كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على الروابط الاجتماعية في بيئة العمل؟
أثرت جائحة كوفيد-19 وتبعاتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية على كافة مفاصل حياتنا، وأحدثت تغييرات جذرية على مختلف الأصعدة، ومع انتشار الإصابات وازدياد أعداد الوفيات بشكل كبير، اتخذت الحكومات حول العالم عدة قرارات بهدف حماية المواطنين والحد من أعداد الإصابات وإيقاف انتشار العدوى، من أهمها الانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني عن بعد، وإيقاف حضور الحفلات والنشاطات الرياضية، وحظر التجول في بعض الأحيان وإجراءات التباعد الاجتماعي، وإلزامية ارتداء الكمامات وغير ذلك الكثير.
بالإضافة إلى ما سبق، أثرت جائحة كوفيد-19 تأثيرًا مباشرًا على بيئة العمل فقد غيرت هذه الجائحة طريقة إدارة الأعمال بشكل جذري عبر إغلاق الكثير من الشركات والانتقال إلى العمل عن بعد، ومن الطبيعي أن يتلو ذلك تغيرات في طبيعة العلاقة بين الموظفين وأن يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق لدى الموظفين والمدراء، مع تغييرات هامة أخرى.
ما هي أهمية الروابط الاجتماعية في بيئة العمل؟
كل أفراد العمل قد مروا بلحظات وتفاصيل صغيرة إلا أن معظمهم لم يدركوا أهمية هذه التفاصيل إلا عندما جربوا العمل من المنزل. إن جميع الأحداث والحوارات والخطط والنقاشات وحتى الخلافات التي كانت تجري في بيئة العمل مهمة وضرورية لتعزيز التواصل وتنمية الروابط الاجتماعية بين الزملاء وبين الموظف ومدرائه.
هل تتذكر الدردشة مع زملائك حول خطط عطلة نهاية الأسبوع؟ أو حول مشروع كبير تعمل عليه؟ هل تتذكر بعض المواقف التي وجدت نفسك فيها في المكان المناسب لتساعد زميلك في عمله أو تعطيه بعض المعلومات التي يحتاجها؟ هل شاركت سابقًا في تقديم الموظف الجديد لبقية زملاء العمل؟ هذه التفاعلات بين الزملاء في مكان العمل هي حجر الأساس لما يعرف برأس المال الاجتماعي، ويعرف رأس المال الاجتماعي بأنه مجموعة الفوائد التي يمكن أن يحصل عليها الأشخاص من الشبكة الاجتماعية التي يعرفونها، فأنت تعتمد على رأس المال الاجتماعي الخاص بك في كل مرة تصل فيها إلى طريق مسدود ويتدخل أحدهم لمساعدتك حتى لو لم يكن مضطرًا لذلك، وأنت تعتمد أيضًا عليه عند احتياجك لخبرات أو مهارات غير موجودة لديك.
يعد رأس المال الاجتماعي والعلاقات الإيجابية بين الموظفين أمرًا أساسيًا لنجاح العمل وزيادة فعاليته وإنتاجيته، وتطوير الموظفين والمؤسسات على حد سواء، فهو يساعد على انتقال المعرفة والمعلومات بين الأشخاص ويحفز على خلق أفكار جديدة وتنشيط الأفكار القديمة، ويساهم في تقليل التغيب المستمر عن العمل ويحسن من الأداء التنظيمي ضمن مؤسسة العمل.
كيف أثرت جائحة كوفيد على الروابط الاجتماعية ضمن بيئة العمل؟
أدى التحول إلى العمل عن بعد، والذي حدث أثناء جائحة كوفيد-19 إلى تغيير طبيعة العلاقات الاجتماعية في مؤسسات العمل المختلفة، فعلى الرغم من أن الموظفين كانوا على اتصال دائم ببعضهم البعض عبر وسائل الاتصال المتنوعة خلال مختلف فترات اليوم، إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي على تعزيز علاقاتهم الاجتماعية بل أدى إلى مستويات أكبر من العزلة والقلق، فكيف حدث ذلك؟
في بداية الوباء رأينا زيادة في التواصل مع الأشخاص المقربين، بينما تراجع التواصل مع الأشخاص الأبعد، وعندما تحول الناس إلى حالة التباعد أو العزل ركزوا على التواصل مع الأشخاص الذين اعتادوا على رؤيتهم بانتظام ما ترك العلاقات الأضعف تنهار، ولعل من أهمها العلاقات مع زملاء العمل، كما أثر العمل عن بعد بشكل سلبي على الأشخاص الجدد الذين لم يجدوا بيئة عمل مناسبة مرحبة بهم ولم يتعرفوا بشكل فعلي على زملائهم الأقدم، ويمكننا القول ببساطة إن الشركات أصبحت منعزلة أكثر مما كانت عليه في فترة ما قبل الجائحة.
أجريت عدة دراسات لتقييم تغييرات العلاقات الاجتماعية بين زملاء العمل خلال فترات الجائحة وتأثير هذه التغييرات على العمل، وقد وجدت هذه الدراسات أن تراجع التفاعل الاجتماعي بين الزملاء أدى إلى انخفاض احتمالية النجاح والابتكار والتفكير الاستراتيجي والتعاون وضعف اقتراح الأفكار الجديدة وغياب الوسط الاجتماعي الداعم والمشجع ضمن بيئة العمل، وكل ذلك أدى بشكل أو بآخر إلى انخفاض إنتاجية وجودة العمل، وهذا ما كان سببًا رئيسيًا في انهيار بعض الشركات وإغلاقها وإفلاسها.
ما هي النصائح التي ينبغي عليك اتباعها أثناء العمل عن بعد؟
على الرغم من تطور فهمنا وإدراكنا لفيروس كورونا واكتشاف عدة أدوية تساعد على تخفيف شدة الإصابة وتطوير عدة لقاحات تساعد في الوقاية من العدوى، إلا أن ذلك لا يعني أننا تخطينا جائحة كوفيد-19 بشكل كامل، وبالتالي فمن الممكن جدًا أن تعود حالة الإغلاق والعمل عن بعد، ومن أجل ذلك، إليك بعض النصائح التي ينبغي عليك اتباعها للوقاية من تراجع التفاعل الاجتماعي بينك وبين باقي زملائك وما قد يتلو ذلك من تأثيرات سلبية على الإنتاجية والجودة:
- حافظ على التواصل اليومي مع زملاء العمل وتجنب الانقطاع الطويل، ويمكنك القيام بذلك عبر القيام بلقاء جماعي إلكتروني صباحي للاطمئنان عن صحة الزملاء وعائلاتهم واحتياجاتهم وتوزيع المهام اليومية ثم القيام بلقاء جماعي إلكتروني في نهاية يوم العمل لمراجعة الإنجاز والمتابعة، سوف تجمع هذه اللقاءات الموظفين بشكل منتظم ما يمنع الانقطاعات الطويلة ويعزز العلاقات الاجتماعية بينهم.
- احترم مواعيد العمل لدى الزملاء ولا تزعجهم خارج أوقات عملهم، فقد أدى انتشار العمل عن بعد إلى تسهيل أكبر للعمل من ناحية تجنب التنقل والقدرة على العمل من المنزل، إلا أن ذلك دفع بعض المدراء إلى التواصل مع الموظفين في أي وقت يحلو لهم للقيام بالمهام المختلفة، وقد أثر ذلك بشكل سلبي على الموظفين وخلق لديهم فكرة أنهم أسرى للعمل وترتب على ذلك نفور كبير من المدراء والزملاء والعيش في توتر مستمر.
- احرص على قضاء وقت ممتع مع زملاء العمل، فخلال ممارسة العمل التقليدي دائمًا ما تكون هنالك بعض اللحظات اللطيفة والتي يشعر فيها معظم الأشخاص بالمتعة والمرح وهذا ما يعزز العلاقات الاجتماعية بشكل كبير، يمكنك القيام بذلك عبر التخطيط لمكالمة فيديو جماعية لقضاء وقت مسلي مع زملائك.
- أبدِ استعدادك المستمر لمساعدة زملائك واطلب منهم المساعدة عندما تحتاجها، سيعزز ذلك من العلاقات بين الزملاء وسيخلق جوًا من الدعم الاجتماعي الضروري للجميع.