كيف أتخلص من التعلق المرضي؟
إن الانخراط في علاقات عائلية واجتماعية طبيعية هو جزء أساسي من حياة كل منا، تتنوع هذه العلاقات وتختلف طبيعتها من إنسان لآخر ومن مرحلة عمرية لأخرى، لكن بعض العلاقات تتحول أحيانًا لعلاقات مرضية تؤثر سلبًا على حياة الشخص وعلى صحته النفسية بشكل عام، سنتعرف في هذا المقال على التعلق المرضي وعلاماته وأسبابه وطرق التخلص منه.
← انضم الآن: مجموعه دعم التعلق العاطفي
ما هو التعلق المرضي؟
تعتبر عملية تطوير العلاقات العاطفية الصحية من الطرق الأساسية لتحقيق السعادة وتحسين نوعية الحياة، وهي مهارة حياتية طبيعية يكتسبها الإنسان في مرحلة الطفولة، ومع ذلك، فإن نسبة كبيرة من الأشخاص يفتقرون إلى القدرة على التواصل مع الآخرين وتكوين علاقات جدية معهم، وتعرف هذه الحالة باسم التعلق المرضي.
اضطراب التعلق المرضي هو من أنواع الاضطرابات المزاجية أو السلوكية، يؤثر هذا الاضطراب على قدرة الشخص على تكوين علاقات جديدة والحفاظ عليها، ويتطور هذا الاضطراب عادةً في مرحلة الطفولة، إلا أنه من الممكن أن يستمر حتى مرحلة البلوغ إذا لم يُكتشف ويُعالج.
كيف يتطور اضطراب التعلق المرضي؟
إن القدرة على تكوين علاقات عاطفية سليمة هي مهارة يكتسبها الإنسان في طفولته وتتطور مع التقدم بالعمر والمرور بالتجارب المختلفة، وبشكل عام فإن البيئة النفسية والاجتماعية التي عاش فيها الإنسان في مرحلة الطفولة هي العامل الأهم الذي يؤثر على قدرته على تكوين علاقات جديدة.
فالأشخاص الذين عاشوا ضمن وسط اجتماعي وعائلي داعم ومليء بالمحبة والسعادة اكتسبوا القدرة على تطوير علاقات جيدة مع الأخرين، أما الأشخاص الذين عانوا من مشاكل في طفولتهم أو مروا بحوادث صادمة كموت أحد المقربين أو انفصال الأهل أو غير ذلك فغالبًا ما يجدون صعوبات في الحفاظ على علاقات طبيعية مع الآخرين.
ما هي أنماط التعلق المرضي؟
إن الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطرابات الصحة النفسية يميز بين نوعين أساسيين من اضطرابات التعلق المرضي، وهما اضطراب الارتباط الاجتماعي، واضطراب التعلق التفاعلي، وتتضمن العلامات التحذيرية المبكرة فشل النمو وغياب الاهتمام بالتفاعل.
- اضطراب الارتباط الاجتماعي: العلامة النموذجية لهذا النمط من الاضطراب هي مبالغة الطفل في الصداقة مع الغرباء، فالطفل يشعر بالراحة مع الغريب ويتقرب منه ويلاعبه ولا يبدو عليه أي ضيق عند غياب الأهل أو الأخوة.
- اضطراب التعلق التفاعلي: يبدأ هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة المبكرة ويتضمن فشل الطفل في إنشاء علاقات مع البالغين القريبين منه، ويكون الطفل في هذا النمط من الاضطراب مقاوم للبالغين المقربين ويتجنب تلاقي العينين بالنظرات ويكون متيقظًا للغاية.
ما هي أهم أسباب التعلق المرضي؟
من غير المعروف حتى الآن ما هي الأسباب التي تؤدي إلى تطور اضطرابات التعلق المرضي لدى بعض الأطفال دون غيرهم، إلا أن الأبحاث تشير إلى وجود علاقة هامة بين اضطرابات التعلق المرضي والإهمال الشديد والحرمان العاطفي والتغيرات المتكررة في مقدمي الرعاية للطفل، بالإضافة إلى العيش في بعض المؤسسات التربوية كدور الأيتام أو غير ذلك.
وتتضمن عوامل الخطر المحتملة الأخرى لاضطرابات التعلق المرضي ما يلي:
- التعرض لإساءة جسدية أو عاطفية أو نفسية.
- ضعف المهارات الأبوية عند الأشخاص المقدمين لخدمات الرعاية.
- المشاكل الأسرية المستمرة.
- الاضطرابات النفسية عند الأهل.
ما هي أهم أعراض وعلامات التعلق المرضي؟
إن الأعراض والعلامات التي تشير إلى أن الطفل لديه اضطراب التعلق المرضي كثيرة، وينبغي معرفتها وتمييزها بشكل مبكر لاتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة قبل أن تصبح المشاكل أكثر خطورة، ومن أهم هذه الأعراض والعلامات نذكر:
- التنمر المستمر ومحاولة إيذاء الأشخاص الأخرين.
- عدم الابتسام وتجنب التواصل البصري.
- عدم القدرة على السيطرة على الانفعالات.
- لا يبدو عليه الاهتمام عند مغادرة مقدم الرعاية للمكان.
- البكاء المستمر دون سبب والميل إلى الانعزال أو البقاء وحيدًا.
- الاعتراض والرفض الدائم.
كيف يمكن التخلص من التعلق المرضي؟
لعل أهم شيء في مساعدة الأطفال الذين يعانون من التعلق المرضي هو محاولة تأمين بيئة آمنة ومستقرة ووسط اجتماعي داعم ومحب يؤمن للطفل احتياجاته المختلفة ويسمح له بالتعبير عن أفكاره ومخاوفه؛ ومن المهم أيضًا الحفاظ على استمرارية الرعاية من قبل نفس الأشخاص، فالأطفال الذين يتغير مقدمو الرعاية لديهم بشكل متكرر يكونون أكثر عرضة لتطور اضطرابات التعلق المرضي مقارنة ببقية الأطفال.
وعلى العموم، فعلى الرغم من أن الخطوات السابقة هي الخطوات الأساسية للتخلص من التعلق المرضي إلا أنه في بعض الحالات لن تكون هذه الخطوات كافية، وعندها غالبًا ما يتطلب الأمر علاجًا مستمرًا وأكثر فاعلية، ولعل من أهم الطرق المتبعة لعلاج التعلق المرضي:
- تطوير المهارات الاجتماعية: تساعد عملية تطوير المهارات الاجتماعية على تعليم الطفل كيفية التفاعل بشكل أفضل مع الآخرين في التجمعات المختلفة كالمدارس وغيرها، وذلك عبر ممارسة بعض الأنشطة التدريبية مع الأهل أو المعالج النفسي، والتي تعمل على زيادة الثقة والخبرة الاجتماعية.
- الاهتمام بالصحة الجسدية للطفل: ينبغي التأكد من حصول الطفل على غذاء صحي غني بالعناصر الغذائية المختلفة مع تجنب الإكثار من السكريات والدهون؛ وذلك لتعزيز صحة الخلايا الدماغية، بالإضافة إلى الحرص على النوم لفترات كافية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- مساعدة الطفل على الشعور بأنه محبوب: من المهم للغاية أن تعمل على زيادة إحساس الطفل بأنه محبوب، وبأن وجوده ذو قيمة لديك، احرص على إظهار علامات المتعة عند إمضاء الوقت معه وشجعه لكي يكون أكثر راحة وتحررًا معك.
- العلاج النفسي عند اللزوم: يركز العلاج النفسي هنا على التواصل المباشر مع الطفل من قبل الطبيب النفسي أو اختصاصي العلاج النفسي، وتشجيعه على التعبير عما في ذهنه من أفكار ومخاوف ومحاولة زرع الأفكار الإيجابية لديه وتشجيعه على تكوين علاقات جديدة.
- الخدمات التعليمية الخاصة: تساعد الخدمات التعليمية الخاصة الطفل على تعلم المهارات الاجتماعية الضرورية للنجاح الأكاديمي والاجتماعي، مع معالجة بعض الصعوبات السلوكية والعاطفية.
- العلاج العائلي: يعتبر العلاج العائلي ضروريًا للغاية في اضطراب التعلق المرضي ويتضمن جلسات لكل من الطفل والأهل لمساعدة الطرفين على فهم الاضطراب بشكل أكبر، وتحديد الدور الذي ينبغي أن يقوم به الأهل لمساعدة ابنهم على التخلص من هذا الاضطراب.
كيف يساعدك المعالج النفسي على التخلص من التعلق المرضي؟
يمكن لطرق العلاج النفسي المختلفة وفي مقدمتها العلاج السلوكي أن تساعدك على التحكم بعلاقتك وعواطفك تجاه الآخرين والتخلص من التعلق المرضي والاعتماد، ويمكن للتقنيات والطرق التي يقدمها المعالج النفسي أن تزيد سيطرتك على مشاعرك واحترامك لذاتك وتعزز ثقتك بنفسك، وكلها خطوات رئيسية في التغلب على مشكلة التعلق المرضي. إذا كنت تعاني من التعلق المرضي وتأثيراته على حياتك لا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه.
المقالات المقترحه:
أقرأ ايضاً: التعلق العاطفي المرضي
أقرأ ايضاً: كيف يمكن أن تتخلص من الغيرة المرضية؟
أقرأ ايضاً: في حياتى علاقة سامة لماذا يصعب عليا تركها؟