئيسية التي تجعل الجميع يقبل على بيئة العمل المريحة والإيجابية:

• عندما يكون الموظف سعيدًا بعمله يزداد ارتباطه به، وبالتالي تزداد إنتاجيته ويقل معدل غيابه، كما أن بيئة العمل الإيجابية تزيد من الصداقات بين الموظفين وتقلل من التوتر وتحسن من صحتهم الجسدية والنفسية، وتوسع من مهاراتهم وثقافتهم ما يزيد قدراتهم الإبداعية وسرعتهم في حل المشاكل.
• إن العمل في بيئة ترفع من مهارات العاملين وتقوي عزيمتهم، وتشجعهم على تقديم أفضل ما لديهم، وتزيد من إنتاجيتهم وارتباطهم بالعمل، فالعاملون هذه الأيام يرغبون في العمل في مكان يستطيعون فيه تطوير مهاراتهم وتحدي أنفسهم وتحقيق إنجازات مهمة.
• يَعتبر الموظفون اليوم وظائفهم وحياتهم الشخصية أولويات متساوية، وغالبًا ما يكونون غير مستعدين للتنازل عن أحدها للآخر، ويفضلون الدور الذي يسمح لهم بالحصول على توازن أكبر بين العمل والحياة، لذا يسعى العاملون دومًا لتعديل جداولهم والعمل عن بعد قدر الإمكان ليحققوا التوازن بين مهامهم وحياتهم الشخصية.
• يميل الموظفون غير السعيدين بعملهم لتركه، فنحن الآن نعيش في وقت أصبح فيه ترك الموظف لوظيفته مصدر قلق لمعظم أصحاب العمل. في الماضي كان من المتوقع أن يبقى الموظفون في وظائفهم لفترة طويلة من الزمن، لكن اليوم يقضي الموظفون عامًا أو عامين فقط في الشركة قبل الانتقال إلى فرصة أخرى تقدم بيئة عمل أفضل.

ما تأثير بيئة العمل غير المريحة عليك؟

تلعب طبيعة بيئة العمل دورًا كبيرًا في حياتك، فهي المكان الذي تقضي فيه معظم يومك وإن لم تكن مريحة، فإنها تسبب لك التوتر وتؤثر على إنتاجيتك، فالبيئة الإيجابية تحسن الإنتاجية والأداء والمشاركة بين الموظفين وتزيد حماسهم نحو تقديم المزيد، أما البيئة السلبية فتقود إلى تشتت فريق العمل وقلة الثقة والدعم بين أفراده وتراكم الكثير من الأعمال، لذا فمن مهمة كل شركة أن تعرف المشاكل التي يواجهها الموظفون وتسعى لحلها وتحسين الجو العام، لأن ذلك ينعكس إيجابيًا على أدائهم وراحتهم، ومن التأثيرات المهمة لبيئة العمل على نفسية الموظفين:

• المهام الكثيرة وما لها من تأثير كبير على نفسية الموظفين، فأعباء العمل الكبيرة ومواعيد التسليم الصارمة تؤدي إلى الإرهاق والتوتر والقلق الزائد، وتؤكد هذا دراسة (Haq,2020) التي نُشرت في المجلة الأوروبية للعمل والإدارة، وأعطت نتائجها دليلًا واضحًا أنه إذا عانى الموظفون من ضغوط لأي سبب داخلي أو خارجي وكانوا غير مرتاحين في عملهم سينخفض أداؤهم، ما يخلق عقبات في طريق نجاحهم؛ لذا يجب على أصحاب العمل التأكد من أن الأعمال والمهام توازي طاقة الموظفين وعليهم توفير ساعات للراحة والاسترخاء والابتعاد عن توتر العمل.
• عدم القدرة على أخذ استراحة بعد ساعات طويلة من العمل يعود بنتائج سلبية على الموظف، ويخفض طاقته ويقلل إنتاجيته وقدرته على أداء الأعمال الموكلة إليه، ومن هذا الباب يجب أن يسمح المسؤولون بالعمل عن بعد أحيانًا وأن يضعوا جداول عمل مرنة ويتيحوا الفرصة للموظفين من خلال أخذ استراحات قصيرة لاستعادة نشاطهم .
• عدم القدرة على التكلم والتعبير عن الرأي وتقديم اقتراحات لإحداث تغييرات في العمل، وهو الأمر الذي يُشعر الموظف بالتقييد الزائد وعدم امتلاكه أي نوع من السلطة. يحتاج الموظفون للشعور بالدعم وسماع آرائهم، لأن ذلك ينعكس إيجابًا على نفسيتهم ويشكل بيئة عمل آمنة لمشاركة أفكارهم وآرائهم.
• العلاقات السيئة بين الموظفين والمديرين تساهم في خلق بيئة عمل غير مريحة ومنفرة ومزعجة، كما أن التنمر والاستهزاء بين الزملاء يخلق خلافات ونزاعات مستمرة، تؤثر على نفسية الموظف ورغبته في العمل، لهذا لا بد من خلق بيئة عمل يعامل بها الجميع بعضهم باحترام وتقدير عبر زيادة التعاون بين الأقسام وتعزيز روح الفريق بين العاملين.
• يؤثر مكان العمل على نفسيتك بشدة، فعندما يكون مليئًا بالضوضاء وخاليًا من الخصوصية والراحة وفقيرًا بالمعدات والوسائل التي تتيح لك القيام بعملك بشكل جيد، فإن ذلك يؤثر على إنتاجيتك ورغبتك في تقديم المزيد، ولتحقيق ذلك يسعى المديرون لتوفير أماكن عمل مريحة ذات إضاءة مناسبة ومساحات هادئة للاجتماعات والعمل لمساعدة الموظفين على تقديم أفضل ما لديهم.

كيف ترفع حماس الموظفين للعمل؟

توجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لضمان رضا الموظفين، إلا أن الاستراتيجيات الأكثر نجاحًا هي التي تسعى لإسعادهم وتلبية احتياجاتهم وتأمين الوسط الأفضل لإظهار قدراتهم. 

أكدت دراسة (Halder,2012) أن مكان العمل قد يكون بيئة متعبة جدًا لأي شخص، فضغوط ساعات العمل الطويلة والمهام المتزايدة أثبتت أنها شديدة السمية على الصحة النفسية والجسدية، وفيما يلي بعض الطرق البسيطة والمبتكرة لتوفير بيئة عمل مناسبة ومريحة:

• توظيف أفضل المرشحين للمنصب: فامتلاك الموظف لمجموعة من المهارات والقيم والمؤهلات المناسبة للمنصب تجعله متوافقًا مع زملائه وأكثر سعادة واستعدادًا للعمل مع الفريق.
• التأكد من أن أعضاء الفريق يشعرون بالتقدير والاحترام الذي يستحقونه: فعبارة شكر بسيطة لها دور كبير في إبقاء الموظفين سعداء وفخورين بعملهم، لذا يجب على الشركات أن تدع موظفيها يعرفون علنًا أمام أعضاء الفريق أنهم يقدّرون خدمتهم وجهودهم.
• توفير بيئة عمل مريحة: إذ يشيع في عالم الأعمال أن الموظفين لا يتركون وظائفهم بل يتركون الشركة، وذلك ليس لأنهم يكرهون ما يفعلونه بل لأنهم يكرهون ثقافة الشركة أو أساليب إدارة رؤسائها أو معاملة زملائهم، وبالتالي يقع على عاتق الشركة تحسين ثقافتها لإبقاء الموظفين متحفزين ومرتاحين في مكان عملهم، وعقد جلسات لتعزيز الثقة والشفافية، وفتح قنوات للتواصل بين أعضاء الفريق لإبقائهم سعداء في عملهم.
• دعم استراتيجيات تطوير قدرات الموظفين: فالشعور بالأهمية يجعلهم سعداء تجاه وضعهم في الشركة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال استثمار الوقت والمال في تدريبهم ليدركوا أن الشركة تهتم لأمرهم وتريدهم أن يكونوا جزء منها لفترة طويلة.

بالإضافة لكل ما سبق، تعرّف على نقاط القوة والضعف عند الموظفين، وإعلامهم بها عبر وضع نظام تقييم لأدائهم والأخذ برأيهم حول المكان الذي يرون فيه عيوبًا محتملة، وهذا سيشعرهم أنهم مشمولون في عملية صناعة القرار.

يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه ليعلمك طرقًا إضافية لدعم وتعزيز نفسية العاملين وتأمين بيئة عمل إيجابية وداعمة لهم.

الدراسات

1- Kun A, Gadanecz P. Workplace happiness, well-being and their relationship with psychological capital: a study of Hungarian teachers. Current Psychology.2022;41:185-199. https://doi.org/10.1007/s12144-019-00550-0

2- Haq F, Alam A, etc. The effect of stress and work overload on employee’s performance: a case study of public sector universities of Khyber Pakhtunkhwa. European Journal of Business & Manegment Research.2020;5(1). https://doi.org/10.24018/ejbmr.2020.5.1.176.

3- Halder S, Mahato A. Mental Health at work. The International Journal of Health &Saftey.2012;2(1):2-6. DOI:10.3126/ijosh.v2i1.5915