يعتمد نجاح أي شخص في العمل على الإيمان بقدراته وإمكانياته، وتزيد ثقة الموظف بنفسه من إمكانية تعلمه وإبداعه في عمله دون الخوف من أي عواقب. إذا كنت تعاني من التوتر والقلق عندما تقوم بمهام جديدة وغير مألوفة بالنسبة لك، عليك أن تثق بنفسك وتفكر بقدراتك بواقعية، وهو الأمر الذي يزيد من قدرتك على مواجهة التحديات دون قلق. 

يرتبط نجاحك في حياتك المهنية بنجاح الشركة التي تعمل فيها، وبالتالي يساهم تأثيرك الإيجابي في دفع شركتك إلى مزيد من النجاح والتفوق.

كيف يمكن تقييم ثقة الموظف بنفسه؟

قد يصعب التمييز بين انعدام ثقة الموظف بنفسه في مكان عمله، والسلوكيات التي تنتج عن اختلاف ثقافات أو شخصيات الموظفين وطريقتهم في التعامل مع المهام الصعبة، وحتى يتم تقييم ثقة الموظف بنفسه بدقة، يجب التعامل معه بشكل مباشر وملاحظة مستوى ثقته بعمله وأدائه، وما إذا كان بحاجة إلى دعم أو حافز إضافي، وكيفية تقديم المساعدة بأفضل شكل ممكن.

غالبًا ما يذكر الموظف عندما يقيّم ثقته بنفسه عدم كفاية المعرفة والتدريب كأسباب لانعدام الثقة المرتبطة بالعمل، وبما أن الهدف الأهم للتدريب الوظيفي هو كفاءة الموظف، يمكننا التوصل إلى أهمية العلاقة بين ثقة الموظف وأدائه بعمله، لذلك يزيد تحسين مهارات الموظفين من كفاءتهم، والتي تعزز بدورها من الثقة بالنفس.

ما هي أهمية ثقة الموظف بنفسه؟

يتميز الموظف الذي يثق بنفسه، بالقدرة على التفاعل مع العملاء، والتعاون مع زملائه بالعمل في خدمة الشركة بإخلاص وتفاني، وغالبًا ما ينجح هؤلاء بالتعامل مع التحديات وصعوبات العمل، وعدم الخوف من التعامل مع المهام التي تحتاج إلى بذل جهد إضافي.

لا يعاني الموظف الذي يشعر بثقة عالية بالنفس من التوتر بسبب الخوف من الفشل، ويحافظ على تركيزه بوظيفته. أظهرت دراسة  (Tomei, 2015)، التي تم فيها مراجعة أكثر من 200 مقالة بحثية، تعرض الموظفين الذين لديهم ثقة أعلى بالنفس، لعدد أقل من الحوادث والإصابات الناجمة عن الإجهاد في العمل، حيث يساهم التوتر في زيادة نسبة حدوث إصابات العمل بشكل كبير، وبينت أهمية تعزيز ثقة الموظفين بأنفسهم، وتأثيرها الإيجابي على صحة الموظف وأدائه لعمله.

يمتلك هؤلاء الموظفون القدرة على حل المشاكل، وتحمل ضغوط العمل بأداء عال، ويواجهون التحديات بقوة وإحساس عالٍ بالمسؤولية، ويميزون أنفسهم من خلال الالتزام بإنجاز المهام بموعدها، والعمل بشكل جيد ضمن الفريق، والتخطيط للمزيد من النجاح في المستقبل. 

عادةً ما يكون الموظف الواثق من نفسه مرشحًا قويًا للتدريب على الإدارة، كما تتميز الشركات التي تركز على تعزيز ثقة الموظفين والحفاظ عليها، بمعدلات أقل من الاستقالات والمشاكل ضمن بيئة العمل.

وجدت دراسة (Jan, 2015) أن تهيئة بيئة مريحة يمكن فيها بناء ثقة الموظف بنفسه، يرتبط بشكل إيجابي بالنجاح في مكان العمل، فهي تحسن من أداء الموظف ونشاطه، من خلال شعوره بالقدرة على المساهمة في مهام الفريق، وتعزز مهارات التواصل من خلال السماح له بالشعور بالراحة في التعبير عن أفكاره وآرائه.

كيف يمكن تعزيز ثقة الموظف بنفسه ورفع معنوياته؟

تزداد ثقة الموظف بنفسه عندما يشعر بتقدير الشركة وإدارتها على ما يقوم به، يمكن لهذه الأساليب أن تساعد الموظفين على الشعور بمزيد من الثقة والتقدير وترفع معنوياتهم:

1) تعزيز الثقة من خلال إنجازات الموظفين: يمكن مناقشة دور الموظفين وأهدافهم المهنية عند مراجعة نجاح مشروع أو تحقيق هدف معين، وذلك من خلال الاعتراف بقدراتهم وإمكانياتهم وتعزيز أهمية ثقتهم بأنفسهم. 

تعد قلة فرص التعلم والارتقاء بمستوى العمل، الناجمة عن غياب المهام والتحديات الصعبة من أكثر الأسباب شيوعًا لانتقال الموظفين إلى شركات أخرى، حيث أشارت دراسة (Postelnicu ,2018) التي أجريت على أكثر من مئة موظف، إلى أن أشيع أسباب انعدام الشعور بالأمان في بيئة العمل، هو ضعف ثقة الموظفين بأنفسهم.

2) تقديم الدعم الإيجابي والنقد البناء: يعتبر الدعم الإيجابي من أهم طرق حث الموظفين على الاستمرار بالعمل حتى عند مواجهة الصعوبات، كما يساعد الاحتفال بتحقيق الأهداف على تعزيز ثقتهم بأنفسهم، بالإضافة إلى دور معرفة نقاط قوتهم بالحفاظ على التركيز والحرص على تحقيق ما يعملون عليه، ويمكن القيام بذلك من خلال الإشارة إلى الأشياء التي تنجز بشكل جيد، وتقديم الملاحظات بشأن كل ما يمكن تحسينه.

لا يدرك الكثير من الأفراد نقاط قوتهم وصفاتهم الإيجابية، مثل: مهارات التواصل الجيدة، والالتزام بالمواعيد، والاهتمام بالتفاصيل، والتخطيط للمستقبل، وهنا تظهر أهمية تقدير جهد الموظف وإنجازه من خلال إحراز تقدم معين، حيث تحفز التعليقات الإيجابية الموظفين وتحثهم على إنجاز المزيد من المهام، ما يؤثر بشكل كبير على أدائهم ووعيهم الذاتي، وبالتالي تنخفض معدلات الاستقالة عندما يتلقى الموظفون ردود فعل إيجابية على عملهم.

3) مساعدة الموظف بجميع الوسائل والطرق المتاحة: يمنح أخذ الوقت الكافي لتدريب الموظف على كيفية أداء المهام أو استخدام الأنظمة والأدوات اللازمة لإنجاز المشاريع الثقة التي يحتاجها للقيام بواجباته بشكل مستقل.

4) إظهار الاحترام: يجب على كل المديرين التعرف على الخطوات التي اتخذها الموظفون لتحقيق أهدافهم، وتقديم التعليقات الإيجابية والمساعدة حسب الحاجة، مثل: سؤال الموظف عن شعوره حيال تقدمه، والاستماع إليه عندما يعبّر عن مشاعر الإنجاز والإحباط.

5) مقابلة الأخطاء بالدعم والتحفيز: لا يخلو أي طريق للتعلم من الأخطاء، وتعتبر كل مشكلة هي فرصة إضافية للتطور، لذا من المهم التعرف على الأخطاء عند حدوثها، وتقديم الوسائل والمعلومات اللازمة لتشجيع الموظف على استكشاف الأخطاء وحلها وتلافي حدوثها في المستقبل.

6) الثناء على التقدم والنجاح: احتفل بالانتصارات والخطوات التي تسيرها في الاتجاه الصحيح حتى عندما تعترف بالصعوبات، كما يمكن الاستفادة مما تتعلمه في المستقبل، وانظر إلى جهودك كجزء من عملية مستمرة لا تتوقف.

يعد بناء ثقافة يمكن فيها دعم الموظفين وتعزيز ثقتهم والحفاظ عليها مشروعًا طويل الأمد، لكنه يستحق الوقت والجهد اللازم للارتقاء في أدائهم، ما ينعكس بشكل إيجابي على نجاح العمل. 

يمكن أن تساهم استشارة معالجك النفسي في الحفاظ على الصحة النفسية للموظف وتعزيز الثقة بالنفس، خاصةً عندما يعاني من الإجهاد، أو تراجع الأداء.

Postelnicu, Maria Daniela and Oana Maria Grigore. “Comparative Evaluations of Performance and Self-esteem as Determinants of Job Insecurity.” Studia Doctoralia (2018): n. Pag.

Jan, Farooq Ahmed et al. “The Employees’ Self-Esteem: A comprehensive Review.” Public Policy and Administration Research 5 (2015): 52-55.

Tomei G, Capozzella A, Rosati MV, Tomei F, Rinaldi G, Chighine A, di Marzio A, Sacco C, Pimpinella B, Suppi A, Scala B, Casale T, Sancini A. Stress e infortuni sul lavoro [Stress and work-related injuries]. Clin Ter. 2015;166(1):e7-e22. Italian. doi: 10.7417/CT.2015.1804. PMID: 25756271.