تختلف طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع الأحداث والمواقف اليومية، لكن ما يجب أن نعرفه جميعًا أن الأفكار والمشاعر السلبية تؤثر بشكل كبير على حالتنا المزاجية وصحتنا النفسية بشكل عام، فما هو تأثير هذه الأفكار وكيف يمكننا أن نتخلص منها.

ما هو التفكير السلبي؟

يحدث التفكير السلبي عندما تفكر بطريقة سلبية بنفسك والأحداث من حولك، وبالرغم من أننا جميعًا نفكر بسلبية أحيانًا حيال بعض الأمور، إلا أن سيطرة هذه الأفكار لفترة طويلة يؤثر على نظرتك لنفسك وعلى عملك ودراستك ونشاطاتك اليومية، كما أنه قد يكون مؤشرًا على الإصابة باضطراب نفسي مثل: الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات الشخصية أو حتى الفصام، لكن ذلك لا يعني أن كل شخص يفكر بهذه الطريقة يعاني من اضطراب نفسي. 

على أي حال، فإن هذا النمط من التفكير يؤذي صحتك النفسية بشدة، ويؤثر على حياتك، خاصة عندما لا تستطيع وضع حد له، لحسن الحظ هناك عدة طرق تساعدك في التخلص منه، لكن عليك أولًا أن تعرف السبب الذي يدفعك للتفكير بهذه الطريقة.

كيف يؤثر التفكير السلبي عليك؟

أظهرت الأبحاث أن التفكير السلبي المستمر يزيد من خطر إصابتك بمرض الزهايمر، والذي يؤثر بدوره على قدراتك العقلية والفكرية والمعرفية، إذ أشارت دراسة (Natalie.2014) أن الاعتياد على التفكير السلبي يضر الدماغ ويؤدي إلى إجهاده ويقلل مرونته، ويؤثر على قدرتك على التفكير والتحليل وتخزين الذكريات، وبما أن التفكير السلبي غالبًا ما يترافق مع الاكتئاب أو اضطراب القلق أو مشاكل في النوم، فقد يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالزهايمر، وأكدت الدراسة على ضرورة طلب العلاج بأسرع وقت للحد من التأثيرات السلبية لهذه الأفكار.

أظهرت دراسة أخرى أيضًا (Mullally.2018) أن الأفكار السلبية تؤثر على قدراتك على المحاكمة واتخاذ القرارات لدرجة تتداخل مع نشاطاتك اليومية وحياتك، ومن التأثيرات الأخرى التي أشارت إليها إحدى الدراسات (Murphy.2010) أن التفكير السلبي قد يؤدي إلى الإصابة باضطراب الوسواس القهري، وهو متلازمة تسبب أفكار مفرطة تثير القلق وسلوكيات قهرية غير معقولة تؤدي إلى ضائقة نفسية كبيرة، لكنه قد يحدث في ظل اضطرابات عصبية ونفسية أخرى مثل: اضطراب القلق واضطرابات المزاج، أو نتيجة إصابة في الدماغ أو كالتأثير الجانبي لإحدى العلاجات العصبية.

كيف تتخلص من التفكير السلبي؟

يساهم التفكير السلبي في تقليل ثقتك بنفسك وإصابتك بالاكتئاب واضطرابات القلق، إذ أشارت إحدى الدراسات (Rood.2010) إلى أن التفكير السلبي المتكرر يسبب ضعفًا معرفيًا له دور في تطوير اضطرابات عاطفية مختلفة مثل القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى أنه يتسم بنمط تفكير سلبي عمومًا مما يؤدي إلى المزاج الاكتئابي والقلق، وهذا كله يؤثر على الحالة المزاجية، وبحسب الدراسة فإن التفكير العاطفي والسلبي الزائد لفترة طويلة يسبب اكتئابًا حادًا عند الشباب والبالغين الأكبر سنًّا.

لذا من الضروري أن تسعى جاهدًا للتخلص منه قبل أن يسبب لك مشاكل أنت بغنى عنها، وهذه بعض النصائح التي تساعدك في ذلك:

1. ابتعد عن الأفكار السلبية بإشغال نفسك بنشاطات وخطط تملأ بها يومك، وعليك أن تكون واعيًا لأفكارك وتأثيرها على مشاعرك وتصرفاتك، وكل فكرة تخطر على بالك اسأل نفسك: هل هذا التفكير يضر بي؟ كيف أشعر عند التفكير بهذه الطريقة؟، فالهدف من ذلك هو التحكم بتفكيرك وتأثيره على مشاعرك، وإشغال نفسك بأفكار وأعمال تهمك يسهل عليك الخروج من التفكير السلبي والسيطرة على تفكيرك.
2. حدد الطريقة السلبية التي تفكر بها، مثلًا إذا كنت تنظر إلى نفسك كشخص ناجح تمامًا أو فاشل تمامًا، يسمى هذا النمط من التفكير (أبيض وأسود)، وهناك ما يسمى التفكير الكارثي الذي هو توقع الأسوأ حتى لو كان بعيدًا عن الواقع، وغيرها من طرق التفكير السلبية التي تقودك إلى تشويه الواقع والوصول إلى نتائج غير عقلانية عنه وعن الأشخاص من حولك.
3. استبدل أفكارك السلبية بأخرى أكثر إيجابية، وهي وسيلة أساسية في طريق التخلص من التفكير السلبي. ركز على التفكير بإيجابية وحارب أفكارك السلبية، لكن هذا لا يعني أن تبتعد عن الواقع والمنطق، أو أن تضع خططًا وأهدافًا صعبة ومعقدة وبعيد المنال.
4. تقبل الانتقاد واعتد عليه وحاول ألا يؤثر على تفكيرك ومشاعرك كثيرًا، واجعل الهدف من تحسين قدرتك على التعامل مع النقد والرفض هو المساعدة في زيادة تحملك للضيق الذي قد تسببه، والذي يساعدك على محاربة أفكارك السلبية التلقائية.
5. اكتب ما تفكر به في مذكرة، فذلك يساعدك على معرفة أفكارك أكثر وتأثيرها على مشاعرك، لأن كتابة مشاعرك يساعدك على إيقاف الأفكار التي تزعجك، والتحكم بردود فعلك العاطفية تجاهها، وبهذا يمكنك استبدال هذه الأفكار غير المنطقية بأخرى أكثر واقعية وإيجابية.

حاول تطبيق الطرق والنصائح السابقة والالتزام بها، ولا تتردد في طلب المساعدة، إذ يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه، لمساعدتك على تطوير التقنيات والمهارات اللازمة لمواجهة هذه الأفكار والحد من تأثيراتها السلبية على حياتك.

الدراسات:

Natalie L. Marchant. and Robert J. Howard. Do Negative Thoughts Increase Risk of Alzheimer’s Disease?. Journal of Alzheimer’s Disease.2014

Mullally W.J. Dementia. The American Journal of Medicine.2018:1161-1169

Murphy D.L. Obsessive-Compulsive Disorder and it’s Related Disorders: A Reappraisal of Obsessive-Compulsive Spectrum Concepts. National Library of Medicine.2010;12(2):48-131

Rood L, Roelofs J, etc. Dimensions of Negative Thinking and the Relations with Symptoms of Depression and Anxiety in Children and Adolescent. Cognitive Therapy and Research. 2010;34(4):333-342