التعرض للتحرش حادثة مفجعة ومحزنة بشدة، تترك صدمة نفسية عميقة، خاصة لدى الأطفال الذين لم يصلوا بعد إلى مرحلة النضج العاطفي والفكري الكافية لاستيعاب حادثة مؤثرة بشدة مثل هذه، أو حتى التعامل والتأقلم معها، ومن المهم على الأهل والأقارب وجميع الأفراد الذين يعتنون بالطفل استيعاب آثار حادثة التحرش والانتباه لها، وتقديم الدعم والمساندة للطفل لمساعدته على الشفاء والتأقلم مع هذه الحادثة المفجعة.
← التحق الآن ببرنامج: التعافي من الصدمات
التأثيرات السلبية للتحرش
يترك التحرش آثارًا وخيمة ومؤذية على الحالة النفسية للطفل، بشكل ينعكس أيضًا على صحته الجسدية، نشرت دراسة Eom et al.2015 في مجلة طب الأطفال السريري، بحثت في تعرض الأطفال للتحرش وتأثير ذلك على صحتهم الجسدية والنفسية.
وجدت الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا للتحرش ازدادت عندهم احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، والقلق، واضطراب الكرب التالي للصدمة، مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا له، وأثر ذلك على نوعية حياتهم ورضاهم عن ذاتهم وفعاليتهم الاجتماعية والدراسية. أشارت الدراسة أيضًا إلى وجود صلة بين التعرض للتحرش والمعاناة من الوزن الزائد والبدانة، وبالأخص عند الإناث، حيث يملك هذا آثارًا سلبية عن صورة الجسد لديهن وشعور الثقة بالنفس.
اقرأ ايضاً: كيف تساعد الطفل بعد تعرضه للتحرش؟
يعد التحرش تجربة صادمة ومؤثرة بشدة على الطفل، ويحتاج بعدها بشكل ضروري إلى المساعدة والتفهم والعناية والشرح، حتى يتمكن من استيعاب ما جرى معه ويتجاوز الحادثة التي حصلت، وإليك ما تستطيع فعله:
الاهتمام بمشاعر الطفل:
إحدى أولى الأشياء وأهمها لمساعدة الطفل الذي تعرض لصدمة التحرش، هي الاهتمام بمشاعر الغضب والحزن والخوف والخجل والحياء، التي تختلط وتصيبه بالضياع والحيرة، وتوضيح أن ما حدث ليس خطأه أبدًا. أجريت دراسة Negrao et al.2005، للبحث في مشاعر العار والحيرة والخجل التي تنتاب الطفل بعد اختباره صدمة التحرش، وجدت الدراسة أن هذه المشاعر السيئة تصيب الطفل بقوة شديدة وتملك قدرة على الاستمرار لفترة طويلة جدًا، في حال لم يتم مراعاتها والتعامل معها، وتحمل القدرة على مفاقمة أعراض اضطراب الكرب التالي للصدمة والاضطرابات النفسية الأخرى عند الطفل.
توفير بيئة آمنة للتحدث عما حصل:
من المهم بالنسبة للطفل التحدث والتعبير عم حصل له وعما يشعر تجاه نفسه وتجاه هذه الحادثة، وليحدث هذا يجب توفير بيئة آمنة تملؤها الثقة والمحبة والتقبل من الأشخاص البالغين المحيطين بالطفل، حتى يشعر بالأمان والهدوء والشجاعة للتحدث عما حصل، يمكن أن يحدث هذا إما في المنزل مع الوالدين، أو في المدرسة مع المعلم، أو مع مستشار نفسي خاص.
أجريت دراسة Cummings et al.2017، بحثت في فعالية تأمين بيئات آمنة وداعمة للأطفال الذين مروا بصدمة نفسية، وجدت الدراسة أن تدريب الأساتذة والمعلمين في المدرسة على سلوكيات الأطفال المصدومين، وتعليمهم كيفية تأمين بيئة آمنة لهؤلاء الأطفال، وكيفية التعامل معهم بأسلوب صحيح، يملك تأثيرًا مفيدًا جدًا لهم يساعدهم على التأقلم مع الصدمة النفسية التي عاشوها.
تأمين مساعدة عملية وسلوكية لهم:
من المهم إلى جانب الدعم والتفهم وتوفير بيئة آمنة، تقديم المساعدة للطفل على شكل نصائح وسلوكيات واستراتيجيات تساعده على التعامل مع التبعات النفسية والعاطفية والاجتماعية للحادثة التي تعرض لها.
أجريت دراسة Deblinger et al.2001، للمقارنة بين فعالية توفير الدعم والأمان فقط أو تقديم المعالجة المعرفية السلوكية للأطفال الذين اختبروا صدمة للتحرش، وجدت الدراسة أن مجموعة الأطفال الذين حصلوا على المعالجة المعرفية السلوكية من قبل معالج نفسي أظهروا تحسنًا كبيرًا في المشاعر والأفكار التي تخص الحادثة التي اختبروها، وأيضًا طريقة التعامل مع المواقف الخطرة التي تخص أجسادهم، وكيفية حمايتها.
تطبيق إجراءات لحمايتهم في المستقبل:
إلى جانب مساعدة الطفل للتخلص من تبعات صدمة التحرش التي تعرض لها، يجب العمل على حمايته في المستقبل من حوادث التحرش الأخرى، وذلك من خلال توفير بيئة آمنة وفعالة، وتعليم الأطفال أهمية احترام الحدود الشخصية الخاصة، وكيفية حماية أنفسهم، وعدم التردد في طلب المساعدة من الأشخاص الذين يثقون بهم.
تملك هذه الإجراءات فعالية قوية في حماية الأطفال، ومساعدتهم على استعادة ثقتهم بأنفسهم وبالمحيطين بهم، وهذا ما أظهرته دراسة Daro et al.1994، بحثت في فعالية حماية الطفل من التحرش والإجراءات التي يمكن اتخاذها.
يمكن مساعدة الأطفال الذين تعرضوا لصدمة التحرش عبر تقديم الدعم والتفهم والحب لهم، وتوفير بيئة آمنة وسليمة تساعدهم على التعبير عن الأحداث التي اختبروها للأشخاص الذين يثقون بهم أو المعالج النفسي، وتقديم المهارات السلوكية والمعرفية التي تساعدهم على التعامل والتأقلم مع الأحداث التي اختبروها، والعمل على توفير مستقبل أكثر أمانًا وسلامًا لهم بزيادة الوعي والانتباه تجاه حوادث التحرش.
المقالات المقترحه:
اقرأ ايضاً: كيف أساعد ابني للتعافي من الاكتئاب؟
اقرأ ايضاً: كيف أعالج نفسي بعد تعرضي للعنف الأسري؟
اقرأ ايضاً: التعافي من اضطراب ما بعد صدمة الاغتصاب
أشهر المختصين:
احجز جلستك الآن: إيمان الرويلي
المصادر:
Eom, E., Restaino, S., Perkins, A. M., Neveln, N., & Harrington, J. W. (2015). Sexual harassment in middle and high school children and effects on physical and mental health. Clinical Pediatrics, 54(5), 430-438.
Negrao, C., Bonanno, G. A., Noll, J. G., Putnam, F. W., & Trickett, P. K. (2005). Shame, humiliation, and childhood sexual abuse: Distinct contributions and emotional coherence. Child maltreatment, 10(4), 350-363.
Cummings, K. P., Addante, S., Swindell, J., & Meadan, H. (2017). Creating supportive environments for children who have had exposure to traumatic events. Journal of Child and Family Studies, 26(10), 2728-2741.
Deblinger, E., Stauffer, L. B., & Steer, R. A. (2001). Comparative Efficacies of Supportive and Cognitive Behavioral Group Therapies for Young Children Who have been Sexually Abused and their Nonoffending Mothers. Child Maltreatment, 6(4), 332–343.
Daro, D. A. (1994). Prevention of child sexual abuse. The Future of children, 198-223.