تعد أمراض الصحة النفسية من الأمراض الشائعة حول العالم، ولكن الأمراض التي تصيب الصحة النفسية تتميز بإهمالها من معظم المصابين بها، وهذا يؤدي لنشوء مشاكل أكبر في المستقبل، وبالتالي زيادة المشاكل الصحية التي تؤثر على حياة الشخص المصاب.

يمكن أن تلعب وصمة العار والإحراج والفقر دوراً في قرار عدم طلب العلاج، حيث أن إهمال الصحة النفسية يكثر عند توافر هذه العوامل حول الشخص المصاب، فضلاً عن عدم قدرة الشخص المصاب على إيجاد علاج جيد، مما يزيد من التبعات السلبية المرافقة لإهمال الصحة النفسية.

ما الذي تعنيه الصحة النفسية؟

تشير الصحة النفسية إلى سلامة الشخص العاطفية والنفسية والاجتماعية، فهذه المحاور تؤثر على كيفية تفكير الشخص وتصرفاته ومشاعره، وبالتالي تؤثر على كيفية تعامله مع التوتر والمشاعر الخاصة به وعلاقته مع الآخرين من حوله وكيفية اتخاذه لقراراته.

تعد الصحة النفسية من المفاهيم الهامة في جميع مراحل الحياة، في الطفولة والمراهقة وحتى مرحلة البلوغ والرشد، والصحة النفسية قادرة على أن تؤثر على العديد من الأمور مثل:

• تقديرك لذاتك.
• الطريقة التي تتواصل بها مع الآخرين.
• الطريقة التي تجد بها المعنى والقيمة في حياتك.
• أداؤك النفسي لأنه مرتبط بالذاكرة وحل المشكلات.
• سلامتك الجسدية.

في كثير من الأحيان، يمكن أن تكون أعراض الصحة النفسية غير واضحة للناس من حولك، لكن الاعتراف واللجوء للمساعدة عند تدهور صحتك النفسية هو الأمر الذي عليك أن تلاحظه دوماً.

ما هي الأعراض التي تدل على تدهور وإهمال الصحة النفسية؟

هناك العديد من العلامات التي تنذر بوجود مشكلة في الصحة النفسية، ومن الضروري معرفة هذه الأعراض لاتخاذ الإجراءات المناسبة والتعامل مع المشكلة النفسية في أسرع وقت ممكن، وذلك من أجل تخفيف الآثار السلبية، قد تشمل الأعراض:

• تغير عادات النوم.
• تغير عادات الأكل.
• عدم وجود الطاقة والشعور بالخمول.
• الانعزال عن الآخرين.
• عدم الاستمتاع بالأنشطة التي كنت تحبها.
• سماع أصوات أو هلوسة.
• الشعور بالاكتئاب.
• الإصابة بصداع شديد وآلام في الجسم.
• الشعور بخيبة الأمل من نفسك باستمرار.
• التدخين، وشرب الكحول أكثر من المعتاد.
• وجود تقلبات مزاجية.
• الغضب المستمر.
• استخدام المخدرات.
• انعدام القدرة على القيام بالمهام اليومية.
• النسيان.

ما الذي ينتج عن إهمال الصحة النفسية؟

 إهمال الصحة النفسية سيؤدي حتمًا إلى تدهورها بشكل سريع، والمرض النفسي لن يختفي من تلقاء نفسه فهو يحتاج لعلاج، وكلما زادت الفترة التي يتم فيها إهماله كلما أصبح علاجه أصعب، بالإضافة لظهور مشاكل لم تكن موجودة سابقاً نتيجة الإهمال مثل:

الشعور بالألم دون وجود سبب واضح

عندما يصبح التعامل مع المرض النفسي صعباً للغاية، يبدأ الجسم بتحمل بعض العبء وعند إهمال الصحة النفسية، قد تقوم بشد عضلاتك بشكل لا إرادي، مما يؤدي إلى الصداع وألم العضلات، أو ربما يؤدي التوتر المزمن إلى اضطراب في الجهاز الهضمي.

من الشائع للأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية أن يقدموا شكوى حول الأوجاع والآلام التي لا تمتلك مصدراً محدداً، لكن مع مرور الوقت يمكن أن تصبح هذه الآلام مشاكل صحية حقيقية.

مشاكل الصحة البدنية المزمنة

المرض النفسي هو نتيجة حدوث تغيير في العمليات وتفاعلات المواد الكيميائية في الدماغ، والمرض النفسي قادر على تخريب صحتك الجسدية أيضاً، حيث تؤدي معظم الاضطرابات النفسية المزمنة وإهمالها إلى مشاكل جسدية حقيقية، مثل مريض السكري الذي يعاني من الاكتئاب الشديد مما يجعله يهمل مراقبة مستويات سكر الدم لديه.

في حالات أخرى يمكن للمرض النفسي أن يسبب مشاكل صحية جسدية من تلقاء نفسه ودون مساعدة، على سبيل المثال: التوتر المزمن يرتبط بخطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والسمنة والوفاة.

التعرض للصدمات النفسية

عندما يقوم عقلك بالحد من قدرتك على الاستجابة أو الشعور بالسعادة أو التفكير بوضوح، فأنت معرض للأذى النفسي بشكل أكبر من غيرك، وإهمال هذه المشكلة سيعرضك لسلسلة من ردود الأفعال المؤذية، والتي تنتهي باضطراب ما بعد الصدمة.

الانتحار

لا يعد المرض النفسي فشلاً أو نقصاً في القدرات الشخصية للتأقلم مع الوضع المحيط بك، فالمرض النفسي يعد بخطورة المرض الجسدي وقد يهدد الحياة، وإهمال الصحة النفسية وعدم الحصول على علاج قادر على أن يجعل الحياة لا تطاق، وقد يشوه قدرتك على التفكير المنطقي لكي تصبح غير قادر على رؤية أي مخرج أو أمل، وبالتالي قد يدفعك إهمال صحتك النفسية إلى الانتحار.

كيف يتم تحسين الصحة النفسية؟

يتطلب الأمر مزيجاً من العلاجات المختلفة والموارد والعزيمة على التغيير من نمط الحياة الخاص بك للحصول على نتائج واضحة وإيجابية:

• تغيير نمط الحياة: إن ممارسة نمط حياة صحي يملك تأثيراُ إيجابياُ على صحتك النفسية، وذلك عن طريق ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحفاظ على نظام غذائي متوازن، بالإضافة للنوم بشكل جيد واتباع تقنيات الاسترخاء مثل التأمل إذا دعت الحاجة.
• العلاج النفسي (العلاج بالكلام): يتضمن العلاج النفسي إجراء محادثات بين اختصاصي الصحة النفسية والشخص المصاب أو مجموعة من الأشخاص، يمكن استخدام أساليب مختلفة مثل: العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج السلوكي الجدلي (DBT).
• مجموعات الدعم: يمكن لمجموعات الدعم أو جلسات العلاج الجماعي أن توفر منصة للتواصل مع الآخرين الذين واجهوا تحديات مماثلة فيما يتعلق بالصحة النفسية، توفر هذه المجموعات إحساساً بالمجتمع والتفاهم والفرصة لمشاركة استراتيجيات التكيف والتعلم من تجارب الآخرين.
• الأدوية: في بعض الحالات يمكن وصف الدواء من قبل طبيب نفسي للمساعدة في إدارة أعراض الاضطرابات النفسية والمشاكل التي نتجت عنها، تعتبر مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق ومثبتات المزاج من الأدوية الشائعة في هذا المجال.

بشكل عام لكي تبداً بالعناية بصحتك النفسية عليك أن تتحلى بالإيمان والثقة، والخطوة الأولى هي الاعتراف بوجود مشكلة في صحتك النفسية.

الأمراض النفسية تشبه الأمراض الجسدية إلى حد كبير، واصابتك بمرض نفسي لا يعني أنك مجنون أو غير سوي عقلياً، فالمرض النفسي يصيب الشخص تبعاً لمناعته النفسية وكيفية تعامله مع الظروف من حوله، وتختلف الاستجابة والمناعة من شخص لآخر كما الأمراض الجسدية.

إذا كنت تظن بأنك تعاني من خطب في صحتك النفسية لا تتردد في التواصل مع طبيب أو معالج نفسي، وإن كنت تخاف من الوصم والناس المحيطين بك، يمكنك الحصول على العلاج المناسب لك في تطبيق لبيه بواسطة أمهر الأطباء الاختصاصيين وأكثرهم خبرة.

المراجع: 1،2