تعتبر رعاية الأطفال مسؤولية كبيرة، حيث يبذل الآباء والأمهات كل جهدهم لرعاية أطفالهم والاهتمام بصحتهم واحتياجاتهم ومنحهم الرعاية الأفضل، ولكن قد يميل بعض الآباء والأمهات إلى المبالغة في القلق والاهتمام بالطفل والحرص الشديد عليه، وهذا ما يُعرف بالقلق الوالدي، الذي يمكن أن يؤثر على نوعية حياة الأهل والطفل.

ما هو القلق الوالدي وما أعراضه؟

القلق الوالدي هو القلق والخوف والتوتر الذي يعاني منه بعض الآباء والأمهات فيما يتعلق بتربية الطفل، وتشمل هذه المخاوف الصحة الجسدية والنفسية للطفل، والتنشئة الاجتماعية، والأداء في المدرسة، ويمكن أن يحدث القلق الوالدي حتى لو كان الأولاد راشدين.

تشمل العلامات التي تظهر لدى الوالدين والتي تشير إلى القلق الوالدي ما يلي:

• تجنب وضع الطفل في مواقف معينة، رغم أنها آمنة نسبيًا.
• التعبير عن مشاعر القلق أو التوتر للآخرين، بما في ذلك أطفالهم.
• وجود أفكار مستمرة بأن شيئًا سيئًا يمكن أن يحدث للطفل.
• قضاء وقت طويل في القلق بشأن التفاصيل الصغيرة المتعلقة بالطفل.

بالإضافة إلى ظهور الأعراض العامة للقلق لدى الوالدين التي قد ترافق الأعراض السابقة، وهي:

• الأرق، والتعب، والصداع.
• صعوبة في التركيز، وصعوبة النوم.
• سرعة الانفعال.
• آلام في المعدة.

كيف يمكن أن يؤثر القلق الوالدي على الأطفال؟

يمكن أن يساهم القلق الوالدي بشكل مباشر في إصابة الأطفال بالقلق، كما يزيد من خطر إصابة الطفل بالاكتئاب، هدفت دراسة (Lawrence.2018) لاستكشاف ما إذا كان هناك دور لاضطرابات القلق الوالدي بإصابة الأطفال بالقلق، وما إذا كانت اضطرابات القلق الوالدي سببت اضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب عند الأطفال.

أشارت النتائج إلى أن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب إذا كان الأهل يعانون من اضطراب القلق، وذلك مقارنةً بالأطفال الذين لا يعاني أهلهم من اضطرابات القلق، وأضافت الدراسة أن الأطفال الذين يعاني آباؤهم من القلق كانوا أكثر عرضة للإصابة بهذه الأنواع المحددة من القلق:

• اضطراب القلق العام.
• اضطراب قلق الانفصال.
• الرهاب.

ما أهم النصائح للتعامل مع القلق الوالدي؟

يمكن للأشخاص الذين يعانون من القلق الوالدي اتباع الطرق التالية لإدارة وتخفيف أعراض القلق وتجنب نقل قلقهم للأطفال، ومنها ما يلي:

استخدم تقنيات لتخفيف القلق والتوتر

يمكن أن تساعد هذه التقنيات الشخص على تقليل أعراض القلق والتي تشمل ما يلي:

• ممارسة الرياضة.
• التأمل.
• ممارسة اليوجا.
• ممارسة تمارين التنفس العميق.

التدرب على مهارات التأقلم

يمكن للشخص أن يخطط مسبقًا للتعامل مع المواقف التي تحفز مشاعر القلق، فعلى سبيل المثال: يمكنك وضع قائمة بالاستراتيجيات التي يجب استخدامها عند حدوث مواقف قد تستدعي القلق، الأمر الذي يحسن من قدرة الوالدين على التصرف بحكمة وعقلانية في هذه المواقف، ونقل هذه التجربة للأطفال.

فعندما يرى الأطفال أن والديهم يستخدمان استراتيجيات للتعامل مع التوتر، فسوف يتعلمون كيفية التعامل مع التوتر بأنفسهم، لذا حاول أن تتبنى سلوكًا هادئًا أمام الطفل وانتبه لتعبيرات الوجه واختيار الكلمات.

 بينت دراسة (Azham.2021) شملت 92 مشاركًا منهم 23 والدًا، و69 والدة، كان الغرض من هذه الدراسة هو التحقق من تأثير القلق الوالدي في تطوير سلوك مثبط عند الأطفال، وأشارت النتائج إلى وجود علاقة ارتباط قوية بين قلق الوالدين وعدم قدرة الطفل على التعامل مع المواقف والأحداث بفعالية والذي يسمى بتثبيط السلوك.

التحدث إلى آباء آخرين

إن التحدث إلى الآباء الآخرين، بما في ذلك الأصدقاء وأفراد الأسرة، حول مشاكل الأبوة والأمومة التي تواجهها والأشياء التي تقلق بشأنها، قد يسهم بشكل ملحوظ في تخفيف مشاعر القلق لديك، إذ يساهم ذلك في معرفة أن الأشخاص الآخرين لديهم نفس المشاعر ولديهم نفس المخاوف ويمرون بنفس الأحداث المقلقة، وقد يساعد هذا الحديث الفعال على استكشاف طرق جديدة للتعامل مع المواقف.

تجنب نقل المشاعر السلبية

قد يقوم بعض الآباء والأمهات القلقين عن غير قصد بتعليم الطفل أنه يجب الخوف من مواقف معينة لأنهم يخافون منها هم أنفسهم، على سبيل المثال: إذا كان أحد الوالدين يخاف من السباحة أو التواجد في الماء، فقد يصاب بالذعر عندما يكون طفله بالقرب من الماء وينقل خوفه إليه، لذا يُنصح في مثل هذه الحالات ألا يُظهر الوالدان مشاعرهم السلبية وخوفهم أمام الأطفال، وإنما محاولة تشجيعهم على القيام بهذه الأنشطة.

طلب المساعدة

في بعض الحالات قد تتفاقم الأعراض بشدة عند الوالدين ولا يمكنهم السيطرة على قلقهم في رعاية الأطفال، ما قد يؤدي إلى تطور اضطرابات نفسية أخرى، لذا ينصح بطلب المساعدة من طبيبك أو معالجك النفسي لمساعدتك على تعلم آليات وخطوات للتخفيف من الحالة، من خلال العلاج المعرفي السلوكي وهو نوع من العلاج الذي يركز على العلاقة بين أفكار الشخص ومشاعره وسلوكياته. يمكن أن يزودك العلاج المعرفي السلوكي باستراتيجيات التأقلم التي يمكن أن تساعدك في التحكم المواقف الصعبة.

هدفت دراسة (Carpenter.2018) إلى فحص فعالية العلاج السلوكي المعرفي في علاج الاضطرابات المرتبطة بالقلق بناءً على مجموعات عشوائية من الأشخاص بلغ عددهم 2835، وكانوا يعانون من اضطراب القلق العام، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب الهلع، واضطراب ما بعد الصدمة، وأظهرت النتائج أن العلاج المعرفي السلوكي هو علاج فعال إلى حد ما لاضطرابات القلق عند مقارنته بالعلاجات الدوائية الأخرى.

لا شك أن القلق الوالدي له العديد من الآثار السلبية على كل من الآباء والأطفال، لذا من الضروري تجنب مشاعر القلق المفرطة قدر الإمكان، والسماح للطفل بأن يبني شخصيته بشكل مستقل بحيث يكون واثقًا بنفسه وقادرًا على حل مشاكله مستقبلاً.

الدراسات:

Lawrence, P. J., et al. (2019). Systematic review and meta-analysis: Anxiety and depressive disorders in offspring of parents with anxiety disorders, doi: 10.1016/j.jaac.2018.07.898. Epub 2018 Nov 1.

Azham, A. A., et al. (2021). The relationship between parental anxiety, child’s behavioral inhibition and child anxiety, doi.org/10.37134/saecj.vol10.1.5.2021.

Carpenter, J. K., et al. (2018). Cognitive behavioral therapy for anxiety and related disorders: A meta-analysis of randomized placebo-controlled trials, Published online 2018 Feb 16. doi: 10.1002/da.22728