ظهرت مواقع السوشيال ميديا منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وحملت معها سهولة التواصل مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل، لكن استخدامها المفرط أدى إلى ظهور الكثير من المخاطر والمشاعر السلبية على مستخدميها مثل: الإدمان والقلق والاكتئاب والعزلة والعديد من الاضطرابات الأخرى.

كيف تؤثر السوشيال ميديا على صحتك النفسية؟

نحن دومًا بحاجة إلى الآخرين لمواجهة صعوبات الحياة، ولقوة علاقاتنا تأثير كبير على صحتنا النفسية وسعادتنا؛ فقد يؤدي الارتباط الاجتماعي بالآخرين إلى تخفيف التوتر والقلق والاكتئاب، وتعزيز تقدير الذات، والشعور بالراحة والفرح والابتعاد عن الوحدة؛ فمن الممكن أن تشكل قلة العلاقات الاجتماعية المتينة خطرًا كبيرًا على صحتك النفسية والعاطفية.

يعتمد الكثير من الناس في يومنا هذا على منصات التواصل الاجتماعي مثل: Facebook وTwitter وSnapchat وInstagram للعثور على بعضهم والتواصل فيما بينهم، وعلى الرغم من وجود ميزات عديدة لكل منها، من المهم تذكر أن السوشيال ميديا لا يمكن أن تكون أبدًا بديلًا عن التواصل البشري في الحياة الواقعية؛ فقد يساهم التواصل الشخصي مع الآخرين في تحفيز الهرمونات التي تخفف التوتر وتجعلك تشعر بالسعادة والصحة والتفاؤل. 

ومن المفارقات الغريبة بالنسبة للتكنولوجيا المصممة لتقريب الناس من بعضهم البعض، أن قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يجعلك تشعر بمزيد من الوحدة والعزلة، ويؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية مثل: القلق والاكتئاب، وبالتالي إذا كنت تقضي وقتًا طويلاً على السوشيال ميديا، وتعاني من مشاعر الحزن أو عدم الرضا أو الإحباط أو الوحدة في حياتك، عليك مراجعة عاداتك في استخدام الإنترنت وإيجاد توازن صحي.

ما هي الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي؟

لا يساهم التفاعل الافتراضي على السوشيال ميديا بنفس الفوائد النفسية للتواصل الواقعي وجهًا لوجه، لكن لا تزال هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي يمكن أن تساعدك في دعم صحتك الاجتماعية والشعور بشكل أفضل، حيث تمكنك وسائل التواصل الاجتماعي من:

1. التواصل مع العائلة والأصدقاء حول العالم والاطلاع على أخبارهم بشكل دائم.
2. اكتشاف أصدقاء ومجتمعات جديدة مع أشخاص يتشاركون أفكار أو طموحات مماثلة.
3. الانضمام إلى القضايا الجديرة بالاهتمام أو الترويج لها.
4. البحث عن الدعم العاطفي والتواصل الاجتماعي في الأوقات الصعبة، خاصة إذا كنت تعيش في منطقة نائية، أو لديك استقلالية محدودة أو تعاني من القلق الاجتماعي.
5. إيجاد منفذ لإبداعك والتعبير عن نفسك، والحصول على مصادر المعلومات والتعلّم القيّمة.

ما هي علاقة السوشيال ميديا بالاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى؟

تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي أحد التقنيات الجديدة نسبيًا، لذلك يوجد عدد قليل من الدراسات التي تناولت الآثار طويلة الأمد لاستخدام منصات السوشيال ميديا، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومع ذلك أثبتت العديد من الدراسات وجود علاقة قوية بين الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق والوحدة والمشاكل النفسية الأخرى. 

قد تساهم السوشيال ميديا في حدوث عدد من الاضطرابات النفسية مثل:

الاكتئاب والقلق

يحتاج الإنسان للحفاظ على صحته النفسية إلى التواصل مع الآخرين وجهًا لوجه، حيث يساهم هذا الاتصال الواقعي في تخفيف التوتر ويحسّن المزاج بشكل أسرع وأكثر فعالية من التواصل عبر الإنترنت الذي يزيد من خطر الإصابة باضطرابات المزاج أو تفاقمها مثل: القلق والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات الأخرى.

كما تؤدي بعض منصات السوشيال ميديا إلى تفاقم حالة الاكتئاب، والشعور بعدم الرضا عن مظهرك وما يحدث في حياتك. حتى إذا كنت تعلم أنه يتم التلاعب بالصور التي تشاهدها على هذه المواقع؛ فجميعنا ندرك رغبة الآخرين في مشاركة اللحظات البارزة في حياتهم، لكن هذا لا يقلل من مشاعر الإحباط والاستياء عندما تتصفح صور أحد الأصدقاء لعطلته على الشاطئ أو تقرأ عن ترقيته الجديدة في العمل.

إدمان وسائل التواصل الاجتماعي والخوف من الابتعاد عنها

يؤدي تصفح مواقع مثل: Facebook و Instagram إلى تفاقم المشاعر بأن الآخرين يعيشون حياة أفضل منك، حيث تؤثر فكرة أنك تفقد أشياء معينة في حياتك على احترامك لذاتك وتثير القلق والاكتئاب، وتزيد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يجبرك ذلك على فتح هاتفك كل بضع دقائق للتحقق من كل جديد، أو الرد بشكل إلزامي على كل إشعار، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة أثناء القيادة أو عدم النوم ليلًا، أو إعطاء الأولوية للتفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي على علاقات العالم الحقيقي.

العزلة والتنمر عبر الإنترنت

يتفق معظم الباحثين على أن الاستخدام المفرط لفيسبوك وسناب شات وإنستغرام يزيد من الشعور بالوحدة؛ لذلك ينصح بالابتعاد عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتخفيف الشعور بالعزلة وتحسين صحتك العامة، حيث تشير a study (Riehm et al., 2019)، إلى أن استخدام المراهقين للسوشيال ميديا لفترات تتجاوز 3 ساعات يوميًا، تزيد من احتمالية تعرضهم للاكتئاب والعزلة والعديد من المشاكل النفسية الأخرى.

 كما أظهرت نتائج استبيان أجراه أحد مراكز الأبحاث عن انتشار التنمر عبر الإنترنت، أن ما يقارب 10% من المراهقين يتعرضون للتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة للسخرية والتعليقات المسيئة، حيث يمكن أن تساهم بعض منصات السوشيال ميديا في نشر الشائعات والأكاذيب وتؤثر على صحتك العاطفية بشكل دائم.

كيف يمكنك التعامل مع السوشيال ميديا بالشكل الصحيح؟

توجد العديد من الخطوات الفعالة في تحسين صحتك النفسية من خلال تعديل كيفية استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، ومنها:

1. تقليل الوقت الذي تقضيه على الإنترنت

أظهرت نتائج a study (Hunt et al., 2018) التي أجريت في جامعة بنسلفانيا على 143 طالب جامعي تم اختيارهم بشكل عشوائي وتقسيمهم لمجموعتين، إما للحد من استخدام Facebook و Instagram و Snapchat إلى 10 دقائق يوميًا لكل منصة، أو لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كالمعتاد لمدة ثلاثة أسابيع، انخفاض الشعور بالوحدة والاكتئاب والقلق ومشاكل النوم بشكل كبير عند مجموعة الاستخدام المحدود للسوشيال ميديا مقارنة بالمجموعة الأخرى. كما أشار الباحثون إلى فعالية الحد من استخدام هذه المنصات لمدة نصف ساعة يوميًا في رفع المزاج والتركيز وتحسين الحالة العامة.

2. الابتعاد عن التفكير بالسوشيال ميديا

يستخدم الكثيرون وسائل التواصل الاجتماعي بدافع العادة أو للتخلص من لحظات الملل دون تفكير، ولكن يمكنك من خلال التركيز على دافعك لاستخدام هذه المواقع تخفيف الوقت الذي تضيّعه على السوشيال ميديا، والتفكير بأمور أخرى في حياتك وتجنب العديد من الجوانب السلبية.

3. قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء بعيدًا عن الانترنت

نحتاج جميعًا إلى صحبة الآخرين وجهاً لوجه لنكون سعداء ونتمتع بصحة جيدة، حيث تعد وسائل التواصل الاجتماعي في أفضل حالاتها أداةً لتسهيل الاتصالات الواقعية، ولكن إذا سمحت للاتصالات الافتراضية باستبدال الصداقات الواقعية في حياتك، فهناك الكثير من الطرق لبناء علاقات حقيقية دون الاعتماد على السوشيال ميديا.

هناك الكثير من الاهتمام بدراسة علاقة السوشيال ميديا بصحتنا النفسية والحد من آثارها السلبية، نظرًا لزيادة تأثيرها على كل جوانب حياتنا؛ لذا يمكنك بأي وقت استشارة طبيب أو معالج نفسي مختص إذا كنت تعاني من الاكتئاب والوحدة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تعد قادرًا على التخلّص من هذه المشاعر السلبية.

سارع إلى تحميل تطبيق لبيه مجانًا الآن، واحجز موعد استشارتك النفسية عبر الإنترنت، مع نخبة من أفضل الأطباء والمعالجين النفسيين في المملكة. كما يمكنك الانضمام للبرامج العلاجية المخصصة للاكتئاب ومجموعات الدعم النفسي المختلفة والاستفادة من العديد من الخدمات الصحية الأخرى. تستطيع أيضًا التسجيل في برنامج التعافي من الاكتئاب للتعامل مع اكتئابك بطريقة صحيحة وبمتابعة مع مختص وبخطوات واضحة ومستمرة.

المراجع

1- Social Media and Mental Health (helpguide.org), HelpGuide International, Retrieved 08/09/2023.

2- Social Media and Mental Health: How does Social Media Affect Mental Health? (priorygroup.com), Priory Media LLC, Retrieved 08/09/2023.

3- Riehm KE, et al. “Associations Between Time Spent Using Social Media and Internalizing and Externalizing Problems Among US Youth”. JAMA Psychiatry, 2019;76(12):1266–1273. doi:10.1001/jamapsychiatry.2019.2325.4- Melissa G. Hunt, et al. “No More FOMO: Limiting Social Media Decreases Loneliness and Depression”. Journal of Social and Clinical Psychology 2018 37:10, 751-768.