كيف يمكن للعمل ضمن منظمة أن يكون مفيدًا لك ويعزز صحتك النفسية؟
ازداد الاهتمام بمختلف مواضيع الصحة النفسية في السنوات القليلة الماضية، سواء تلك التي تتعلق بصحة الفرد أو بالصحة النفسية الاجتماعية، وتم توجيه الكثير من الجهود نحو الحفاظ على الصحة النفسية وتعزيزها، وأظهرت الدراسات والأبحاث التي أجرتها منظمة الصحة العالمية والمنظمات والهيئات المختصة بالصحة النفسية أهمية الصحة النفسية الاجتماعية، وتأثيرها الإيجابي على كافة مفاصل الحياة الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والعملية. تتأثر هذه الصحة بمختلف جوانب حياة الإنسان كالعلاقات الاجتماعية وزملاء الدراسة أو شركاء العمل وبيئة العمل.
تؤثر بيئة العمل بشكل كبير على الصحة النفسية للموظفين، وسنتعرف في هذا المقال على العلاقة الهامة بين الصحة النفسية والعمل، بالإضافة إلى الفوائد والتأثيرات الإيجابية للعمل ضمن منظمة على الصحة النفسية للموظفين.
العلاقة بين الصحة النفسية وبيئة العمل
ازداد عدد الساعات التي يقضيها الموظفون ضمن مكان عملهم خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك تبعًا لعدة عوامل أهمها التطورات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة والحاجة لتأمين مصادر أفضل للدخل بالإضافة إلى الرغبة المتزايدة في الترقي على سلم العمل، ولا شك أن هذه الساعات الطويلة التي يقضيها الأشخاص ضمن مكان عملهم لها تأثير كبير على صحتهم النفسية والجسدية أيضًا، فكيف يكون هذا التأثير؟
عند قضائك لفترات طويلة في الشركة أو المنظمة سيجعلك ذلك على احتكاك أكبر مع زملاء العمل وأفكارهم وثقافتهم، والتي تؤثر بشكل كبير على طريقة تفكيرك ومزاجك وسلوكك وعلى صحتك النفسية، عند التعامل مع زملاء إيجابيين متعاونين سيؤدي ذلك إلى تعزيز المشاعر الإيجابية مع الإحساس بقدرة أكبر على الإنجاز والإنتاجية ضمن العمل والعكس صحيح، بالإضافة إلى ذلك، فإن التعرض المستمر للضغوطات ومواجهة التحديات المختلفة ضمن بيئة العمل قد يؤدي إلى إرهاق نفسي وجسدي شديد، وسينعكس ذلك بشكل سلبي على صحتك النفسية، وهكذا، فإن تأثير بيئة العمل على الصحة النفسية يختلف ويتفاوت تبعًا لظروف العمل وعلاقتك مع الزملاء بالإضافة إلى الصعوبات والتحديات التي تفرضها ظروف العمل، وقد برز ذلك بوضوح خلال جائحة كوفيد-19 التي خلقت ضغوطات نفسية واقتصادية غير مسبوقة على الموظفين والشركات.
كيف يمكن للعمل ضمن منظمة أن يعزز من صحتك النفسية؟
يعتبر العمل ضمن منظمة أو ضمن فريق من أكثر أنماط العمل التي لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية للموظفين، ففي هذا النوع من العمل يتواجد الفرد لفترة طويلة مع مجموعة كبيرة من الأشخاص المدربين والمؤهلين بمختلف الاختصاصات، والذي يبذلون كل الجهود الممكنة لتحقيق أهداف وتطلعات المنظمة، ومن أهم ميزات العمل ضمن منظمة:
العمل ضمن فريق متكامل:
يتيح العمل ضمن فريق متكامل مجالًا أكبر لتبادل الخبرات والأفكار، ويساعد بالتالي على تحسين سير العمل وتجاوز التحديات التي يمكن أن تواجه الأفراد والمنظمة على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك فإن العمل مع مجموعة كبيرة من الأشخاص يؤمن شبكة كبيرة من الدعم الاجتماعي لمشاركة كافة المشاعر والأفكار والمخاوف التي يمكن أن يواجهها الشخص، وبالتالي تحسين الحالة النفسية وتعزيز الصحة النفسية، وتشير الدراسات إلى أن الأِشخاص الذين يعملون بمفردهم كان لديهم مستويات أكبر من البؤس والقلق والاكتئاب وأثر ذلك بشكل سلبي على إنتاجيتهم في العمل مقارنة بأقرانهم الذين يعملون ضمن منظمة أو مجموعة عمل.
العمل وفق آلية منظمة بشكل دقيق:
على عكس العمل الفردي والذي قد يكون فوضويًا وغير منظم في معظم الأحيان، فعادةً ما يكون العمل ضمن منظمة أو مجموعة مضبوط بمعايير وطرق إنتاج معينة تساعد على إنجاز هذا العمل بشكل أفضل وهذا ما يمنح الموظفين شعورًا أكبر بالرضا وينعكس ذلك بشكل إيجابي على صحتهم النفسية.
إمكانية الوصول لفرص عمل أكبر:
عادةً ما تكون المنظمات أو الجمعيات على علاقة بشكل جيد مع مجموعات كبيرة مضمن شبكة علاقات داخلية وخارجية، وذلك لتعزيز التعاون والقدرة على التغلب على المشاكل المختلفة عبر الاعتماد على هذه العلاقات، وفي الوقت ذاته فإن ذلك يتيح للأشخاص فرصًا كبيرة ويزيد التطلعات الإيجابية للمستقبل ويعزز من الصحة النفسية للموظفين.
ما أهم النصائح التي ينبغي اتباعها لتعزيز الصحة النفسية عند العمل ضمن منظمة أو جمعية؟
من أهم النصائح التي يجب التقيد بها لتعزيز الصحة النفسية للموظفين ضمن الشركات والمنظمات:
· تعزيز العلاقة مع الإدارة وزملاء العمل: إن بناء علاقات جيدة مع إدارة المنظمة وبقية الموظفين يساعد بشكل كبير على إيجاد دعم جيد عند الحاجة إليه.
· تبادل الخبرات بين الفئات العمرية المختلفة: إذ يمتلك الموظفون الأكبر سنًا خبرات كبيرة حصلوا عليها نتيجة سنوات العمل الطويلة، في حين يبرع الموظفون الشباب بالتقنيات الحديثة التي قد تكون مفيدة بشكل كبير لبيئة العمل.
· تعزيز التواصل الاجتماعي: يفيد العمل ضمن منظمة في خلق نوع من شبكة اجتماعية بين زملاء العمل، وتساهم مثل هذه العلاقات في دعم الصحة النفسية للموظفين وتعزيزها.
· التغلب على المصاعب والمشكلات: إن العمل ضمن منظمة أو شركة ما يساعد في التغلب على أي عوائق أو مصاعب تواجه فريق العمل بفضل تبادل الخبرات والرؤى الجماعية.
كيف يمكن للموظف أن يكون فعلاً ضمن فريق العمل
من البديهي أن العمل الجماعي أساس لكل المشاريع والشركات الناجحة، لكن لا بد من توافر عدد من المقومات الأساسية لدعم العمل الجماعي، ومن أهمها:
- التواصل الفعال بين الموظفين والذي يسمح بتبادل المعلومات والأفكار بنجاح.
- إدارة نقاط القوة والضعف وتوزيع المهام بشكل مناسب.
- التعاون في توزيع المهام وخلها.
إن العمل ضمن منظمة أو شركة تبنى علاقات موظفيها على الاحترام والثقة المتبادلة بينهم يُعزز قدرات الموظف على الإبداع، وتطوير العمل وزيادة الإنتاجية، ويدعم الصحة النفسية للموظفين بشكل كبير، ما ينعكس في النهاية بشكل إيجابي على المنظمة. تنعكس علاقات العمل، والجو الإيجابي في بيئة العمل بشكل مفيد جدًا على الصحة النفسية للموظفين، وتساهم في تخفيف القلق والتوتر والتخلص من الضغوطات النفسية التي تحدث في ظل هكذا ظروف، ما يؤدي في النهاية لتعزيز الأداء والإنتاجية ودعم الشركة في تحقيق أهدافها على المدى الطويل.
مصدر:1