لماذا عليك الحفاظ على أمان العلاقة مع شريكك؟
يحرك الحب والانجذاب العلاقة العاطفية في بدايتها ويدفعانها للاستمرار، لكنه وقود لا يدوم طويلًا، وقد يكون غير قادر لوحده على دعم العلاقة في مواجهة مختلف العقبات والخلافات التي تواجه جميع العلاقات في الواقع.
تحتاج العلاقة العاطفية لمشاعر الثقة والأمان بين الطرفين حتى تستمر وتترسخ، ولا تأتي هذه المشاعر من تلقاء نفسها، بل تتطلب العمل لبنائها والحفاظ على وجودها.
سنشرح في هذا المقال ما يجب عليك فعله لبناء الثقة والأمان في العلاقة، وكيف تحافظ على استمراريتها وتعززها.
ما هي الثقة العاطفية والأمان العاطفي؟
إن الثقة العاطفية تعني شعور الشريك بتقبل وتفهم الطرف الآخر له، وقدرته على التعبير عن أفكاره ومشاعره بكل صدق وانفتاح من دون الإحساس بالخوف من النقد أو الاستهزاء أو الرفض.
إن الشعور بالأمان العاطفي عنصر لا غنى عنه في بناء علاقة سليمة وصحية، سواء كانت العلاقة عاطفية أم اجتماعية بين الأصدقاء والعائلة. يمهد الأمان العاطفي والثقة العاطفية لنشوء تواصل وترابط حقيقي وفعال بين الطرفين في العلاقة، حيث يعبر كل منهما عما يفكر ويشعر من دون تردد، ويساعد كلاهما على تجاوز مختلف العقبات التي قد يواجهونها في المستقبل، وعندما يبدأ كل طرف في فهم شريكه، ومعرفة ماذا يختبر ويشعر ويريد، يستطيع عندها الطرفان العمل على التقرب من بعضهما بعضًا، والتوصل لحلول وسط بشكل عملي وفعال.
كيف نبني الأمان العاطفي في العلاقة؟
لا يأتي الأمان العاطفي من تلقاء نفسه في العلاقة العاطفية أو الاجتماعية، بل يتطلب بذل الجهد عبر مجموعة من السلوكيات والتصرفات، التي ستشعر كل طرف بالأمان والثقة بشريكه، ومع مرور الوقت ومع الإصرار على هذه السلوكيات والتمسك بها، تتسم العلاقة بمشاعر الأمان والثقة تجاه كل طرف.
إن للإنصات إلى الشريك في حديثه، والتعاطف معه في أزماته، وتجنب النقض والتقريع له في أخطائه، أكبر تأثير على تقوية روابط الألفة والثقة بين الطرفين، وهذا ما وجدته دراسة (Jones et, al. 2016) التي بحثت في تأثير كل من الإنصات والتعاطف والتقبل على درجة الدعم العاطفي الذي يشعر به الطرفان في العلاقة.
أنصتْ بهدوء لما يقوله الشريك: يملك شريكك الحق في التعبير عما يراه مناسبًا ويعتقده ويظنه، لكن الأمر لا يتوقف فقط على الكلام والتعبير، إذ يجب أن يشعر بأنك تسمعه وتفهم ما يقوله، وبأنك معه في اللحظة وفي الحديث، ولست شارد الذهن وغير مهتم بحديثه، أو أنك تفكر فقط في كيفية الرد عليه.
ضع هاتفك بعيدًا عندما تتحدثان، وابذل جهدك أن تفهم وتتعاطف مع ما يقوله ويختبره، ولا تركز حول كيفية الرد عليه، وابتعد كل البعد عن النقد والتقييم، فشريكك قد لجأ إليك ليتلقى منك الدعم وليس ليتعرض للنقد.
كنْ صريحًا وصادقًا: إن الثقة العاطفية شعور متبادل يهم طرفي العلاقة، ويدفعهما إلى الإفصاح عما يشعران بكل ثقة وأمان. لا يمكنك دفع الشريك لأن يكون صريحًا معك وشفافَا، إن لم تشاركه أنت بنفسك هذه الصراحة والصدق. تقرب الصراحة والصدق بين الشريكين، وتجعلهما أكثر قدرة على فهم بعضهما بعضًا. مع هذا، من الضروري الإشارة إلى أنك لست مجبرًا على مشاركة كل ما تشعر وتفكر به، إذ من الطبيعي والصحي أن تبقي بعض الأمور خاصة بالنسبة لك، لكن يمكنك أن تكون صريحًا حول أفكارك ومخططاتك ومشاعرك، بالإضافة إلى ضرورة تجنب الكذب على الشريك أو الإنكار مهما كان الموقف.
ابتعد عن النقد والتقريع: يوحي النقد المستمر للشريك بأنك أفضل حالًا منه وأحسن وضعًا، ولا تساعد هذه الرسالة أبدًا على بناء شعور الثقة والأمان داخل الشريك تجاهك، وقد يتجنب بعد عدة مواقف من النقد، مشاركتك مشاعره وأفكاره وأحداث حياته.
من المفهوم بأن النقد يوجه أحيانًا لمساعدة الشريك على تحسين بعض الأمور في حياته، وتوجيه نظره إلى بعض الأخطاء والنواقص، لكن يجب عليك أن تكون لطيفًا في مثل هذه الحالات.
اعرض مساعدتك واقتراحاتك ضمن إطار من الود والتعاطف، وليس باستخدام التقريع والنهر، وتفهّم ما يمر به الشريك وما يشعر به، وأكد له أنك بجانبه وبأنك تحبه مهما حدث، بهذا الأسلوب سيشعر الشريك بالثقة والأمان تجاهك، وبأنك ستكون بجانبه وتوفر له الدعم والمساعدة، وأنك تنظر له بعين الحب والدعم والتعاطف.
احترم الحدود الشخصية: يمكنك النظر للحدود الشخصية على أنها وسيلة للاعتناء بنفسك وبالعلاقة التي تجمعك مع الشريك. يمكن للحدود الشخصية أن تتنوع بين الحدود العاطفية أو الجسدية أو الفكرية أو المالية، ويتطلب وجودها والحفاظ عليها درجة من الحب والاحترام والثقة المتبادلة بين الشريكين، وتزيد من جو الثقة والتسامح والاحترام بينهما، عبر تفهم كل طرف واحتياجاته سواء بمساحة خاصة يبقى فيها بمفرده، أو باحترام طاقة ووقت كل طرف، وعدم تعرض أي منهما للاستغلال.
لا يمكن الاستغناء عن الحدود الشخصية إذا أردت بناء علاقة صحية وسليمة، فهي حجر أساس في بناء علاقة يسودها الاحترام والتقدير لكل جهد وعمل يبذله الطرفان في العلاقة، هذا ما تؤكده دراسة (Auer-Spath et, al. 2019) التي نشرت في مجلة طب المسنين النفسي العالمية.
في النهاية، تقف ثقة الشريكين ببعضهما دعامة أساسية في الحفاظ على العلاقة قوية ومتينة في وجه مختلف الصعاب والعقبات، تأتي هذه الثقة من الاحترام والتقدير والعطف والصدق الذي يتبادله الطرفان بينهما، وتذكر أن طلب المساعدة عند اللزوم أمر ضروري، لذلك لا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تجاوز أي مشاكل أو عقبات تواجه علاقتك مع الشريك.
الدراسات:
Jones, S. M., Bodie, G. D., & Hughes, S. D. (2016). The Impact of Mindfulness on Empathy, Active Listening, and Perceived Provisions of Emotional Support. Communication Research, 009365021562698. doi:10.1177/0093650215626983.
Auer-Spath I, Glück J. Respect, attentiveness, and growth: wisdom and beliefs about good relationships. Int Psychogeriatr. 2019;31(12):1809-1821. doi:10.1017/S104161021900022X.