أنشطة اجتماعية تعزز الصحة النفسية للموظفين
يؤثر التوتر والاضطرابات النفسية الأخرى على ملايين الموظفين حول العالم، ويتزايد هذا الرقم باستمرار مع الظروف الصعبة للحياة الحديثة التي أدت لزيادة مستويات الضغط النفسي على جميع العاملين بالمجتمع.
تلعب الصحة النفسية للموظفين دورًا كبيرًا في القدرة على الإنتاج وإنجاز المهام والمشاركة في ازدهار العمل. تعرّف معنا على العديد من الأنشطة الاجتماعية التي يمكن أن تحسن رفاهية الموظفين، وصحتهم النفسية.
لماذا تعتبر الصحة النفسية للموظف مهمة جدًا؟
تشير دراسة (Stepanek, 2019) التي جمعت بيانات أكثر من 32 ألف موظف، إلى أن الشركات التي تهتم بالصحة النفسية للموظفين أكثر نجاحًا من غيرها؛ حيث أظهرت النتائج تحسنًا في إنتاجية العمل بنسبة تتراوح بين 10-14% في هذه الشركات.
يقضي الناس الكثير من وقتهم في العمل كل يوم، وهذا ما يفسّر أهمية النشاطات التي يمكن القيام بها في مكان العمل وأثرها على الرفاهية النفسية للموظفين، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يعملون عن بُعد، فإن قضاء المزيد من الوقت بمفردهم قد يؤثر بشكل سلبي على كيفية تواصلهم مع الآخرين، ومدى إنتاجيتهم، ومشاركتهم في نجاح العمل.
يتعامل كل موظف مع الظروف الصعبة للعمل بشكل مختلف، فمثلاً أثرت أزمة كوفيد-19 الأخيرة بشكل كبير على الصحة النفسية للعاملين بعد فترات طويلة من الخوف والعزلة، حتى أصبح بعضهم يواجهون صعوبة بالعودة لمكان عملهم السابق، كما يمكن أن تؤثر ضغوط الوظيفة ونقص الدعم في مكان العمل سلبًا على الصحة النفسية للموظف.
ما أهم العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للموظفين؟
تشمل أهم العوامل التي تؤثر في الصحة النفسية للموظفين ما يلي:
- عدم الاهتمام بشكل كافٍ بصحة الموظف وسلامته المهنية.
- سوء الإدارة والتواصل بين الزملاء.
- العمل لساعات طويلة مع فترات استراحة محدودة.
- توزيع مهام غير واضحة، وعدم تحديد دور كل موظف بالعمل.
تضاعف هذه العوامل من الآثار السلبية للتوتر على الموظفين، إذ يمكن أن تسبب بيئات العمل عالية الإجهاد اضطرابات نفسية للموظفين أو تؤدي إلى تفاقمها، ما قد يؤدي إلى الإرهاق الذهني أو أعراض نفسية أخرى.
تبيّن مراكز الأبحاث أن المشاكل النفسية تؤثر على نوعية العمل من خلال: خفض الأداء الوظيفي، والحد من التعاون والروح المعنوية، والتأثير على العمل الجماعي والتواصل بين زملاء العمل، وتزايد خطر الإصابة بالأمراض والعجز؛ لذلك تسعى بعض الشركات جاهدةً، لدعم وتعزيز الصحة النفسية للموظفين للحصول على فريق عمل متماسك ومبدع، ما يساهم في انخفاض معدلات استقالة الموظفين أو الإجازات الصحية طويلة الأمد.
أظهرت دراسة (Langlieb, 2005)، أثر العناية بالصحة النفسية للموظفين في تخفيف التكاليف المادية على الشركات، إذ تؤدي الاضطرابات النفسية الشائعة كالقلق والاكتئاب، إلى دفع أصحاب العمل مبالغ ضخمة، في العلاج وتأمين موظفين جدد كل عام.
ما أهم الأنشطة الاجتماعية لتعزيز صحة الموظف؟
هناك العديد من الطرق الفعالة لدعم الموظفين، بما في ذلك الأنشطة الاجتماعية المختلفة التي تعمل على تحسين المزاج وتقليل التوتر. يمكن من خلال هذه الأنشطة الفردية أو الجماعية، تعزيز الصحة النفسية للعاملين، والمساهمة في إدارة القلق وزيادة المشاركة الإيجابية في العمل. نذكر منها:
تعزيز اليقظة الذهنية
يجب تشجيع الموظفين على جدولة فترات راحة قصيرة لممارسة تمارين اليقظة الذهنية على مدار اليوم، بالإضافة إلى استراحة الغداء الاعتيادية، يمكن للموظفين خلال هذه الفترات ممارسة التأمل الموجه أو تمارين الاسترخاء والتنفس.
الإجازات المنتظمة
تعتمد العافية النفسية على الموازنة بين العمل والحياة الشخصية، يمكن أن يساعد منح إجازات مدفوعة الأجر للموظفين في العطل، على قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء والعائلة، ما ينعكس بشكل إيجابي على أدائهم بعد العودة للعمل.
ورشات عمل للحد من التوتر
يعد التعامل مع ضغوط العمل من المهارات المهمة لجميع العاملين، يمكن أن يقدم التعاون مع معالج نفسي متخصص معلومات متكاملة عن كيفية إدارة التوتر، وتعليم الموظفين طرق السيطرة على مستويات الضغط النفسي لديهم.
نشرات النصائح الصحية
إرسال نشرة النصائح للموظفين بشكل منتظم هو أحد أفضل أنشطة التوعية بأهمية الحالة النفسية خلال العمل، يمكن تقديم معلومات ونصائح حول كيفية الحفاظ على الصحة النفسية وتحسينها، بما في ذلك الحصول على المشورة من الأطباء والمعالجين المختصين.
ممارسة التأمل وتمارين الاسترخاء
يعتبر تخصيص يوم أسبوعيًا أو شهريًا لممارسة التأمل أو تمارين الاسترخاء لموظفي الشركة، من أهم الأنشطة الاجتماعية لتعزيز الصحة النفسية، حيث تكتسب هذه الأهمية من خلال الجمع بين اليقظة الذهنية والنشاط البدني في ممارسة واحدة، للتخلّص من التوتر والضغط النفسي.
تحدي الامتنان
يفيد الشعور بالامتنان في تحسين المزاج بشكل كبير، وقد يساعد في خلق جو أفضل لفريق العمل، يمكن البدء بتحدي الامتنان بالعمل لمدة 30 يومًا، وتشجيع الموظفين على مشاركة ما يشعرون بالامتنان له، أو إرسال رسائل شكر إلى العملاء، وزملاء العمل.
التدريب على المرونة
يعد تطوير المرونة النفسية أحد الطرق الفعالة للتعامل مع التوتر، لذلك يمكن أن تساعد إقامة ورشة عمل تدريبية حول المرونة في تمكين الموظفين من التعامل بشكل أفضل مع ضغوط العمل.
إقامة رحلات عمل ميدانية
يرغب كل العاملين بالخروج من مكاتبهم بين الحين والآخر، لذلك يمكن ترتيب رحلات جماعية متعلقة بالعمل، لزيارة العملاء أو حضور مؤتمر أو حدث كبير.
إجراء مسابقات للتميز
يمكن إنشاء تحديات شهرية أو سنوية لاختيار أفضل الموظفين، ومكافأة الفائزين بجوائز مميزة لدعم صحتهم النفسية مثل: توزيع اشتراكات مجانية في تطبيقات تطوير الذات أو النوادي والمنتجعات الصحية، ومنحهم فرصة للاسترخاء وتحسين أنفسهم.
تشجيع أعمال الخير
تملك هذه النشاطات تأثيرًا فوريًا على أعراض التوتر والقلق من خلال تحسين المزاج والتفكير بشكل إيجابي، يمكن مشاركة التجارب بين الزملاء خلال اجتماعات العمل، أو تخصيص مجلة خاصة بتدوين أعمال الخير.
تؤثر الصحة النفسية للموظفين بشكل كبير على نجاحهم في عملهم، لذا يجب على مديري الشركات اتخاذ خطوات جادة لتعزيز الحالة النفسية للعاملين لديهم، ما ينعكس بشكل إيجابي على أداء فريق العمل، ورفع معنوياتهم، وتحقيق مستويات أفضل من التعاون، والتواصل فيما بينهم.
الدراسات
1. Stepanek, Martin MA; Jahanshahi, Kaveh PhD; Millard, Francois FSA. “Individual, Workplace, and Combined Effects Modeling of Employee Productivity Loss.” Journal of Occupational and Environmental Medicine 61(6):p 469-478, June 2019. | DOI: 10.1097/JOM.0000000000001573
2. Langlieb, Alan M., and Jeffrey P. Kahn. “How Much Does Quality Mental Health Care Profit Employers?” Journal of Occupational and Environmental Medicine 47, no. 11 (2005): 1099–1109. http://www.jstor.org/stable/44998685.