ما هو التنمر العاطفي؟
للتنمر أشكال عديدة، ولكن التنمر العاطفي يُعد أحد أسوأ هذه الأنواع، فهو قد يترك أثارًا كبيرة ومدمرة للنفس، فلا أحد يستحق أن يتعرض لسوء المعاملة وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية التي تربط بين الشركاء أو الأزواج أو الأصدقاء، ويمكن أن ينتج عن ممارسة التنمر العاطفي ظهور العديد من المشاعر السلبية كالعدوانية والرهاب والقلق والتوتر، والذي يمكن أن ينعكس بدوره على الصحة النفسية بشكل عام.
ما هو التنمر العاطفي؟
يعتبر التنمر العاطفي سلوكًا غير مرغوب في العلاقات، ويظهر عندما يحاول شخص آخر إزعاجك عمدًا، أو إلحاق الأذى بك، أو السيطرة عليك من خلال انتقادك أو إحراجك، أو إلقاء اللوم عليك، أو التلاعب بعواطفك بأي طريقة أخرى، ويمكن القول أن العلاقة مؤذية عاطفيًا عندما يكون هناك نمط ثابت من الكلمات المسيئة، أو سلوكيات التنمر التي تقلل من تقدير الشخص لذاته وتخفض من ثقته بنفسه.
يعتبر التنمر العاطفي من أكثر أشكال الإساءة شيوعًا سواء في Marital relations، أو في العلاقات التي تربط الأفراد ببعضهم كعلاقة الأصدقاء وأفراد الأسرة وزملاء العمل، ويمكن أن يُمارس التنمر العاطفي سواء من قبل الذكور أو الإناث، فقد أشارت a study (Graham-Kevan.2009) شملت 399 رجل و951 امرأة، طُلب من كلا المجموعتين الإجابة على عدد من التقارير، وعلى عكس الاعتقاد السائد أن الرجال هم فقط من يمارسوا التحكم والتنمر على شريكهم، أظهرت النتائج أن الرجال والنساء أظهروا درجات مماثلة من سلوك التنمر.
ما أهم العلامات التي تشير إلى التنمر العاطفي؟
عند التفكير فيما إذا كان شخص ما يمارس التنمر العاطفي يجب التذكر دائمًا أن التنمر العاطفي غالبًا ما يحدث بشكل غير مباشر، لذا قد يكون من الصعب اكتشاف العلامات التي تدل على سلوك التنمر العاطفي، ولكن في المقابل توجد العديد من الإشارات التي تدل على أن هذا الشخص يمارس تنمرًا عاطفيًا، ومن أهمها:
عدم الاهتمام بمتطلباتك الشخصية:
غالبًا ما يتصرف الأشخاص الذين يمارسون التنمر العاطفي بصفتهم متفوقين ولديهم الحق في قول أو فعل أي شيء، ويظهر ذلك من خلال:
- معاملتك وكأنك أقل شأنًا.
- توقع أن تلبي احتياجات الشخص الآخر في أي وقت.
- انتقادك لعدم إتمام المهام وفقًا لمعاييرهم.
- محاولة تحديد ما يجب أن تشعر به.
- اتهامك بأنك “حساس جدًا” أو “عاطفي جدًا”.
- الإيحاء بأن تصوراتك خاطئة أو لا يمكن الوثوق بك.
شعورك الدائم بالقلق والتوتر:
علامة أخرى على أن شخصًا ما يمارس التنمر العاطفي تظهر عندما يميل إلى خلق حالة من التوتر أو التشتت أو الفوضى تجاهك، على سبيل المثال:
- المجادلات المستمر التي لا فائدة منها.
- الإدلاء بعبارات محيرة ومتناقضة.
- التصرف بوتيرة متقطعة وغير متوقعة بحيث تشعر وكأن علاقتك مع الشخص غير مستقرة.
- تغيرات مزاجية حادة أو نوبات انفعالية مفاجئة.
استخدام الابتزاز العاطفي:
وذلك من خلال محاولة المتنمر استخدام عواطفك ضدك، على سبيل المثال:
- استخدام مخاوفك أو قيمك أو نقاط ضعفك للتحكم بك في المواقف الصعبة.
- المبالغة في الإشارة إلى عيوبك.
ما هي الآثار الناتجة عن التنمر العاطفي؟
تشير a study (Remschmidt.2011) إلى أن العواقب الناتجة عن التنمر العاطفي لا تقل خطورة عن الإساءة الجسدية، أي يمكن للعنف الجسدي أن يظهر على شكل جروح أو كدمات جسدية، بينما يمكن للإساءة النفسية التي تنتج عن التنمر العاطفي أن تترك آثارًا مؤذية على صحة الفرد النفسية، ويمكن أن يترك الأذى اللفظي آثارًا قصيرة الأمد وطويلة الأمد، ولا تقل خطورة عن آثار الاعتداء الجسدي.
في دراسة ألمانية تم فيها سؤال المشاركين حول تجربتهم مع سوء المعاملة والتنمر العاطفي في مرحلتي الطفولة والمراهقة، أظهرت النتائج الإبلاغ عن سوء المعاملة العاطفية الشديدة في مرحلة الطفولة من قبل 1.6٪ من الأشخاص، والإهمال العاطفي الشديد بنسبة 6.6٪، بينما مثلت الإساءة الجسدية الشديدة فقط بنسبة 2.8٪.
كما يساهم التنمر العاطفي في الإصابة بالقلق المزمن، واضطرابات الأكل، كما يزيد الفرصة للإصابة بالاكتئاب، إذ بينت a study شاملة أخرى (Milen.2021)، نُشرت في مجلة المكتبة الوطنية للطب العلاقة الوثيقة بين تعرض الفرد لسوء المعاملة كالتنمر العاطفي وبين الاكتئاب، إذ أشارت الدراسة إلى أن التنمر العاطفي قد يعاني منه الأفراد في أي وقت، وله آثار نفسية وجسدية سلبية طويلة الأمد على الضحية.
أهم الآثار النفسية التي يسببها التنمر العاطفي هو الاكتئاب، فهو اضطراب مزاجي شائع وخطير، يمكن أن يؤدي إلى توليد أفكار انتحارية في محاولة من الفرد الذي يتعرض للإساءة العاطفية إلى إنهاء حياته نتيجةً للألم النفسي الكبير. علاوة على ذلك، يمكن أن يسبب التنمر العاطفي عدد من المشكلات الصحية الجسدية، كالإصابة بقرحة في المعدة ومشاكل قلبية.
كيف يمكنك الحد من التنمر العاطفي؟
إن الخطوة الأولى في التعامل مع أي علاقة مؤذية عاطفيًا هي التعرف على أشكال الإساءة، فإذا كنت قادرًا على تحديد أي جانب من جوانب الإساءة العاطفية في علاقتك، عندها يمكن الحد منها، وذلك من خلال ما يلي:
جعل نفسك أولوية:
عليك التوقف عن القلق بشأن إرضاء الشخص الذي يسيء إليك، والالتفات أكثر لاحتياجاتك.
وضع حدود واضحة:
تعمل الحدود على حماية مساحتك الشخصية وتسمح لك بالتعبير عن رغباتك واحتياجاتك، مع احترام رغبات واحتياجات الآخرين من حولك، فتساعد بذلك على حماية معتقداتك وتقاليدك وقيمك وعاداتك الثقافية من التجاوز.
تجنب العلاقات المؤذية:
لا تتعامل مع شخص مسيء عاطفيًا، بعبارة أخرى، إذا حاول أحدٌ ما بدء جدال معك أو إهانتك، أو طلب أفعالًا لا تستطيع القيام بها، فلا تحاول تقديم تفسيرات أو الاعتذار، ببساطة ابتعد عن الموقف قدر الإمكان؛ لأن التعامل مع الشخص المسيء يهيئك لمزيد من الاضطرابات النفسية والتوتر.
لا شك أن التنمر العاطفي يساهم في خلق اضطرابات نفسية وجسدية عديدة لدرجة أن يشعر الفرد بأنه يستحق الإساءة، لذا إذا كنت تتعرض للتنمر العاطفي تخلص فورًا من العلاقة المؤذية، ولا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تجاوز هذه العلاقة والتخلص من تأثيراتها السلبية.
الدراسات:
Graham-Kevan N, Archer J. Control tactics and partner violence in heterosexual relationships. Evolution and Human Behavior. 2009;30(6):445-452. doi:10.1016/j.evolhumbehav.2009.06.007
Remschmidt H. The emotional and neurological consequences of abuse. Dtsch Arztebl Int. 2011;108(17):285-286. doi:10.3238/arztebl.2011.0285
Milen L. Radell, 1 Eid G. Abo Hamza, 2 , 3 Wid H. Daghustani, 3 Asma Perveen, 4 and Ahmed A. Moustafa 5 , 6, The Impact of Different Types of Abuse on Depression, 2021 Apr 13. doi: 10.1155/2021/6654503