ما هو الوقت المناسب للتغيير؟
من الطبيعي أن يكون معظم البشر غير راضين عن حياتهم المهنية أو الشخصية، ويشعرون بنقص الرضا عن الذات، وقد يكون إجراء تغييرات لتحسين بعض جوانب الحياة هو التحدي الأكبر الذي يواجهنا جميعًا، لأنه من الصعب حقًا معرفة الخطوات التي يجب اتخاذها، والأهم من ذلك متى يجب اتخاذها؟
ما هي التغييرات الهامة في الحياة؟
يختلف تعريف التغيير من شخص لآخر، لأن هذا المفهوم يحمل الكثير من المجالات؛ فبعض الأفراد يتوقون لإجراء تغيير في عملهم، والبعض الآخر يرون أن التغيير يجب أن يشمل العلاقات الاجتماعية والعاطفية.
في جميع الأحوال، قد يكون مفتاح الرضا عن الذات وتحقيق التغيير الذي تصبو إليه هو منح نفسك الوقت للتفكير فيما تريده حقًا، وتجربة أشياء جديدة في بيئة آمنة خالية من أحكام وتوقعات الآخرين وتأثيراتهم المباشرة عليك.
ما هي العلامات التي تشير إلى أن وقت التغيير قد حان؟
قد تكون بحاجة لإجراء التغييرات في حياتك، لكنك لست على دراية بالعلامات التي تشير إلى أنه قد حان الوقت لتتخذ قرارات جديدة، سواء في الخيارات المهنية، أو على المستوى الشخصي، أو خيارات الحياة بشكل عام.
فيما يلي بعض الدلائل على أن وقت التغيير قد حان:
الملل وفقدان الشغف والاهتمام
إذا وجدت نفسك تفعل الشيء نفسه يومًا بعد يوم، فقد يكون الوقت قد حان لتغيير الأمور، لا ضير في القيام ببعض الإجراءات الروتينية على مدار اليوم، لكن الإفراط في الرتابة يمكن أن يقتل الإبداع، فإذا كانت حياتك تفتقر إلى الإثارة وطاقتك منخفضة، فقد يكون الوقت قد حان لتغيير نمط حياتك.
نشرت دراسة (Edwin.2018) أكدت على أن الملل هو شعور سائد وشائع بين الناس في عالم اليوم، ويمكن أن يكون له عواقب سلبية عديدة، وقد بينت الدراسة تأثير الملل والرتابة على ردود الأفعال، وقدرة الفرد على الشعور بالإثارة والنشاط في حياته، وقد شملت الدراسة 443 شخص، وأشارت النتائج أن معظم المشاركين كان لديهم مستوى عالٍ من الإحباط الناتج عن تكرار المهام، والذي نتج عنه الشعور بالاكتئاب في بعض الحالات.
العيش في الماضي والحلم بالمستقبل
لا يمكن إنكار أن الحياة تقدم دوما فرصًا متميزة للتقدم والنجاح، ولذا قد يكون التركيز على الوقت الحالي هو أفضل خيار لمن يريد حقًا إجراء تغييرات حقيقة، إذ أن العيش على أحداث حصلت في الماضي أو الاستمرار في التأمل بالمستقبل هو علامة على محاولة الهروب من الحاضر ولن يكسبك أي تقدم في حياتك.
التأثر الكبير بالمشاكل الطفيفة
لا شك أن الحياة تقدم باستمرار الكثير من التحديات على مختلف الأصعدة، ولكن التأثر بالمشكلات الطفيفة والصغيرة، وتقييد نفسك بالمضايقات التافهة، هو إشارة على أن الوقت قد حان للقيام بتغييرات جذرية، إذ إن تحرير نفسك من هذه القيود والمشاعر له دور في السيطرة على مجالات أخرى من الحياة.
كيف يمكنك إجراء تغييرات في الحياة؟
في بداية كل عام، يتخذ العديد من الأشخاص قرارات جديدة للتغيير، وغالبًا لا تُنجز معظم هذه القرارات، لأنها قد تفقد بريقها خلال الأشهر اللاحقة ويتم تجاهلها، لذا إليك مجموعة من النصائح التي يمكنك اتباعها لتحقيق التغييرات التي تريدها في حياتك:
تحديد أهدافك بدقة
يفترض الباحثون أن تحديد أهدافك بدقة ووضوح، سيمنحك فرصة أفضل لإجراء تغييرات ناجحة قصيرة المدى، تتحول إلى عادات طويلة الأمد للوصول إلى نمط الحياة الذي تريده، والذي يتماشى مع قيمك ونظرتك إلى نفسك.
قسّم الباحثون الأهداف إلى نوعين، وهي:
- الأهداف الرئيسية (طويلة المدى): وهي أهداف هامة وتستند إلى رغبة الفرد فيما يريد أن يكون في المستقبل البعيد، وتميل هذه الأهداف إلى أن تكون أكثر تجريدًا وليس لها نقطة نهاية محددة.
- الأهداف الثانوية (قصيرة المدى): وهي أهداف محددة، ويمكن العمل على تحقيقها في الوقت الحاضر، ويمكن تحديد المدة اللازمة لإنجازها.
أشارت دراسة (Höchli.2018) إلى نظرية تحديد الأهداف، والتي تنص على أن العمل على الأهداف الملموسة (أي الأهداف الثانوية) هي بمثابة محفزات قوية جدًا، ولها دور فعال في تعزيز السعي لإجراء تغييرات جذرية في حياة الفرد مقارنةً بالأهداف الرئيسية، فعلى سبيل المثال: الهدف المحدد بخسارة 10 كيلوغرام من الوزن خلال شهرين، يتحقق بنجاح أكبر من الهدف الغامض (خفض الوزن)، وبينت الدراسة وجود العديد من التحديات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية التي قد يواجهها الفرد اليوم، والتي تقف أمام قدرته على تحقيق هدف واسع بعيد الأمد.
صقل خطتك والعمل على تطويرها
بمجرد الانتهاء من كتابة المسودة الأولى لأهدافك، يمكنك تحسينها لجعلها أكثر فعالية، يمكنك أولًا البدء بصقل الأهداف ذات المدى الطويل، نظرًا لأنها تعكس قيمك الجوهرية وطموحاتك المستقبلية، فهي مرتبطة بهويتك وتعكس التغييرات التي تريد حقًا أن تحصل في حياتك.
بعد ذلك، اصقل أهدافك الثانوية، وللقيام بذلك قد يكون من المفيد استخدام نهج الأهداف الذكية والتي تتصف بما يلي:
- محددة.
- قابلة للقياس.
- يمكن تحقيقها.
- مقيدة ومحددة زمنيًا.
بذل الجهد بشكل مستمر
في دراسة نُشرت في الرابطة الدولية لعلم النفس التطبيقي (Höchli.2020)، وشملت 256 مشارك، صاغ كل منهم قرارات مشتقة من أهداف قصيرة وطويلة المدى، وبينت النتائج أن بذل جهد واضح في السعي وراء التغيير، مع وجود النوايا لمواصلة السعي لتحقيق الهدف هو المفتاح الرئيسي للوصول إلى ما ترغب في تحقيقه.
البحث عن بيئة مناسبة
إذا كنت تشعر بأن محيطك يقيد رغباتك وقراراتك في معظم التغيرات التي تريدها في حياتك، فعليك عندها أن تبحث عن بيئة حاضنة لتطلعاتك وتقدر رغباتك الشخصية، ويمكنك ذلك من خلال البحث عن أصدقاء جدد لديهم أهداف تتشابه مع أهدافك، فهذا يشجعك على الالتزام بالسعي لتحقيق ما تريد.
مواجهة مخاوفك
إذا كنت ترغب في تغيير حياتك، فتعلم السيطرة على مخاوفك، سواء كان ذلك خوفًا من الفشل أو الوحدة أو المجهول، يمكن أن يمنعك ذلك من أن تعيش حياتك بأفضل شكل، وبمجرد مواجهة مخاوفك، فإنك تستعيد قوتك لاختيار الطريقة التي تريد أن تعيش بها حياتك، وعندما تفعل ذلك ستتغير حياتك إلى الأبد.
لا شك أنه لا يمكننا تجنب الأحداث غير المتوقعة في الحياة ولكن يمكن التحكم باختيار نمط الحياة، إذ أن القوة في السعي هي التي تمكنك من تفعيل التغيير الإيجابي المطلوب، وإذا كنت تواجه صعوبات في تحقيق التغييرات التي تصبو إليها في حياتك يمكنك التواصل مع معالجك النفسي من خلال تطبيق لبيه لمساعدتك على تقييم أهدافك ووضع استراتيجيات مناسبة لتحقيقها.
الدراسات
1- Edwin A. J. van Hooft and Madelon L. M. van Hooff, Motiv Emot. 2018; 42(6): 931–946.Published online 2018 Jul 6. doi: 10.1007/s11031-018-9710-6
2- Höchli B, Brügger A, Messner C. How focusing on superordinate goals motivates broad, long-term goal pursuit: A theoretical perspective. Front Psychol. 2018;9:1879. doi:10.3389/fpsyg.2018.01879
3- Höchli B, Brügger A, Messner C. Making new year’s resolutions that stick: Exploring how superordinate and subordinate goals motivate goal pursuit. Appl Psychol Health Well‐Being. 2020;12(1):30-52. doi:10.1111/aphw.12172