تعد المهارات الاجتماعية من الأمور الأساسية التي يحتاجها الطفل لينمو بصحة جيدة، والفوائد التي يجنيها الطفل من المهارات الاجتماعية تصل إلى ما هو أبعد من تكوين علاقات اجتماعية جيدة والحصول على القبول.
في الواقع يجني الأطفال الذين حصلوا على تنشئة اجتماعية جيدة العديد من الفوائد لتمتعهم بمهارات اجتماعية سليمة، حيث وجدت إحدى الدراسات أن المهارات الاجتماعية الجيدة قد تقلل من التوتر لدى الأطفال أثناء وجودهم في دور الحضانة أو المدرسة.
قد يكون التعامل مع الأطفال صعباً في بعض الأحيان، ومحاولة تنشئتهم اجتماعياً بشكل سليم أمراً مرهقاً، وفي هذا المقال سنساعدك لكي تجد الطريقة المناسبة ليحصل طفلك على التنشئة الاجتماعية المناسبة
ما هي التنشئة الاجتماعية؟
التنشئة الاجتماعية هي العملية التي يصبح من خلالها الأفراد أعضاء فاعلين في المجتمع، وتنطوي التنشئة الاجتماعية على اكتساب المعرفة والمهارات والمواقف والمعتقدات والقيم والسلوكيات اللازمة للعمل داخل المجتمع، يمكن القول أن التنشئة الاجتماعية تبدأ عند الولادة وتستمر طوال الحياة.
غالباً ما يقلد الأطفال السلوك الذي يقوم به الأشخاص من حولهم، لكنهم مسؤولون عن اتخاذ خيارات محددة بشأن سلوكهم الاجتماعي.
ما هو الهدف من التنشئة الاجتماعية؟
تقوم التنشئة الاجتماعية بإعداد الأفراد للمشاركة في المجتمع من خلال توضيح توقعات المجتمع تجاه الفرد، أي أن التنشئة الاجتماعية تهدف إلى تعليم الطفل اللغة والقيم والسلوكيات المقبولة في المجتمع المحيط به، بالإضافة إلى تحكمهم بدوافعهم الداخلية.
وتتلخص الأهداف الكامنة وراء التنشئة الاجتماعية في ثلاثة أهداف أساسية:
- تعلم التحكم في الانفعالات وتنمية الضمير.
- إعداد الأطفال لأداء أدوارهم الاجتماعية بشكل فعال.
- تنمية مصادر مشتركة للمعنى والقيمة.
هل يستطيع الطفل أن ينشئ نفسه اجتماعياً؟
يمكن لعملية التنشئة الاجتماعية أن تكون ذاتية، لكنها ليست بنفس الجودة التي سيحصل عليها الطفل عندما يتم تلقينه الأمور الأساسية بشكل مباشر، يقوم الطفل بتنشئة نفسه اجتماعياً عن طريق مراقبة الآخرين من حوله وتقليدهم، لكن الأطفال خجولين بطبعهم مما يصعب عليهم الحصول على تنشئة اجتماعية جيدة.
من الشائع أن يشعر الأطفال بالتوتر والخجل في المواقف الجديدة أو في حال تواجدهم حول أشخاص جدد، وغالباً ما يتم مدح الشخصية المنفتحة والاجتماعية أكثر من الانطوائية، الأمر الذي قد يسبب ضغطاً على الأطفال أثناء نموهم، مما يسبب لهم تشكل مشاعر الوعي الذاتي حول أنفسهم وخجلهم.
قد تكون الشخصية الاجتماعية أفضل من الانطوائية، لكن هذا لا يعني وصم الانطوائية بالعار أمام الطفل، فتشكل الوعي الذاتي في الطفل قد يصعب من تنشئته اجتماعياً بشكل سليم، ومن المفضل تثقيف الوالدين من أجل تعليمهم طريقة التعامل الصحيحة مع طفلهم، وكيفية تنشئته اجتماعياً وتشكيل الشخصية الاجتماعية في داخله بشكل سليم.
ما الذي نقصده بالسلوك الاجتماعي؟
السلوك الاجتماعي الإيجابي هو سلوك تطوعي يهدف إلى مساعدة الآخرين مثل:
- مشاركة الأغراض الشخصية مع الآخرين.
- التبرع بالمال.
- التطوع لمنظمة ما.
- مواساة الأشخاص المصابين جسدياً أو نفسياً.
- التعاون مع الآخرين لإكمال مهمة أو لعب لعبة.
- حماية الآخرين من الأذى.
كل هذه السلوكيات وما يشبهها تعد سلوكاً اجتماعياً إيجابياً.
هل من المهم أن يطور الطفل سلوك اجتماعي إيجابي؟
إن تطوير الطفل لسلوك اجتماعي إيجابي أمر مهم جداً، فهو يساعد الطفل على:
- تطوير علاقات إيجابية.
- الشعور بالانتماء.
- زيادة الثقة بالنفس.
- يصبح أكثر وعياً ومرونة.
- قد يؤدي السلوك الاجتماعي الإيجابي أيضاً إلى تقليل القلق.
لكن تطوير سلوك اجتماعي إيجابي بشكل ذاتي أمر صعب للعديد من الأطفال، لذلك من المهم حصول الطفل على التنشئة الاجتماعية السليمة في عمر مبكر وبشكل واضح.
كيف يمكنك أن تساعد طفلك ليطور سلوك اجتماعي إيجابي؟
لجعل التنشئة الاجتماعية الخاصة بطفلك تمر بسلاسة وأمان، هناك بعض المفاهيم التي يجب عليك توضيحها لكي تساعد طفلك في تطوير سلوك اجتماعي إيجابي، بعض هذه المفاهيم هي:
1. المشاركة
مشاركة طفلك في وجبة خفيفة أو لعبة سيجعلك تقطع شوطاً طويلاً في مساعدته على تكوين الصداقات مع الآخرين والحفاظ عليها، وفقا لدراسة نشرت في مجلة علم النفس، يمكن للأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم السنتين أن يظهروا رغبة في المشاركة مع الآخرين عندما تكون مواردهم وفيرة.
ومع ذلك فالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-6 سنوات يتصفون غالباً بالأنانية عندما يتعلق الأمر بمشاركة الموارد، قد يتردد الأطفال في مشاركة نصف ما يملكونه من حلوى مع صديقهم لأن هذا يعني أنهم لن يستمتعوا بالحلوى لوقت أطول، لكن هؤلاء الأطفال أنفسهم قد يشاركون بسهولة لعبة لم يعودوا مهتمين باللعب بها.
2. التعاون
التعاون يعني العمل معاً لتحقيق هدف مشترك، والأطفال الذين يظهرون أي شكل من أشكال التعاون سيظهرون كمية جيدة من الاحترام للآخرين في المستقبل، في الواقع مهارات التعاون الجيدة ضرورية للانسجام داخل المجتمع، سيحتاج طفلك إلى التعاون مع زملائه في الملعب وفي الفصل الدراسي، وتعلم كيفية التعاون مع الآخرين أمر مهم لدى الشخص البالغ أيضاً.
قد يشمل التعاون أي شيء بدءاً من بناء برج مكعبات إلى ممارسة لعبة تتطلب مشاركة الجميع، جزء من التعاون يعني أيضاً التحلي بالروح الرياضية عندما لا تسير الأمور كما نريد أثناء التعاون مع الآخرين.
3. الاستماع
لا يقتصر الاستماع على البقاء هادئاً فحسب، بل استيعاب ما يقوله الشخص الآخر أيضاً، يعد الاستماع أيضاً عنصراً حاسماً في التواصل، ففي نهاية المطاف يعتمد جزء كبير من التعلم في المدرسة على قدرة الطفل على الاستماع إلى ما يقوله المعلم.
يعد الاستماع أيضاً جزءاً مهماً لتطوير التعاطف والشعور بالآخرين، لا يستطيع الطفل إظهار التعاطف أو تقديم الدعم للآخرين دون الاستماع أولاً وفهم ما يقوله الشخص الآخر، من الضروري أن يكبر طفلك وهو يعرف كيفية الاستماع إلى الأشخاص من حوله، لكن هذه المهارة تتطلب بعض الوقت والتدريب لاتقانها.
4. احترام المساحة الشخصية
بعض الأطفال يتحدثون وهم قريبون جداً، والبعض الآخر يزحف إلى أحضان المعارف دون التفكير بأن ذلك يجعل مَن حولهم يشعرون بعدم الارتياح، من المهم تعليم الأطفال كيفية احترام المساحة الشخصية للآخرين.
يمكنك إنشاء بعض القواعد في المنزل التي تشجع على احترام المساحة الشخصية، على سبيل المثال: أخبر طفلك بطرق الأبواب المغلقة ولا تقم بلمس الأشياء في منازل الغرباء،
وإذا قام طفلك بانتزاع الأشياء من أيدي الآخرين أو دفعها عندما ينفد صبره، قم بتحديد العواقب لكي يتعلم أن أفعاله قد يترتب عليها نتائج سلبية.
5. التحلي بالأدب
قول من فضلك وشكراً واستخدام آداب المائدة تساعد طفلك في جذب الانتباه نحوه بشكل إيجابي، مما يساعده في قطع شوط طويل لأن المعلمين والآباء والأطفال الآخرين يحترمون الطفل المهذب.
قد يبدو تعليم الأخلاق معركة شاقة في بعض الأحيان، وفي بعض الأوقات سيقوم طفلك برمي الأخلاق بعيداً والتصرف بشكل أرعن، ولكنه مازال طفلاً وهذه طبيعة العديد من الأطفال، لكن من المهم أن يعرف طفلك كيف يستطيع أن يكون مهذباً خاصة في المدرسة أو منازل الآخرين.
6. إجراء تواصل بصري
التواصل البصري الجيد هو نوع مهم من أنواع التواصل، يجد بعض الأطفال صعوبة في النظر إلى الشخص الذي يتحدثون إليه، سواء كان طفلك خجولاً ويفضل التحديق في الأرض أو لا ينظر إلى الأعلى عندما ينهمك في نشاط آخر، يجب عليك التأكيد على أهمية التواصل البصري الجيد.
إذا كان طفلك يعاني من صعوبة في التواصل البصري، فقم بتذكيره عندما ينسى، وقم بالثناء عليه عندما يتذكر أن ينظر إلى الناس وهو يتحدث معهم، فأنت لا تريد أن تسبب قلقاً إضافياً للطفل.
التعامل مع الطفل غالباً ما يتم بطريقة العصا والجزرة، يجب عليك أن تثني عليه وتمدحه، ولا ضرر في تقديم المكافآت بين الحين والآخر، وهذه هي الجزرة، أما عندما يقوم بتصرف سلبي أو لا يحسن التصرف قم بتنبيهه وأخبره بالعواقب ولا ضرر من معاقبته، على سبيل المثال: يمكنك أن تحرمه من مشاهدة التلفاز لعدة ساعات، وهذه هي العصا.
تهدف التنشئة الاجتماعية لتكوين مهارات سلوكية سليمة، تساعد الطفل على الانخراط في المجتمع بشكل فعال، وحماية صحته النفسية من المشاكل والانطوائية، لكن إذا أظهر طفلك بعض المشاكل في تطوير سلوكياته الاجتماعية، فقد تحتاج إلى مساعدة مختص نفسي متخصص في الأطفال، قد يحتاج الطفل إلى بعض المساعدة لتطوير سلوكياته الاجتماعية بشكل سليم، لكن الافتقار إلى المهارات الاجتماعية قد يكون دلالة لمشاكل أخرى.