كيف أتقبل النقد في العمل؟
لا شك أن نجاحك في عملك أو مهنتك من الأسباب الرئيسية للشعور بالفخر والرضا عن الذات، لكن قد تتعرض خلال مسيرتك المهنية إلى الانتقادات، وقد تواجه صعوبة في تقبلها، ولكن يمكن للنقد في العمل أن ينعكس إيجابًا على قدرتك في تطوير مهاراتك، وذلك إذا تمكنت من التعامل معه، لذا في هذا المقال سنوضح لك أبرز النصائح لتتمكن من الاستفادة من الانتقادات الموجهة إليك.
ما هي الانتقادات في العمل؟
قبل التعمق في كيفية تقبل النقد، تحتاج أولًا إلى فهم ماهيته، إذ يركز النقد على تقديم ملاحظات بناءة، مدعومة بأمثلة محددة؛ لمساعدتك على التحسن والتقدم في المجالات المهنية، والنقد البناء هو عملية تقديم آراء صحيحة ومدروسة حول عمل الآخرين، وعادةً ما تتضمن تعليقات إيجابية وسلبية، بهدف تحسين إنتاجية أو أداء الشخص الذي يتم انتقاده.
لكن قد يغفل بعض رؤساء أو مديري العمل عن طريقة طرح النقد، حيث تتحول عندها بيئة العمل إلى بيئة سامة تلحق أضرارًا كبيرة بصحتك النفسية، ما يؤدي إلى مستويات عالية من التوتر والأرق والاكتئاب.
بينت دراسة (Iqbal,2021) آثار بيئة العمل على أداء الموظفين، وقد جمعت البيانات من 301 عامل يعملون في الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وأكدت نتائج الدراسة العلاقة المباشرة بين بيئة العمل وأداء الموظفين، وأشارت أنه في بعض الحالات قد تسبب بيئة العمل آثارًا نفسية ضارة كالإجهاد والقلق والاكتئاب.
لماذا من المهم أن تتقبل الانتقادات في العمل؟
لا شك عند تقديم النقد البناء يجب أن يكون بطريقة ودية، ومن ناحية أخرى يجب أن يكون الشخص الذي يقدم النقد مستعدًا للمساعدة في طرح الأفكار والخطوات الممكنة من أجل تحسين جودة العمل، وتقبلك للانتقادات يساعدك فيما يلي:
- رؤية الأمور من منظور مختلف: يساعد النقد على منحك منظورًا جديدًا وينبهك على أشياء ربما قد غفلت عنها، إذ يمكن أن يساعدك على النمو من خلال تسليط الضوء وإعطائك الفرصة للتحسين، يمكن للنقد البناء أن يوفر لك فرصة لفهم توقعات العمل بشكل أفضل وكيفية تلبيتها بل وتجاوزها.
- الحفاظ على المسار الصحيح: تساعدك الانتقادات في العمل في الحفاظ على المسار الصحيح لأنها تعكس لك بأن مديرك وزملائك يهتمون بأدائك، وإن تلقي التعليقات سواء كانت إيجابية أو سلبية، هو أمرٌ جيد لأنه يسمح لك بالتعلم والتطور، بدلًا من السماح لك بالفشل.
كيف يمكنك تقبل الانتقادات في العمل؟
يمكن أن يكون النقد البناء جزءًا من تنفيذ استراتيجيات التحسين لمساعدتك على تحديد أهداف عملك وتحقيقها، وقد يخلق أيضًا جوًا إيجابيًا فتشعر بالراحة عند طرح الأسئلة أو عند طلب المساعدة، لذا من المهم تقبل الانتقادات، ويمكنك ذلك من خلال ما يلي:
ضبط رد فعلك
إن ردود الأفعال عند تلقي الانتقادات هي مؤشر على النضج الفكري ومستوى مرونتك واحترافك، إذ أن تعابير الوجه ولغة الجسد لا تقل أهمية عن كلماتك في كيفية تفاعلك مع النقد، إذ بينت دراسة (Atlas,1994) أن درجة الحساسية تجاه النقد تنطوي على مستوى الإدراك والوعي والقدرة على تقبل النقد، وقد أشارت الدراسة إلى أن المرونة في تقبل النقد مرتبطة بمستويات أقل من التوتر، والاكتئاب، وعدم تقدير الذات.
لذا فإن معرفة كيفية التحكم في لغة الجسد وتعبيرات الوجه يشير إلى النضج والاحتراف، ويساعدك في تقبل الملاحظات بمرونة عالية.
رؤية الأمور بشكل مجرد
حاول ألا تأخذ الانتقادات الموجهة لك على محمل شخصي، ويمكنك ذلك من خلال الفصل بين نفسك كشخص مستقل وأدائك ضمن مكان العمل، وتذكر أن الأخطاء لا تعكس شخصيتك، إذ عادةً ما يكون النقد موجهًا لأدائك وليس لك شخصيًا، لذا استغل فرصة توجيه الانتقادات لتطوير مهارتك للتفوق في عملك مستقبلًا.
التفاعل مع الانتقادات
حاول تجنب اتخاذ موقف دفاعي، أو إعطاء الأعذار، أو تبرير أفعالك، وبدلًا من ذلك يمكنك التفاعل بموضوعية مع الانتقادات من خلال تحديد ما تنوي القيام به بشكل مختلف، وكيف تخطط لتنفيذ هذه التغييرات، ثم قم بإجراء تلك التغييرات؛ إذ أن القدرة على معالجة الانتقادات وإيجاد حلول بديلة، هذا هو أكثر مؤشر على مدى احترافك لعملك.
تطوير الصلابة الفكرية (المتانة العقلية)
تشير الصلابة الفكرية إلى المرونة في الاستمرار والمحاولة مرارًا وتكرارًا في مواجهة العقبات، والأشخاص الذين يطورون هذه الميزة يرون الانتقادات كفرصٍ جديدة تسمح لهم بالتغيير والنمو.
في دراسة (Giles,2018)، هدفت إلى توضيح تأثير الصلابة العقلية (الفكرية) بالنجاح في العمل، شارك في الدراسة 38 لاعب كرة قدم، تتراوح أعمارهم بين 21 إلى 24 سنة، واتصف بعضهم بالصلابة العقلية، وقد أُجري عليهم مجموعة من الاختبارات المعيارية لقياس اللياقة البدنية لديهم والتي استمرت لمدة أسبوعين، أشارت نتائج الدراسة إلى أن معظم المشاركين الذين اتصفوا بالصلابة العقلية كان لديهم أداء مميز للمثابرة في إنهاء مهام بدنية قاسية، بالرغم من الصعوبات والانتقادات البناءة الموجهة إليهم.
عدم ممارسة جلد الذات
إن ارتكاب الخطأ لا يجعل منك شخصًا فاشلًا؛ فالجميع معرضون لارتكاب الأخطاء من وقت لآخر إذ يمكن أن يؤدي الشعور بالذنب إلى تحفيز النقد الذاتي القاسي، ويمكن لجلد الذات أن يكون له آثار سلبية على الصحة النفسية، ولكن بينت دراسة (Morewedge,2012) أن الشعور بالذنب يمكن أن يساعدك على تعلم تحديد الأشياء التي تريد تغييرها وإيجاد طرق للإصلاح أو التغيير، إذ يمكن أن تكون مشاعر الذنب المعتدلة وسيلة لتحديد وتصحيح التجاوزات؛ لذا ينصح دائمًا بالتفكير بموضوعية وتَذكُر نقاط القوة التي لديك والابتعاد عن لوم الذات المفرط.
بغض النظر عن خبرتك في العمل أو مدى جودة عملك، فإنه دائمًا يوجد الكثير لتتعلمه، لذا فإن تقبل الانتقادات تحفزك على التعلم والنمو، فقط تذكر ألا تأخذ النقد على محمل شخصي، وأن النقد ليس هجومًا على مهاراتك أو شخصيتك، وإذا كنت تواجه صعوبة في تقبل الانتقادات يمكنك التواصل مع المختص من خلال تحميل تطبيق لبيه الذي سيساعدك على تنمية أساليب فعالة لتقبل الانتقادات والنظر إليها باعتبارها فرصة للتعلم وطريقة ابتكارية لتطوير خبراتك المهنية.
المراجع
1- Samma Faiz Rasool, Mansi Wang, Minze Tang, Amir Saeed, and Javed Iqbal, How Toxic Workplace Environment Effects the Employee Engagement: The Mediating Role of Organizational Support and Employee Wellbeing, Int J Environ Res Public Health. 2021 Mar; 18(5): 2294, doi: 10.3390/ijerph18052294.
2- Giles B, Goods PSR, Warner DR, et al. Mental toughness and behavioural perseverance: A conceptual replication and extension. J Sci Med Sport. 2018;21(6):640-645. doi:10.1016/j.jsams.2017.10.036
3- Atlas, G. D. (1994). Sensitivity to Criticism: A New Measure of Responses to Everyday Criticisms. Journal of Psychoeducational Assessment, 12(3), 241–253. doi.org/10.1177/0734282994012003034- Cryder CE, Springer S, Morewedge CK. Guilty feelings, targeted actions. Pers Soc Psychol Bull. 2012;38(5):607-618. doi:10.1177/0146167211435796