كيف أستقبل العيد بنفسية أفضل؟
قد يكون لحالتك النفسية تأثير عميق على كل جوانب حياتك وعلى الآخرين من حولك، ومع نهاية شهر رمضان المبارك يستعد ملايين المسلمين حول العالم لاستقبال عيد الفطر، بما تحمله هذه الأيام من السعادة والسرور، والنشاطات الاجتماعية المختلفة مثل: التسوق وشراء الملابس الجديدة أو لقاء الأقارب والأصدقاء وتناول الوجبات المفضلة. تعرّف معنا على كيفية الاهتمام بصحتك النفسية، حتى تستقبل العيد بأفضل صورة ممكنة.
لماذا عليك الاهتمام بصحتك النفسية؟
تشكل حالتك النفسية جزءًا مهمًا من صحتك العامة، وتساهم في كيفية تعاملك مع المواقف النفسية والعاطفية والاجتماعية، ويمكن للسلوكيات السلبية أن تؤثر على صحتك الشخصية وعلاقتك مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل، وهو الأمر الذي يلعب دورًا كبيرًا في كل جوانب حياتك، لكن يمكنك من خلال بعض الخطوات البسيطة تحسين حالتك النفسية وعيش حياة أفضل.
تمنحك الصحة النفسية القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، ويكون التغلب على تحديات الحياة أسهل بكثير عندما تكون حالتك النفسية والعاطفية أفضل.
يلجأ الانسان إلى تجنب الآخرين أو الانفعال بسهولة، استجابةً للضغوط المتعلقة بالمشاكل المادية أو الاجتماعية أو تحديات العمل وغيرها من ظروف الحياة؛ لذلك تشجع الحالة النفسية المستقرة آليات التأقلم الصحية مع المواقف الصعبة، كما ترتبط الصحة النفسية بشكل كبير بنوعية المشاعر الشخصية تجاه الذات، فهي تلعب دورًا كبيرًا في احترامك لذاتك، حيث تدل الثقة بالنفس على حالة نفسية سليمة، والتركيز على الخير في كل موقف، والسعي إلى حياة صحية وسعيدة.
كيف يمكنك تحسين حالتك النفسية؟
مع حلول العيد، يمكنك القيام بالعديد من الأمور التي تساعد بتحسين صحتك النفسية، بما في ذلك:
1- الحصول على نوم كافٍ
تساهم نوعية النوم بشكل كبير في تحسين صحتك الجسدية والنفسية، حيث أظهرت دراسة حديثة (Blackwelder, 2021)، شملت بيانات ما يقارب 300 ألف بالغ أن الأشخاص الذين متوسط نومهم 6 ساعات أو أقل في الليلة، كانوا أكثر عرضة بنحو ثلاثة أضعاف للإصابة باضطرابات نفسية متكررة بالمقارنة مع الذين ينامون لأكثر من 6 ساعات يوميًا، كما تلعب جودة النوم دورًا مهمًا، حيث يمكن أن تساهم اضطرابات النوم في ظهور أعراض نفسية عديدة.
للحصول على قسط كافٍ من النوم في أيام العيد، حاول البدء بهذه العادات:
- تجنب تناول المنبهات بعد الساعة 3 مساءً.
- حاول الاستيقاظ والنوم في نفس الوقت كل يوم.
- اجعل غرفة نومك مساحة هادئة ومريحة وخالية من الفوضى.
- حافظ على درجة حرارة معتدلة في غرفة نومك.
قد يكون من الصعب بعد نهاية رمضان وتغير أوقات النوم فيه، العودة إلى ممارسة العادات الصحية بمفردك، خاصة إذا كنت تعاني من أحد اضطرابات النوم؛ لذلك يمكنك استشارة طبيب نفسي للحصول على مزيد من المعلومات حول العلاجات المفيدة مثل: العلاج السلوكي المعرفي للأرق، كما يمكن أن تؤدي اضطرابات الصحة النفسية أيضًا إلى قلة النوم، لذلك قد لا يحدث اتباع هذه العادات فرقًا واضحًا، وبالتالي تعتبر استشارة معالجك النفسي الحل الأمثل، إذا لم تلاحظ تحسن واضح.
2- الابتعاد قليلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي
قد تؤدي متابعة أخبار الآخرين باستمرار، وكيفية قضاء أيام العيد ومشاهدة مظاهر الترف، إلى مقارنة حياتك معهم وتعزيز المشاعر السلبية التي تؤثر على تقدير الذات، ما يزيد من الشعور بالقلق والاكتئاب. يمكنك قضاء وقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تجنب استخدام هاتفك أو الاحتفاظ به بعيدًا عن غرفة نومك أثناء النوم، كما يفيد وضع قائمة بالأنشطة البديلة المفضلة في تحسين حالتك النفسية.
3- تعزيز علاقتك مع العائلة والأصدقاء
يمكنك استغلال عطلة العيد في زيارة الأقارب والأصدقاء، إذ تملك العلاقات المتينة تأثيرًا إيجابيًا على صحتك النفسية بطرق مختلفة مثل: تخفيف الشعور بالوحدة وتسهيل الحصول على الدعم العاطفي، وإضافة المزيد من العاطفة لحياتك. تشير دراسة (Hall, 2019)، إلى فوائد قضاء المزيد من الوقت مع الأقارب والأصدقاء في بناء علاقات اجتماعية أفضل، كما أظهرت النتائج فائدة المزاح والحديث الإيجابي بالحصول على علاقات وثيقة، تتجاوز أهمية عدد الساعات التي قضاها المشاركون بالدراسة سويةً.
4- ممارسة الرياضة بانتظام
قد ينخفض النشاط البدني خلال شهر رمضان، بسبب التعب وتغيير مواعيد النوم، لكن الخمول يؤثر سلبًا على صحتك، حيث تضعف قوة العضلات وتزيد مخاطر الإصابة باضطرابات عديدة؛ لذلك يجب أن تخصص خلال عطلة العيد بعض الوقت لممارسة الرياضة واستئناف نشاطك البدني، وقد أظهرت الدراسات فوائد ممارسة الرياضة لجميع الفئات العمرية، حيث يُنصح بإجراء التمارين المعتدلة مثل: المشي السريع لمدة نصف ساعة يوميًا.
تساهم الرياضة في تحسين المناعة وتقليل خطر الإصابة بالشيخوخة والاكتئاب، بالإضافة إلى العديد من الأمراض بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية، كما يمكن أن يؤثر النشاط البدني المنتظم بشكل إيجابي على المزاج والنشاط والتركيز، بالإضافة لتحسين رفاهيتك العامة، والشعور بالهدوء والاسترخاء.
تبيّن دراسة (Childs, 2014)، التي أجريت على أكثر من 100 بالغ يتمتعون بصحة جيدة، أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم قدرة أكبر على مواجهة التوتر والضغط النفسي، وبالتالي يمكن أن تساعد في التعامل مع الأعراض المرتبطة بالتوتر، التي تفرضها ظروف الحياة.
5- تناول الطعام الصحي
تشمل الأطعمة التي يتم تقديمها خلال العيد، الكثير من المشروبات المحلاة والحلويات والمقبلات الغنية بالسكر والزيوت، يجب تجنب هذه المأكولات أو تناولها باعتدال، حيث يصف خبراء التغذية السكر بأنه (سم أبيض)، وهو ضار بالصحة لأي شخص يتناوله سواء كان مصابًا بالسكري أو لا.
يمكن أن يؤثر نظامك الغذائي على صحتك النفسية، لذا حاول أن تكثر من تناول الطعام الغني بالعناصر الغذائية المحسنة للمزاج مثل: التوت والموز والفاصوليا والحبوب الكاملة والأسماك البحرية.
كما يفيد شرب كمية كافية من الماء على مدار اليوم بتحسين حالتك النفسية، لأن الجفاف يؤدي إلى حرمان الجسم من العناصر الغذائية اللازمة لعمل الخلايا بمستوى أفضل، كما يجب الحد من تناول بعض الأطعمة والمشروبات الغنية بالكافيين والكربوهيدرات المكررة والسكريات، لأنها تساهم في تفاقم أعراض القلق.
6- التعامل مع الآخرين بلطف وتسامح
من أهم الدروس المستفادة من شهر رمضان وعيد الفطر، أن نكون لطيفين ومتعاطفين مع بعضنا البعض، ونتذكر الأشخاص الأقل حظًا في جميع أنحاء العالم، والمجتمعات التي تعيش في الفقر وتعاني من مصاعب كبيرة، لذا من المهم أن نضاعف من تبرعاتنا الخيرية ودعمنا كوسيلة لرد الجميل لمن هم في أمس الحاجة إليه، كما قد يكون هناك الكثير ممن يحتاجون إلى الدعم، في محيطنا الاجتماعي.
العيد هو فرصتك المثالية للتحقق من نفسك، ومعرفة كيف يمكنك تحسين صحتك النفسية ورفاهيتك، وإجراء تغيير كبير في حياتك وحياة الآخرين؛ من خلال البحث في عائلتك وأصدقائك وزملائك في العمل والأطفال من حولك، الذين قد تتمكن من جعل حياتهم أفضل.
يمكنك بأي وقت التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه، لمساعدتك على تحسين نفسيتك واستقبال العيد بأفضل شكل.
الدراسات
1. Blackwelder A, Hoskins M, Huber L. “Effect of Inadequate Sleep on Frequent Mental Distress.” Prev Chronic Dis. 2021 Jun 17;18:E61. doi: 10.5888/pcd18.200573. PMID: 34138697; PMCID: PMC8220958.
2. Hall, J. A. (2019). “How many hours does it take to make a friend?” Journal of Social and Personal Relationships, 36(4), 1278–1296. https://doi.org/10.1177/0265407518761225
3. Childs, Emma, and Harriet de Wit. “Regular exercise is associated with emotional resilience to acute stress in healthy adults.” Frontiers in physiology vol. 5 161. 1 May. 2014, doi:10.3389/fphys.2014.00161