كيف تؤثر صدماتك النفسية على علاقاتك؟
تؤثر الصدمات النفسية بشكل كبير على حياتك الشخصية والاجتماعية والمهنية، ويعتبر الإحساس ببعض المشاعر القوية بعد الصدمة أمرًا شائعًا وطبيعيًا، لكن إذا كان الاضطراب العاطفي شديدًا، واستمر لفترة طويلة، وسبب العديد من المشاكل في حياتك وعلاقاتك، عندها سارع لاستشارة معالجك النفسي.
ما هي الصدمة النفسية، وكيف تحدث؟
تحدث الصدمات النفسية نتيجة أحداث مؤلمة تؤدي إلى عدم الشعور بالأمان، ما يجعل الإنسان يعاني من العجز وفقدان السيطرة. ويمكن أن تساهم الصدمات النفسية بتفاقم المشاعر السلبية والقلق والذكريات المزعجة التي لا تختفي، كما تؤدي إلى تشتت الذهن والانفصال عن الواقع وعدم القدرة على الوثوق بالآخرين.
غالبًا ما تنطوي الأحداث المؤلمة على تهديد للحياة أو سلامة الشخص وعائلته، لكن يمكن للمواقف التي تدفع للشعور بالإرهاق أو العزلة أن تسبب صدمة نفسية، حتى لو لم تتضمن أذيات جسدية، وتعتبر التجارب العاطفية الذاتية العامل الأهم في تحديد ما إذا كان الحدث مؤلمًا أم لا، حيث ترتبط احتمالية التعرض للصدمة النفسية بزيادة الشعور بالخوف والعجز.
الصدمات النفسية في مرحلة الطفولة
يمكن أن تؤدي الصدمات النفسية في مرحلة الطفولة إلى تأثير شديد وطويل الأمد على صحة الفرد الشخصية. ينتقل هذا الشعور بالخوف والعجز إلى مرحلة البلوغ ويستمر خلالها، خاصةً عندما لا يتم علاج وتخطي صدمات الطفولة، ما يمهد الطريق لمزيد من الأزمات والاضطرابات النفسية.
يعاني الكثير من الناس من حوادث مؤلمة قبل سن 18، ويتفق علماء النفس على إمكانية تأثير البيئة العائلية على العلاقات مع البالغين، لذا يمكن أن تصبح الصدمات النفسية التي تحدث أثناء الطفولة جزءًا من أسلوب ارتباط الشخص البالغ بالآخرين في المستقبل، وقد تخلق تجارب الطفولة أنماط ارتباط معينة تدوم حتى مرحلة البلوغ، وتعكس مدى رغبة والتزام هذا الشخص بتكوين العلاقات المتينة، وبالتالي تؤثر على طريقة التواصل مع الآخرين، وكيفية التعامل مع الخلافات والانفصال في العلاقة الزوجية.
ومع ذلك يبين علماء النفس وجود عدة خطوات يمكن اتخاذها للتغلب على الألم، وتعلم الثقة والتواصل مع الآخرين، واستعادة الإحساس بالتوازن العاطفي مرة أخرى.
كيف تؤثر الصدمات النفسية على حياتك الاجتماعية والمهنية؟
يكون الناس عددًا من ردود الفعل العاطفية القوية بعد الأحداث المؤلمة، ولا يوجد طريقة ثابتة أو متوقعة لرد الفعل. يصبح بعض الأشخاص سريعي الانفعال تجاه الآخرين، وخاصة أفراد الأسرة، كما أن الغضب هو رد فعل شائع للصدمة النفسية، لكن تكمن المشكلة في استمرار مشاعر الغضب أكثر من المعتاد (أسبوعان أو أكثر)، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل خطير على علاقاته الاجتماعية وحياته الأسرية، وتسيء هذه المشاعر المستمرة لفترات طويلة إلى العلاقة الزوجية، وقد تؤدي إلى الانفصال.
أظهرت دراسة (Whisman, 2014)، الأثر السلبي للصدمات النفسية وأزمات الطفولة بمختلف أنواعها على نوعية الحياة الزوجية. شارك ما يقارب 2200 زوج وزوجة بهذه الدراسة، ولوحظ زيادة نسبة المشاكل الزوجية في حال كثرة التجارب المؤلمة، وتعرض كلا الزوجين لصدمات نفسية بالماضي.
يعتبر الحزن أيضًا من المشاعر التي تحدث بشكل شائع بعد الصدمات، ويتضمن مجموعة واسعة من الأحاسيس والأفكار والسلوكيات التي تعد ردود أفعال مختلفة لتجربة فقدان شخص عزيز، ولا يرتبط الشعور بالحزن بفقدان أحد أفراد الأسرة فقط، فقد تكون الخسارة متضمنة صحة المرء أو منزله أو أشياء أخرى، كما تعتبر مشاعر اليأس أو الوحدة شائعة أيضًا بعد الصدمات النفسية.
يمكن في بعض الأحيان أن تصبح المشاعر شديدة ومؤلمة لدرجة تجعل الشخص يجد صعوبة في التعامل معها، ويمكنها التأثير على قدرته على العمل وممارسة نشاطاته اليومية، وتسيء لعلاقاته مع الآخرين، ويمكن أخذ الاضطرابات النفسية بعين الاعتبار، إذا بقيت المشاعر شديدة ولم تتحسن بمرور الوقت، وأدت إلى حدوث مشاكل في مختلف جوانب الحياة.
أظهرت نتائج دراسة (Freedman, 2015)، التي تناولت ارتباط اضطراب ما بعد الصدمة بنوعية العلاقات الاجتماعية عند ما يقارب 500 رجل وامرأة، أن اضطراب ما بعد الصدمة يسيء للعلاقات الاجتماعية، والعكس صحيح، حيث تتداخل النوعية السيئة للعلاقات مع التعافي من الاضطراب النفسي بعد الصدمة، وقيّمت الدراسة التفاقم المزمن لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب مشاعر الرضا عن العلاقات الاجتماعية لدى مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين عانوا من صدمات نفسية مؤخرًا، كما تبين تأثير العلاج السلوكي المعرفي على التعافي من الصدمات وتحسين العلاقات الاجتماعية.
يمكن للاضطراب العاطفي الذي يعاني منه الفرد بعد تعرضه لصدمة نفسية، أن يصعّب عليه الارتباط بالآخرين، خاصةً أن الشخص يحاول تجنب الحديث مع العائلة والأصدقاء، ويتوقف عن حضور النشاطات الاجتماعية، ويصبح مفرطًا في حماية نفسه من المحيط، أو مواجهة صعوبة في التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها.
تؤثر الصدمات النفسية أيضًا بشكل كبير على الحياة المهنية للإنسان، لأن العودة إلى العمل بعد التعرض لحدث مؤلم أمر صعب أحيانًا، لكن الرجوع إلى روتين حياتك الطبيعي سوف يساعدك على الشعور بأن حياتك تعود إلى مسارها الصحيح، ومن الأسهل عمومًا منع تفاقم المشكلة بدلًا من محاولة التعامل معها عندما يكون لها تأثير كبير على حياتك الخاصة.
كيف يساعدك تطبيق لبيه في تحسين صحتك النفسية وعلاقاتك الاجتماعية؟
يمكن أن تساهم مشاكل الحياة وسوء العلاقات في صعوبة التعامل مع الصدمات النفسية التي مررت بها، ولذلك يقدم تطبيق لبيه خدمة حجز موعد استشارة نفسية مع نخبة من أفضل الأطباء والمعالجين النفسيين المرخصين من وزارة الصحة السعودية، بالإضافة إلى العديد من الميزات الأخرى مثل: البرامج العلاجية المختلفة وجلسات العلاج المشترك.
يمكنك تكوين علاقة وثيقة مع معالجك النفسي، فهو مؤهل ومدرب لتقديم المساعدة من خلال مجموعة من أنواع العلاج والدعم النفسي المختلفة، ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي من أشيع أنواع العلاج النفسي وأكثرها استخدامًا لتدبير الصدمات النفسية وجميع التبعات الناتجة عنها، ويكون دور معالجك النفسي هنا هو توفير الدعم والمهارات والتقنيات اللازمة لمساعدتك على التعامل مع تأثيرات الصدمات النفسية على حياتك وعلاقاتك الاجتماعية، ويمكنه أيضًا مساعدتك في تحديد ما إذا كنت تعاني من أعراض القلق أو الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة أو الاضطرابات النفسية الأخرى، وتوجيهك للحصول على مزيد من المساعدة إذا لزم الأمر.
على الرغم من التأثير الكبير للصدمات على الصحة النفسية والجسدية للإنسان، يمكن تقليص الآثار السلبية على الجسم إلى الحد الأدنى عندما تتمكن من التعامل بشكل جيد مع تجاربك المؤلمة، والتغلب عليها من خلال فهم ما يحدث للجسم وسبب تفكيرك وشعورك بهذا الشكل، وطلب المساعدة والمشورة اللازمة عندما تحتاج إليها.
الدراسات:
1- Whisman, M. A. (2014). Dyadic perspectives on trauma and marital quality. Psychological Trauma: Theory, Research, Practice, and Policy, 6(3), 207–215. https://doi.org/10.1037/a0036143
2- Sara A. Freedman, Moran Gilad, Yael Ankri, Ilan Roziner & Arieh Y. Shalev (2015) Social relationship satisfaction and PTSD: which is the chicken and which is the egg?, European Journal of Psychotraumatology, 6:1, https://doi.org/10.3402/ejpt.v6.28864