Sign up on Labayh app

واحصل على جلستك الأولى بخصم 25%

جوردان بيترسون والعلاج بالمعنى

من المستبعد أن يكون هناك من لم يسمع بجوردان بيترسون أو يشاهد له إحدى المقاطع “النارية” المنتشرة، فهو متواجد على كل الجبهات، ويتحدث في مواضيع ومجالات كثيرة، ويثير الجدل بين كل فترة وأخرى بتعليقات أو إفادات ربما لا يجرؤ على قولها أي أحد آخر علنًا وبكل ثقة كما يفعل هو. بيترسون أصبح شخصية مشهورة في فترة قصيرة، وصنف كأحد أقوى الشخصيات تأثيرًا في الفكر الغربي حاليًا، ولذلك أسباب، قد يكون أحد أهمها مواقفه المعارضة وآراءه السياسية الجريئة التي قسمت الناس إلى إما مؤيدين متعصبين له أو معارضين كارهين له تمامًا. 

لكن هذا ليس موضوع المقال، فهنا سنحاول أن نلخص أفكار جوردان بيترسون المتعلقة بالصحة النفسية وما يراه الطريقة الصائبة من أجل تحسينها من دون التطرق لآرائه السياسية أو مواضيع جانبية أخرى؛ فهو في النهاية بروفيسور علم نفس إكلينيكي، وله خبرة طويلة في التدريس والبحث والعلاج النفسي، وقد يوفر ما يقدمه فائدة للبعض وزاوية مختلفة للنظر إلى الأمور. نريد أن ننوه أن تلخيصنا لآراء جوردان بيترسون في مجال الصحة النفسية لا يعني تأييدنا لها أو معارضتها؛ فهدفنا هو عرض الأفكار والمدارس المختلفة في مجال علم النفس، وترك الحكم عليها للقارئ.

من المعروف أن هنالك الكثير من مدارس علم النفس وطرق العلاج النفسية، حيث تقوم كل منها على فرضيات معينة وتطرح تفسيرات مختلفة لتدهور الصحة النفسية وتقدم حلولًا معينة لتحسينها. في حالة جوردان بيترسون؛ فمن الممكن تصنيفه في خانة المعالجين بالمعنى، مع أنه يجمع بين عناصر من طرق مختلفة، كالعلاج المعرفي السلوكي، والتحليل النفسي، والعلاج الإنساني. يعتمد بيترسون كثيرًا على التراث الإنساني المتمثل في القصص والأساطير، حيث يعتبر أنها زبدة ما كان يريد أو يوصله لنا أسلافنا من حكم ودروس متعلقة بالحياة وكيف علينا التصرف فيها، كما يستند في آرائه ومقترحاته على نظريات وأبحاث علم النفس التطوري؛ لأنه علم يفسر لنا الكثير من تصرفاتنا الحالية ويجعلنا نفهم أنفسنا ونعرف كيف نتصرف وفق طبيعتنا بشكل أفضل حسبما يرى. في السطور التالية أهم أفكار بيترسون بشأن تحقيق صحة نفسية مُثلى:

1- اخلق معنى في حياتك 

وجود المعنى في حياة الفرد شرط أساسي من أجل أن تستقيم أموره وتتحسن صحته النفسية، أما الاكتئاب واليأس وانتشار الإدمان فيعود بشكل كبير إلى انعدام المعنى في هذا العصر الذي تراجع فيه دور الأديان والتقاليد وتفتتت القيم التي كانت توجّه الفرد وتخبره ما عليه أن يفعل وتمنح حياته معنى. لكن الفرد نفسه هو المسؤول وحده عن خلق هذا المعنى في حياته، ويكون ذلك بتحمل المسؤوليات، خاصة الكبيرة منها، وبمواجهة التحديات. حسب بيترسون فـ”الحياة والعيش فيها معاناة، ونحن في حاجة إلى ما يخفف عنا هذه المعاناة ويجعل الحياة محتملة، وهو ما يكون بتحمل المسؤولية ومواجهة التحديات بأنفسنا.” 

2- تحمل مسؤولية حياتك وحدك 

تقع مسؤولية تحسين الفرد لحياته عليه هو، فله دائمًا خيار أن يحسّن من وضعه إلى الأفضل ولو بخطوات بسيطة ومهما كانت ظروفه الحالية سيئة، أما لوم الظروف؛ فهو لا يفيد في شيء، وهو ذريعة الكسول الذي لا يريد القيام بشيء. على الفرد تقبّل أنه هو المسؤول عن حياته وقراراته وأفعاله كخطوة أولى مهمة من أجل أن يتخذ الخطوات التالية الصائبة، وأن يعيش كشخص بالغ مسؤول يفيد نفسه ومجتمعه، لكن عليه دائمًا أن يركز على المدى الذي يستطيع التأثير فيه، وهو ما يعني أن يبدأ بنفسه ثم عائلته ثم بيئته ثم مجتمعه. 

يستخدم بيترسون في هذا السياق عبارته المعروفة “قم بترتيب سريرك أولًا”، والتي يقصد بها أن عليك البداية من نفسك وبيئتك الأقرب قبل أن تنتقل لإصلاح مجال آخر، كما يخبرنا أن لهذا العمل البسيط التافه أن تكون له آثار قوية على حياة الشخص، حيث يعوده على النظام والترتيب، كما أنه يعتبر بمثابة إنجاز بسيط يشعر الدماغ بالسعادة ويتسبب ببداية سلسلة من الإنجازات اليومية المتتابعة.

3- ضع لك أهدافًا واقعية وذات معنى، ثم امش نحوها

لا يكفي أن ترغب بالتحسن وأن تعيش حياة سعيدة، فلا شيء في هذه الحياة من غير ثمن. يشعر الإنسان بالفائدة والمعنى والإنجاز والسعادة عندما يقترب من هدفه ولو بخطوة، أي أن الرحلة تجاه الهدف نفسها تمنح الفرد كل هذه المشاعر، وليس الهدف نفسه فقط. لكن عند اختيار الهدف على المرء أن “يصوب نحو النجوم”، أي أن يصوب هدفه نحو أكبر هدف بإمكانه الوصول إليه لو كافح وثابر؛ فكل شخص لديه فكرة عن الشخص الذي “بإمكانه أن يكونه” لو عمل على تطوير نفسه، لذا فهو أدرى بالخطوات التي عليه اتخاذها من أجل أن يصبح الشخص الذي يريد أن يكونه، لكن عليه في البداية أن يحدد هدفه، فلا وجود لطريق من دون هدف، ثم أن يبدأ بالخطو تجاهه بثبات وعزم. 

يحب بيترسون أن يستخدم الأبطال في القصص والأساطير والأفلام كنماذج علينا تعلم التصرف منها؛ فالبطل هو شخص يخرج من منطقة راحته إلى العالم المجهول ليواجه التحدي أو الخوف ويهزمه ثم يعود بالغنائم والذهب وبشخصية ناضجة وأكثر شجاعة لمواجهة صعوبات أكبر، لذلك علينا أن نكون أبطالا نخرج من مناطق راحتنا ونجرب ونفشل ونتعلم حتى نزداد خبرة ونضجًا، وعلينا أن نكف توقع أن يحصل تغيير في حياتنا من دون مواجهة تحديات وتحمل مسؤوليات صعبة.  

4- لتكن لك عادات جيدة

لا تستخف أبدًا بقوة العادات اليومية البسيطة؛ فقطرات الماء تنحت الصخر، والسلحفاة البطيئة المستمرة تكسب السباق. أنت بحاجة إلى خطوات يومية صغيرة من أجل أن تصل إلى أهدافك على المدى البعيد، وتطبيق هذه الخطوات كل يوم يتطلب انضباطًا واستمرارية، وهذه الانضباطية هي ما يساعدك على تحمل المسؤوليات وتحقيق أهداف أكبر، وبالتالي يجعلك سعيدًا وراضيًا عن حياتك.

5- اعتن بنفسك

هناك الكثير من الأشياء التي هي ضمن نطاق تحكمنا والتي لها آثار كبيرة ومهمة على صحتنا النفسية وطاقتنا وقدرتنا على الأداء بكفاءة، كالحصول على النوم الكافي، والأكل الصحي، والتواصل مع الأهل والأصدقاء، والراحة والاستمتاع في أوقات الفراغ، والتأمل. على هذه أيضًا أن تمارس باستمرار وأن تصبح روتينية من أجل أن نلاحظ فوائدها، أما الخطوات الوحيدة بلا هدف فلن توصل إلى شيء.

6- لتكن لك علاقات صحية

من أهم العوامل المقوية للصحة النفسية والحامية ضد أثر مشاكل الحياة والصدمات وغيرها هي العلاقات الصحية، سواء مع شريك أو أفراد عائلة أو أصدقاء. اسع للتعرف على أصدقاء جيدين إن لم يكن لديك منهم، واعمل على تقوية علاقاتك بالموجودين من الأصدقاء وأفراد العائلة. فالإنسان أقوى بمن معه، وهو كائن اجتماعي لا يعيش في العادة وحده. إذا كانت المشاعر السيئة تغمرك راجع علاقاتك، فربما يكون الخلل هناك.

7- تحدّ نفسك باستمرار واسع خلف التغيير

حتى تنمو وتنضج وتتغير عليك أن تواجه تحديات جديدة باستمرار. في كل مرة تتجاوز فيها تحديًا حاول تجاوز تحد أكبر منه في المرة التالية، واسع خلف التجارب الجديدة ولا تخش من مستوى معقول من الخطر، فأقوى الفرص التعليمية والمنضجة لا تأتي من دون مخاطر. أسس نظامًا في حياتك عن طريق الروتين والانضباط، ثم واجه الفوضى بتقبل التغيير والتحديث وخوض تجارب وتحديات جديدة.

علينا تحمل مسؤولية تحسين صحتنا النفسية بأنفسنا؛ فهناك دائمًا ما بيدنا أن نفعله. يقول بيترسون “اسأل نفسك، ماهو الشيء الذي أقوم بعمله خطأ، وأعرف أني أقوم به خطأ، مما أستطيع إصلاحه، وأريد إصلاحه، وستجد الإجابة وستعرف ما عليك أن تفعله.” هذه باختصار هي ركائز بيترسون من أجل حياة ثرية وسعيدة وذات معنى، لكنه طبعًا، وكغيره من الحلول الأخرى، قد لا يناسب أو يفيد الجميع. ختامًا، هذه 12 نصيحة قدمها في هذا السياق من كتابه (12 قاعدة للحياة: ترياق الفوضى):

  1. قف مستقيمًا وكتفيك إلى الخلف.
  2. عامل نفسك كما لو كنت مسؤولًا عن شخص يحتاج للمساعدة. 
  3. صاحب من يريدون لك الخير، وابتعد عمن يبتهجون بفشلك. 
  4. لا تدع أطفالك يفعلون أمورًا تجعلك تكرههم.
  5. نظم بيتك جيدًا قبل أن تنتقد العالم.
  6. احرص على ملاحقة وقراءة ما له معنى حقيقي.
  7. قل الحقيقة أو على الأقل لا تكذب.
  8. قارن نفسك مع ما كنت عليه بالأمس، لا مع غيرك.
  9. افترض عندما تستمع لشخص ما أنه يملك معلومة لا تعرفها.
  10. كن دقيقًا في خطابك.
  11. لا تنزعج من الأطفال عندما يمارسون لعبة التزلج.
  12. امسح على قطة إذا صادفت واحدة أمامك.
من المستبعد أن يكون هناك من لم يسمع بجوردان بيترسون أو يشاهد له إحدى المقاطع "النارية" المنتشرة، فهو متواجد على كل الجبهات، ويتحدث في مواضيع ومجالات كثيرة، ويثير الجدل بين كل فترة وأخرى بتعليقات أو إفادات ربما لا يجرؤ على قولها أي أحد آخر علنًا وبكل ثقة كما يفعل هو. بيترسون أصبح شخصية مشهورة في فترة قصيرة، وصنف كأحد أقوى الشخصيات تأثيرًا في الفكر الغربي حاليًا، ولذلك أسباب، قد يكون أحد أهمها مواقفه المعارضة وآراءه السياسية الجريئة التي قسمت الناس إلى إما مؤيدين متعصبين له أو معارضين كارهين له تمامًا.  لكن هذا ليس موضوع المقال، فهنا سنحاول أن نلخص أفكار جوردان بيترسون المتعلقة بالصحة النفسية وما يراه الطريقة الصائبة من أجل تحسينها من دون التطرق لآرائه السياسية أو مواضيع جانبية أخرى؛ فهو في النهاية بروفيسور علم نفس إكلينيكي، وله خبرة طويلة في التدريس والبحث والعلاج النفسي، وقد يوفر ما يقدمه فائدة للبعض وزاوية مختلفة للنظر إلى الأمور. نريد أن ننوه أن تلخيصنا لآراء جوردان بيترسون في مجال الصحة النفسية لا...

هذا المقال يتضمن معلومات علمية مُدققة، ومحتوى حصري لمدونة لبيه

للحصول على مزيد من المقالات ، واكمال قراءة هذا المقال. اشترك في قائمتنا البريدية
818

Book your consultation now

Find the right doctor for you or enlist the help of our team to recommend the right doctor for you.

Are you looking for distinguished psychological counseling?

Choose, through labayh, who suits you best from specialists with great experience

For companies and businesses we offer you

Staff Health and Mental Well-being Program

مختصين مقترحين لمساعدتك
Share the article
Your impression of the article
Very useful
6
Useful
2
Normal
1
Not useful
-
التعامل مع صمت الزوج
Next article

التعامل مع صمت الزوج

العجز المكتسب، وكيف نتخلص منه؟
Previous article

العجز المكتسب، وكيف نتخلص منه؟

كاتب المقال
جهاد الأماسي المقالات : 5
Related articles
كيف تتخلص من إدمان العادة السرية؟
كيف تتخلص من إدمان العادة السرية؟
علامات تدل أنك بحاجة لزيارة طبيب نفسي
علامات تدل أنك بحاجة لزيارة طبيب نفسي
العلاقات السامة في ضوء علم النفس
العلاقات السامة في ضوء علم النفس
ما أهم الأدوية التي تستخدم في علاج الوسواس القهري؟
ما أهم الأدوية التي تستخدم في علاج الوسواس القهري؟
علاج الخوف والقلق بالأدوية والجلسات النفسية وأهم أسباب المشكلة
علاج الخوف والقلق بالأدوية والجلسات النفسية وأهم أسباب المشكلة
كم يكلف العلاج النفسي في لبيه؟
كم يكلف العلاج النفسي في لبيه؟
ما الفرق بين المعالج النفسي والطبيب النفسي؟
ما الفرق بين المعالج النفسي والطبيب النفسي؟
متى يلجأ الأطباء للأدوية النفسية؟ وما مدى فعاليتها؟
متى يلجأ الأطباء للأدوية النفسية؟ وما مدى فعاليتها؟
ما هي الصدمة النفسية وما تأثيراتها؟
ما هي الصدمة النفسية وما تأثيراتها؟
العلاج النفسي بالكتابة الإبداعية
العلاج النفسي بالكتابة الإبداعية
أهمية العلاج النفسي : لماذا عليك عدم إهماله
أهمية العلاج النفسي : لماذا عليك عدم إهماله
العلاج السلوكي المعرفي: كيف يعمل؟ وما الاضطرابات النفسية التي يعالجها؟
العلاج السلوكي المعرفي: كيف يعمل؟ وما الاضطرابات النفسية التي يعالجها؟
العلاج النفسي الجماعي: تعريفه، طرق إجرائه، سلبياته وإيجابياته
العلاج النفسي الجماعي: تعريفه، طرق إجرائه، سلبياته وإيجابياته
استشارات نفسية عبر تطبيق لبيه
استشارات نفسية عبر تطبيق لبيه
العلاج المتمركز حول العميل
العلاج المتمركز حول العميل