العجز المكتسب، وكيف نتخلص منه؟
يواجه كل منا مشاعر متنوعة من الاستياء والعجز في مرحلة ما من حياتنا، وبالرغم من ذلك نحاول الاستمرار في السعي وتجاوز جميع التحديات والصعوبات التي قد تواجهنا، لأن الاستسلام وعدم القدرة على تجاوز العقبات يمكن أن يؤدي إلى ما يسمى بالعجز المكتسب.
← ابدأ الآن: مقياس تقدير الذات
ما هو العجز المكتسب؟
إن العجز المكتسب وفقًا لدراسة (Maier.2016) أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية ظاهرة شائعة تنتج عن التعرض المتكرر لضغوط وأحداث سلبية أو غير مرغوب فيها، ولا يمكن السيطرة عليها، فيتوقف الشخص عن محاولة إجراء التغييرات وإيجاد الحلول المناسبة حتى إذا أصبحت هذه الحلول متاحة فيما بعد.
أكدت الدراسة أن الأفراد هنا يفتقرون إلى مهارة السيطرة على الأحداث المحيطة بهم، والتي بدورها تُضعف الدافع لإجراء تغييرات أو محاولة تغيير المواقف، وقد تم وصف هذه الظاهرة لأول مرة في عام 1967 من قبل علماء النفس الأمريكيين (بروس أوفرمير ومارتن سيليجمان)، لاحقًا وسع العالم سيليجمان مفهوم نظرية العجز المكتسب لشرح تطور الاكتئاب.
ووفقًا لهذه النظرية، فإن الأشخاص الذين يتعرضون مرارًا وتكرارًا لمواقف عصيبة خارجة عن إرادتهم يطورون عدم القدرة على Decision making أو الانخراط بشكل فعال في السلوك الهادف، وقد لاحظ الباحثون وجود توافق قوي بين العجز المكتسب واضطراب ما بعد الصدمة.
ما هي أعراض سلوك العجز المكتسب؟
لا شك أن جميع الأفراد معرضون لمواجهة العقبات والأحداث الصعبة، إذ أن العجز المكتسب ليس حالة صحية، ويمكن أن يكون أحيانًا علامة على اضطراب نفسي مثل الاكتئاب.
ويمكنكَ تمييز أعراض العجز المكتسب المتمثلة بأعراض أكثر ديمومة، ومنها ما يلي:
- تجنب اتخاذ القرارات.
- الاستسلام بسرعة.
- عدم القدرة على تحمل الإحباط.
- انخفاض الحافز.
- عدم احترام الذات.
- التسويف والمماطلة.
- رفض المحاولة.
ما هي أسباب العجز المكتسب؟
غالبًا ما يكون العجز المكتسب نتيجة التعرض للإجهاد الشديد أو الصدمة، إذ قد تشعر بعدم قدرتك على السيطرة التامة على المواقف، وانخفاض الدافع والحافز للمحاولة والسعي.
تشمل الأسباب الشائعة التي يمكن أن تؤدي إلى العجز المكتسب ما يلي:
يمكن أيضًا أن يسهم الإفراط في الأبوة والاهتمام الشديد باحتياجات الطفل في تطوير العجز المكتسب لدى الأطفال، فعند عدم السماح للأطفال بتجربة الأشياء بشكل مستقل، قد يؤدي ذلك إلى التقاعس وبدلًا من المحاولة، يعتقدون أنهم غير قادرين على فعل الأشياء ولا يبذلون أي جهد.
ما هي تأثيرات العجز المكتسب؟
كمثال واقعي عن مفهوم العجز المكتسب وتأثيره، يمكن أن يؤدي الأداء الضعيف في العمل أو الدراسة حتى بعد بذل الكثير من الجهد، إلى الشعور بالعجز المكتسب. قد يشعر الأفراد أنه بغض النظر عما يفعلونه أو مدى صعوبة عملهم، لن يحدث أي فرق، فيبدأون في التصرف بطريقة عشوائية ولا مبالية.
وقد ارتبط العجز المكتسب أيضًا بالعديد من الاضطرابات النفسية المختلفة، إذ يمكن أن يسبب الاكتئاب والقلق والرهاب والوحدة والخجل الشديد، وبحسب a study (Goetz.1980) نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لعلم النفس، وقد تضمنت النتائج ردود 130 من طلاب الصف الرابع والخامس، والذين بينوا خوفهم من الرفض في المواقف الاجتماعية، الأمر الذي يقود إلى تطوير مشاعر الخجل والانسحاب من التجمعات.
كما بينت الدراسة أنَّ شعور الفرد بالخجل في المواقف الاجتماعية يؤدي إلى إحساسه بأنه لا يوجد شيء يمكن فعله للتغلب على أعراض الخجل، لأن الأعراض قد تبدو خارجة عن السيطرة كاحمرار الوجنتين أو رجفان اليدين، وعندها قد يتوقف الفرد عن محاولة الانخراط في المواقف الاجتماعية، مما يجعل خجله أكثر وضوحًا.
كيف يمكنك التغلب على العجز المكتسب؟
إن التدخل لعلاج العجز المكتسب في مراحل مبكرة يمكن أن يلعب دورًا أساسيًا في التغلب على أعراضه وتأثيراته، على الرغم من أنه قد يتطلب جهدًا طويل المدى، وتشمل الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها ما يلي:
← اقرأ ايضاً: العلاج النفسي:
يمكن أن يكون العلاج النفسي فعالًا في تقليل أعراض العجز المكتسب، ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي أهم أشكال العلاج النفسي والتي يمكن أن تكون مفيدة في التغلب على أنماط التفكير والسلوك التي تساهم في حدوث العجز المكتسب.
الهدف من العلاج السلوكي المعرفي هو مساعدة الأشخاص على تحديد أنماط التفكير السلبية التي تساهم في الشعور بالعجز المكتسب، ثم استبدال هذه الأفكار بأخرى أكثر تفاؤلًا وعقلانية. غالبًا ما تتضمن هذه العملية تحليلًا دقيقًا لما تفكر فيه، وتحدي هذه الأفكار بطريقة إيجابية.
اتباع استراتيجيات الرعاية الذاتية:
تشمل استراتيجيات الرعاية الذاتية الكثير من الوسائل، كالالتزام بنمط غذائي صحي أو الالتزام بممارسة التمارين الرياضية يوميًا، وقد أكدت a study واسعة النطاق (Greenwood.2008) أن التمارين الرياضية قد تساعد في تقليل أعراض العجز المكتسب، إذ يمكن أن تمنع ممارسة الرياضة من تطور الاضطرابات النفسية المرتبطة بالقلق و Depression مثل العجز المكتسب؛ نظرًا لأن التمارين الرياضية تحفز على إنتاج هرمون السيروتونين، والذي يتحكم بمستويات السعادة والمرونة العصبية، وبالتالي تنشيط آليات مرنة وإيجابية في التفاعل مع مختلف الأحداث المحيطة بالفرد.
الدعم الاجتماعي:
إن الحصول على الدعم الاجتماعي والتشجيع من الآخرين مفيد أيضًا في تخفيف أعراض العجز المكتسب، فعندما تشعر بالعجز في مواجهة التحديات، يمكن للأشخاص الداعمين مساعدتك على الشعور بمزيد من الحافز والتشجيع على الاستمرار في المحاولة. مع الوقت والممارسة المستمرة، يمكنك في النهاية اكتساب تجارب ناجحة تساعدك على الشعور بمزيد من الثقة والسيطرة على المواقف الصعبة.
يمكن أن يكون للعجز المكتسب تأثير عميق على Psychological health بشكل ينعكس على مختلف جوانب الحياة، فإذا كنت تشعر أن أعراض العجز المكتسب تؤثر بشكل سلبي على حياتك وصحتك تواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه؛ لمساعدتك على تجاوز أعراضك من خلال الطرق والوسائل المناسبة.
المصادر:
- Maier SF, Seligman ME. Learned helplessness at fifty: Insights from neuroscience. Psychol Rev. 2016;123(4):349-367. doi:10.1037/rev0000033
- Goetz TE, Dweck CS. Learned helplessness in social situations. J Pers Soc Psychol. 1980;39(2):246-55. doi: 10.1037//0022-3514.39.2.246
- Greenwood BN, Fleshner M. Exercise, learned helplessness, and the stress-resistant brain. Neuromol Med. 2008;10(2):81-98. doi:10.1007/s12017-008-8029-y
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: الوقاية خير من العلاج.. طرق لتقوية وبناء نفس متينة تتحمل التغييرات
← اقرأ ايضاً: كيف يمكنك التخلص من التردد في اتخاذ قراراتك؟
← اقرأ ايضاً: كيف أتفهم مشاعري؟
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: علي ال الحارث