لقد مررنا جميعًا بلحظات من التوتر والقلق في حياتنا. يعلم معظم الناس كمية التحديات العاطفية والنفسية التي تخلقها الكثير من المواقف اليومية مثل مشاكل العمل والضغوط المادية أو العلاقات الاجتماعية والحزن على فقدان الأحبة، في بعض الأحيان يمكننا التعامل مع هذه التحديات بمفردنا أو بمساعدة العائلة والأصدقاء الذين نثق بهم، ولكن ماذا عندما تصبح هذه المشاعر السلبية مسيطرة لدرجة أن نصبح غير قادرين على تجاوزها؟

ما هو العلاج النفسي؟

يعتبر العلاج النفسي أو ما يسمى العلاج بالكلام، تدبيرًا شائعًا للعديد من الاضطرابات الصحية النفسية، ويمكن أن يساعد أيضًا في مواجهة التحديات والمخاوف اليومية. يساهم العلاج النفسي في تحسين الأعراض وتعليم كيفية التعامل مع الأعراض التي قد لا تستجيب للعلاج على الفور. تظهر الأبحاث أن فوائد العلاج النفسي تدوم لفترة أطول من استخدام الأدوية وحدها. والتي تعد قادرة على تخفيف بعض الأعراض النفسية، لكن العلاج النفسي يعلم الناس كيفية معالجة العديد من الأعراض بمفردهم. تستمر هذه المهارات بعد انتهاء العلاج، وقد تستمر الأعراض في التحسن من خلال المتابعة مع الطبيب النفسي. يمكن أن تفيد الاستشارات النفسية الأشخاص الذين يعانون من الصعوبات العاطفية وتحديات الحياة واضطرابات الصحة النفسية.

ما مدى شيوع المشاكل النفسية في المجتمع؟

تعتبر مشاكل الصحة النفسية شائعة عمومًا، إذ تظهر الإحصائيات أن 1 من كل 5 بالغين قد يكون لديه مشكلة نفسية معينة، لكن تكمن المشكلة في أن حوالي 40% فقط من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية يحصلون على المساعدة. غالبًا ما تزداد المشاكل النفسية غير المعالجة سوءًا وقد يكون لها آثار سلبية أخرى، حيث يمكن أن تؤدي أيضًا إلى:

• عدم القدرة على العمل أو الذهاب إلى المدرسة.
• صعوبة تكوين علاقات جديدة أو رعاية الأطفال.
• زيادة مخاطر المشاكل الصحية.
• العلاج بالمستشفى.
• الرغبة بالانتحار.

هل أحتاج إلى علاج نفسي؟

قد يكون من الصعب مشاهدة أحد أفراد الأسرة يتعامل مع التحديات الصحية النفسية، لكن إخبار شخص ما أنه يجب أن يذهب إلى معالج نفسي أو أنه بحاجة إلى علاج يمكن أن يكون أمرًا محرجًا.

إن تشجيع شخص ما تهتم به للتفكير في خيارات العلاج النفسي المحتملة، وحتى اقتراح مرافقتهم في مراجعة المعالجين النفسيين، هو بشكل عام طريقة جيدة لإظهار الدعم. قد يشعر الأشخاص الذين يشعرون بأنهم مجبرون على العلاج النفسي بالمقاومة ويجدون صعوبة في القيام بالعمل اللازم لإحداث التغيير اللازم.

علينا أن نفكر بالعلاج النفسي عندما يؤثر أي نوع من اضطرابات الصحة النفسية أو القلق العاطفي على الحياة اليومية والوظيفة. يمكن أن يساعدك العلاج النفسي في التعرف على ما تشعر به، ولماذا تشعر به، وكيفية تتعامل معه.

يوفر العلاج النفسي أيضًا ملاذًا آمنًا للتحدث عن تحديات الحياة مثل الانفصال عن الشريك أو الحزن أو صعوبات الأبوة والأمومة وصراعات الأسرة. يمكن أن تساعد الاستشارات النفسية الزوجية على العمل من خلال مشاكل العلاقة وتعلم طرق جديدة للارتباط والتفاهم.

متى يجب التفكير في العلاج النفسي؟

من الممكن أن يحتاج الأمر لبعض التفكير قبل أن تقرر أنك مستعد للعلاج النفسي، وقد ترغب في الانتظار لمعرفة ما إذا كان الوقت أو نمط الحياة أو دعم الأصدقاء والعائلة سوف يحسن من كل ما تشكو منه.

ينصح الأطباء بالالتزام بالعلاج النفسي، عند الوقوع في ضائقة تؤثر بشكل هام على نوعية الحياة، وخاصة عندما:

• يستغرق التفكير في المشكلة أو التعامل معها عدة ساعات كل يوم.
• تسبب المشكلة إحراجًا أو رغبة في تجنب الآخرين.
• تسببت المشكلة في انخفاض في نوعية الحياة.
• تأثير المشكلة السلبي على المدرسة أو العمل أو العلاقات الاجتماعية.
• إجراء تغييرات حياتية جذرية أو تطوير عادات سلبية للتعامل مع المشكلة.

إذا واجهت أيًا من هذه المشاعر التالية لدرجة أنها تتداخل مع الحياة، فقد يساعد العلاج النفسي على تقليل آثارها السيئة. من المهم بشكل خاص التفكير في أهمية استشارة الطبيب النفسي إذا شعرت بالسيطرة على الأعراض أو إذا كانت قد تسبب ضررًا لنفسك أو للآخرين.

ما هي العلامات التي تدل على ضرورة التواصل مع طبيب أو معالج نفسي؟

هناك العديد من العلامات التي تدل على ضرورة التواصل مع طبيب أو معالج نفسي، من ضمنها: 

• الإرهاق: قد تشعر أن لديك الكثير من الأشياء للقيام بها أو الكثير من المشكلات التي لا يمكنك التعامل معها. قد تشعر أنك لا تستطيع الشعور بالراحة أو حتى التنفس. يمكن أن يؤدي الإجهاد والإرهاق إلى مشاكل بدنية خطيرة.
• التعب: غالبًا ما ينتج هذا العرض عن المشاكل الصحية النفسية أو يرافقها، ويمكن أن يشير إلى الاكتئاب. قد يتسبب التعب أيضًا في زيادة ساعات النوم أو صعوبة النهوض من السرير صباحًا.
• الغضب غير المبرر: يشعر الجميع بالاستياء من أمر ما في بعض الأحيان. حتى أن الغضب العابر ليس شعورًا ضارًا . قد يكون البحث عن الدعم النفسي للتعامل مع هذه المشاعر السلبية فكرة جيدة عندما لا تمر بسلام، أو تكون أشد من الموقف، أو إذا كانت تقود إلى اتخاذ إجراءات عنيفة أو مؤذية.
• رهاب الخلاء: يخشى الأشخاص المصابون برهاب الخلاء من التواجد في أماكن قد يتعرضون فيها لنوبات هلع عند الشعور بأنهم محاصرين. قد يصبح بعض الناس غير قادرين على مغادرة منازلهم.
• القلق المستمر: من الطبيعي أن تقلق بشأن الأشياء من وقت لآخر، ولكن عندما يستغرق القلق جزءًا كبيرًا من يومك أو يسبب أعراضًا جسدية، يمكن أن يساعدك العلاج النفسي في التعامل معه.
• اللامبالاة: يمكن أن يشير فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة أو العالم المحيط أو الحياة بشكل عام إلى مشاكل صحية نفسية مثل الاكتئاب أو القلق.
• اليأس: يمكن أن يشير فقدان الأمل أو الدافع، أو الشعور كما لو لم يكن لديك مستقبل، إلى الاكتئاب أو حالات نفسية أخرى. لا يعدّ الشعور باليأس من وقت لآخر، خاصة بعد فترة صعبة أمرًا نادرًا. ولكن عندما يستمر بشكل دائم، قد يؤدي ذلك إلى أفكار انتحارية.
• العزلة الاجتماعية: يشعر الكثير من الناس بتحسن عندما يكونون قادرين على قضاء بعض الوقت على الأقل بمفردهم. قد يحتاج الأشخاص الانطوائيون إلى مزيد من الوقت بمفردهم أكثر من غيرهم. ولكن إذا شعرت بالضيق من الآخرين أو كنت تخشى التواجد مع أشخاص آخرين، فقد يساعدك العلاج النفسي على فهم هذه المشاعر والتعامل معها.

ما هي فوائد العلاج النفسي؟

• تعلم المزيد عن الذات. يستمع المعالج النفسي إلى القصة ويساعد في إجراء الاتصالات اللازمة. يمكن أيضًا أن يقدم إرشادات أو توصيات خاصة في حال الشعور بالضياع. يمكن للعلاج النفسي أن يمكّنك من اتخاذ إجراءات علاجية هامة بمفردك.
• يمكن أن يساعد العلاج النفسي على تحقيق الأهداف. إذا لم تكن متأكدًا من أهدافك، فيمكن أن يساعدك العلاج النفسي في توضيحها ووضع خطوات واقعية لتحقيقها.
• يمكن أن يساعد العلاج أيضًا في تكوين علاقات أفضل. يمكن أن يساعد العلاج النفسي في معالجة الصعوبات المتعلقة بالآخرين، مثل انعدام الإحساس بالأمان في العلاقات أو صعوبة الثقة في الشريك.
• من المرجح أن تتمتع بصحة أفضل من جميع النواحي. تدعم الدراسات أهمية الصلة بين الصحة النفسية والجسدية. حيث يمكن أن تؤثر المشاكل النفسية غير المعالجة على الصحة الجسدية. من ناحية أخرى، قد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بصحة عاطفية جيدة أكثر قدرة على التعامل مع المشاكل الجسدية التي قد تنشأ.
• يمكن أن يؤدي العلاج النفسي إلى تحسين جميع مجالات الحياة. يمكن أن يساعد العلاج النفسي إذا شعرت أن شيئًا ما يمنعك من عيش الحياة التي تستحقها. وعندما لا تكون متأكدًا مما يمنعك من إحداث التغيير، يمكن أن يساعدك العلاج النفسي في اكتشاف الإجابة.
• يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا لأي شخص، بغض النظر عما إذا كنت تعاني من حالة نفسية مشخصة أم لا. ويمكن أن يساعد بشكل خاص الأشخاص الذين يعانون من الحزن والصدمات وعدم الاستقرار العاطفي.

من المهم أن نتذكر أيضًا أن العلاج النفسي ليس حلًا واحدًا يناسب الجميع، فهو يمكن أن يشمل بعض التجربة والخطأ، والعلاقة الجيدة مع المعالج النفسي لا تقل أهمية عن البحث عن العلاج المناسب، لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع المرتبطة بالصحة النفسية يمكنك تحميل تطبيق لبيه والتواصل مع فريق من خبراء الصحة النفسية من خلاله.